أهوال يوم القيامة من القرآن الكريم

كتابة:
أهوال يوم القيامة من القرآن الكريم
يوم القيامة هو اليوم الذي يهلك فيه جميع الأحياء؛ فلا يبقى أحد سوى الله -تعالى- فهو الحيّ الذي لا يموت، قال -تعالى-: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ}،[١]، يُبعث فيه الناس من قُبورهم للقاء الله -تعالى-، والوقوف بين يديه، ومحاسبتهم، ثمّ يُساقون إلى دار الخُلد، كلّ حسب عمله، كما أنّ يوم القيامة يوم عظيمٌ وشديدٌ ومخيفٌ جداً للعباد، تُكثر فيه الأهوال والأحداث الغريبة،[٢] وفي القرآن الكريم حديثٌ مُفَصَّلٌ عن أهوال ذلك اليوم، وسأذكر آتياً بعض النصوص التي تُصورُ وقائعَ تلك الأهوال.


أهوال يوم القيامة من القرآن الكريم

قبض الأرض وطيّ السماء

يقبض الله -تعالى- يومَ القيامةِ الأرضَ بيده، ويطوي السماوات بيمنه، كأنّ شيئاً لم يكن، وقيل أنّ ذلك يحدث بعد أن يُفني الله خَلقه، قال -تعالى-: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}،[٣] وفي كيفية طيّه للسماوات قال -تعالى-: {يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ}،[٤] وذُكر في السنّة النبويّة في الحديث المتّفق عليه، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (يَقْبِضُ اللَّهُ الأرْضَ، ويَطْوِي السَّمَواتِ بيَمِينِهِ، ثُمَّ يقولُ: أنا المَلِكُ، أيْنَ مُلُوكُ الأرْضِ).[٥][٦][٧]


دكّ الأرض

  • أخبرَ اللهُ -تعالى- عن الآيات الكونية للأرض يوم القيامة، فتتحرّك، وتزلزل، وتدكّ دكّة واحدة، قال تعالى: {يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ}،[٨] وقال في موضع آخر: {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا}،[٩] وقال-تعالى-: {كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا}،[١٠] فتصبح هذه الأرض الثابتة يوم القيامة على مستوى واحد كالبساط الواحد لا ارتفاع فيها ولا انخفاض، قال -عزّ وجلّ-: {فَيَذَرُها قاعًا صَفصَفًا* لا تَرى فيها عِوَجًا وَلا أَمتًا}،[١١] وتُلقي ما في بطنها من الأموات وتتخلى عنهم، قال-تعالى-: {وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ}.[١٢][٧]
  • ثمّ بعد ذلك تُبدّل بأرضٍ غيرها، كما قال -تعالى- في سورة إبراهيم: {يَومَ تُبَدَّلُ الأَرضُ غَيرَ الأَرضِ وَالسَّماواتُ وَبَرَزوا لِلَّهِ الواحِدِ القَهّارِ}،[١٣] وقد أخبرَ النبيُّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّ هذا التبديل يتمُّ في وقتٍ يكون فيه الناس على الصّراط، فعن عائشةَ -رضي الله عنها- قالت: (سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ عن قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {يَومَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غيرَ الأرْضِ وَالسَّمَوَاتُ} فأيْنَ يَكونُ النَّاسُ يَومَئذٍ؟ يا رَسُولَ اللهِ، فَقالَ: علَى الصِّرَاطِ).[١٤][٧]


نسف الجبال

تُدكُّ الجبال الراسية دكَّةً واحدةً، وتتحول الجبالُ القاسية إلى رملٍ ناعم، بعد الصلابة والقوة والكِبَر والكَثرة، كما قال -تعالى-: {وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً}،[١٥] وكما قال -تعالى- أيضاً: {يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَّهِيلًا}،[١٦] وقد ذَكَرَ -عزّ وجلّ- في آية أخرى حال الجبال يوم القيامة فقال: {وَيَسأَلونَكَ عَنِ الجِبالِ فَقُل يَنسِفُها رَبّي نَسفًا}.[١٧][٦][١٨]


