محتويات
- ١ قصيدة: إذا غامرت في شرف مروم
- ٢ قصيدة: أنا لائمي إن كنت وقت اللوائم
- ٣ قصيدة: بم التعلل لا أهل ولا وطن
- ٤ قصيدة: أمعفر اللَّيث الهزبر بسوطه
- ٥ قصيدة: ذكر الصبى ومراتع الآرام
- ٦ قصيدة: ملامي النوى في ظلمها غاية الظلم
- ٧ قصيدة: نرى عظما بالبين والصد أعظم
- ٨ قصيدة: ضيف ألم برأسي غير محتشم
- ٩ قصيدة: على قدر أهل العزم تأتي العزائم
- ١٠ قصيدة: وفاؤكما كالربع أشجاه طاسمه
- ١١ المراجع
قصيدة: إذا غامرت في شرف مروم
إِذا غامَرتَ في شَرَفٍ مَرومٍ
- فَلا تَقنَع بِما دونَ النُجومِ
فَطَعمُ المَوتِ في أَمرٍ صَغيرٍ
- كَطَعمِ المَوتِ في أَمرٍ عَظيمِ
سَتَبكي شَجوَها فَرَسي وَمُهري
- صَفائِحُ دَمعُها ماءُ الجُسومِ
قَرَبنَ النارَ ثُمَّ نَشَأنَ فيها
- كَما نَشَأَ العَذارى في النَعيمِ
وَفارَقنَ الصياقل مُخلَصاتٍ
- وَأَيديها كَثيراتُ الكُلومِ
يَرى الجُبَناءُ أَنَّ العَجزَ عَقلٌ
- وَتِلكَ خَديعَةُ الطَبعِ اللَئيمِ
وَكُلُّ شَجاعَةٍ في المَرءِ تُغني
- وَلا مِثلَ الشَجاعَةِ في الحَكيمِ
وَكَم مِن عائِبٍ قَولاً صَحيحاً
- وآفتهُ مِنَ الفَهمِ السَقيمِ
وَلَكِن تَأخُذُ الآذانُ مِنهُ
- عَلى قَدرِ القرائح وَالعُلومِ[١]
قصيدة: أنا لائمي إن كنت وقت اللوائم
أَنا لائِمي إِن كُنتُ وَقتَ اللَوائِمِ
- عَلِمتُ بِما بي بَينَ تِلكَ المَعالِمِ
وَلَكِنَّني مِمّا شُدهت مُتَيَّمٌ
- كَسال وَقَلبي بائِحٌ مِثلُ كاتِمِ
وَقَفنا كَأَنّا كُلُّ وَجدِ قُلوبِنا
- تَمَكَّنَ مِن أَذوادِنا في القَوائِمِ
وَدُسنا بِأَخفافِ المَطِيِّ تُرابَها
- فَلا زِلتُ أَستَشفي بِلَثمِ المَناسِمِ
دِيارُ اللَواتي دارُهُنَّ عَزيزَةٌ
- بِطولِ القَنا يُحفَظنَ لا بِالتَمائِمِ
حِسانُ التَثَنّي يَنقُشُ الوَشيُ مِثلَهُ
- إِذا مِسنَ في أَجسامِهِنَّ النَواعِمِ
وَيَبسِمنَ عَن دُرٍّ تَقَلَّدنَ مِثلَهُ
- كَأَنَّ التَراقي وُشِّحَت بِالمَباسِمِ
فَمالي وَلِلدُنيا طِلابي نُجومُها
- وَمَسعايَ مِنها في شُدوقِ الأراقم
مِنَ الحِلمِ أَن تَستَعمِلَ الجَهلَ دونَهُ
- إِذا اِتَّسَعَت في الحِلمِ طُرقُ المَظالِمِ
وَأَن تَرِدَ الماءَ الَّذي شَطرُهُ دَمٌ
- فَتُسقى إِذا لَم يُسقَ مَن لَم يُزاحِمِ
