محتويات
أهمية اللغة العربية
تتمثل أهمية اللغة العربية في: مجال التعليم، مجال الإعلام، فَهم علوم الشريعة، تعليم الناطقين بغيرها. وتفصيل ذلك تاليًا.
أهمية اللغة العربية في التعليم
هل واكبت اللغة العربية بقية اللغات في مسار العلم والتعلم؟
تقتضي الحاجة في هذا العصر إلى تعلم اللغة العربية واكتسابها، فأبناء اللغة في تزايد وهم يحتاجونها لتدريس الطلبة في مدارسهم بشتى العلوم، وهنا تكمن أهمية اللغة العربية للأطفال، فهي لا تعجزعن وصف الآلات والمخترعات وشرح القيم والمعادلات، ولا يضيق معجمها عن تنسيق المصطلحات والتعاريف التي يتعرف عليها الأطفال تباعًا في مراحلهم الدراسية. بالإضافة إلى الحاجة إليها لتصنيف الكتب والمؤلفات التي تتصل بعلوم الشريعة الإسلامية بدايًة، ثم بالمصنفات العربيّة أدبها ونقدها، من مثل: القصص، والروايات ودواوين الشعر وكتب النقد، وزد على هذا الصحف والمجلات التي تُنشر باللغة العربيّة، ومن ثم سائر العلوم الأخرى أيضًا، كالفلسفة، والفلك، والطب، والهندسة، والجبر وغيرها.[١]
فالعربية كما شهدت على هذا المقالات العلميّة، قادرة على التكيف ودعم إبداع الكاتب في سرده لحقائق العلم ووصفه لأدق تفاصيله. وقوة المعرفة باللغة العربية تزيد القدرة على تعلم اللغات الأخرى؛ لأنّ اللغة العربية أصعب وأدق بكثير من غيرها من اللغات، فتغدو كل اللغات بعد تعلمها -أي العربية- أسهل وأيسر، إذًا على المعلمين أن يحسنوا استخدام العربية بإتقان وبلاغة وفصاحة، ليحسنوا تدريسها وإيصالها للطلبة[١]
أهمية اللغة العربية في فهم علوم الشريعة
كيف تفيدنا اللغة في فهم القرآن الكريم والحديث الشريف؟
ارتبطت العربية بأركان الشرع الإسلامي فمن خلالها يدخل الإسلام، وبها يذكر الله، وبها ينادى إلى الصلاة، وبها يقرأ القرآن، إلخ من العبادات والمعاملات،وأعطتهم هوية خاصة يتعارفون بها بين الأمم، لكن ماذا عن علوم الشريعة؟[٢]
اتصلت العربية بشكل وثيق بعلوم الشريعة الإسلامية، فإذا رجعنا إلى كتب علوم التفسير وبحثنا عن أهم شروط المفسر وجدنا منها صحة الاعتقاد والتجرد من الهوى، بالإضافة إلى دقة الفهم، والإلمام بالعلوم المتصلة بالقرآن الكريم كعلم القراءات، والعلم باللغة العربية وما يقترن بها لفهم القرآن وتفسيره؛ فإن القرآن الكريم نزل بلسان عربيّ مبين، ويتوقف فهمه على شرح مفردات الألفاظ ومدلولاتها بحسب مقتضى الحال، قال مجاهد: "لا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يتكلم في كتاب الله إذا لم يكن عالمًا بلغات العرب".[٢]
فمن الأمور التي لا يسع المفسر جهلها: معرفة أوجه اللغة وهو أمر لا بد منه في اختيار المعنى المراد والذي اقتصر عليه النص، ومن هذا قول الله تعالى في سورة الضحى {وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى}[٣] فالضلال هنا ليس ضد الهداية وإنما أنّ النبي- صلى الله عليه وسلم- قد ضل الطريق في شعب مكة وهو صغير وتاه فيها، فهداه الله إلى طريق العودة لبيته، فلو أنّ من تصدّر لتفسير الآية هنا لم يكن لديه علم بالعربية ومعانيها، لظنّ أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قد كان على الضلال أربعين سنة، ثم هداه الله إلى الإسلام[٤].
