أين رست سفينة نوح
حدّد القرآن الكريم مكان رسو السفينة، فقال -تعالى-: (وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ ۖ وَقِيلَ بُعْدًا لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)،[١] وقال العديد من المفسرين إنّ كلمة جودي تعني جبلاً في الموصل بالقرب من التقاء نهري دجلة والفرات، وهو جبل لا يبعد كثيراً عن مدينة "أور" عاصمة السومريين القديمة.[٢]
وهذا ما أكدته الاكتشافات الحديثة، فقد ذكر عالم الآثار الإنجليزي "ليونار وولى" أنه اكتشف مدينة أور وتحتها طبقة من الطمي النهري يبلغ ثلاثة أمتار، وتحت هذا الطمي يوجد آثار لجماعة بشرية عاشت في تلك الفترة وأغرقها سيل مائي هائل، وبعد انحسار المياه جاءت موجات بشرية سكنت البلاد وهم السومريين.[٢]
دعوة سيدنا نوح
أرسل الله -تعالى- الأنبياء والرسل إلى أقوامهم وجعل المعجزات التي معهم ممّا يفهمه القوم، كما أنه -عزّ وجل- أنزل عليهم عقابه ليجازي من رفض الدعوة واستمر في طريق الضلال، ومن هؤلاء الأنبياء سيدنا نوح -عليه السلام-، فقد أرسله الله -عز وجل- لدعوة قومه إلى عبادة الله -تعالى- وحده.[٣]
ولكن قوم نوح -عليه السلام- استكبروا وكذبوا بدعوته، وكانوا يقولون بأنه بشر من القوم يريد أن يتميز ويترفع عل القوم ببعض قوله، وكانوا يحثون بعضهم البعض على عدم الاستجابة لدعوته والبقاء على ما هم فيه من الضلال وعبادة الأوثان والطغيان.[٣]
قال -تعالى-: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ* فَأَنجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ)،[٤] ولم يؤمن معه إلا فئة قليلة، وأنزل الله -عز وجل- عقابه على الكافرين منهم، وكان العقاب هو الطوفان الذي أغرقهم جميعاً إلّا من كان مع نوحٍ من المؤمنين.[٣]
قصة الطوفان
أمر الله -تعالى- سيّدنا نوح أن يبني سفينةً ويأخذ معه المؤمنين، وأنواع الحيوانات للتكاثر فيما بعد؛ فالطوفان سَيُغرِق جميع أنواع الكائنات الحيّة، قال -تعالى-: (فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ ۙ فَاسْلُكْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ ۖ وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا ۖ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ).[٥][٦]
وقام نوح -عليه السلام- بحمل زوجين من كل نوعٍ من الحيوانات وكلّ من آمن معه، وحمَل أهل بيته من المسلمين، ولكن زوجته وابنه لم يؤمنا ولم يقبلا أن يصعدا إلى السفينة، وقد نادى نوحٌ ابنه وحاول إقناعه بالصعود على متن السفينة؛ ولكنّه قال بأنّه سيأوي إلى جبل عالٍ يحميه من الطوفان.[٦]
ولكن لا مفر من عذاب الله -تعالى- وهو حقٌ على الكافرين؛ فقد كانت المياه تنزل من السماء وتخرج من الأرض حتى أصبح لا مفر ولا مهرب لأحد من المخلوقات إلّا من كان على متن سفينة سيدنا نوح -عليه السلام-.[٦]
المراجع
- ↑ سورة هود، آية:44
- ^ أ ب عبد الراضي عبد المحسن، كتاب الغارة التنصيرية على أصالة القرآن الكريم، صفحة 125. بتصرّف.
- ^ أ ب ت الزحيلي، التفسير الوسيط للزحيلي، صفحة 1683- 1685. بتصرّف.
- ↑ سورة العنكبوت، آية:14- 15
- ↑ سورة المؤمنون، آية:27
- ^ أ ب ت محمد طنطاوي، التفسير الوسيط لطنطاوي، صفحة 28. بتصرّف.