إدمان مواقع التواصل الاجتماعي وأضراره

كتابة:
إدمان مواقع التواصل الاجتماعي وأضراره

مواقع التواصل الاجتماعي والحياة

أصبح الكثير منّا وممّن حولنا يعتمدون على وسائل التواصل الاجتماعيّ بمنزلة روتين يوميّ لا يستغنون عنه لتناقل الأخبار وما يحصل حول العالم، وتطوّرات حياة الأفراد، ويراها بعضهم وسيلة للتفريغ والتعبير عن الذات أو التسويق والدعاية الإعلانيّة حتى اليافعون وبعض الأطفال يُسمح لهم بالتجوّل عبر هذه الصفحات أحيانًا للتسليّة أو التعليم، ومع التسهيلات التي تُتيحها الهواتف الذكيّة وتقنيات الاتصال بالإنترنت بات الأمر جزءًا من واقع الحياة في مختلف مجالاتها وجوانبها.[١]


ما إدمان مواقع التواصل الاجتماعي؟

يصف عدد كبير من الأهالي أبناءهم بالمدمنين على مواقع التواصل الاجتماعيّ عند رؤيتهم يمضون وقتًا مُطوّلًا في تصفّحها، ورغم أنّ ذلك قد يبدو مُبالغًا فيه في نظر بعضهم لكنّ إدمان مواقع التواصل واقعيّ للغاية، إذ يُقدّر عدد المدمنين عليها ما بين 5-10% من سُكّان الولايات المُتّحدة الأمريكيّة، ويُعرَف إدمان مواقع التواصل (Social Media Addiction) بأنّه سلوك يدفع الفرد للارتباط الشديد بمواقع التواصل، والشعور بحاجة مُلحّة إلى تفقّدها طيلة الوقت بما يتعارض مع سير حياته وأنشطته الأخرى؛ لذا فليس كلّ من يتعامل مع هذه المواقع بكثرة يُطلق عليه تصنيف المُدمن، وإنّما من أثّر تصفّحه لمواقع الاتصال على أنشطته وأعماله اليوميّة، ومن ناحية أُخرى فإنّ التعريف وحده يوضّح كيف أنّ هذا الإدمان قريب للغاية من إدمان الكوكايين أو غيره من الأدوية المُخدّرة، فهو يتسبّب في أضرار سلوكيّة ونفسيّة مُشابهة جدًا لتعاطي المواد المُسبّبة للإدمان، حتّى إنّ تأثيرها يُشبّه بأخذ حُقنة من الدوبامين (ناقل عصبي مسؤول عن الشعور بالسعادة) ذات تأثير مباشر في الدماغ والجسم.[٢]


هل هناك أضرار لإدمان مواقع التواصل الاجتماعي؟

إنّ التأثير الناتج من فرط استخدام مواقع التواصل الاجتماعيّ والإدمان عليها لا ينحصر فقط في انعزال الفرد وانفصاله نوعًا ما عن الواقع والمُحيط من حوله، بل يتعدّى ذلك ليُفقده المُتعة والاندماج في الأنشطة والأعمال على أرض الواقع بعيدًا عن هذه المواقع، وتبدو أضراره ومُضاعفاته واضحة في الأعراض الظاهرة عليه أمام الآخرين، وتتضمّن كُلًّا ممّا يأتي:[٣][٢]

  • القلق والهيجان، أو الغضب الشديد في حال لم يستطع الفرد تصفّح مواقع الاتصال التي أدمن زيارتها، ورغم أنّ ذلك قد يتسبّب له في الإحراج أمام من حوله من أفراد نتيجة فرط ردّ فعله على عدم قدرته على تفقّد ما يُريد، لكنّ ذلك في الحقيقة خارج عن سيطرته.
  • ضعف التواصل الاجتماعيّ في العالم الواقعيّ، فبعيدًا عن العالم الافتراضيّ والعلاقات فيه قد يعاني الفرد المُدمن على مواقع الاتصال من ضعف قدرته على التفاعل مع الأفراد في مُحيطه، ويُلاحَظ ذلك بكثرة تفقّده هاتفه وعدم تركيزه مع من يتحدّث إليه.
  • فقد الشغف في الأنشطة والأعمال الأخرى، ذلك نتيجة الوقت الكثير الذي يمضيه الفرد في تصفّح مواقع الاتصال، ويُشغله فعلًا عن أداء أعمال وأمور كانت مُحبّبة إليه.
  • ضعف في تحصيل العلامات وأداء الواجبات المنزليّة، إذ إنّ الفرد لا يملك الوقت الكافي لفعل كل الأمور والواجبات المنزليّة المفروضة عليه إن كان يمضي أغلب وقته بالتعامل مع مواقع التواصل الاجتماعيّ.
  • الشعور بالدونيّة والضغوطات، كثرة تصفّح ما ينشره الآخرون ويختبرونه في حياتهم تُشعِر الفرد بأنّه أقلّ سعادًة أو نجاحًا من غيره، ويُنسيه أنّ ما يُنشر ليس إلا لحظات مُضيئة في سجلّ طويل من الأيام الروتينيّة المليئة بالعمل والجُهد، وللأسف فإنّ كثرة المُقارنة تلك قد تُشعر الأفراد بالبؤس والحُزن وقلّة الحظّ أحيانًا، أو حتّى الإصابة بـالقلق والاكتئاب.
  • الإصابة باضطرابات الأكل، ذلك ناتج من كثرة متابعة الصور والفيديوهات المملوءة بأصناف الطعام ووصفات الأطباق المُختلفة.
  • تقليل احترام الفرد لذاته وتقديرها، وربّما كان ذلك من أكثر ما تتسبّبت فيه مواقع التواصل الاجتماعيّ، إذ تُصبح بعض الفئات مثالًا للنجاح أو الجمال رغم لجوئه للعديد من المُساعدات التقنيّة أو طرق التصوير الاحترافيّة أو الظروف الاقتصاديّة والمعيشيّة المُختلفة، وهو ما يظهر تأثيره في المراهقين خاصة، فيشعرون بالتعاسة من أنّهم ليسوا بجمال من يُتابعونهم من مؤثّرين على تلك المواقع.
  • زيادة مُعّدلات الانتحار، إذ لا يُستهان بما يتلقّاه الفرد من تعليقات أو تنمرّ على ما يكتبه أو ينشره من صور وأحاديث، إضافة إلى ما يُنشَر من إشاعات، وما قد يتعرّض له من ابتزاز أو سوء مُعاملة من بعضهم، وهو ما يُؤثّر في نفسية الأفراد (المُراهقون خاصّة)، ويزيد احتمال شعورهم بالاكتئاب، أو حتى إقدامهم على الانتحار.