وَمَن عَرَفَ الأَيّامَ مَعرِفَتي بِها
- وَبِالناسِ رَوّى رُمحَهُ غَيرَ راحِمِ
فَلَيسَ بِمَرحومٍ إِذا ظَفِروا بِهِ
- وَلا في الرَدى الجاري عَلَيهِم بِآثِمِ
إِذا صُلتُ لَم أَترُك مَصالاً لِصائِلٍ
- وَإِن قُلتُ لَم أَترُك مَقالاً لِعالِمِ
وَإِلّا فَخانَتني القَوافي وَعاقَني
- عَنِ اِبنِ عُبَيدِ اللَهِ ضُعفُ العَزائِمِ
عَنِ المُقتَني بَذلَ التَلادِ تِلادَهُ
- وَمُجتَنِبِ البُخلِ اِجتِنابَ المَحارِمِ
تَمَنّى أَعاديهِ مَحَلَّ عُفاتِهِ
- وَتَحسُدُ كَفَّيهِ ثِقالُ الغَمائِمِ
وَلا يَتَلَقّى الحَربَ إِلّا بِمُهجَةٍ
- مُعَظَّمَةٍ مَذخورَةٍ لِلعَظائِمِ
وَذي لَجَبٍ لاذو الجَناحِ أَمامَهُ
- بِناجٍ وَلا الوَحشُ المُثارُ بِسالِمِ
تَمُرُّ عَلَيهِ الشَمسُ وَهيَ ضَعيفَةٌ
- تُطالِعُهُ مِن بَينِ ريشِ القَشاعِمِ
إِذا ضَوؤُها لاقى مِنَ الطَيرِ فُرجَةً
- تَدَوَّرَ فَوقَ البَيضِ مِثلَ الدَراهِمِ
وَيَخفى عَلَيكَ البَرقُ وَالرَعدُ فَوقَهُ
- مِنَ اللَمعِ في حافاتِهِ وَالهَماهِمِ
أَرى دونَ ما بَينَ الفُراتِ وَبَرقَةٍ
- ضِراباً يُمَشّي الخَيلَ فَوقَ الجَماجِمِ
وَطَعنَ غَطاريفٍ كَأَنَّ أَكُفَّهُم
- عَرَفنَ الرُدَينِيّاتِ قَبلَ المَعاصِمِ
حَمَتهُ عَلى الأَعداءِ مِن كُلِّ جانِبٍ
- سُيوفُ بَني طُغجِ بنِ جُفِّ القَماقِمِ
هُمُ المُحسِنونَ الكَرَّ في حَومَةِ الوَغى
- وَأَحسَنُ مِنهُ كَرُّهُم في المَكارِمِ
وَهُم يُحسِنونَ العَفوَ عَن كُلِّ مُذنِبٍ
- وَيَحتَمِلونَ الغُرمَ عَن كُلِّ غارِمِ
حَيِيّونَ إِلّا أَنَّهُم في نِزالِهِم
- أَقَلُّ حَياءً مِن شِفارِ الصَوارِمِ
وَلَولا اِحتِقارُ الأُسدِ شَبَّهتُها بِهِم
- وَلَكِنَّها مَعدودَةٌ في البَهائِمِ
سَرى النَومُ عَنّي في سُرايَ إِلى الَّذي
- صَنائِعُهُ تَسري إِلى كُلِّ نائِمِ
إِلى مُطلِقِ الأَسرى وَمُختَرِمِ العِدا
- وَمُشكي ذَوي الشَكوى وَرَغمِ المُراغِمِ
كَريمٌ نَفَضتُ الناسَ لَمّا بَلَغتُهُ
- كَأَنَّهُمُ ما جَفَّ مِن زادِ قادِمِ
وَكادَ سُروري لا يَفي بِنَدامَتي
- عَلى تَركِهِ في عُمرِيَ المُتَقادِمِ
وَفارَقتُ شَرَّ الأَرضِ أَهلاً وَتُربَةً
- بِها عَلَوِيٌّ جَدُّهُ غَيرُ هاشِمِ
