محتويات
أوّل مخلوقات الله
من مُقتضيات الإيمان بالله أن نؤمن بأنّهُ جلّ جلالهُ هوَ خالقُ كُلّ شيء، فهوَ -سُبحانهُ وتعالى- الذي خلَقَ السماوات والأرض وما بينهما في ستّة أيّام، وهوَ جلّ جلالهُ قادرٌ على أن يخلقهنّ بكلمة كُنّ فيكون، وقد خلقَ اللهُ الكون من العدم، وهُنا تكمُن عقدة العُقول البشريّة التي ينبغي لها الإيمان بقُدرة الله وعظمته.
والحديث عن أوّل ما خلقَ الله في هذا الكون هوَ مدار اختلاف عند العُلماء، وفيما يأتي بيان ذلك:
القلم
قال بعضُ العلماء إنَّ أولَ ما خلقَ الله هوَ القلَم، وهذا القلَم كانت الغاية من خلقه أن يكون به كتابة مقادير الخلق وما يكون إلى قيام الساعة،[١] واستندوا في ذلك إلى الحديث الذي رواهُ أبو داود والترمذي وأحمد وهو حديث صحيح حيثُ يقولُ -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ أولَ ما خلق اللهُ القلمُ، فقال لهُ : اكتبْ، قال : ربِّ وماذا أكتبُ ؟ قال : اكتُبْ مقاديرَ كلِّ شيءٍ حتى تقومَ الساعةُ).[٢]
العرش
أمّا جُمهورُ العُلماء، فيقولونَ إنَّ أوّل ما خلقَ الله في الكون هوَ العرش، وهذا هوَ الرأي الراجح لدى جُمهور أهل العِلم،[٣] وأدلّتهُ كثيرة ولعلَّ من أوضحها هوَ ما رواهُ الإمام مُسلم وهوَ حديثٌ صحيح، حيث فيه إنَّ عبدالله بن عمرو بن العاص قال: سمعتُ رسولَ الله -صلّى اللهُ عليهِ وسلّم- يقول: (كَتَبَ اللَّهُ مَقَادِيرَ الخَلَائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، قالَ: وَعَرْشُهُ علَى المَاءِ).[٤]
ويتّضح من هذا الحديث الشريف أنَّ الله جلّ جلاله قد كتبَ مقادير الخلائق إلى قيام الساعة، وكانتَ كتابة هذهِ المقادير بالقلم الذي خلقهُ الله -تعالى-، ولكن جاءت هذه المقادير، وعرشُ الله قائماً على الماء، وفي هذا دليل على أنَّ العرش سابقُ على القلم وأنّهُ مخلوقٌ قبله.[٥]
الماء
فقد نقل الإمام الطبري عن ابن عباس -رضي الله عنه-: (أول ما خلق الله تعالى الماء قبل العرش، ثم وضع العرش عليه).[٣]وقال بعضُ أهل العلم أنَّ الماء والعرش هما أوَّل ما خلقه الله -تعالى-، ثُمَّ خلق القلم، ثُمَّ السماوات والأرض، ولكن تعدَّدت أقوالهم في أيهما سبق الآخر؛ هل الماء سبقت العرش؟، أم العرش سبق الماء؟[٦]
أقوال أخرى في أول شيء خلقه الله
يوجد أقوال أخرى عن أول شيء خلقه الله في الأرض؛ وهي كما يأتي:
- البيت الحرام أو الكعبة: وذلك لِقولهِ -تعالى-: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ).[٧]
- النور والظلمة: روى بعض العلماء أنّ أول ما خلقه الله النور والظلمة.[٨]
- السماوات والأرض وما فيهما: خلق الله -عز وجل- السماوات والأرض في ستةِ أيام؛ وجعل الجبال أوتاداً لحفظ توازن الأرض، وخلق السماء دون أعمدة، وخلق الشّمس، والقمر، والنجوم، والكواكب، ودليلٌ على ذلك، قول الله -تعالى-: (اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ ۚ ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ ۖ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ).[٩]
المراجع
- ↑ ابن الأثير، الكامل في التاريخ، صفحة 18. بتصرّف.
- ↑ رواه أبو داود ، في صحيح أبي داود ، عن عبادة بن الصامت، الصفحة أو الرقم: 4700، صحيح.
- ^ أ ب شمس الدين أبو المظفر يوسف (2013)، مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (الطبعة 1)، دمشق: دار الرسالة العالمية، صفحة 213، جزء 1.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن عمرو، الصفحة أو الرقم:2653، صحيح.
- ↑ عبد المجيد بن محمد الوعلان، الدلالات العقدية للآيات الكونية، صفحة 230. بتصرّف.
- ↑ محمد بن عبد الوهاب، أصول الإيمان، صفحة 65. بتصرّف.
- ↑ سورة آل عمران ، آية:96
- ↑ المطهر بن طاهر المقدسي ، البدء والتاريخ، بورسعيد:مكتبة الثقافة الدينية، صفحة 147، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ سورة غافر، آية:64