استئصال الغدة الدرقية والحمل

كتابة:
استئصال الغدة الدرقية والحمل

الغدة الدرقية

الغدة الدرقية من أهم الغدد في جسم الإنسان؛ لأنّها المسؤولة عن تنظيم معظم العمليات الحيوية في الجسم، وتُعدّ غدّة صمّاء؛ أي تُفرِز هرموناتها في الدم مباشرة دون قناة، وتوجد في مقدمة الرقبة أسفل تفاحة آدم مباشرةً، وتأخذ شكل الفراشة، وتتكوّن من فصّين يوجدان على جانبَي القصبة الهوائية[١].


اضطرابات الغدة الدرقية

إنّ أيّ اضطرابٍ يصيب هذه الغدة يتطلّب العلاج الفوري؛ لأنّه يسبب ظهور العديد من الأعراض والمشاكل التي تصيب معظم الأعضاء والوظائف في الجسم، لكن بعد تشخيص الاضطراب والحصول على العلاج المناسب سواء للخمول أو فرط النشاط تختفي أو تقلّ هذه الأعراض كثيرًا، وينضبط أداء معظم وظائف الجسم. فقد تُصاب هذه الغدة بعدّة اضطراباتٍ تُقسَّم نوعين أساسيين؛ هما:[١]

  • خمول الغدة الدرقية؛ أي عدم قدرتها على إفراز الهرمونات بالكمية التي يحتاجها الجسم.
  • فرط نشاط الغدة الدرقية؛ أي كثرة إفراز الهرمونات بشكل يفوق ما يحتاجه الجسم.


استئصال الغدة الدرقية والحمل

قد يلجأ الطبيب إلى التدخل الجراحي في بعض حالات فرط نشاط الغدة الدرقية؛ مثل: الإصابة بتضخّم الغدة الدرقية، أو سرطان الغدة الدرقية، أو وجود عقدة أو أكثر في العقد الدرقية، وخلال هذه الجراحة يستأصل الطبيب جزءًا من الغدة فقط أو كلّها طبقًا لما يراه الطبيب مناسبًا للحالة، ويسبب استئصال الغدة الدرقية انخفاض أو انقطاع إفراز هرموناتها تمامًا طبقًا للجزء الذي استأصله الطبيب؛ لذا فإنّ المُصاب الذي خضع للاستئصال يحتاج إلى تناول الهرمون الصناعي مدى الحياة للحفاظ على مستوى الهرمونات الطبيعي؛ لأنّ استمرار انخفاضه يؤثر في إمكانية حدوث الحمل؛ فقد يسبب العقم، أو انخفاض الخصوبة لدى الجنسين وفق ما يأتي:[٢]

  • انخفاض الهرمونات الدرقية لدى الإناث، يتداخل مع انطلاق البويضة من المبيض؛ مما قد يسبب العقم، أو عدم انتظام الدورة الشهرية، أو غيابها تمامًا، أو زيادة غزارة دم الحيض، أو طول مدة الحيض أحيانًا، والمواظبة على تناول الدواء المحتوي على هذه الهرمونات يعيد انتظام الإباضة، ويُحسّن الخصوبة، وتصبح المصابة التي خضعت للاستئصال مثلها كمثل أي سيدة أخرى لم تُصب بمشاكل الغدة الدرقية.
  • انخفاض الهرمونات الدرقية لدى الذكور، يؤثر سلبًا في الانتصاب وخصائص الحيوانات المنوية؛ مثل: عددها، وشكلها، وحركتها، لكن بعد تناول المصاب الهرمون الصناعي، وضبط جرعته يستعيد الانتصاب السليم، وتتحسّن صفات الحيوانات المنوية.