بَلى اللَهُ حُسّادَ الأَميرِ بِحِلمِهِ
- وَأَجلَسَهُ مِنهُم مَكانَ العَمائِمِ
فَإِنَّ لَهُم في سُرعَةِ المَوتِ راحَةً
- وَإِنَّ لَهُم في العَيشِ حَزَّ الغَلاصِمِ
كَأَنَّكَ ما جاوَدتَ مَن بانَ جودُهُ
- عَلَيكَ وَلا قاتَلتَ مَن لَم تُقاوِمِ[٢]
قصيدة: بم التعلل لا أهل ولا وطن
بِمَ التَعَلُّلُ لا أَهلٌ وَلا وَطَنُ
- وَلا نَديمٌ وَلا كَأسٌ وَلا سَكَنُ
أُريدُ مِن زَمَني ذا أَن يُبَلِّغَني
- ما لَيسَ يَبلُغُهُ مِن نَفسِهِ الزَمَنُ
لا تَلقَ دَهرَكَ إِلّا غَيرَ مُكتَرِثٍ
- مادامَ يَصحَبُ فيهِ روحَكَ البَدَنُ
فَما يَدومُ سُرورٌ ما سُرِرتَ بِهِ
- وَلا يَرُدُّ عَلَيكَ الفائِتَ الحَزَنُ
مِمّا أَضَرَّ بِأَهلِ العِشقِ أَنَّهُمُ
- هَوُوا وَما عَرَفوا الدُنيا وَما فَطِنوا
تَفنى عُيونُهُمُ دَمعاً وَأَنفُسُهُم
- في إِثرِ كُلِّ قَبيحٍ وَجهُهُ حَسَنُ
تَحَمَّلوا حَمَلَتكُم كُلُّ ناجِيَةٍ
- فَكُلُّ بَينٍ عَلَيَّ اليَومَ مُؤتَمَنُ
ما في هَوادِجِكُم مِن مُهجَتي عِوَضٌ
- إِن مُتُّ شَوقاً وَلا فيها لَها ثَمَنُ
يا مَن نُعيتُ عَلى بُعدٍ بِمَجلِسِهِ
- كُلٌّ بِما زَعَمَ الناعونَ مُرتَهَنُ
كَم قَد قُتِلتُ وَكَم قَد مُتُّ عِندَكُمُ
- ثُمَّ اِنتَفَضتُ فَزالَ القَبرُ وَالكَفَنُ
قَد كانَ شاهَدَ دَفني قَبلَ قَولِهِمِ
- جَماعَةٌ ثُمَّ ماتوا قَبلَ مَن دَفَنوا
ما كُلُّ ما يَتَمَنّى المَرءُ يُدرِكُهُ
- تَجري الرِياحُ بِما لا تَشتَهي السُفُنُ
رَأَيتُكُم لا يَصونُ العِرضَ جارُكُمُ
- وَلا يَدِرُّ عَلى مَرعاكُمُ اللَبَنُ
جَزاءُ كُلِّ قَريبٍ مِنكُمُ مَلَلٌ
- وَحَظُّ كُلِّ مُحِبٍّ مِنكُمُ ضغن
وَتَغضَبونَ عَلى مَن نالَ رِفدَكُمُ
- حَتّى يُعاقِبَهُ التَنغيصُ وَالمِنَنُ
فَغادَرَ الهَجرُ ما بَيني وَبَينَكُمُ
- يَهماءَ تَكذِبُ فيها العَينُ وَالأُذُنُ
تَحبو الرَواسِمُ مِن بَعدِ الرَسيمِ بِها
- وَتَسأَلُ الأَرضَ عَن أَخفافِها الثَفِنُ
إِنّي أُصاحِبُ حِلمي وَهوَ بي كَرَمٌ
- وَلا أُصاحِبُ حِلمي وَهوَ بي جُبُنُ
وَلا أُقيمُ عَلى مالٍ أَذِلُّ بِهِ
- وَلا أَلَذُّ بِما عِرضي بِهِ دَرِنُ
سَهِرتُ بَعدَ رَحيلي وَحشَةً لَكُمُ
- ثُمَّ اِستَمَرَّ مَريري وَاِرعَوى الوَسَنُ
