أين يقع مسجد قرطبة

كتابة:
أين يقع مسجد قرطبة

موقع مسجد قرطبة 

يقع مسجد قرطبة أو المسجد الجامع في الجنوب الغربي من مدينة قرطبة الموجودة حالياً في جنوب إسبانيا والتي تقع على ضفة نهر الوادي الكبير، ويحيط بالمسجد سور عظيم حيث يبدو المسجد للناظر من الأعلى وكأنه جزيرة بين أربعة شوارع محيطة به.[١]

بناء مسجد قرطبة 

أمر الخليفة الأموي عبد الرحمن بن معاوية الملقب "بالداخل" والملقب أيضاً "بصقر قريش" ببناء مسجد قرطبة (المسجد الجامع)؛ وجدد الداخل الخلافة الأموية في المغرب الأقصى بعد القضاء عليها في المشرق.[٢]

وحاول نقل التراث الشامي إلى المغرب، فأمر ببناء قصر الرصافة، كما وأمر ببناء المسجد الجامع، حيث بدأ البناء بين عامي (168 و170هـ/784-786م)، وتوفي الداخل قبل أن يكون بناء هذا المسجد العظيم قد اكتمل، وقد قام بإتمام بنائه ابنه هشام، ثم توالى الخلفاء من بني أميّة على الزيادة فيه.[٢]

قال بعض المؤرخين: إن عبد الرحمن الداخل لما استقر أمره وعظم، بنى القصر بقرطبة، وبنى المسجد الجامع، وأنفق عليه ثمانين ألف دينار، وبنى بقرطبة الرّصافة تشبيهاً برصافة جده هشام بدمشق.[٢]، وفي وصف بناء المسجد الجامع قالوا: ليس في بلاد الإسلام أعظم منه ولا أعجب بناء وأتقن صنعة.[٣]

وتضم المساحة الكليّة للبناء بما في ذلك الجدران شكلاً رباعياً يكاد يكون مكتمل المساحة، ويبلغ عدد أعمدة المسجد 142 عموداً؛ يتألف الواحد منها من أربعة أجزاء: قاعدة، وبدن، وتاج، وحدارة وهي ما يعلو التاج.[٤] وقام المنصور بن أبي عامر بالزيادة في مساحة المسجد عام (377هـ/987م)، وذلك بسبب زيادة عدد سكان قرطبة نتيجة لجلب قبائل البربر من عدوة المغرب وأفريقيا، فشرع المنصور بزيادة البناء من جهته الشرقيّة.[٥]

معالم مسجد قرطبة 

من أبرز معالم مسجد قرطبة (المسجد الجامع) ما يأتي[٦]:

  • الأعمدة

استخدم عبد الرحمن الداخل في بناء المسجد أعمدة رومانيّة جلبت من مباني سابقة؛ وكانت أبعاد هذه الأعمدة متساوية مع اختلاف في أسلوب نحتها، وكان ارتفاعها يصل إلى 4.20 متراً، وقد تم تثبيتها فوق قواعد ذات ارتفاعات متباينة؛ لذلك تم الاستغناء عنها أثناء توسعات لاحقة، واستخدمت بعدها على نطاق أوسع، ولأسباب وظيفيّة وجماليّة أعمدة رخاميّة أسطوانية الشكل، على طول أروقة الصلاة.

  • القباب

شيدت لأول مرة قباب ذات عروق متقاطعة خلال إحدى التوسعات؛ التي قام بها الأمراء المتعاقبون على حكم الأندلس، وتوجد قبة رئيسة فوق وسط قبتين، وقد كسيت قبة المحراب عن أخرها بزخارف ملساء وألوان زاهية، وكل قبة من هذه القباب المتجاورة تقوم على قاعدة مربعة الشكل، باستثناء القبة الرابعة الواقعة عند نهاية الرواق الأكبر، والتي تقوم على قاعدة مستطيلة.

وعلى الرغم من بعض الاختلافات الجزئية بين هذه القباب، إلا أنها تستجيب لتصميم هندسي موحد (قباب ذات عروق متقاطعة)، وتظهر على مستوى هذه القباب نوافذ؛ وهي عبارة عن فتحات تتوزع على مسافات متساوية فيما بينها.

كما تبدو هذه القباب أكثر انتظاماً من الداخل، وكأنها تحف فنية متكاملة بلا أجزاء (أو غير قابلة للتفكيك)، ولا يوحي مظهرها الخارجي بحقيقة باطنها، فهو عبارة عن كتل هرمية الشكل مغطاة بالقرميد، فلا بد للزائر أن يتأمل روعة هذا البناء؛ ليدرك ما فيه من فن وإتقان وحضارة.

  • المحراب

حظي محراب جامع قرطبة خلال التوسعة ما قبل الأخيرة باهتمام خاص من قبل القائمين على البناء؛ حتى انفرد بمميزات وخصائص هندسية وزخرفية، غاية في الإتقان والجمال، وفي هذا الصدد يذكر المراكشي أنه لما كملت القبة المبتناة على المحراب في الزيادة بالمسجد، وذلك في جمادى الآخرة منها؛ شُرع في تنزيل الفسيفساء بالمسجد الجامع، وكان ملك الروم بعث بها إلى الخليفة الحكم.

وكان الحكم قد كتب له في ذلك وأمره بتوجيه صانعها إليه، فرجع وفد الحكم بالصانع ومعه من الفسيفساء ثلاثمائة وعشرون قنطارة؛ بعث بها ملك الروم هدية، فأمر الحكم بإنزال الصانع والتوسيع عليه، ورتب معه جملة من مماليكه لتعلّم الصناعة، فوضعوا أيديهم معه في الفسيفساء المجلوبة، وصاروا يعملون معه، فأبدعوا وزادوا عليه، واستمروا بعد ذلك منفردين دون الصانع القادم، إذ عاد إلى بلاده، وهذه الفسيفساء تتخللها كتابات كوفية، وتحيط بها زخارف نباتية محورة عن الطبيعة.

المراجع

  1. باسيليو بابون، ترجمة:علي منوفي، قرطبة ومساجدها، صفحة 7. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت المقرئ التلمساني، نفح الطيب من غصن الاندلس الرطيب، صفحة 545. بتصرّف.
  3. محمد عبدالوهاب خلاف، قرطبة الإسلاميّة، صفحة 39. بتصرّف.
  4. مشموش محمد، أثر عمارة مسجد قرطبة على المساجد المرابطية بالمغرب، صفحة 275. بتصرّف.
  5. محمد عبدالوهاب خلاف، قرطبة الإسلاميّة، صفحة 40. بتصرّف.
  6. ميمون الموساوي، من تجليات الهندسة المعمارية لمسجد قرطبة، صفحة 5-8. بتصرّف.
9601 مشاهدة
للأعلى للسفل
×