محتويات
إنهاء المشكلات التي ليس لها حل
لقد جاء تشريع المولى -سبحانه- للزواج لتحقيق أسمى المعاني والأهداف، القائمة على المودّة والتفاهم، فإن فسدت هذه المعاني وتغيّرت، واستعصت، وغيّرت صَفو النفوس، وتحوّل نظام البيت فبات تنافر الطّبائع بين الزوجين ظاهراً، وكان لتغاير العادات والتقاليد دوراً في زيادة ذلك، وأُلقيت معاني البُغض والملل بينهم، وظهرت مشكلات حاسمة في حياتهما.
كأن يميلَ أحدهما عن حاله، وينجرّ خلف مظاهر الفجور، أو حصول مشكلات في الصحة الإنجابية لدى أحدهما، أو صعوبة العيش لعدم القدرة على الإنفاق الواجب، أو البحث عن تلبية الحاجات خارج حدود البيت، ممّا يُؤدّي كل ذلك إلى إفساد العلاقة والسعي نحو الهاوية بالأبناء إن وُجدوا، فلهذا كلّه شرّع الله -سبحانه- الطلاق، وحسم به هذه المشكلات.[١]
العوض من الله تعالى
يقول -سبحانه وتعالى- في كتابه العزيز: (وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا)،[٢] فالمولى -سبحانه- صاحب الفضل الواسع، القادر على أن يرزق كلاً من الزوجين ما هو أفضل لهما من بعضهما، فيَرزق الزوج زوجة أخرى تُلبّي احتياجاته، ويرزق الزوجة بزوج يتقبّلها ويكرمها.[٣]
وقد يكون الإغناء لهما بأن يجد كل منهما ما كان ينقصه في زواجه السابق، فمثلاً قد يكون الرجل قد ابتُلي بإمرأة سيّئة الخلق، مُثيرة للشكوك، فيُعوِّضه الله -سبحانه- بزوجة أمينة خلوقة، يشتاق إليها ويحبها.
وعلى الصعيد الآخر قد تكون المرأة مثلاً قد ابتُليت بزوجٍ يهتمّ بالظاهر والجمال الخارجي، فيرزقها الله بآخرٍ يُسلّط الضوء على وجوه الجمال الأخرى لديها، فالله -سبحانه- عنده كل ما يُريّح النفوس، ويبدّلها بالعوض الجميل من واسع قدرته وحكمته.[٣]
تجنب مضار الزواج عند كره الزوجين للآخر
لقد رأينا العديد من الآثار المترتبة على بقاء الزواج بين اثنين لا يحبّان بعضهما، أو وصلا حدَّ الكره، ويمكننا ذكر بعض هذه الآثار الضارة على ذلك:
- فساد الحال، وعدم إقامة حدود الله في العلاقة الزوجية بينهما، فيُحبس الزوجين مع سوء العشرة، والخُصومة الدائمة.[٤]
- العجز عن حلِّ المشكلات، وعدم الصبر على كُثرة الأذى والشقاء، وانهيار الحياة الزوجية وكثرة النفور منها.[٥]
- عدم الطاعة وعدم القدرة على أداء الحقوق كما يرضاها الله -سبحانه-.[٦]
ولقد ثبت في صحيح البخاري أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قد فرّق بين ثابت بن قيس وامرأته؛ لكرهها مظهره، فقالت: (يا رَسولَ اللَّهِ، ما أنْقِمُ علَى ثَابِتٍ في دِينٍ ولَا خُلُقٍ، إلَّا أنِّي أخَافُ الكُفْرَ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: فَتَرُدِّينَ عليه حَدِيقَتَهُ؟ فَقالَتْ: نَعَمْ، فَرَدَّتْ عليه، وأَمَرَهُ فَفَارَقَهَا).[٧]
توفير بيئة خالية من الصراع لتنشئة الأطفال
إنّ حرمان الأطفال من جوّ يملؤه الحب والعطف والحنان، وعدم استخدام الأبوين أساليب التفاهم والحوار الفعّالة، فإنّ هذا ينعكس سلبياً على نفسياتهم وحياتهم، وقد تؤثّر فيهم مشاهد الإيذاء والصراع الدائم والصراخ والشتم.[٨]
إنّ الأفضل لهم أن ينفصل آباؤهم؛ ليعيشوا بطريقةٍ سوية، فقد يبدّلهم الله بزوجة أبٍ عطوف، أو زوج أمٍ حاني عليهم، وهذا ليس تشريداً لهم كما يعتقد البعض؛ إنّما هو تحقيق لراحة جميع أفراد الأسرة بإيقاع الطلاق، وتخفيف آثار إبقاء زواج فاشل.[٨]
المراجع
- ↑ الشيخ هاني الجبير، "الحكمة من مشروعية الطلاق"، مجلة البحوث الإسلامية، المجلد 50، صفحة 329-330. بتصرّف.
- ↑ سورة النساء، آية:130
- ^ أ ب الشيخ محمد متولي الشعراوي، تفسير الشعراوي، صفحة 2694. بتصرّف.
- ↑ عبدالله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 91. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، موسوعة محاسن الإسلام ورد شبهات اللئام، صفحة 449. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 233. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:5276، صحيح.
- ^ أ ب حسن أبو الأشبال، دروس الشيخ حسن أبو الأشبال، صفحة 13. بتصرّف.