وَإِن بُليتُ بِوُدٍّ مِثلِ وُدِّكُمُ
- فَإِنَّني بِفِراقٍ مِثلِهِ قَمِنُ
أَبلى الأَجِلَّةَ مُهري عِندَ غَيرِكُمُ
- وَبُدِّلَ العُذرُ بِالفُسطاطِ وَالرَسَنُ
عِندَ الهُمامِ أَبي المِسكِ الَّذي غَرِقَت
- في جودِهِ مُضَرُ الحَمراءِ وَاليَمَنُ
وَإِن تَأَخَّرَ عَنّي بَعضُ مَوعِدِهِ
- فَما تَأَخَّرُ آمالي وَلا تَهِنُ
هُوَ الوَفِيُّ وَلَكِنّي ذَكَرتُ لَهُ
- مَوَدَّةً فَهوَ يَبلوها وَيَمتَحِنُ[٣]
قصيدة: أمعفر اللَّيث الهزبر بسوطه
أَمُعَفِّرَ اللَّيثِ الهِزَبرِ بِسَوطِهِ
- لِمَنِ اِدَّخَرتَ الصّارِمَ المَصقولا
وَقَعَت عَلى الأُردُنِّ مِنهُ بَلِيَّةٌ
- نُضِدَت بِها هامُ الرِفاقِ تُلولا
وَردٌ إِذا وَرَدَ البُحَيرَةَ شارِباً
- وَرَدَ الفُراتَ زَئيرُهُ وَالنّيلا
مُتَخَضِّبٌ بِدَمِ الفَوارِسِ لابِسٌ
- في غيلِهِ مِن لِبدَتَيهِ غيلا
ما قوبِلَت عَيناهُ إِلّا ظُنَّتا
- تَحتَ الدُّجى نارَ الفَريقِ حُلولا
في وَحدَةِ الرُّهبانِ إِلّا أَنَّهُ
- لا يَعرِفُ التَّحريمَ وَالتَّحليلا
يَطَءُ الثَّرى مُتَرَفِّقاً مِن تيهِهِ
- فَكَأَنَّهُ آسٍ يَجُسُّ عَليلا
وَيَرُدُّ عُفرَتَهُ إِلى يافوخِهِ
- حَتّى تَصيرَ لِرَأسِهِ إِكليلا
وَتَظُنُّهُ مِمّا يُزَمجِرُ نَفسُهُ
- عَنها لِشِدَّةِ غَيظِهِ مَشغولا
قَصَرَت مَخافَتُهُ الخُطى فَكَأَنَّما
- رَكِبَ الكَمِيُّ جَوادَهُ مَشكولا
أَلقى فَريسَتَهُ وَبَربَرَ دونَها
- وَقَرُبتَ قُرباً خالَهُ تَطفيلا
فَتَشابَهُ الخُلُقانِ في إِقدامِهِ
- وَتَخالَفا في بَذلِكَ المَأكولا
أَسَدٌ يَرى عُضوَيهِ فيكَ كِلَيهِما
- مَتناً أَزَلَّ وَساعِداً مَفتولا
في سَرجِ ظامِئَةِ الفُصوصِ طِمِرَّةٍ
- يَأبى تَفَرُّدُها لَها التَمثيلا
نَيّالَةِ الطَلَباتِ لَولا أَنَّها
- تُعطي مَكانَ لِجامِها ما نيلا
تَندى سَوالِفُها إِذا اِستَحضَرتَها
- وَيُظَنَّ عَقدُ عِنانِها مَحلولا
ما زالَ يَجمَعُ نَفسَهُ في زَورِهِ
- حَتّى حَسِبتَ العَرضَ مِنهُ الطّولا
وَيَدُقُّ بِالصَدرِ الحِجارَ كَأَنَّهُ
- يَبغي إِلى ما في الحَضيضِ سَبيلا
وَكَأَنَّهُ غَرَّتهُ عَينٌ فَاِدَّنى
- لا يُبصِرُ الخَطبَ الجَليلَ جَليلا
أَنَفُ الكَريمِ مِنَ الدَنِيَّةِ تارِكٌ
- في عَينِهِ العَدَدَ الكَثيرَ قَليلا
