حفظ اللسان
يندب للمسلم أن يحفظ لسانه عن الكلام غير المحرَّم؛ إذ إنّ من علامات الإيمان؛ أن يقول الإنسان الخير أو أن يصمت، وأمّا عن المحرّمات؛ كالخوض في الباطل، والفحش، والسبّ، والبذاءة، والغيبة، والسخرية، والاستهزاء؛ فيجب أن يحفظ لسانه عنها،[١] وقد رُوي عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قوله: "الْمُسْلِمُ مَن سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِن لِسانِهِ ويَدِهِ"،[٢] وفيما يلي حديثٌ عن أهمّية حفظ اللسان وعن أبرز آفاته التي يجب حفظه عنها.
أهمية حفظ اللسان في الإسلام
إنّ لحفظ اللسان أهميَّةً بالغةً، ويمكن إجمال هذه الأهميّة في النقاط الآتية:
- حفظ اللسان سبباً لرضا الله تعالى، وعلى المسلم أن يعوّد لسانه على ذكر الله تعالى؛ ليبتعد عن لغو الحديث، وللوقاية من نار جهنّم التي قد يدخلها الإنسان بفعل لسانه، وما ينطق به من أحاديث كاذبةٍ أو أحاديث فيها سوءٌ للآخرين أو اتِّهامٍ لهم بأشياءٍ لم يفعلوها، ممّا يثير الفتنة والمشاكل بين الناس،[٣][٤] ودليل ذلك ما رواه معاذ بن جبل -رضي الله عنه- عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: "يا رسولَ اللهِ، وإنَّا لمؤاخذون بما نتكلَّمُ به؟ فقال: وهل يُكِبُّ النَّاسَ في النَّارِ على وجوهِهم أو قال: على مناخرِهم إلَّا حصائدُ ألسنتِهم".[٥][١]
- يعتبر حفظ اللسان من الصدقات؛ فقد ورد في الحديث النبويّ: "أفضل الصَّدَقَةِ صَدَقَةُ اللِّسانِ قيل يا رسولَ اللهِ وما صَدَقَةُ اللِّسانِ؟ قال: الشَّفَاعَةُ تَفُكُّ بِها الأَسِيرَ، وتَحْقِنُ بِها الدَّمَ، وتَجُرُّ بِها المَعْرُوفَ والإحسانَ إلى أَخِيكَ، وتَدْفَعُ عنهُ الكَرِيهَةَ".[٦]
- عدم إلقاء المرء في التهلكة أو جلب الشقاء له من خلال حفظه للسانه حتى عن الكلام المباح دون ضرورةٍ أو حاجةٍ؛ لأنّه ربما يؤدي إلى مكروهٍ، ويحصل ذلك كثيرًا في عاداتنا وجلساتنا، ويبدو أنّ الحكمة من وضع اللسان في أعماق فم الإنسان وراء الشفتين والأسنان؛ حتى لا يطغى ويخرج من داخله الكلام إلّا بحسبان.[٧]
آفات اللسان
ثمّة العديد من آفات اللسان الواجب على المسلم أن يتجنّبها ويتخلّص منها إن كان واقعًا فيها؛ كالكذب، والغيبة، والنميمة، وذمّ الناس، وسبّهم، وإفشاء أسرارهم،[٨] ومدح النفس بما ليس فيها، أو التدخّل في شؤون الآخرين، إلّا إن كان التدخّل؛ لإحقاق الحقّ وإنصاف المظلوم؛[٣] فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: "مَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ والْيَومِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا، أوْ لِيصْمُتْ"،[٩] ويستفاد من هذا الحديث الشريف أمورٌ ثلاثةٌ، هي:[١٠]
- الأول: ينبغي للمؤمن إذا أراد الكلام استحضار عظمة الله تعالى، وأنّه سبحانه مطَّلعٌ على أعمال العباد -ومنها الأقوال-، وسيحاسبه عليها يوم القيامة.
- الثاني: اجتهاد المؤمن في التعوّد على الصمت ما أمكن، وتدريب النفس على ذلك، مرَّةً بعد مرَّةٍ.
- الثالث: إن لم يكن من الكلام بدٌّ؛ فليكن فيما تحمد عقباه من قولٍ خيِّرٍ، أو قولٍ مباحٍ.
المراجع
- ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 242. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:41، صحيح.
- ^ أ ب ماجي بن دايل السلطان، دليل الداعية، صفحة 33-35. بتصرّف.
- ↑ عبد الله البسام، توضيح الأحكام من بلوغ المرام، صفحة 529. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في الإيمان لابن تيمية، عن معاذ بن جبل، الصفحة أو الرقم:127.
- ↑ رواه ابن رجب، في جامع العلوم والحكم، عن سمرة بن جندب، الصفحة أو الرقم:2/60.
- ↑ الخليج اليوم قضايا إسلامية (8/12/1986)، "أهمية حفظ اللسان في إسعاد حياة الإنسان"، الدكتور محي الدين الألوائي، اطّلع عليه بتاريخ 28/12/2021. بتصرّف.
- ↑ اللجنة العلمية في مكتب الدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات في جنوب بريدة (25/2/2019)، "أهمية حفظ اللسان في الإسلام"، الألوكة الشرعية، اطّلع عليه بتاريخ 12/1/2022. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:27، صحيح.
- ↑ خالد الجريسي، التحصين من كيد الشياطين، صفحة 166.