محتويات
قصيدة: لعينيك ما يلقى الفؤاد وما لقي
قال المتنبي:
لِعَينَيكِ ما يَلقى الفُؤادُ وَما لَقي
- وَلِلحُبِّ ما لم يَبقَ مِنّي وَما بَقي
وَما كُنتُ مِمَّن يَدخُلُ العِشقُ قَلبَهُ
- وَلَكِنَّ مَن يُبصِر جُفونَكِ يَعشَقِ
وَبَينَ الرِضا وَالسُخطِ وَالقُربِ وَالنَوى
- مَجالٌ لِدَمعِ المُقلَةِ المُتَرَقرِقِ
وَأَحلى الهَوى ما شَكَّ في الوَصلِ رَبُّهُ
- وَفي الهَجرِ فَهوَ الدَهرَ يُرجو وَيُتَّقي
وَغَضبى مِنَ الإِدلالِ سَكرى مِنَ الصِبا
- شَفَعتُ إِلَيها مِن شَبابي بِرَيِّقِ
وَأَشنَبَ مَعسولِ الثَنِيّاتِ واضِحٍ
- سَتَرتُ فَمي عَنهُ فَقَبَّلَ مَفرِقي
وَأَجيادِ غِزلانٍ كَجيدِكِ زُرنَني
- فَلَم أَتَبَيَّن عاطِلًا مِن مُطَوَّقِ
وَما كُلُّ مَن يَهوى يَعِفُّ إِذا خَلا
- عَفافي وَيُرضي الحِبَّ وَالخَيلُ تَلتَقي
سَقى اللَهُ أَيّامَ الصِبا ما يَسُرُّها
- وَيَفعَلُ فِعلَ البابِلِيِّ المُعَتَّقِ
إِذا ما لَبِستَ الدَهرَ مُستَمتِعًا بِهِ
- تَخَرَّقتَ وَالمَلبوسُ لَم يَتَخَرَّقِ
وَلَم أَرَ كَالأَلحاظِ يَومَ رَحيلِهِم
- بَعَثنَ بِكُلِّ القَتلِ مِن كُلِّ مُشفِقِ
أَدَرنَ عُيونًا حائِراتٍ كَأَنَّها
- مُرَكَّبَةٌ أَحداقُها فَوقَ زِئبَقٍ
عَشِيَّةَ يَعدونا عَنِ النَظَرِ البُكا
- وَعَن لَذَّةِ التَوديعِ خَوفُ التَفَرُّقِ
نُوَدِّعُهُم وَالبَينُ فينا كَأَنَّهُ
- قَنا اِبنِ أَبي الهَيجاءِ في قَلبِ فَيلَقِ
قَواضٍ مَواضٍ نَسجُ داوُودَ عِندَها
- إِذا وَقَعَت فيهِ كَنَسجِ الخَدَرنَقِ
هَوادٍ لِأَملاكِ الجُيوشِ كَأَنَّها
- تَخَيَّرُ أَرواحَ الكُماةِ وَتَنتَقي
تَقُدُّ عَلَيهِم كُلَّ دِرعٍ وَجَوشَنٍ
- وَتَفري إِلَيهِم كُلَّ سورٍ وَخَندَقِ
يُغيرُ بِها بَينَ اللُقانِ وَواسِطٍ
- وَيُركِزُها بَينَ الفُراتِ وَجِلِّقِ
وَيُرجِعُها حُمرًا كَأَنَّ صَحيحَها
- يُبَكّي دَمًا مِن رَحمَةِ المُتَدَقِّقِ
فَلا تُبلِغاهُ ما أَقولُ فَإِنَّهُ
- شُجاعٌ مَتى يُذكَر لَهُ الطَعنُ يَشتَقِ
ضَروبٌ بِأَطرافِ السُيوفِ بَنانُهُ
- لَعوبٌ بِأَطرافِ الكَلامِ المُشَقَّقِ
كَسائِلِهِ مَن يَسأَلُ الغَيثَ قَطرَةً
- كَعاذِلِهِ مَن قالَ لِلفَلَكِ اِرفُقِ
لَقَد جُدتَ حَتّى جُدتَ في كُلِّ مِلَّةٍ
