محتويات
أين يقع قبر سيدنا يوسف عليه السلام
يجدر بالذّكر بداية أن القبر الوحيد الذي اتّفق العلماء على معرفة مكانه هو قبر النبيّ محمد -عليه الصلاة والسلام-، أما قبور غيره من الأنبياء فلم يثبت الجزم بمكان أحدٍ منهم سِوا قبر إبراهيم -عليه السلام-،[١] وقد ذكر ابن كثير -رحمه الله- في كتابه قصص الأنبياء وغيره من العلماء أنّ يعقوب -عليه السلام- تُوفّي وحُمل من مصر ودُفن عند أهله في حبرون في المغارة التي اشتراها إبراهيم -عليه السلام- من عفرون بن صخر الحيثي، ولمّا حضرت يوسف -عليه السلام- الوفاة أوصى أن يُحمل ويُدفن عند آبائه، فحُنّط ووضع في تابوت، وأخرجهُ موسى -عليه السلام- معه من مصر، ودفنهُ عند آبائه،[٢] ويقع مقامهُ على أرضٍ مُرتفعة شرق نابلس في قريةٍ تُسمى بلاطة.[٣]
وكان ذلك لمّا سار موسى -عليه السلام- في التّيه، فقيل له إنّ يوسف -عليه السلام- أخذ عهداً على إخوته أن يُخرجوه من مصر، فسأل عن قبره فلم يُعلِموه، فنادى على من يُعلِمُهُ عن مكان قبره، فأخبرته عجوزٌ أنّه في جوف الماء في نهر النّيل، فدعا الله -تعالى- فَحَسَر عنهم الماء، واستخرجه في صُندوقٍ من الموضع الذي أخبرته به العجوز، وقال ابن عساكر في تاريخه بسنده عن ابن عباس -رضي الله عنه-: إنّ الله -تعالى- أوحى إلى موسى -عليه السلام- بحمل يوسف -عليه السلام- إلى بيت المقدس عند آبائه، فأخبره أحد بني إسرائيل أنّ والدته تعرف مكان قبره، فطلبت منه أن تكون في درجته في الجنة حتى تُخبرهُ بِمكانه، فأعطاها الله -تعالى- ما طلبت، وأخبرت موسى عن مكان القبر، وأنّه في مكانٍ في وسط النّيل، فحملهُ معه إلى بيت المقدس، وقبرهُ هُناك خلف الحيّز بالقرب من آبائه.[٤] ويجدر بالذكر أنّ قصّة العجوز وموسى أخبر بها النبيّ أصحابه، ورواها أبو داود وابن ماجة وأحمد، وصحّحها الألباني.[٥]
والمشهور أن قبر يوسف -عليه السلام- في نابلس في مسجدٍ هُناك، ولكنّهُ تهدّم ودُفنت أعمدتهُ في التُراب، وبقي منها ثلاثةٌ فقط، ومحرابهُ ظاهرٌ للعين، وبجانبه بئر يعقوب -عليه السلام-،[٦] ويقع قبرهُ خارج السور السُّليمانيّ من جهة الغرب داخل مدرسةٍ تُنسبُ للسُّلطان الملك النّاصر حسن، وتُسمّى الآن "بالقلعة"، ويُدخل إليها من عند باب المسجد عند السوق باتجاه عين الطواشي، وقام شهابُ الدين اليغموري بفتح بابٍ في السّور السُّليمانيّ من جهة الغرب، وهي الجهة الموجود فيها قبر يوسف -عليه السلام-، وجعل فوقهُ علامةً تدلُّ على مكانه،[٧] وجاء عن الإمام الترمذي أن قبر يوسف -عليه السلام- في البقيع الذي خلف الحيّز بجانبِ قبر يعقوب -عليه السلام-.[٨]
وفاة سيدنا يوسف عليه السلام ودفنه
أوصى يوسف -عليه السلام- أن يُدفن في حبرون، ولمّا توفّي جعلوه في تابوت، ودُفن في الجانب الغربي لِمصر، فأخصب الجانب الغربيّ، وأجدب الجانب الشرقيّ، فنقلوه إلى الجانب الشرقيّ فأخصب، وأجدب الجانب الغربيّ، فعند ذلك وضعوه في صندوق حديد، وألقوه في البحر، وألزموه بوتد من حديد، فأخصب الجانبان، ثُمّ نَقَله موسى -عليه السلام- معه،[٩] فكانت وفاتهُ بِمصر، وحمله موسى -عليه السلام- معه إلى التّيه حتّى مات، ثُمّ أخذه يوشع معه إلى الشّام، ودفنهُ قريباً من نابلس، وقيل: عند إبراهيم -عليه السلام-،[١٠][١١] وكان ذلك بعد إخبار المرأة العجوز لموسى -عليه السلام- عن مكانه في وسط النّيل، ولما حفروا عليه وجدوه بحسنه وجماله.[١٢]
كم عاش سيدنا يوسف عليه السلام