كذلك معرفة الصيغ والمراد الدقيق التي أشارت إليه هذه الصيغة ومنه قول الله- عز وجل- في سورة فصلت {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ}[٥] فظلّام هنا نفت الفعل والمبالغة فيه عن ذات الله عز وجل على عكس السائر في اللغة، وهو أمر لا يتنبه له إلا خبير باللغة عالمٌ بأصولها[٦]، والأمر شبيه بتفسير الأحاديث النبوية وشرحها فينبغي العلم بها علمًا وافيًا حتى يكون من يتصدر لروايتها محدثًا عدلًا ثقة، وكذا الأمر في أصول الفقه فالمصطلحات الفقهية وما يتصل بها هي مصطلحات عربية دقيقة، على الفقيه عند دراستها وفهم جزئياتها أن يكون واعيًا أيضًا بمدلولات هذه المصطلحات في العربية، يقول الزمخشري في هذا:" ويَرَوْن الكلام في معظم أبواب أصول الفقه ومسائلها مبنيًا على علم الإعراب".[٧]
ونَخلُص من هذا كله إلى أهمية اللغة العربية للمفسّر والمحدث وغيرهم من علماء الشريعة، وأنّه لا يصير العالم عالمًا بأحد من العلوم الشرعية- سواء بعلوم التفسير أم علوم الحديث والسنة، أم أصول الفقه، أم العقيدة، أم السيرة، أم غيرها- إلا إن كان ملمًا بكل ما يتصل بها.[٧]
أهمية اللغة العربية في الإعلام
ماذا قدمت اللغة العربية لمنصات الإعلام العربية؟
أعطت العربية وسائل الإعلام الدافع والحافز لإنشاء إعلام عربي مستقل وواعد، ورفدته بما قد احتاجه من مفردات وتراكيب وأساليب، وأضفت على ما أنتجه الإعلام بيانًا ساحرًا ووقعًا عذبًا، ولكونها أداة تعارف وتواصل بين ملايين البشر، وهذا ما تميزت به العربية عن سائر اللغات الأخرى بشهادة الجميع. تختلف اللهجات وطرق الحديث عند العرب من بلدٍ إلى آخر ومن منطقة إلى أخرى، فَهُم بطبيعة الحال كثر، يزيد عددهم عن أربع مئة وسبعة وستين مليون حول العالم.[٨]
لذا كان الحديث الرسميّ عبر وسائل الإعلام المختلفة ومنصات التواصل المتعددة، حديثًا باللغة العربية الفصيحة السليمة، حتى يستطيع جميع أبناء هذه اللغة فهم هذه الأخبار أو المعلومات أو الوثائقيات التي يتم تناقلها، وإلا كان لزامًا علينا أن نعيد صياغة ما يقال بعدد اللهجات أو اللكنات التي يتحدث بها العرب في مدنهم وقراهم ومناطق سكناهم.[٨]
أهمية اللغة العربية لغير الناطقين بها
ما هو الدافع لغير العرب لتعلم اللغة العربية؟
شهد اللغة العربية إقبالًا ملحوظًا على تعلمها وتعليمها من جميع الدول ومن مختلف المناطق، وقد جاء هذا الإقبال تبعًا لعوامل مهمة وهي: تظهر أهمية اللغة العربية لمن ينطقون بغيرها أولًا لحاجتهم إليها لفهم أمور دينهم، فبها يدخلون الإسلام، وبها يقيمون شعائرهم، وبها تقام المعاملات من زواج وطلاق وغيرها، وقد أسلفنا ذكر هذا، ثم لكونها إحدى اللغات السامية الباقية، فمن المعروف أن معظم اللغات السامية قد بادت واندثرت باستثناء بضعة لغات كان منها العربية والعبرية، وهذا ما أكسبها خصوصيًة وميزة جعلت أنظار غير العرب تتجه إليها، فقد كانت لغة أقوى حضارات العالم لفترات طويلة من الزمن.[٩]
وأضف على هذا وذاك كون اللغة العربية ذات أهمية اقتصادية متزايدة فالبلاد العربيّة من أكثر البلاد استيرادًا للصنعات والمنتجات الأجنبية، وبعضها أيضًا-دول الخليج - يعد من الدول المصدرة للمنتجات النفطية وغيرها، وقضت ما تعانيه البلاد العربية-في العقد الأخير- من ظروف سياسية متأزمة إلى دفع الوفود من المنظمات الدولية الكبرى إلى تعلم اللغة العربية ليتوفر لهم القدرة على فهم الواقع في المنطقة العربيّة بصورةٍ واضحة.[٩]
أقوال السلف عن اللغة العربية
- قال عمرُ بن الخطاب - رضي الله عنه -: تعلَّموا العربيةَ فإنّها من دينِكم، وتعلَّموا الفرائضَ فإنّها من دينكم.[١٠]
- قال شيخُ الإسلام ابن تيمية: إنَّ الله لما أنزل كتابَه باللسان العربي، وجعل رسولَه مبلغًا عنه الكتاب والحكمة بلسانه العربي، وجعل السَّابقين إلى هذا الدين متكلِّمين به، ولم يكن سبيل إلى ضبط الدِّينِ ومعرفته إلا بضبط هذا اللسان، صارت معرفته من الدِّين، وأقرب إلى إقامةِ شعائر الدين.[١١]
- قال الإمام الشافعيّ: لا أُسأل عن مسألةٍ من مسائل الفقه، إلا أجبت عنها من قواعدِ النحو.[١٢]