كيف يتخلص الشخص من إدمان مواقع التواصل الاجتماعي؟

رغم أنّ إدمان مواقع التواصل الاجتماعيّ لم يُصنّف من ضمن الاضطرابات والأمراض النفسيّة حتّى هذه اللحظة، لكنه في حال لاحظ أحدهم أنّ لديه بعضًا من علامات إدمان هذه المواقع، أو أنّ أضراره قد بدأت تُلحق الأذى بحياته وعلاقاته، واستمرّ ذلك لأكثر من 12 شهرًا مُتواصلًا، أو كان التأثير شديدًا لدرجة لا يُمكن تجاهلها فعندها يُنصح باللجوء لأحد المُعالجين النفسيين لمُتابعة الوضع وإيجاد الحلول له، والتي قد تتضمّن الآتي:[٤]

  • العلاج السلوكيّ المعرفيّ: هو من العلاجات الناجحة للغاية في التعامل مع العديد من المشكلات والاضطرابات النفسيّة، ويهدف إلى تغيير طريقة تفكير الفرد وتفاعله مع الأحداث والمواقف بما يُسهّل عليه الابتعاد عن وسائل التواصل، والتعامل معها باعتدال دون إفراط.
  • الاستشارة: التي تقتضي إيجاد حلول للتعامل مع ظروف الحياة المُسبّبة لإدمان مواقع التواصل.

وبالإضافة إلى ما سبق تُتّبع بعض الإجراءات البسيطة المساعدة في السيطرة على مُعدّل استخدام الفرد لمواقع التواصل الاجتماعيّ، أو ضبط استخدام أبنائه لها عن طريق الآتي:[٣]

  • ضبط إشعارات مواقع التواصل: إطفاء رنين الإشعارات الذي يعطيه الهاتف في كلّ تحديث أو صورة تُنشر على المواقع سيمنع الفرد بالتأكيد من تفقّدها طيلة الوقت، وتُضبَط الإشعارات لتكون فقط لما ينشره الأبناء لمراقبة أنشطتهم على المواقع، وتحرّي مُعدّل استخدامهم لها وضبطه بما لا يُشعرهم بـالوحدة من دونها، ولا يتعارض مع سير حياتهم في الوقت ذاته.
  • ضبط الوقت المُستهلك في استخدام المواقع، ذلك بمعرفة الوقت الذي يمضيه الفرد بالضبط على مواقع التواصل أو في استخدام الإنترنت عمومًا، وتقليله إن لوحظ أنّه زائد على الحاجة.
  • مُراقبة استخدام المواقع، ذلك عبر تحديد عدد التفاعلات والصور أو المنشورات التي يكتبها الفرد، وضبطها لتصبح بعدد أقل يومًا بعد يوم.


المراجع

  1. Leslie Walker (16-12-2019), "What Is Social Networking Addiction?"، lifewire, Retrieved 9-7-2020. Edited.
  2. ^ أ ب Jena Hilliard (18-6-2020), "Social Media Addiction"، addictioncenter, Retrieved 9-7-2020. Edited.
  3. ^ أ ب Sherri Gordon (17-7-2019), "Excessive Social Media Use Comparable to Drug Addiction"، verywellmind, Retrieved 9-7-2020. Edited.
  4. Chloe Bennett (5-9-2019), "Are You Addicted to Social Media?"، news-medical, Retrieved 9-7-2020. Edited.
4953 مشاهدة
للأعلى للسفل
×