- وَحَتّى أَتاكَ الحَمدُ مِن كُلِّ مَنطِقِ
رَأى مَلِكُ الرومِ اِرتِياحَكَ لِلنَدى
- فَقامَ مَقامَ المُجتَدي المُتَمَلِّقِ
وَخَلّى الرِماحَ السَمهَرِيَّةَ صاغِرًا
- لِأَدرَبَ مِنهُ بِالطِعانِ وَأَحذَقِ
وَكاتَبَ مِن أَرضٍ بَعيدٍ مَرامُها
- قَريبٍ عَلى خَيلٍ حَوالَيكَ سُبَّقِ
وَقَد سارَ في مَسراكَ مِنها رَسولُهُ
- فَما سارَ إِلّا فَوقَ هامٍ مُفَلَّقِ
فَلَمّا دَنا أَخفى عَلَيهِ مَكانَهُ
- شُعاعُ الحَديدِ البارِقِ المُتَأَلِّقِ
وَأَقبَلَ يَمشي في البِساطِ فَما دَرى
- إِلى البَحرِ يَمشي أَم إِلى البَدرِ يَرتَقي
وَلَم يَثنِكَ الأَعداءُ عَن مُهَجاتِهِم
- بِمِثلِ خُضوعٍ في كَلامٍ مُنَمَّقِ
وَكُنتَ إِذا كاتَبتَهُ قَبلَ هَذِهِ
- كَتَبتَ إِلَيهِ في قَذالِ الدُمُستُقِ
فَإِن تُعطِهِ مِنكَ الأَمانَ فَسائِلٌ
- وَإِن تُعطِهِ حَدَّ الحُسامِ فَأَخلِقِ
وَهَل تَرَكَ البيضُ الصَوارِمُ مِنهُمُ
- أَسيرًا لِفادٍ أَو رَقيقاً لِمُعتِقِ
لَقَد وَرَدوا وِردَ القَطا شَفَراتِها
- وَمَرّوا عَلَيها زَردَقاً بَعدَ زَردَقِ
بَلَغتُ بِسَيفِ الدَولَةِ النورِ رُتبَةً
- أَثَرتُ بِها ما بين غَربٍ وَمَشرِقِ
إِذا شاءَ أَن يَلهو بِلِحيَةِ أَحمَقٍ
- أَراهُ غُباري ثُمَّ قالَ لَهُ اِلحَقِ
وَما كَمَدُ الحُسّادِ شَيئاً قَصَدتُهُ
- وَلَكِنَّهُ مَن يَزحَمِ البَحرَ يَغرَقِ
وَيَمتَحِنُ الناسَ الأَميرُ بِرَأيِهِ
- وَيُغضي عَلى عِلمٍ بِكُلِّ مُمَخرِقِ
وَإِطراقُ طَرفِ العَينِ لَيسَ بِنافِعٍ
- إِذا كانَ طَرفُ القَلبِ لَيسَ بِمُطرِقِ
فَيا أَيُّها المَطلوبُ جاوِرهُ تَمتَنِع
- وَيا أَيُّها المَحرومُ يَمِّمهُ تُرزَقِ
وَيا أَجبَنَ الفُرسانِ صاحِبهُ تَجتَرِئ
- وَيا أَشجَعَ الشُجعانِ فارِقهُ تَفرَقِ
إِذا سَعَتِ الأَعداءُ في كَيدِ مَجدِهِ
- سَعى جَدُّهُ في كَيدِهِم سَعيَ مُحنَقِ
وَما يَنصُرُ الفَضلُ المُبينُ عَلى العِدا
- إِذا لَم يَكُن فَضلَ السَعيدِ المُوَفَّقِ
قصيدة: لا حب إلا للحبيب الأول
قال صفي الدين الحلي:
لا حُبَّ إِلّا لِلحَبيبِ الأَوَّلِ
- فَاِصرِف هَواكَ عَنِ الحَبيبِ الأَوَّلِ
وَدَعِ العَتيقَ فَلِلجَديدِ حَلاوَةٌ
- تُنسيكَ ماضي العَيشِ بِالمُستَقبَلِ
