محتويات
مقاصد الزواج في الإسلام
شرّع الله الزواج لبناء علاقة وثيقة بين الزوجين، كما أنه عقد ينشأ في حماية الشرع، لتحقيق جملة من المقاصد والغايات النبيلة من هذه العلاقة، ولا بد من التعرف على هذه المقاصد والأهداف لتجنب أي عائق يعكر صفو الحياة الزوجية، أو يحد من تحقيقها لما هي موكلة به.
واقتضت الحكمة الإلهية في عدم ترك الرجل والمرأة دون أهداف سامية يسعون لتحقيقها، وفيما يلي بيان بعض هذه المقاصد والأهداف على النحو الآتي:
تحقيق العبودية لله تعالى
إنّ في الزواج امتثالًا لأمر الله -تعالى- لأن مصاقد الزواج اقترنت بصلاح الدنيا والآخرة معًا، وقد ورد في الترغيب بالزواج قوله -تعالى-: (فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ)،[١] كما واتفقت علماء الأمة على أن الزواج من العبادة خاصةً إذا كان القصد من الإعفاف والنسل وغيرها من الأمور التي يدعو الإسلام لتحقيقها.[٢]
حفظ النسل واستمراره
يعد الزواج سببًا لتكاثر الجنس الإنساني وبقائه استنادًا لقوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً)،[٣] وفي ذلك خلود للأثر، كما أن الله -سبحانه- استخلف الإنسان على هذه الأرض لبث الحياة فيها، وبنائها، وهذا الاستخلاف لا يحدث بفرد واحد، فكان لا بد من الزواج لتوالد النوع الإنساني واستمراره.[٤]
تلبية الغرائز الفطرية واعتدالها
يعد الزواج تلبية للغرائز الفطرية للرجل والمرأة بطريقة شرعية، تحت ظل الإسلام وأحكامه، وفي ذلك وقاية من النظر إلى الحرام، أو حتى كثير التفكير بهذه الأمور، مما يجعل المسلم متعطلًا عن قضاء ما عليه من واجبات في هذه الحياة.[٥]
كما أنه حماية للمجتمع من الزنا، وانتشار الفاحشة فيه، بدليل قوله -صلى الله عليه وسلم-: (يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فإنَّه أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ)،[٦] وبذلك يحفظ الإسلام نسب الأبناء إلى آبائهن، بتحصين فروج المسلمين، عن كل طريق يقرب إلى الحرام.[٥]
تحقيق السكن النفسي والجسدي
إن السكن في الزواج يشتمل على النفس والجسد، حيث أن المودة والرحمة من أجمل المشاعر التي أوجدها الله -عز وجل-، حتى تكتمل متعتة الفرد من هذه العلاقة، فاقتضت الحكمة الإلهية على أن يشب الفرد على الانتماء العائلي، وقد خلق الله غريزة الميل العاطفي بين الذكر والأنثى بصورة تلقائية تنبع من أعماق النفس.[٧]
وبالزواج يتحقق ذلك، لأن في الوحدة وحشة وضجراً للإنسان، فقال ابن عباس:"لما أسكن آدم الجنة مشى فيها مستوحشا، فلما نام خلقت حواء من ضلعه القصوى، من شقه الأيسر، ليسكن إليها، ويستأنس بها"، أي جعل كل منهما أنيساً للآخر وجليسه، الذي يغذيه ويسليه، ويملي فراغه النفسي والجسدي.[٧]
تنمية الروابط الأسرية والاجتماعية
من حكمة الزواج تعزيز وتنمية الروابط الأسرية والاجتماعية، وتوسع دائرة المعارف والعلاقات، لأن بالمصاهرة تنشأ علاقات جديدة بين الزوجين وأهلهما والمحيط بهم، وقد ذكر ذلك في كتابه الله العزيز بقوله: (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا).[٨][٩]
ومن هذا المنطلق فلا بأس في تغريب النكاح لتوسيع دائرة العلاقات الاجتماعية؛ لأن الزواج يجعل من هذا الربط بين الأسر والعشائر، وقد يصل إلى بلدان مختلفة، الاحترام والمودة بين المسلمين حيث تمتد هذه العلاقات للمشاركة بالأفراح والأتراح والمناسبات الأخرى.[١٠]
المراجع
- ↑ سورة النساء، آية:3
- ↑ أحمد ريان، فقه الأسرة، صفحة 16. بتصرّف.
- ↑ سورة النساء ، آية:1
- ↑ مجموعة من المؤلفين، مجلة البحوث الإسلامية، السعودية:الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، صفحة 285-288، جزء 33. بتصرّف.
- ^ أ ب محمد الجوابي (2000)، المجتمع والأسرة في الإسلام (الطبعة 3)، القاهرة :دار عالم الكتب للطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 96. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن مسعود ، الصفحة أو الرقم:1400، صحيح.
- ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، مجلة البحوث الإسلامية، السعودية :الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، صفحة 290، جزء 33. بتصرّف.
- ↑ سورة الحجرات، آية:13
- ↑ مجموعة من المؤلفين، نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم (الطبعة 4)، جدة:دار الوسيلة للنشر والتوزيع، صفحة 1006، جزء 3. بتصرّف.
- ↑ حسام الدين عفانة (1430)، فتاوى يسألونك (الطبعة 1)، فلسطين:مكتبة دنديس، صفحة 153، جزء 3. بتصرّف.