وَالعارُ مَضّاضٌ وَلَيسَ بِخائِفٍ
- مِن حَتفِهِ مَن خافَ مِمّا قيلا
سَبَقَ اِلتِقاءَكَهُ بِوَثبَةِ هاجِمٍ
- لَو لَم تُصادِمُهُ لَجازَكَ ميلا
خَذَلَتهُ قُوَّتُهُ وَقَد كافَحتَهُ
- فَاِستَنصَرَ التَّسليمَ وَالتَّجديلا
قَبَضَت مَنِيَّتُهُ يَدَيهِ وَعُنقَهُ
- فَكَأَنَّما صادَفتَهُ مَغلولا
سَمِعَ اِبنُ عَمَّتِهي بِهِ وَبِحالِهِ
- فَنَجا يُهَروِلُ مِنكَ أَمسِ مَهولا
وَأَمَرُّ مِمّا فَرَّ مِنهُ فِرارُهُ
- وَكَقَتلِهِ أَن لا يَموتَ قَتيلا
تَلَفُ الَّذي اِتَّخَذَ الجَراءَةَ خُلَّةً
- وَعَظَ الَّذي اِتَّخَذَ الفِرارَ خَليلا
لَو كانَ عِلمُكَ بِالإِلَهِ مُقَسَّماً
- في الناسِ ما بَعَثَ الإِلَهُ رَسولا
لَو كانَ لَفظُكَ فيهِمِ ما أَنزَلَ الـ
- ـقُرآنَ وَالتَوراةَ وَالإِنجيلا
لَو كانَ ما تُعطِيهِمِ مِن قَبلِ أَن
- تُعطِيهِمِ لَم يَعرِفوا التَأميلا
فَلَقَد عُرِفتَ وَما عُرِفتَ حَقيقَةً
- وَلَقَد جُهِلتَ وَما جُهِلتَ خُمولا
نَطَقَت بِسُؤدُدِكَ الحَمامُ تَغَنِّياً
- وَبِما تُجَشِّمُها الجِيادُ صَهيلا
ما كُلُّ مَن طَلَبَ المَعالِيَ نافِذاً
- فيها وَلا كُلُّ الرِّجالِ فُحولا
قصيدة: ذكر الصبى ومراتع الآرام
ذِكرُ الصِبى وَمَراتِعِ الآرامِ
- جَلَبَت حِمامي قَبلَ وَقتِ حِمامي
دِمَنٌ تَكاثَرَتِ الهُمومُ عَلَيَّ في
- عَرَصاتِها كَتَكاثُرِ اللُوّامِ
فَكَأَنَّ كُلَّ سَحابَةٍ وَكَفَت بِها
- تَبكي بِعَينَي عُروَةَ اِبنِ حِزامِ
وَلَطالَما أَفنَيتُ ريقَ كَعابِها
- فيها وَأَفنَت بِالعِتابِ كَلامي
قَد كُنتَ تَهزَءُ بِالفِراقِ مَجانَةً
- وَتَجُرُّ ذَيلَي شِرَّةٍ وَعُرامِ
لَيسَ القِبابُ عَلى الرِكابِ وَإِنَّما
- هُنَّ الحَياةُ تَرَحَّلَت بِسَلامِ
لَيتَ الَّذي خَلَقَ النَوى جَعَلَ الحَصى
- لِخِفافِهِنَّ مَفاصِلي وَعِظامي
مُتَلاحِظَينِ نَسُحُّ ماءَ شُؤونِنا
- حَذَراً مِنَ الرُقَباءِ في الأَكمامِ
أَرواحُنا اِنهَمَلَت وَعِشنا بَعدَها
- مِن بَعدِ ما قَطَرَت عَلى الأَقدامِ
لَو كُنَّ يَومَ جَرَينَ كُنَّ كَصَبرِنا
- عِندَ الرَحيلِ لَكُنَّ غَيرَ سِجامِ
لَم يَترُكوا لي صاحِباً إِلّا الأَسى
- وَذَميلَ دِعبِلَةٍ كَفَحلِ نَعامِ