أَعلى المَراتِبِ في الحِسابِ أَخيرُها
- فَقِسِ المِلاحَ عَلى حِسابِ الجُمَّلِ
أَتَشُكُّ في أَنَّ النَبِيَّ مُحَمَّدًا
- خَيرُ البَرِيَةِ وَهوَ آخِرُ مُرسَلِ
قصيدة: زدني بفرط الحب فيك تحيرا
قال ابن الفارض:
زِدْني بفَرْطِ الحُبّ فيك تَحَيّرا
- وارْحَمْ حشىً بلَظَى هواكَ تسعّرا
وإذا سألُتكَ أن أراكَ حقيقةً
- فاسمَحْ ولا تجعلْ جوابي لن تَرى
يا قلبُ أنتَ وعدَتني في حُبّهمْ
- صَبرًا فحاذرْ أن تَضِيقَ وتَضجرا
إنَّ الغرامَ هوَ الحياةُ فمُتْ بِهِ
- صَبّاً فحقّك أن تَموتَ وتُعذرا
قُل لِلّذِينَ تقدَّموا قَبلي ومَن
- بَعدي ومَن أضحى لأشجاني يَرَى
عني خذوا وبي اقْتدوا وليَ اسمعوا
- وتحدّثوا بصَبابتي بَينَ الوَرى
ولقد خَلَوْتُ مع الحَبيب وبَيْنَنَا
- سِرٌّ أرَقّ منَ النسيمِ إذا سرى
وأباحَ طَرْفِي نَظْرْةً أمّلْتُها
- فَغَدَوْتُ معروفًا وكُنْتُ مُنَكَّرا
فَدُهِشْتُ بينَ جمالِهِ وجَلالِهِ
- وغدا لسانُ الحال عنّي مُخْبِرا
فأَدِرْ لِحَاظَكَ في محاسنِ وجْهه
- تَلْقَى جميعَ الحُسْنِ فيه مُصَوَّرا
لو أنّ كُلّ الحُسْنِ يكمُلُ صُورةً
- ورآهُ كان مُهَلِّلاً ومُكَبِّرا
قصيدة: ما بال قلبك يا مجنون قد خلعا
قال قيس بن الملوح:
ما بالُ قَلبِكَ يا مَجنونُ قَد خُلِعا
- في حُبِ مَن لا تَرى في نَيلِهِ طَمَعا
الحُبُّ وَالوُدُّ نِيطا بِالفُؤادِ لَها
- فَأَصبَحا في فُؤادي ثابِتَينِ مَعا
طوبى لِمَن أَنتِ في الدُنيا قَرينَتُهُ
- لَقَد نَفى اللَهُ عَنهُ الهَمَّ وَالجَزَعا
بَل ما قَرَأتُ كِتابًا مِنكِ يَبلُغُني
- إِلّا تَرَقرَقَ ماءُ العَينِ أَو دَمَعا
أَدعو إِلى هَجرِها قَلبي فَيَتبَعُني
- حَتّى إِذا قُلتُ هَذا صادِقٌ نَزَعا
لا أَستَطيعُ نُزوعًا عَن مَوَدَّتِها
- وَيَصنَعُ الحُبُّ بي فَوقَ الَّذي صَنَعا
كَم مِن دَنيءٍ لَها قَد كُنتُ أَتبَعُهُ
- وَلَو صَحا القَلبُ عَنها كانَ لي تَبَعا
وَزادَني كَلَفًا في الحُبِّ أَن مُنِعَت
- أَحَبُّ شَيءٍ إِلى الإِنسانِ ما مُنِعا
اِقرَ السَلامَ عَلى لَيلى وَحَقَّ لَها
- مِنّي التَحيَّةُ إِنَّ المَوتَ قَد نَزَعا
أَماتَ أَم هُوَ حَيٌّ في البِلادِ فَقَد
- قَلَّ العَزاءُ وَأَبدى القَلبُ ما جَزِعا