أنواع الوقف في الإسلام

كتابة:
أنواع الوقف في الإسلام

الوقف في الإسلام

ورد في صحيح مسلم أنّ عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- قد أصاب أرضًا بخيبر، وكانت أحبّ ماله إليه، بل لم يُصِب مالًا أنفَسَ من هذا المال، فأرسل إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- يسأله ما يصنع بها، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنْ شِئْتَ حَبَسْتَ أَصْلَهَا، وَتَصَدَّقْتَ بهَا"،[١] فتصدّق بها عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- أنّه لا تُباع ولا توهب ولا تورّث، ومن هنا يمكن القول في تعريف الوقف إنّه: "حبْسُ الأصل وتسبيل المنفعة" كما قيل عنه في اصطلاح الشرع، وسيقف هذا المقال مع بيان أنواع الوقف في الإسلام وأفضلها كذلك إن شاء الله تعالى.[٢]

أنواع الوقف في الإسلام

لقد دلّت آيات قرآنيّة وأحاديث كثيرة على جواز الوقف ومشروعيّته، وهو بذلك دعوة إلى الإنفاق والبرّ وعمل الصالحات، حيث يقول -تعالى- في سورة آل عِمران: {لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ}،[٣] وكذلك فقد أخرج البخاريّ في صحيحه من طريق أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنّه قال: كانَ أبو طَلْحَةَ أكْثَرَ الأنْصَارِ بالمَدِينَةِ مَالًا مِن نَخْلٍ، وكانَ أحَبُّ أمْوَالِهِ إلَيْهِ بَيْرُحَاءَ، وكَانَتْ مُسْتَقْبِلَةَ المَسْجِدِ، وكانَ رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- يَدْخُلُهَا ويَشْرَبُ مِن مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ، قَالَ أنَسٌ: فَلَمَّا أُنْزِلَتْ هذِه الآيَةُ: {لَنْ تَنَالُوا البِرَّ حتَّى تُنْفِقُوا ممَّا تُحِبُّونَ} قَامَ أبو طَلْحَةَ إلى رَسولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- فَقَالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، إنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وتَعَالَى يقولُ: {لَنْ تَنَالُوا البِرَّ حتَّى تُنْفِقُوا ممَّا تُحِبُّونَ} وإنَّ أحَبَّ أمْوَالِي إلَيَّ بَيْرُحَاءَ، وإنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ، أرْجُو برَّهَا وذُخْرَهَا عِنْدَ اللَّهِ، فَضَعْهَا يا رَسولَ اللَّهِ حَيْثُ أرَاكَ اللَّهُ، قَالَ: فَقَالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "بَخٍ، ذلكَ مَالٌ رَابِحٌ، ذلكَ مَالٌ رَابِحٌ، وقدْ سَمِعْتُ ما قُلْتَ، وإنِّي أرَى أنْ تَجْعَلَهَا في الأقْرَبِينَ"، فَقَالَ أبو طَلْحَةَ: أفْعَلُ يا رَسولَ اللَّهِ، فَقَسَمَهَا أبو طَلْحَةَ في أقَارِبِهِ وبَنِي عَمِّهِ،[٤] وإنّ أنواع الوقف في الإسلام هي:[٥]

  • الوقف الخيري: وهو أن يوقف المال على إحدى جهات الخير التي لا تنتهي، ومدارُ هذا الوقف على حبس مالٍ مُعيّنٍ على ألّا يكون ملكًا لأحد، وتكون بذلك مع ريعها لإحدى جهات البرّ؛ وذلك لتكون الفائدة عامّة على جميع المسلمين دون تعيين جهة معيّنة، فيُستعمل هذا الوقف للفقراء والمساكين وطلبة العلم، وقد يدخل قسم من ريعه لبناء المساجد ودور الاستشفاء وغير ذلك.
  • الوقف الأهليّ أو الذرّي: وهو أن يكون ريع المال أو العين المحبوسة للواقف نفسه أو لغيره من الأشخاص الذين يُعيّنهم بذاتهم أو بوصفهم سواء كانوا من أقاربه أم من غيرهم كأن يقول الرجل: "وقفتُ أرضي على نفسي مدّة حياتي، ثمّ على أولادي بعد وفاتي"، فالفرق بين نوعي الوقف هو الجهة التي يُوقفُ عليها؛ فإن كانت الجهة هي عموم المسلمين ومنافعهم فإنّ الوقف يكون خيريًّا، وأمّا إن كان الوقف خاصًّا بالرّجل وأهله وأقاربه أو غيرهم كان الوقفُ أهليًّا أو ذريًّا، والله أعلم.

أفضل أنواع الوقف في الإسلام

بعد الوقوف على أنواع الوقف في الإسلام وتبيينها، بقي أن يُوقف على أفضل أنواع الوقف في الإسلام، وإنّ أفضل أنواع الوقف في الإسلام لم يُذكر في آية أو حديث نبويّ، ولكنّ ذلك رأيٌ لبعض العلماء واجتهادٌ منهم، فأفضل أنواع الوقف في الإسلام هو من كان عموم نفعه يشمل المسلمين كافّة في كلّ زمان ومكان؛ كبناء المساجد والمستشفيات ودور العلم والإنفاق على الفقراء والمُحتاجين وغيرهم، ولأنّ الإسلام يهدف لإحياء النفوس والقلوب معًا فإنّ الواقف ينبغي له أن يتحرّى موطن النّفع فيما يوقفه من مال، فإن كان وقفه في بلدٍ يُعاني أهله الجوع والعطش فإنّ الوقف ينبغي أن يكون لإنقاذ تلك الأنفس من الهلاك من الجوع أو العطش، وأمّا إن كان الواقِفُ في أرض أهلها ميسوري الحال ولكنّ التعليم عندهم ليس شائعًا، فالأفضل عندها أن يكون الوقف لبناء دور العلم والمساجد لتعليم أبنائهم وتفقيههم في أمور دينهم، وهكذا ينبغي أن يعرف المسلم الواقِفُ من أيّ أبواب الخير يدخل عبر وقفه هذا، والله أعلم.[٦]

المراجع

  1. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 1632، حديث صحيح.
  2. "حديث الوقف"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 23-01-2020. بتصرّف.
  3. سورة آل عمران، آية: 92.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 1461، حديث صحيح.
  5. "الوقف الخيري في الإسلام"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 23-01-2020. بتصرّف.
  6. "كتاب: موسوعة الفقه الإسلامي"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 23-01-2020. بتصرّف.
4583 مشاهدة
للأعلى للسفل
×