تفجير البحار

تتغيرُ البحارُ عن طبيعتها المعهودة، لما يحصل لها من أمر الله- تعالى-، فتتفجَّر، وتُصبح ناراً فتيبس الأرض، وتُصبح بلا ماء، قال-تعالى-: {وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ}،[١٩] وقال -تعالى- في آيةٍ أخرى: {وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ}،[٢٠] قال القرطبي في تفسيره: "أي فُجِّرَ بعضها في بعض، فصارت بحراً واحداً، على ما تقدم. قال الحسن: فُجرت: ذهب ماؤُها ويبست، وذلك أنها أولاً راكدةٌ مجتمعةٌ، فإذا فُجرت تفرقت، فذهب ماؤُها. وهذه الأشياء بين يدي الساعة".[٢١]


موران السماء وانفطارها

تتبدّل ملامح السماء يوم القيامة؛ وذلك إثر تصدّعها وانشقاقها، وتخلخل أركانها؛ واضطرابها، مما يؤدي إلى انهيارها، كما أنّها تتحرّك حتى تموج في بعضها، قال -تعالى-: {يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا}،[٢٢]، وعندما تنشق يكون لها لون وشكل آخر، قال -تعالى-: {فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ}،[٢٣] فيكون لونها أحمراً كلون الورد، وتكون كالزيت المغليّ، وتصبح ضعيفة، وقد قال -تعالى- في وصف ضعفها: {وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ}،[٢٤] ويكون فيها أبواب، ثُمّ تُنَزَّلُ الملائكة إلى أرض المحشر من هذه الأبواب، وفي نهاية الأمر تُطوى وتُبدَّل بسماءٍ أُخرى، قال -تعالى-: {يَومَ تُبَدَّلُ الأَرضُ غَيرَ الأَرضِ وَالسَّماواتُ}.[١٣][٢٥]


تكوير الشمس وخسوف القمر وتناثر النجوم

الشمسُ كما أخبرَ الله -تعالى- تُجمعُ وتُكوَّر، ويَذهبُ ضوؤُها وتُصبح مظلِمة، قال -تعالى-: {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ}،[٢٦] والقمرُ كذلك يُخسف ويذهب ضوؤه، قال -تعالى-: {فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ* وَخَسَفَ الْقَمَرُ}،[٢٧] وأما النجومُ فتتغير ويتبدل حالها بأمر الله -تعالى-، فتتناثر وتساقط، كما وصفها الله -عزّ وجلّ- فقال: {وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ}.[٢٨]


المراجع

  1. سورة الرحمن، آية:26-27
  2. عمر سليمان الأشقر، اليوم الآخر القيامة الكبرى، صفحة 17. بتصرّف.
  3. سورة الزمر، آية:67
  4. سورة الأنبياء، آية:104
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:4812 ، صحيح.
  6. ^ أ ب عمر سليمان الأشقر، اليوم الآخر القيامة الكبرى، صفحة 101. بتصرّف.
  7. ^ أ ب ت عبد المجيد الوعلان، الآيات الكونية دراسة عقدية، صفحة 513. بتصرّف.
  8. سورة المزمل، آية:14
  9. سورة الزلزلة، آية:1
  10. سورة الفجر، آية:21
  11. سورة طه، آية:106-107
  12. سورة الانشقاق، آية:4
  13. ^ أ ب سورة ابراهيم، آية:48
  14. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:2791 ، صحيح.
  15. سورة الحاقة، آية:14
  16. سورة المزمل، آية:14
  17. سورة طه، آية:105
  18. عبد المجيد الوعلان، الآيات الكونية دراسة عقدية، صفحة 528.
  19. سورة التكوير، آية:6
  20. سورة الانفطار، آية:3
  21. القرطبي، تفسير القرطبي، صفحة 244. بتصرّف.
  22. سورة الطور، آية:9
  23. سورة الرحمن، آية:37
  24. سورة الحاقة، آية:16
  25. عبد المجيد الوعلان، الآيات الكونية دراسة عقدية، صفحة 510. بتصرّف.
  26. سورة الشمس، آية:1
  27. سورة القيامة، آية:7-8
  28. سورة التكوير، آية:2
9036 مشاهدة
للأعلى للسفل
×