أين ولد المسيح

كتابة:
أين ولد المسيح

أين وُلد المسيح

وُلِد عيسى -عليه السلام- في بيت لحم بالقُرب من بيت المقدس، وما ذُكر في ولادته أنّه كان في مصر لا يصح،[١] فقد نذرت أُمّ مريم ابنتها مريم لخدمة بيت المقدس، وقام زكريّا -عليه السّلام- بكفالتها، وخصّص لها مكاناً في المسجد الأقصى، وتفرّغت للعبادة، وأعطاها الله -تعالى- من المُعجزات، وبشّرتها الملائكة بأنّه سيكون لها ولد، فتعجّبت من ذلك؛ لأنّها لم تتزوّج، فأجابتها الملائكة بما ذُكر في القرآن الكريم: (قالَ كَذلِكِ قالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجعَلَهُ آيَةً لِلنّاسِ وَرَحمَةً مِنّا وَكانَ أَمرًا مَقضِيًّا).[٢][٣]


فسلّمت أمرها لله -تعالى-، وخرجت إلى شرق المسجد الأقصى، فجاءها جبريل -عليه السّلام- على هيئة البشر، وبشّرها بولدٍ سيكون منها، فنفخ الملك في فرجها فحملت بعيسى -عليه السّلام-، ثم ابتعدت عن النّاس،[٣] وفسّر ابن عباس -رضيّ الله عنه- قوله -تعالى-: (فَحَمَلَتهُ فَانتَبَذَت بِهِ مَكانًا قَصِيًّا)؛[٤] أي أقصى الوادي ببيت لحم، ويبعُد عن إيلياء بِمقدار أربعة أميال، وكان هُروب مريم -عليها السلام- إليه خوفاً من تعييرها بالولادة من غير زواج،[٥] وعندما وصلت إلى بيت لحم دعت وقالت: (يا لَيتَني مِتُّ قَبلَ هـذا وَكُنتُ نَسيًا مَنسِيًّا)،[٦] أي أن لا يعرفها أحد، وينساها النّاس؛ لِما وقع معها من هذا البلاء.[٧]


التعريف بالمسيح

عيسى عليه السلام

يُعدُّ عيسى -عليه السّلام- آخر نبيٍ لبني إسرائيل، وبُعث بعده النبيّ مُحمّد -عليه الصّلاةُ والسّلام-، وعيسى -عليه السلام- من آل عمران ومن نسل داود، لذلك حاول اليهود أن يقتلوه، وقد دعا قومه إلى دين موسى -عليه السّلام-، وبشّرهم بالنبيّ مُحمّد -عليه الصّلاةُ والسّلام-، ويُعّدُ عيسى -عليه السلام- أحد الأنبياء من أولي العزم الذين صبروا على البلاء حتى أتاهم النّصر من الله -تعالى-،[٨] وهو نبيٌّ ورسول، قال -تعالى-: (مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ)،[٩] ومُهمّته طاعة الله -تعالى-، وتبيلغ رسالته التي أُمر بتبليغها، لِقولهِ -تعالى-: (إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ).[١٠][١١]


وأمّا نسبه فهو عيسى ابن مريم بنت عمران، وينتهي نسبه إلى داود -عليه السّلام-، وقد تمنّت أم مريم أن يرزقها الله -تعالى- بولد ونذرت ما في بطنها لخدمة بيت المقدس، فحملت بمريم التي رُزقت بعيسى -عليه السّلام-، وأيّدها الله -تعالى- بالكثير من الأخلاق والصّفات الحميدة، قال -تعالى-: (كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَـٰذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّـهِ إِنَّ اللَّـهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ)،[١٢] وحفظ الله -تعالى- لها مولودها من الشّيطان مُنذُ ولادته، وكان مُبرّأً من مسّ الشّيطان له، أو التّسلُّط عليه، وأيّده الله بالمُعجزات مُنذُ صغره.[١٣] وتعدّدت آراء العُلماء في سبب تسميته بالمسيح، وبيان أقوالهم فيما يأتي:[١٤]

  • القول الأوّل: لأنّه كان يمسح على أصحاب العاهات فيشفون بإذن الله -تعالى-.
  • القول الثّاني: لأنّ قدميه كانتا ممسوحتين؛ أي لا أخمص لهما.
  • القول الثّالث: المسيح تعني البركة أو المُطهَّر من الذُّنوب، وقد مُسح بالبركة عند ولادته.
  • القول الرّابع: لأنّه خرج من بطن أُمّه ممسوحاً بالدّهن.
  • القول الخماس: لأنّه مسح الأرض، وكثرت سياحته فيها لأجل الدّعوة.