وَتَعَذُّرُ الأَحرارِ صَيَّرَ ظَهرَها
- إِلّا إِلَيكَ عَلَيَّ فَرجَ حَرامِ
أَنتَ الغَريبَةُ في زَمانٍ أَهلُهُ
- وُلِدَت مَكارِمُهُم لِغَيرِ تَمامِ
أَكثَرتَ مِن بَذلِ النَوالِ وَلَم تَزَل
- عَلَماً عَلى الإِفضالِ وَالإِنعامِ
صَغَّرتَ كُلَّ كَبيرَةٍ وَكَبُرتَ عَن
- لَكَأَنَّهُ وَعَدَدتَ سِنَّ غُلامِ
وَرَفَلتَ في حُلَلِ الثَناءِ وَإِنَّما
- عَدَمُ الثَناءِ نِهايَةُ الإِعدامِ
عَيبٌ عَلَيكَ تُرى بِسَيفٍ في الوَغى
- ما يَصنَعُ الصَمصامُ بِالصَمصامِ
إِن كانَ مِثلُكَ كانَ أَو هُوَ كائِنٌ
- فَبَرِئتُ حينَئذٍ مِنَ الإِسلامِ
مَلِكٌ زُهَت بِمَكانِهِ أَيّامُهُ
- حَتّى اِفتَخَرنَ بِهِ عَلى الأَيّامِ
وَتَخالُهُ سَلَبَ الوَرى أَحلامَهُم
- مِن حِلمِهِ فَهُمُ بِلا أَحلامِ
وَإِذا اِمتَحَنتَ تَكَشَّفَت عَزَماتُهُ
- عَن أَوحَدِيِّ النَقضِ وَالإِبرامِ
وَإِذا سَأَلتَ بَنانَهُ عَن نَيلِهِ
- لَم يَرضَ بِالدُنيا قَضاءَ ذِمامِ
مَهلاً أَلا لِلَّهِ ما صَنَعَ القَنا
- في عَمروُ حابِ وَضَبَّةَ الأَغتامِ
لَمّا تُحَكَّمَتِ الأَسِنَّةُ فيهِم
- جارَت وَهُنَّ يَجُرنَ في الأَحكامِ
فَتَرَكتَهُم خَلَلَ البُيوتِ كَأَنَّما
- غَضِبَت رُؤوسُهُمُ عَلى الأَجسامِ
أَحجارُ ناسٍ فَوقَ أَرضٍ مِن دَمٍ
- وَنُجومُ بَيضٍ في سَماءِ قَتامِ
وَذِراعُ كُلِّ أَبي فُلانٍ كُنيَةً
- حالَت فَصاحِبُها أَبو الأَيتامِ
عَهدي بِمَعرَكَةِ الأَميرِ وَخَيلُهُ
- في النَقعِ مُحجِمَةٌ عَنِ الإِحجامِ
يا سَيفَ دَولَةِ هاشِمٍ مَن رامَ أَن
- يَلقى مَنالَكَ رامَ غَيرَ مَرامِ
صَلّى الإِلَهُ عَلَيكَ غَيرَ مُوَدَّعٍ
- وَسَقى ثَرى أَبَوَيكَ صَوبَ غَمامِ
وَكَساكَ ثَوبَ مَهابَةٍ مِن عِندِهِ
- وَأَراكَ وَجهَ شَقيقِكَ القَمقامِ
فَلَقَد رَمى بَلَدَ العَدُوِّ بِنَفسِهِ
- في رَوقِ أَرعَنَ كَالغِطَمِّ لُهامِ
قَومٌ تَفَرَّسَتِ المَنايا فيكُمُ
- فَرَأَت لَكُم في الحَربِ صَبرَ كِرامِ
تَاللَهِ ما عَلِمَ اِمرُؤٌ لَولاكُمُ
- كَيفَ السَخاءُ وَكَيفَ ضَربَ الهامِ[٤]
قصيدة: ملامي النوى في ظلمها غاية الظلم
مَلامي النَوى في ظُلمِها غايَةُ الظُلمِ
- لَعَلَّ بِها مِثلَ الَّذي بي مِنَ السُقمِ
فَلَو لَم تَغَر لَم تَزوِ عَنّي لِقاءَكُم
