احتقار الذات في الإسلام

كتابة:
احتقار الذات في الإسلام

نظرة الإسلام لمفهوم احتقار الذات

يقوم كثير من الناس بالتقليل من قدراتهم وإمكانياتهم إلى درجةٍ تصِلُ بهم إلى الإحباط والعجز واليأس، وفي هذه الأثناء يرضخ ويستسلم لواقعه الكئيب الذي قام بصنعه في مخيلته، وينتظر ما ستجلب له الأيام من أفكار سلبية أخرى، ولا يفكر أبداً في الجلوس مع نفسه بهدوء ليفكر ويضعُ أهدافاً له، ويسعى لتحقيقها في هذه الأيام، وقد جاء الدين الإسلامي ونهض بالأمة وجعلها أرقى الأمم، وقام بإزالة مفهوم الاحتقار للذات.[١]

وبعد أن كانت هذه الأُمة تأكل من خشائش الأرض، وكانت تتصفُ بالجهل، والمرض، والفقر، جاء الإسلام لإظهار العزة للأمة والنفس الإنسانية وقام بتكريم الإنسان والرفع من قدره، والقرآن الكريم بدوره رفع شأن هذه الأُمة حتى يشعر الإنسان بالعزة والقوة لأنّه ينتسب إلى مثل هذه الأمة، فالإنسان لا يقوم باحتقار نفسه وهو على علم بأنه ينتسب إلى الله -تعالى- الذي خلقه.[١]

قال -تعالى-: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّه)،[٢] جاءت هذه الآية الكريمة مبيّنة الفضل والمنزلة والعزة التي أعطاها ومنحها الله -تعالى- للأمة الإسلامية، وقال -تعالى-: (لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً)،[٣] وقال تعالى-: (وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمْ الأَعْلَوْنَ).[٤][١]

موقف الرسول من احتقار الذات

كان الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- يحرص دائماً بأن يكون الإنسان مستقلًا بفكره وشخصيته، وألا يُدخل الاحتقار في نفسه وذاته، وأن يعتز بنفسه ودينه وأهله، فعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (لا يَحقِرَنَّ أحَدُكم نَفْسَه أنْ يَرَى أمْرًا للهِ فيه مَقالٌ، فلا يَقولُ فيه، فيُقالُ له: ما منَعَكَ؟ فيقولُ: مَخافةُ النَّاسِ، فيقولُ: فإيَّايَ كُنتَ أحقَّ أنْ تَخافَ!).[٥][٦]

أسباب احتقار الذات

يعتبر احتقار الذات من الأمور الخطيرة التي يجب معرفة أسبابه للابتعاد والوقاية من الوقوع به، ومن أسباب احتقار الذات ما يأتي:[٧]

  • الابتعاد عن منهج الله -تعالى- وسنة نبيه -صلّى الله عليه وسلّم-

وهذا البعد يؤثر على الإنسان ويشعره بعبثية الحياة وفقدان شعور الحماس والأمل في تحقيق أهدافه، وينتهي باحتقار نفسه وعدم الشعور بالمسؤولية، لذا يجب على المسلم قراءة القرآن والاقتداء بسنة الرسول -صلى الله عليه وسلم- والتمسك بسيرته العطرة.

  • واقع الأمة وحالها وما تعانيه من ذل وانقسام

ممّا يؤثر ذلك على أفرادها وجعلهم يحتقرون أنفسهم وذواتهم، وذلك لما يشاهدونه من قوة أعدائهم، ولكن هذه ليست نهاية الطريق فمن يرجع إلى الله وإلى دينه يعزّه الله ويكرمه.

  • إنّ للتربية دورا مهمًا في هذا المقام

والتربية غير الصحيحة سواءً في الأسرة أو في المدرسة، أو في المجتمع، إذا كانت لا تؤهل الفرد وتهيّئه ليُعَبّر عن رأيه وموقفه وأن يقوم باختيار ما يراه مناسباً له، وتعلّمه عكس ذلك في عدم تحمل المسؤولية، فهذا يُنتج أفراداً مسلوبي الإرادة ومحتقرين لذاتهم ونفسهم.

المراجع

  1. ^ أ ب ت سعد البريك، دروس الشيخ سعد البريك، صفحة 15. بتصرّف.
  2. سورة آل عمران، آية:110
  3. سورة البقرة، آية:143
  4. سورة آل عمران، آية:139
  5. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج سير أعلام النبلاء، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:234، صحيح.
  6. سعد البريك، دروس الشيخ سعد البريك، صفحة 15. بتصرّف.
  7. مجموعة من المؤلفين، مجلة البيان، صفحة 7. بتصرّف.
4718 مشاهدة
للأعلى للسفل
×