- قال ابن النقيب: إنّما يعرف فضل القرآن مَنْ عرف كلام العرب، فعرف علم اللغة وعلم العربية، وعلم البيان، ونظر في أشعار العرب وخطبها ومقاولاتها في مواطن افتخارها ورسائلها.[١٣]
- قال ابن جنِّي: إن أكثر من ضلّ من أهل الشريعة عن القصد فيها، وحاد عن الطريقة المثلى إليها فإنما استهواه واستخف حِلْمَه ضعفُهُ في هذه اللغة الكريمة الشريفة التي خوطب الكافة بها.[١٤]
- قال مجاهد: لا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يتكلم في كتاب الله إذا لم يكن عالما بلغات العرب.[١٥]
- قال الزركشي: واعلم أنه ليس لغير العالم بحقائق اللغة وموضوعاتها تفسير شيء من كلام الله، ولا يكفي في حقه تعلم اليسير منها ؛ فقد يكون اللفظ مشتركًا وهو يعلم أحد المعنيين والمراد المعنى الآخر.[١٦]
- قال الإمام مالك: لا أُوتَى برجل غير عالم بلغة العرب يفسر كتاب الله إلا جعلته نكالًا.[١٧]
- قال أبو حيان في ثنائه على سيبويه: فجدير لمن تاقت نفسه إلى علم التفسير، وترقت إلى التحرير والتحبير؛ أني عتكف على كتاب سيبويه؛ فهو في هذا الفن المعوَّل والمستند عليه في حل المشكلات إليه.[١٨]
- قال الرازي: لما كان المرجع في معرفة شرعنا إلى القرآن والأخبار، وهما واردان بلغة العرب ونحوهم وتصريفهم؛ كان العلم بشرعنا موقوفًاعلى العلم بهذه الأمور، وما لا يتم الواجب المطلق إلا به، وكان مقدورًا للمكلف؛ فهو واجب.[١٩]
- قال الزمخشري: وذلك أنهم لا يجدون علمًا من العلوم الإسلامية فقهها وكلامها وعلمي تفسيرها وأخبارها؛ إلا وافتقاره إلى العربية بيِّن لا يُدفع، ومكشوفٌ لا يتقنَّع، ويَرَوْن الكلام في معظم أبواب أصول الفقه ومسائلها مبنياً على علم الإعراب.[٢٠]
- قال ابن عباس: إذا خَفِيَ عليكم شيء من القرآن فابتغوه في الشعر فإنه ديوان العرب.[٢١]
- قال الفراء: قَلَّ رجل أنعم النظر في العربية، وأراد علمًا غيره إلا سَهُل عليه.[٢٢]
- قال الرافعي: ما ذلت لغة شعب إلا ذل، ولا انحطت إلا كان أمره في ذهاب وإدبار وأن هذه العربية بنيت على أصل يجعل شبابها خالدًا عليها فلا تهرم ولا تموت.[٢٣]
المراجع
- ^ أ ب فرحان السليم ، اللغــة العـربيــة ومكانتهـا بيـن اللغــات، صفحة 3-4. بتصرّف.
- ^ أ ب مناع القطان، مباحث في علوم القرآن، صفحة 321. بتصرّف.
- ↑ سورة الضحى، آية:7
- ↑ أبو محمد عبد الله بن السيد البطليموسي، الإنصاف، صفحة 72. بتصرّف.
- ↑ سورة فصلت، آية:46
- ↑ أبو السعود، إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم، صفحة 121، جزء 2. بتصرّف.
- ^ أ ب الزمخشري، المفصل، صفحة 3. بتصرّف.
- ^ أ ب [http:// "الارتقاء بالعربية في وسائل الإعلام"]، سلسلة كتاب الأمة ، العدد 84، صفحة 47. بتصرّف.
- ^ أ ب [http:// "اللغة العربية وأهمية تعليمها للناطقين بغيرها ومناهجها وأساليبها"]، رؤئ، العدد 170، صفحة 4. بتصرّف.
- ↑ أبي بكر محمد بن القاسم بن بشار الأنباري، إيضاح الوقف والابتداء، صفحة 15، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ ابن تيمية، اقتضاء الصراط المستقيم، صفحة 162. بتصرّف.
- ↑ ابن العماد الحنبلي، شذرات الذهب، صفحة 231. بتصرّف.
- ↑ ابن النقيب ، الفوائد المشوق إلى علوم القرآن، صفحة 7. بتصرّف.
- ↑ ابن جني ، الخصائص، صفحة 245، جزء 3. بتصرّف.
- ↑ الزركشي ، البرهان في علوم القرآن، صفحة 292، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ الزركشي ، البرهان في علوم القرآن، صفحة 295، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ الزركشي ، البرهان في علوم القرآن، صفحة 388. بتصرّف.
- ↑ أبو حيان الغرناطي، تفسير البحر المحيط، صفحة 1، جزء 3. بتصرّف.
- ↑ الرازي ، المحصول في علم أصول الفقه، صفحة 275، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ الزمخشري ، المفصل، صفحة 3. بتصرّف.
- ↑ الآمدي ، الإجكام في أصول الأحكام، صفحة 51، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ ياقوت الحموي، معجم الأدباء، صفحة 17، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ الرافعي ، وحي القلم، صفحة 33-34، جزء 3. بتصرّف.