محتويات
أين كان يعيش سيدنا يعقوب
كان المكان الذي استقرّ فيه نبي الله يعقوب -عليه السّلام- في حيران في شمال بلاد الشّام، وتزوّج فيه، ووُلدَ له اثنا عشر ولداً،[١] وقد اعتُرف بذلك في التّوراة، وبقيَ في حيران عشرين سنة، ممّا يعني أنّ أبنائه كبروا خارج فلسطين،[٢] وهناك الكثير من الأدلّة على أنّ يعقوب -عليه السّلام- وُلد في فترة حياة نبي الله إبراهيم -عليه السّلام- جدّه، ويعقوب هو ابن سيدنا إسحاق -عليه السّلام-، وقد أخبره إسحاق -عليه السّلام- بأن يتزوّج من بنات خاله لابان بن ناهربن آزر بعد أن أمره بالهجرة إلى حيران، وذكر ذلك ابن الجوزي في كتابه ونقل اتفاق العلماء عليه.[٣]
وأمّا بالنّسبة للقصة التي وردت في القرآن الكريم عن سيّدنا يوسف -عليه السّلام- وما حدث مع إخوته، فإنّه معلوم أنّ سيدنا يعقوب -عليه السّلام- قضى بقيّة حياته وعائلته في مصر مع يوسف -عليه السّلام-،[٤] وهناك أنجب أولاده وتكاثروا،[٥] وقال أهل التاريخ: بقيَ يعقوب -عليه السّلام- في مصر أربعاً وعشرين سنة في رغدٍ من العيش حتى تُوفّي هناك.[٦]
كم عاش يعقوب عليه السلام
قيل إنّ سيدنا يعقوب -عليه السّلام- عاش مئة وسبعة وأربعين عاماً،[٦] وفي قول آخر أنّه عاش مئة وسبعين عاماً،[٧] وفي مراجع أخرى تمّ التأكيد فيها على أنّ سيّدنا يعقوب -عليه السّلام- عاش مئة وسبعة وأربعين سنة، منها أربعة وعشرين عاماً قبل وفاته كانت مع يوسف -عليه السّلام- تَنَعّم فيها وعاش حياة رغيدة.[٨]
التعريف بسيدنا يعقوب عليه السلام
اسمه يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم -عليهم السّلام-، وهو نبيّ من أنبياء الله -تعالى- لم تنزل عليه رسالة جديدة، وإنّما أكمل دعوة إبراهيم -عليه السّلام- ودعا قومه لها.[٩] ويُسمّى أيضاً بإسرائيل وتعني عبد الله، وقد بشّر الله -تعالى- إبراهيم -عليه السّلام- بأنّ يعقوب -عليه السّلام- سيكون من بعد إسحاق -عليه السّلام-، ومن صفاته المميّزة أنّه حليم صابر، وهذا ما أكّدته الآيات في قوله -تعالى-: (وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ)،[١٠] وكان تربويّاً مميّزاً يعرف كيف يوجّه أبنائه، ويتقبّل ضعف نفوسهم، ومن ذلك توجيهه ليوسف -عليه السّلام- أن لا يتحدّث بالرّؤيا التي رآها أمام إخوته فتضعف نفوسهم ويكيدوا له.[١١]
وبقيَ يوجّه أبناءه مع كثرة البلاء والمصائب بأن يبقوا متعلّقين بالله -تعالى-، وحين وافته المنيّة أوصى أولاده كما ذُكر في قوله -تعالى-: (أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ).[١٢][١١] وقد آتاه الله -تعالى- العلم، وحسن التّدبير والتصرّف، ومثال ذلك عندما أعطى أمراً لأبنائه أن لا يدخلوا من باب واحد عند الذّهاب لمصر، وهذا من الحيطة التي علّمه إيّاها الله -سبحانه وتعالى-، ومن تمام الاستعداد والأخذ بالأسباب،[١٣] وقد كان له زوجتان أنجبن له البنين والبنات،[١٤] وكان خادماً للمسجدين الأقصى والحرام، وجدّه إبراهيم -عليه السّلام-، وقد كان يُعاقب وينهى بما أمر الله -تعالى- في كتابه، وقيل لذلك سُميَّ يعقوب -عليه السّلام-.[١٥]
وذُكر في القرآن الكريم بمواطن عدّة، فقد خصّه الله -سبحانه وتعالى- من ذُريّة إبراهيم -عليه السّلام-: (ووصى بِهَآ إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ)،[١٦] كما سبق ذكر بشرى الله -تعالى- لإبراهيم -عليه السّلام-، قال -تعالى-: (وَمِن وَرَآءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ)،[١٧] وقد وعده الله -تعالى- بتمام نعمته عليه، فقال -جل وعلا-: (وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وعلى آلِ يَعْقُوبَ)[١٨] وقال -تعالى-: (أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَىٰ ۗ قُلْ أَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّه)،[١٩] وذُكر في كثير من الآيات ما يدلّ على مكانته ورفعته.[١٥]
المراجع
- ↑ أحمد معمور العسيري (1996م)، موجز التاريخ الإسلامي من عهد آدم إلى عصرنا الحاضر (الطبعة الأولى)، صفحة 22.بتصرّف.
- ↑ محمد إبراهيم الفيومي (1994م)، تاريخ الفكر الديني الجاهلي (الطبعة الرابعة)، دار الفكر العربي، صفحة 390 .بتصرّف.
- ↑ سبط ابن الجوزي (2013م)، مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (الطبعة الأولى)، سوريا: دار الرسالة العالمية، صفحة 435، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الموجزة في التاريخ الإسلامي، صفحة 602، جزء 10. بتصرّف.
- ↑ أحمد حسن الزيات، مجلة الرسالة، صفحة 15، جزء 254. بتصرّف.
- ^ أ ب أبو محمد البغوي (1420هـ)، تفسير البغوي - إحياء التراث (الطبعة الأولى)، بيروت: دار إحياء التراث العربي، صفحة 516، جزء2.بتصرّف.
- ↑ المطهر بن طاهر المقدسي، كتاب البدء والتاريخ، مكتبة الثقافة الدينية، صفحة 66، جزء 3.بتصرّف.
- ↑ أبو المظفر السمعاني (1997م)، تفسير السمعاني (الطبعة الأولى)، الرياض: دار الوطن، صفحة 69، جزء 3.بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الموجزة في التاريخ الإسلامي، صفحة 602. بتصرّف.
- ↑ سورة يوسف، آية: 18.
- ^ أ ب أحمد أحمد غلوش (2002م)، دعوة الرسل عليهم السلام (الطبعة الأولى)، مؤسسة الرسالة، صفحة 184-186. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 133.
- ↑ ابن عاشور (1984م)، التحرير والتنوير، تونس: الدار التونسية، صفحة 25. بتصرّف.
- ↑ محمد سليمان المنصورفوري، رحمة للعالمين (الطبعة الأولى)، الرياض: دار السلام، صفحة 688.بتصرّف.
- ^ أ ب الفيروزآبادي (1973م)، بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز، القاهرة: المجلس الأعلى للشئون الإسلامية - لجنة إحياء التراث الإسلامي، صفحة 43-44، جزء 6. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 132.
- ↑ سورة هود، آية: 71.
- ↑ سورة يوسف، آية: 6.
- ↑ سورة البقرة، آية: 140.