معجزات المسيح عليه السلام

أيّد الله -تعالى- نبيّه عيسى -عليه السّلام- بالعديد من المُعجزات، وهي كما يأتي:[١٥][١٦]

  • الكلام في المهد؛ أي الطُّفولة، لِقولهِ -تعالى-: (إِذْ قَالَ اللَّـهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا).[١٧]
  • خلق الطّير؛ وذلك عندما طلب منه قومه أن يخلق لهم طيراً.
  • شفاء الأكمه والأبرص، والأكمه هو الذي لا يرى، وقيل: هو الذي يُولد أعمى، والبرص: هو مرضٌ يُسبّب وجود البياض على الجلد، قال -تعالى-: (وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِ).[١٧][١٨]
  • إحياء الموتى: لِقولهِ -تعالى-: (وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي).[١٧]
  • الولادة من غير أب، لِقولهِ -تعالى-: (قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا).[٢][١٥]
  • إخباره -عليه السّلام- لأصحابه بالطّعام والشّراب الذي يأكلونه، أو الذي يدّخرونه في بيوتهم، ووردت هذه الآيات في قوله -تعالى-: (وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ).[١٩][١٥]
  • إنزال مائدة عليه من السّماء بعد أن طلب قومه منه ذلك، قال -تعالى-: (قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّـهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ* قَالَ اللَّـهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَّا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ).[٢٠][١٥]


المراجع

  1. ابن كثير (1988م)، قصص الأنبياء (الطبعة الثالثة)، مكة المكرمة: مكتبة الطالب الجامعي، صفحة 681. بتصرّف.
  2. ^ أ ب سورة مريم، آية: 21.
  3. ^ أ ب عبد الله بن محمد المعتاز، أولوا العزم من الرسل عيسى ابن مريم عليه السلام، الرياض: دار السلام للنشر والتوزيع، صفحة 11-13. بتصرّف.
  4. سورة مريم، آية: 22.
  5. شمس الدين القرطبي (1964م)، الجامع لأحكام القرآن = تفسير القرطبي (الطبعة الثانية)، القاهرة: دار الكتب المصرية، صفحة 92، جزء 11. بتصرّف.
  6. سورة مريم، آية: 23.
  7. عثمان بن محمد الخميس (2010م)، فبهداهم اقتده (الطبعة الأولى)، الكويت: دار إيلاف الدولية، صفحة 447-448. بتصرّف.
  8. أحمد أحمد غلوش (2002م)، دعوة الرسل عليهم السلام (الطبعة الأولى)، بيروت: مؤسسة الرسالة، صفحة 466. بتصرّف.
  9. سورة المائدة، آية: 75.
  10. سورة آل عمران، آية: 51.
  11. مجموعة من المؤلفين (1433هـ)، موسوعة الملل والأديان، السعودية: الدرر السنية dorar.net، صفحة 396، جزء 1. بتصرّف.
  12. سورة آل عمران، آية: 37.
  13. عبد الله بن محمد المعتاز، أولوا العزم من الرسل عيسى ابن مريم عليه السلام، الرياض: دار السلام للنشر والتوزيع، صفحة 7-9، 13-14. بتصرّف.
  14. أحمد بن علي الزاملي (1431هـ)، منهج الشيخ عبد الرزاق عفيفي وجهوده في تقرير العقيدة والرد على المخالفين، السعودية: كلية أصول الدين - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، صفحة 391. بتصرّف.
  15. ^ أ ب ت ث أحمد أحمد غلوش (2002م)، دعوة الرسل عليهم السلام (الطبعة الأولى)، بيروت: مؤسسة الرسالة، صفحة 470-471. بتصرّف.
  16. حنان قرقوتي شعبان (2004م)، حياة المسيح عيسى ابن مريم عليهما السلام من منظور إسلامي (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 61-65. بتصرّف.
  17. ^ أ ب ت سورة المائدة، آية: 110.
  18. وهبة بن مصطفى الزحيلي (1418هـ)، التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج (الطبعة الثانية)، دمشق: دار الفكر المعاصر، صفحة 94، جزء 16. بتصرّف.
  19. سورة آل عمران، آية: 49.
  20. سورة المائدة، آية: 114-115.
4459 مشاهدة
للأعلى للسفل
×