- وَلَو لَم تُرِدكُم لَم تَكُن فيكُمُ خَصمي
أَمُنعِمَةٌ بِالعَودَةِ الظَبيَةُ الَّتي
- بِغَيرِ وَلِيٍّ كانَ نائِلَها الوَسمي
تَرَشَّفتُ فاها سُحرَةً فَكَأَنَّني
- تَرَشَّفتُ حَرَّ الوَجدِ مِن بارِدِ الظُلمِ
فَتاةٌ تَساوى عِقدُها وَكَلامُها
- وَمَبسِمُها الدُرِّيُّ في الحُسنِ وَالنَظمِ
وَنَكهَتَها وَالمَندَلِيُّ وَقَرقَفٌ
- مُعَتَّقَةٌ صَهباءُ في الريحِ وَالطَعمِ
جَفَتني كَأَنّي لَستُ أَنطَقَ قَومِها
- وَأَطعَنَهُم وَالشُهبُ في صورَةِ الدُهمِ
يُحاذِرُني حَتفي كَأَنِّيَ حَتفُهُ
- وَتَنكُزُني الأَفعى فَيَقتُلُها سُمّي
طِوالُ الرُدَينِيّاتِ يَقصِفُها دَمي
- وَبيضُ السُرَيجِيّاتِ يَقطَعُها لَحمي
بَرَتني السُرى بَريَ المُدى فَرَدَدنَني
- أَخَفُّ عَلى المَركوبِ مِن نَفَسي جِرمي
وَأَبصَرَ مِن زَرقاءِ جَوٍّ لِأَنَّني
- إِذا نَظَرَت عَينايَ ساواهُما عِلمي
كَأَنّي دَحَوتُ الأَرضَ مِن خِبرَتي بِها
- كَأَنّي بَنى الإِسكَندَرُ السَدَّ مِن عَزمي
لِأَلقى اِبنَ إِسحاقَ الَّذي دَقَّ فَهمُهُ
- فَأَبدَعَ حَتّى جَلَّ عَن دِقَّةِ الفَهمِ
وَأَسمَعَ مِن أَلفاظِهِ اللُغَةَ الَّتي
- يَلَذُّ بِها سَمعي وَلَو ضُمِّنَت شَتمي
يَمينُ بَني قَحطانَ رَأسُ قُضاعَةٍ
- وَعِرنينُها بَدرُ النُجومِ بَني فَهمِ
إِذا بَيَّتَ الأَعداءَ كانَ اِستِماعُهُم
- صَريرُ العَوالي قَبلَ قَعقَعَةِ اللُجمِ
مُذِلُّ الأَعِزّاءِ المُعِزُّ وَإِن يَئن
- بِهِ يُتمُهُم فَالموتِمُ الجابِرُ اليُتمِ
وَإِن تُمسِ داءً في القُلوبِ قَناتُهُ
- فَمُمسِكُها مِنهُ الشِفاءُ مِنَ العُدمِ
مُقَلَّدُ طاغي الشَفرَتَينِ مُحَكَّمٍ
- عَلى الهامِ إِلّا أَنَّهُ جائِرُ الحُكمِ
تَحَرَّجَ عَن حَقنِ الدِماءِ كَأَنَّهُ
- يَرى قَتلَ نَفسٍ تَركَ رَأسٍ عَلى جِسمِ
وَجَدنا اِبنَ إِسحاقَ الحُسَينِ كَجَدِّهِ
- عَلى كَثرَةِ القَتلى بَريئاً مِنَ الإِثمِ
مَعَ الحَزمِ حَتّى لَو تَعَمَّدَ تَركَهُ
- لَأَلحَقَهُ تَضيِيعُهُ الحَزمَ بِالحَزمِ
وَفي الحَربِ حَتّى لَو أَرادَ تَأَخُّراً
- لَأَخَّرَهُ الطَبعُ الكَريمُ إِلى القُدمِ
لَهُ رَحمَةٌ تُحيّ العِظامَ وَغَضبَةٌ
- بِها فَضلَةٌ لِلجُرمِ عَن صاحِبِ الجُرمِ
