ازدهار الدولة المغربية المرابطون والموحدون

كتابة:
ازدهار الدولة المغربية المرابطون والموحدون

تاريخ المغرب القديم

كانت الأراضي المغربية مهدًا للكثير من الحضارات، منها ما هي قبل التاريخ، ومنها ما هي بعد الميلاد، ففي العصر الحجري القديم، عرفت الحضارة الآشولية، وفي العصر الحجري الأوسط، عرفت الحضارة الموستيرية، والحضارة العاتيرية، وفي العصر الحجري الأعلى وجدت الحضارة الإيبروموريزية، وأهم المواقع التي تخلد هذه الفترة توجد مغارة "تافوغالت" والتي تقع في نواحي مدينة وجدة، وأما عصر المعادن، فيرجع هذا العصر إلى حوالي 3000 سنة ق.م وأهم مميزاته استعمال معدن النحاس ثم البرونز، وأهم خصائصه ما يعرف بالحضارة الجرسية ثم حضارة عصر البرونز، وسيذكر لاحقًا تاريخ المغرب الإسلامي، وأهمه ازدهار الدولة المغربية المرابطون والموحدون.[١]

تاريخ المغرب الإسلامي

دخل المغرب العربي في الإسلام بعد فترة من الفتح امتدت نحو سبعين سنة، فقد بدأ الفتح منذ سنة 23هـ، واستمر حتى عام 90 هـ فهو بهذا يعدّ أطول فتح إسلامي في التاريخ، وبعد حركة فتح بلاد المغرب، انصهر المغاربة مع المسلمين، وامتزجت ثقافاتهم، وظهرت أثناء فترة التاريخ الإسلامي في المغرب عدة مدن، بناها القادة والأمراء، ففي القرن الثاني الهجري الذي أعقب فترة الفتح مباشرة تألقت مدن مغربية كثيرة، كان من أبرزها مدينة تاهرت عاصمة بني رستم في الجزائر، والمهدية عاصمة الأغالبة في تونس، وفاس عاصمة الأدارسة في المغرب الأقصى، أما في القرن الرابع الهجري، ثم الخامس، فقد اتسعت دائرة المراكز الحضارية، وتألقت بعضها تألقًا باهرًا حتى أصبحت مدنًا شبه عالمية، وعلى رأس هذه المدن تقف القيروان عاصمة بني زيري، وبجاية عاصمة بني حماد، ومراكش عاصمة المرابطين، وفي تلك الفترات ومع امتزاج الحضارة المغربية بالعربية، غلبت اللغة العربية على ألسنة المغاربة، حتى أنهم أصبحوا يزاحمون العرب في لغتهم، ولاحقًا يذكر ازدهار الدولة المغربية المرابطون والموحدون.[٢]

فاتح المغرب عقبة بن نافع

هو عقبة بن نافع بن عبد القيس الفهري، ولد قبل الهجرة بسنة، وكان أبوه قد أسلم قديمًا، لذلك فقد ولد عقبة ونشأ في بيئة إسلامية خالصة، وهو صحابي بالمولد، لأنه ولد على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يمت بصلة قرابة للصحابي الجليل عمرو بن العاص من ناحية الأم، وقيل أنهما ابني خالة، برز اسم القائد والفاتح عقبة وهو في سن مبكرة، إذ إنه رافق والدَه في فاح مصر في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، بقيادة عمرو بن العاص -رضي الله عنه-، ولقد توسم فيه عمرو أنه سيكون له شأن كبير ودور في حركة الفتح الإسلامي على الجبهة الغربية، لذلك أسند إليه مهمة صعبة وهي قيادة دورية استطلاعية لدراسة إمكانية فتح الشمال الإفريقي، ولما تيقن من قوته وذكائه، أوكل إليه مَهمّة أخرى خطيرة، وهي فتح بلاد النوبة، فأبلى بلاء حسنًا، فأوعز إليه بمهمة أخرى، وهي تأمين الحدود الغربية والجنوبية لمصر ضد هجمات الروم وحلفائهم البربر.[٣]

فقاد عقبة كتيبة قتالية على أعلى مستوى قتالي للتصدي لأي هجوم مباغت على المسلمين، وتعاقبت عدة ولاة على مصر بعد عمرو بن العاص -رضي الله عنه- منهم عبد الله بن أبي السرح ومحمد بن أبي بكر ومعاوية بن حديج -رضي الله عنهم- وغيرهم، كلهم أقر عقبة بن نافع في منصبه كقائد لحامية برقة، وهذا ما يدل على رباطة جأشه! وبعد أحداث الفتنة التي أخرت عملية فتح المغرب، استقرت الأمور وأصبح معاوية -رضي الله عنه- خليفة للمسلمين، أصبح معاوية بن حديج واليًا على مصر، وكان أول قرار أخذه هو إرسال عقبة بن نافع إلى الشمال الإفريقي لبداية حملة جهادية قوية وجديدة لمواصلة الفتح الإسلامي الذي توقفت حركته أثناء الفتنة وذلك سنة 49 هجرية.[٣]

وتوسّعت فتوحاته في بلاد المغرب وبنى مدينة القيروان لإدراكه أهمية بناء مدينة في تلك البقاع، لتثبيت أقدام المسلمين والدعوة الإسلامية، ضرورة تكوين قاعدة حربية ثابتة في مواجهة التهديدات الرومية المتوقعة بعد فتح الشمال الإفريقي، أن تكون هذه المدينة دار عزة ومنعة للمسلمين الفاتحين، ذلك لأنهم تفرقوا في البلاد كحاميات على المدن المفتوحة، فرضي الله عن عقبة، إذ لم يكن مجرد فاتح وقائد فذ، وإنما كان صاحب نظرة استراتيجية، وسيذكر تاليًا ازدهار الدولة المغربية المرابطون والموحدون.[٣]

