علم التاريخ
يعدّ علم التاريخ من العلوم المهمّة إن لم يكن أهمّها، ويجب قراءة التاريخ وفهمه لتوظيف الماضي والحاضر والاستفادة منه في بناء مستقبل مزدهر، فالتاريخ يحتل مرتبة الصدارة بين فروع المعرفة الإنسانية، حيث تتصدر مؤلفاته نسبة عاليًة من الكتب والأبحاث في الشرق والغرب، وإن أهمية التاريخ ودراسته تعدّ ذات قيمة كبيرة تسهم في حل مشكلات الزمن الحاضر؛ لأن التاريخ مستودع الخبرات الإنسانية وما تحمل من تجارب، فعلم التاريخ يدخل في جميع العلوم، بسبب نقله لجميع العلوم منذ القدم، فالتاريخ سجل لجهود الإنسان في حل المشكلات والتغلب عليها، كما أنّ لأهمية التاريخ ودراسته قيمة أخلاقية لمساعدة الإنسان في أن يكون حذرًا لا مندفعًا بأعماله وتفكيره.[١]
أهمية التاريخ ودراسته
إن أهمية التاريخ ودراسته تأتي كونه يُعدّ من أهمّ الأسس التي تعتمد عليها المجتمعات في تطوّرها وتخلفها، كما أن للتاريخ علاقة وثيقة بجميع العلوم، وعند دراسة العلوم المختلفة وتاريخها فإنّ هذا بمثابة دراسة للتاريخ.[٢]
علم التاريخ يعطي للإنسان تصوّرًا دقيقًا وواضحًا عن أحوال العالم القديم وتجارِبِهِ، ويُعدّ هذا مفتاحًا لتجنب الأخطاء التي وقع بها الأقدمون، ويعمل علم التاريخ على حفظ تاريخ الأمم وتراثها، فتميز الدول بتراثها سببهُ حفظ التاريخ بهذا التراث، كما يُسهم في معرفةِ ما كانت عليه الأمم السابقة بشكل عام، ومعرفةِ الأساليب التي أسهَمَت في تقدم العقل البشري، وكذلك التقدم في مختلف العلوم ونظرياتها، فأفكار الأمم السابقة تختلف عن الحاضر فهي دائمة التطور، والتاريخ يُسهِمُ في النهضة التي تقوم عليها الأمم والحضارات، وإدراك العوامل التي اندثرت من خلالها وتجنبها، فربما تُعدُّ أسبابُ الاندثارِ أسبابًا فكريةً لمؤسسةٍ معينةٍ في حضارةٍ ما، وبَعد مدةٍ مِنَ الزمنِ رُبما حصلت اختلافات في هذه المؤسسة من تمرد أو اطماعٍ بشرية لحبِ السيطرة، هذه الاختلافات والنزاعات أسهَمَت في إنهاءِ أغلب الحضارات واستبدلت غيرها.[٢]
كما يساعد التاريخُ في معرفةِ الأحداثِ وتاريخ حصولها، وما صاحَبَها من تغيراتٍ في الأحداثِ ومجرياتها، وعِلمُ التاريخ يساعدُ في معرفة أحوال الأمم والحضارات السابقة، سواء في القوة أم الضعف، والنشاط أم الركود، وكذلك الجهل والعلم وغيرها من صفات السابقين، ويعملُ التاريخ على معرفة المتعاصرين من الناس مع بعضهم، ما يُسهِمُ في تحديد الأحداث ومعرفة صوابها من خطأها والحد من اللبس فيها.[٣]
إن لدراسة التاريخ في الإسلام أهمية كبيرة وفوائد عديدة من أهمها أنها تعمل على تثبيت قلوب المؤمنين، والطريق إلى معرفة سير الصالحين والاقتداء بهم، كما أنها تعطي عبرًا ودروسًا عن السابقين، وتُسهَمُ في التفريق بين السنَنِ الكونية وسنَنِ التمكين والنصر وتُبَشِرُ بنهاية الظالمين والنصر والعزة للمؤمنين الصادقين ولو بعد حين.[٣]
منهج البحث التاريخي
إن من أهمية التاريخ ودراسته، العلم بمنهج البحث التاريخي الذي يُعدّ الطريق التي يسير من خلالها الباحث في مراحل البحث حتى بلوغ الحقيقة التاريخية لأقربِ درجةٍ لتقديمها للمختصين والقراء بشكل عام، وبلوغ الحقيقة التاريخية ليس المقصود بها بلوغ الحقيقة المطلقة، لأن هذا الأمر فيه صعوبة كبيرة، بسبب انطماس الأثار وضياع الأدلة مع مرور الزمن، فلا أحد يملك الحقيقة المطلقة، والإنسان لا يستطيع أن يعرف حقيقة ذاته بشكل مطلق، فالمؤرخ يصل إلى الحقيقة بشكل نسبي لا بشكلٍ مُطلَق.[٤]
وتُلخّص المراحل التي يسير من خلالها الباحث بتزويد نفسه بالثقافة والمعرفة اللازمة، ثم يختار موضوع البحث، عندها يقوم بجمع الأصول والمصادر اللازمة وإثبات صحتها، وأن يتم تحديد شخصية المؤلف وتحديد زمان ومكان التدوين، وأن يقومَ الباحثُ بتحري نصوصِ الأصول ومعرفة العلاقة بينها، وأن يقوم بنقدها سلبًا وإيجابًا، وأن يعمل على إثباتِ الحقائقِ التاريخيةِ، ويعملُ على تنظيمها وتركيبها وترتيبها ترتيبًا صحيحًا، وأن يجتهد فيها ويعللها، ويعمل على إنشاء الصيغة التاريخية، ثم إنه يقوم في النهاية بعرضها عرضًا تاريخيًّا معقولًا ومقبولًا.[٤]
المراجع
- ↑ نجاة محاسيس (2010)، مفاتيح علم التاريخ (الطبعة الأولى)، الأردن: دار زهران للنشر والتوزيع، صفحة 14. بتصرّف.
- ^ أ ب "أهمية التاريخ في حياتنا"، articles.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 26-06-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب "أهمية دراسة التاريخ"، articles.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 26-06-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب حسن عثمان (1964)، منهج البحث التاريخي (الطبعة الثامنة)، القاهرة: دار المعارف، صفحة (20-21). بتصرّف.