أهمية العمل للعبد يوم القيامة

كتابة:
أهمية العمل للعبد يوم القيامة

أهمية العمل للعبد يوم القيامة

جعل الله الحساب يوم القيامة والجزاء وفقاً للأعمال التي قام بها الإنسان في حياته، فقال -تعالى-: (وَلَو شاءَ اللَّـهُ لَجَعَلَكُم أُمَّةً واحِدَةً وَلـكِن يُضِلُّ مَن يَشاءُ وَيَهدي مَن يَشاءُ وَلَتُسأَلُنَّ عَمّا كُنتُم تَعمَلونَ)،[١] وكذلك قال: (وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)،[٢] وعليه فإنّ أساس الجزاء والحساب يوم القيامة هو ما يقدّمه الفرد من الأعمال إن كانت خيراً فالجزاء الجنّة، وإن كانت شرّاً فالجزاء النار.[٣]

أثر الأعمال الصالحة على العبد يوم القيامة

يُقصد بالأعمال الصالحة الأعمال التي تُرضي الله -عزّ وجلّ-، وذلك وفقاً لشرطين؛ أن يكون العمل متوافقاً مع ما شرعه الله لعباده، وأن يبتغي فيه العبد مرضاة الله -سبحانه وتعالى-، فإذا فقد العمل أحد هذين الشرطين فلا ثواب له ولا أجر على ما قام به العبد من العمل، وقد أولى الإسلام العمل الصالح أهميةً كبيرة، وأوضح ذلك من خلال الآيات القرآنية التي تقرنه مرةً بالإيمان، ومرّةً تذكر جزاءه يوم القيامة، وما له من الأثر في مغفرة الذنوب ورفع الدرجات، ثمّ يوم القيامة لا ينفع الإنسان سوى ما قدّمه في حياته من الأعمال الصالحة.[٤]

وقد بين الله -سبحانه وتعالى- ما للأعمال الصالحة من الجزاء العظيم في الآخرة، فقال: (أُولَـٰئِكَ جَزَاؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ)،[٥][٦] ومن الأعمال الصالحة حُسن الخلق الذي أخبر بجزائه رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فقال: "إنَّ مِن أحبِّكُم إليَّ، وأقربِكُم منِّي مَجلسًا يومَ القِيامةِ؛ أحسنُكُم أخلاقًا"،[٧][٨]كما أنّ الأعمال الصالحة يوم القيامة تقوم بتظليل صاحبها من حرّ الشمس، فتقف فوق رؤوس الخلائق كغمامة؛ لما روى أبو موسى الأشعري -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فقال: "الشمسُ فوق رءوسِ الناسِ يومَ القيامةِ وأعمالُهم تظلُّهم"،[٩] أمّا من كانت أعماله في الدنيا سيئة فلا ظلّ له ولا رحمة من الله عليه.[١٠]

أثر الأعمال السيئة على العبد يوم القيامة

بين الله -تعالى- من خلال الآيات القرآنية أنّه يعذّب الإنسان يوم القيامة جزاءً له على ما ارتكب من المعاصي والذنوب في الحياة الدنيا، فقال -تعالى-: (أَفَمَن يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ)،[١١] فالذين كفروا بالله في الدنيا، واستهانوا بآياته، وكذّبوا برسله، ولم يؤمنوا بكتبه، فسيلاقيهم العذاب بوجوههم يوم القيامة؛ والوجوه أشرف ما فيهم، فسيحاولون دفع العذاب بأيديهم لكن الله قد قيّد أيديهم، فعجزوا عما يريدون، فيحاول أن يدفع هذا العذاب بوجهه لكنه لا يستطيع، ثمّ يُلقى في النار ويأخذ من العذاب ما يستحقه، ولا يمكن أن يتساوى هذا الكافر مع المؤمن أبداً.[١٢]

وجعل العذاب في الآخرة متناسباً مع العمل السيء في الدنيا، ومن الأمثلة على ذلك ما روته أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فقالت: (مَن ظَلَمَ قِيدَ شِبْرٍ مِنَ الأرْضِ طُوِّقَهُ مِن سَبْعِ أرَضِينَ)،[١٣] وقد فسّر الإمام الجوزي معنى التطويق على ثلاثة أقوال؛ أن يجعل الله جزاؤه أن يخسف به الأرض، فتصبح الأرض التي اغتصبها كالطوق في عنقه، أو أنّ يكلفه في حمل ما ظلم، فيكون التطويق بمعنى التكليف، أو بمعنى أنّ الإثم سيطوقه يوم القيامة.[١٤]

المراجع

  1. سورة النحل ، آية:93
  2. سورة الجاثية ، آية:28
  3. محمد الدويش ، دروس الشيخ محمد الدويش، صفحة 8، جزء 35. بتصرّف.
  4. عبد الكريم زيدان (2001)، أصول الدعوة (الطبعة 9)، بيروت :مؤسسة الرسالة، صفحة 39. بتصرّف.
  5. سورة آل عمران ، آية:136
  6. ياسر برهامي ، دروس للشيخ ياسر برهامي، صفحة 13، جزء 55. بتصرّف.
  7. رواه الألباني ، في صحيح الترغيب ، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:2649، صحيح .
  8. مقداد يالجن (2003)، علم الأخلاق الإسلامية (الطبعة 2)، الرياض :دار عالم الكتب ، صفحة 106. بتصرّف.
  9. رواه ابن حجر العسقلاني ، في فتح الباري لابن حجر ، عن أبي موسى الأشعري ، الصفحة أو الرقم:11/، إسناده قوي .
  10. نجم الدين الغزي (2011)، حسن التنبه لما ورد في التشبه (الطبعة 1)، سوريا:دار النوادر، صفحة 279، جزء 2. بتصرّف.
  11. سورة الزمر ، آية:24
  12. أحمد حطيبة ، تفسير الشيخ أحمد حطيبة، صفحة 2، جزء 351. بتصرّف.
  13. رواه البخاري ، في صحيح البخاري ، عن عائشة أم المؤمنين ، الصفحة أو الرقم:2453، صحيح .
  14. مازن عيسى (2012)، الإيمان باليوم الآخر، وأثره على الفرد والمجتمع، صفحة 188. بتصرّف.
5349 مشاهدة
للأعلى للسفل
×