ازدهار الدولة المغربية المرابطون والموحدون

في التاريخ الإسلاميّ، ظهرت عدة دول وإمارات، منها من لم يظل عهدها، ومنها ما برز اسمها، لإنجازات حكامها، ومن الدول ذات الأثر في التاريخ الإسلامي، وبالذات، في المغرب والأندلس، دولة المرابطين، ودولة الموحدين، ويأتي اسم دولة المرابطين معنىً للقيام باتخاذ خيام على ثغور المسلمين لحمايتها والدفاع عنها، ومن هنا أطلق عليهم اسم المرابطين، ويُنسب المرابطون إلى قبيلة جدالة بموريتانيا، وهم سلالة بربرية أمازيغية حكمت في المغرب، موريتانيا، غرب الجزائر والأندلس ما بين أعوام 1056-1060 وحتى 1147م، تأثرت العمارة عند المرابطين بفنون العمارة الأندلسية، مع تأثيرات مشرقية، وأهم ما يميز العمارة في هذه الفترة جامع تلمسان و جامع القرويين بفاس، ومع ذلك، لم يهتم المرابطون بتشييد المعالم والصروح وما يخلد ذكرهم، بقدر اهتمامهم بتوسيع فتوحات الإسلام.[٤]

وبرز اسم المرابطين جيدًا عند استعانة المعتمد بن عباد ملك إشبيلية، أحد ملوك الطوائف، بأمير المرابطين، يوسف بن تاشفين، وذلك بعدما هدد ملك قشتالة "ألفونسو السادس" المعتمد باحتلال مملكته، فاستجاب ابن تاشفين، وعبر البحر، ووصل إلى أرض المعركة، في بلاد الأندلس، وهزم جيش القشتاليين شر هزيمة، وكانت تلك المعركة إحدى أهم ركائز التاريخ الأندلسي، وسميت باسم الزلاقة، وأما عن سقوط دولة المرابطين، فبدأ تاريخ المرابطين بالاضمحلال في عهد علي بن يوسف بن تاشفين، لأسباب، منها: انصراف علي بن يوسف عن شؤون الحكم إلى الزهد السلبي، ووقوعه تحت تأثير بعض الفقهاء ممن لا يحسنون السياسة، لم يعد للمتأخرين من المرابطين جيش يعوّل عليه في صد هجمات الغزاة، بل استسلم أفراده إلى ملذاتهم، وبلغ فسادهم حد قطع الطريق على المسافرين، وبعد ذلك قضت دولة الموحِّدين على البقية الباقية من دولتهم.[٤]

توسع دولة الموحدين وسقوطها

يصل تاريخ ازدهار الدولة المغربية المرابطون والموحدون إلى النهاية، فبعد أن حَكَمَ الموحدون المغرب، موريتانيا، غرب الجزائر والأندلس ما بين العامين 1130-1269م، أطلق عليهم تسمية "الموحدون" لكون أتباع هذه الطريقة كانوا يدعون إلى توحيد الله تعالى، وقد بلغت الدولة أوجها في عهد أبي يعقوب يوسف "1163-1184م" ثم أبي يوسف يعقوب المنصور "1184-1199م" مع بناء العديد من المدن الجديدة وتشجيع الثقافة والحياة الفكرية مما أثر في بروز المفكرَين الكبيرَين ابن رشد وابن طفيل، وقعت بعد ذلك معركة الأرك عام 1195م والتي انتصر فيها الموحدون على الملوك النصرانيين، وفي عهد الناصر "1199-1213م" تم القضاء على العديد من الثورات في إفريقيا، إلا أن الموحدين تلقوا هزيمة قاسية على يد النصرانيين في معركة حصن العقاب عام 1212م.[٥]

ولعل أشهر من حكم في دولة الموحدين، هو أولهم، عبد المؤمن بن علي، الذي حكم أربعًا وثلاثين سنة تعدّ من أزهى عصور المغرب، ورث عن ابن تومرت حركة ثائرة فحولها إلى دولة، ومد سلطانها حتى شملت المغرب كله وما بقي من الأندلس ووضع لها القواعد والنظم الإدارية التي تمكن من تسيير أمور الدولة وإدارة شؤونه، وتعتبر السنوات الخمس عشر التي حكمها أبو يوسف يعقوب المنصور ثالث الخلفاء الموحدين، العصر الذهبي للدولة الموحدية والذروة التي وصل إليها التطور السياسي في المغرب نحو التوحيد وإقامة الدولة الموحدية، ومع زيادة ضعف دولة الموحدين، وزيادة الثورات، حاول الناصر لدين الله الموحديّ إخمادها، ولكن تزامن مع ضعف المسلمين آنذاك، توحد النصارى وتماسكهم، ونقضوا المعاهدة التي أبرموها مع الموحدين، وبعد ذلك انتهت دولة الموحدين.[٥]

المراجع

  1. "تاريخ المغرب"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 11-09-2019. بتصرّف.
  2. "قصة قادة فتح المغرب العربي وصور من حضارة المغرب الإسلامية "، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 11-09-2019. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت "عقبة بن نافع .. فاتح بلاد المغرب "، www.islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 11-09-2019. بتصرّف.
  4. ^ أ ب "مرابطون"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 11-09-2019. بتصرّف.
  5. ^ أ ب "دولة الموحدين "، www.islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 11-09-2019.
5103 مشاهدة
للأعلى للسفل
×