إنشاء عن حب الوطن

كتابة:
إنشاء عن حب الوطن

إنشاء عن حب الوطن

الوطنُ رمزُ الأمن والأمان، رمز الحبِّ والعطاء، إنَّه الوطن، كلمةٌ تُشعرك بالانتماء إلى الدفء الذي تستشعره مع كلِّ حرفٍ يخرج من شفتيك، هي ثلاثة حروفٍ لكنَّها ليست كأيِّ حروف، هو المكان الوحيد الذي ستمشي فيه بذاكرتك عوضًا عن قدميك، هو من سيطعمك خبزًا مليئًا برائحة العائلة، وضحكات متعالية، ووجباتٍ من الطعام دقيقها الحبُّ، وفاكتها الأنسُ، وسُكرها قبلةٌ من أحد أقاربك، مهما ضربت في الأرض يمنةً، ويسرةً، وتلاطمت بك الأمواج ستعود إليه لتغفو بين أحضانه كطفلٍ تعبٍ عانى من مشاقِّ صبية طوال النَّهار.

فلا تكادُ تضع رأسَكَ في حجره حتى تبدأ أنامله بتخلّلِ شعرك لتزيل عنك ما قد كالته الحياة إليك، فتحسُّ بحب الوطن لك قبل حبك له، لن تشعر بطعم الحياة إلا في أزقَّته؛ لأنك ستجد ذاتك في كلِّ شبر من التُّرابِ تمرُّ فيه، فلا يسعك إلا أن تجثو على ركبتيك مقبلًا أرضًا لطالما رعتك حتَّى استطعت الوقوف عليها اليوم هو ليس موضوع إنشاء عن حب الوطن قدر ماهو مشاعر تسكبها في كأسٍ من الكلمات.

لن تسمع زقزقة عصافيرٍ تناغمك وتناغمها إلا في هذه البقعة من التُّراب، فحبُّ الوطن واجبٌ، والموتُ دونه شهادة، والدِّفاع عنه فرضٌ، والحفاظ عليه من أولى أولويَّات حياتك، لن تجدَ للورد رائحة إلا به، وكأنَّه آلى على نفسه ألّا يفوح عطرًا إلّا في موطنك أنت، ترسل شمسه خيوطًا تداعب وجنتيك لتوقظك على أملٍ لن تراه إلا بين جنبَيْه، كحمامةٍ بيضاءَ تقدّم لصغارها كلّ ما تهبها لها الحياة، فلا تبخل بطعامٍ، أو شرابٍ، أو حتى عشٍّ تحمي به صغارها من براثن الحاقدين، تتطلع إلى سمائه، وكأنَّه لا يشبهها أي سماءٍ، فالنجوم في أرضك تزيد بهاءً ولمعانًا بينما في غيره ستجدها باهتةً لا تكاد تقوى على أن تكون مُرشِدًا لك سوى إلى الحزن، والهموم، والخيبات، قمره ساطع يرسل إليك خيوطه المتوهِّجة لتحميك من العثرات، وعتمة الطَّريق.

حتَّى وإن كنت ناكرًا لجميلِه معك، وعدَّت مستغيثًا به في شيخوختك، وقد رقّ عظمك، وانحنى ظهرك، وخارت قواك، ولم تعد تقوى ركبتاك على حمل ثقلك مع همومك، ستجدُه كالأب الذي يقف صامدًا ليدافعَ عنك من أثقال الحياة، وبعد كلِّ هذا العطاء منه فهو يستحقّ منك على الأقلِّ أن تتحدث عنه في موضوع إنشاء عن حب الوطن، وأن تكافئه بأن تحميَه من كيد الغزاة الطَّامعين الذين لا ينفكُّون يفكرون في ثرواته، واستغلالها، واستنزافها، وتشتيت مواطنيه، والنَّيل منهم، فاللهم أدِمْ على جميع البلاد نعمة الأمن والسلام.

4721 مشاهدة
للأعلى للسفل
×