يذكر العلماء أنّ نبيُّ الله يوسف -عليه السلام- عاش مئة وعشرة أعوام،[١٣] وهو ما نقله ابن كثير -رحمه الله- عن أهل الكتاب، وقال السّيوطي إنّه مات وعُمرهُ مئة وعشرون سنة، ويجدر بالذكر أنّ ذلك لم يثبت بنصّ عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، فهي منقولة عن أهل الكتاب، وقد تحتمل الصّدق أو الكذب.[١٤][١٥][١٦]
المراجع
- ↑ "هل بقي أي قبر لأي نبي وخاصة أننا نسمع عن مقام النبي يونس وغيره"، www.islamweb.net، 2-12-2009، اطّلع عليه بتاريخ 6-4-2021. بتصرّف.
- ↑ إسماعيل بن كثير (1988)، قصص الأنبياء (الطبعة الثالثة)، مكة المكرمة: مكتبة الطالب الجامعي، صفحة 310. بتصرّف.
- ↑ جبر خضر البيتاوي (2011)، المقامات والمزارات في نابلس بين الموروث الديني والتراثي، نابلس: كلية الفنون- جامعة النجاح الوطنيّة، صفحة 24. بتصرّف.
- ↑ شمس الدين محمد بن عبد الخالق، المنهاجي الأسيوطي (1984)، إتحاف الأخِصّا بفَضَائل المسجد الأقصى، مصر: الهيئة المصرية العامة للكتب، صفحة 95-96، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ "الجمع بين حديث: عظام يوسف، وحديث: إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء"، www.islamweb.net، 24-8-2016، اطّلع عليه بتاريخ 6-4-2021. بتصرّف.
- ↑ عبد الله النديم (1985)، مجلة الأستاذ (الطبعة الأولى)، مصر: دار كتبخانة للنشر والتوزيع، صفحة 1003، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ عبد الرحمن بن محمد العليمي، الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل، عمان: مكتبة دنديس، صفحة 69-70، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ شمس الدين محمد بن عبد الخالق، المنهاجي الأسيوطي ( 1984)، إتحاف الأخِصّا بفَضَائل المسجد الأقصى، مصر: الهيئة المصرية العامة للكتب، صفحة 104، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ الحسَن الصَّفَدِي (2003)، نزهة المالك والمملوك في مختصر سيرة من ولي مصر من الملوك «يؤرخ من عصر الفراعنة والأنبياء حتى سنة 717 هـ» (الطبعة الأولى)، بيروت: المكتبة العصرية للطباعة والنشر، صفحة 50-51، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ عماد الدين إسماعيل بن علي بن أيوب، المختصر في أخبار البشر (الطبعة الأولى)، مصر: المطبعة الحسينية المصرية، صفحة 18، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ عمر بن مظفر ابن أبي الفوارس، أبو حفص، زين الدين ابن الوردي (1996)، تاريخ ابن الوردي (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الكتب العلمية ، صفحة 17-18، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ عبد الرحمن بن محمد العليمي، الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل، عمان: مكتبة دنديس ، صفحة 68-70، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ محمد سليمان المنصور فوري، رحمة للعالمين (الطبعة الأولى)، الرياض: دار السلام للنشر والتوزيع، صفحة 689. بتصرّف.
- ↑ ابن عطية (1422)، المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الكتب العلمية ، صفحة 282، جزء 3. بتصرّف.
- ↑ عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي، الدر المنثور، بيروت: دار الفكر، صفحة 587، جزء 4. بتصرّف.
- ↑ "عمر يوسف عليه السلام يوم وفاته"، www.islamweb.net، 1-7-2002، اطّلع عليه بتاريخ 6-4-2021. بتصرّف.