وَرِقَّةُ وَجهٍ لَو خَتَمتَ بِنَظرَةٍ
- عَلى وَجنَتَيهِ ما اِنمَحى أَثَرُ الخَتمِ
أَذاقَ الغَواني حُسنُهُ ما أَذَقنَني
- وَعَفَّ فَجازاهُنَّ عَنّي عَلى الصُرمِ
فِدىً مَن عَلى الغَبراءِ أَوَّلُهُم أَنا
- لِهَذا الأَبِيِّ الماجِدِ الجائِدِ القَرمِ
لَقَد حالَ بَينَ الجِنِّ وَالأَمنِ سَيفُهُ
- فَما الظَنُّ بَعدَ الجِنِّ بِالعُربِ وَالعُجمِ
وَأَرهَبَ حَتّى لَو تَأَمَّلَ دِرعَهُ
- جَرَت جَزَعاً مِن غَيرِ نارٍ وَلا فَحمِ
وَجادَ فَلَولا جودُهُ غَيرَ شارِبٍ
- لَقيلَ كَريمٌ هَيَّجَتهُ اِبنَةُ الكَرمِ
أَطَعناكَ طَوعَ الدَهرِ يا اِبنَ اِبنِ يوسُفٍ
- لِشَهوَتِنا وَالحاسِدو لَكَ بِالرُغمِ
وَثِقنا بِأَن تُعطي فَلَو لَم تَجُد لَنا
- لَخِلناكَ قَد أَعطَيتَ مِن قُوَّةِ الوَهمِ
دُعيتُ بِتَقريظيكَ في كُلِّ مَجلِسٍ
- وَظَنَّ الَّذي يَدعو ثَنائي عَلَيكَ اِسمي
وَأَطعَمتَني في نَيلِ مالا أَنالُهُ
- بِما نِلتُ حَتّى صِرتُ أَطمَعُ في النَجمِ
إِذا ما ضَرَبتَ القِرنَ ثُمَّ أَجَزتَني
- فَكِل ذَهَباً لي مَرَّةً مِنهُ بِالكَلمِ
أَبَت لَكَ ذَمّي نَخوَةٌ يَمَنِيَّةٌ
- وَنَفسٌ بِها في مَأزِقٍ أَبَداً تَرمي
فَكَم قائِلٍ لَو كانَ ذا الشَخصُ نَفسَهُ
- لَكانَ قَراهُ مَكمَنَ العَسكَرِ الدَهمِ
وَقائِلَةٍ وَالأَرضَ أَعني تَعَجُّباً
- عَلَيَّ اِمرُؤٌ يَمشي بِوَقري مِنَ الحِلمِ
عَظُمتَ فَلَمّا لَم تُكَلَّم مَهابَةً
- تَواضَعتَ وَهوَ العُظمُ عُظماً عَنِ العُظمِ[٥]
قصيدة: نرى عظما بالبين والصد أعظم
نَرى عِظَماً بِالبَينِ وَالصَدُّ أَعظَمُ
- وَنَتَّهِمُ الواشينَ وَالدَمعُ مِنهُمُ
وَمَن لُبُّهُ مَع غَيرِهِ كَيفَ حالُهُ
- وَمَن سِرُّهُ في جَفنِهِ كَيفَ يَكتُمُ
وَلَمّا اِلتَقَينا وَالنَوى وَرَقيبُنا
- غَفولانِ عَنّا ظِلتُ أَبكي وَتَبسِمُ
فَلَم أَرَ بَدراً ضاحِكاً قَبلَ وَجهِها
- وَلَم تَرَ قَبلي مَيِّتاً يَتَكَلَّمُ
ظَلومٌ كَمَتنَيها لِصَبٍّ كَخَصرِها
- ضَعيفِ القُوى مِن فِعلِها يَتَظَلَّمُ
بِفَرعٍ يُعيدُ اللَيلَ وَالصُبحُ نَيِّرٌ
- وَوَجهٍ يُعيدُ الصُبحَ وَاللَيلُ مُظلِمُ
فَلَو كانَ قَلبي دارَها كانَ خالِياً
- وَلَكِنَّ جَيشَ الشَوقِ فيهِ عَرَمرَمُ