ما بعد استئصال الغدة الدرقية والحمل

بعد تناول الهرمون الصناعي للغدة الدرقية وحدوث الحمل بشكل طبيعي تحتاج المرأة الحامل إلى جرعات من الهرمون الصناعي أكبر مما كانت تتناوله قبل الحمل خاصّةً في النصف الأول منه، وبعد بلوغ الأسبوع العشرين من الحمل يقلّ احتياج الهرمون؛ لذا قد ينخفض احتياج الهرمون الصناعي قليلًا؛ فمن الطبيعي أن يرتفع مستوى هرمون الـ TSH خلال 4-5 أسابيع الأولى من الحمل، إلّا أنّ اسئصال الغدة تنخفض هرموناتها في الجسم، مما يضطر الطبيب لرفع الجرعة بمقدار 0.025-0.05 مللي غرام، أو ما يعادل إضافة جرعتين خلال الأسبوع، وتجب متابعة الطبيب باستمرار خلال فترة الحمل لفحص مستوى الهرمونات في الدم؛ ومعرفة الحاجة إلى زيادة أو تخفيض جرعة الدواء الخاص بالغدة الدرقية. ويُعدّ الهرمون الصناعي للغدة دواءً آمنًا يُستخدَم دون إحداث مضاعفاتٍ خلال الحمل، ولا يشكّل خطورة على الأم أو جنينها، بل إنّ إهمال العلاج يسبب ارتفاع مستوى هرمون TSH، وهو ما يُشكّل خطورة على سير الحمل بشكل سليم، ويعرّض الأم والجنين للعديد من الأمراض.[٣]


أعراض كسل الغدة الدرقية

انخفاض الهرمونات الدرقية أمر وارد بعد الاستئصال -خاصةً إن لم تحصل المرأة على علاجها بانتظام-، مما يسبب ظهور العديد من الأعراض التي تماثل أعراض خمول الغدة الدرقية وفق ما يأتي:[٤]

  • الإرهاق والشعور بالحاجة إلى النوم في معظم الأوقات.
  • عدم تحمُّل الجسم للجو البارد.
  • الإصابة بالإمساك لمدة طويلة قد تمتد لأسابيع.
  • انخفاض القدرة على التركيز.
  • الشعور بالتعب عند بذل أيّ مجهود بدني مهما بدا بسيطًا.
  • آلام العضلات.
  • زيادة الوزن رغم معاناة المريض من فقدٍ للشهية.[٥]
  • تساقط الشعر.
  • إصابة الجلد بالجفاف.
  • امتلاء الوجه.
  • بحة الصوت.
  • ارتفاع مستوى الكوليسترول في الدم.
  • ألم وتيبّس وتورّم المفاصل.


مضاعفات الغدة الدرقية والحمل

إن إهمال تعويض نقص الهرمونات الدرقية خلال الحمل يسبب أيضًا حدوث بعض المضاعفات للمرأة الحامل؛ مثل[٤]:

  • إصابتها بما قبل تسمم الحمل، وهو ارتفاعٌ حاد وخطير في ضغط الدم في الأسابيع الأخيرة من الحمل يصاحبه ظهور أعراض أخرى.
  • الإصابة بفقر الدم.
  • الإجهاض.
  • ولادة طفل منخفض الوزن أو ميت.
  • الإصابة بفشل القلب الاحتقاني في حالاتٍ نادرة.

فهرمونات الغدة الدرقية ضرورية لنمو وتطور دماغ الجنين وجهازه العصبي؛ لذا فإهمال تعويض الهرمونات -خاصةً خلال الثلث الأول من الحمل- يسبب تراجع معدل ذكاء الطفل، واضطراب نموه الطبيعي[٤].


التهاب الغدة الدرقية بعد الولادة

قد تصاب الغدة الدرقية بالالتهاب خلال عام من بعد الولادة، وهو قد يحدث في 5-10 نساء من أصل 100 امرأة بعد الولادة، ويحدث الالتهاب على مرحلتين؛ ففي البداية تصاب المرأة بفرط نشاط الغدة الدرقية، ثم تصاب بالخمول، ففي المرحلة الأولى يسبب الالتهاب تسرّب الهرمونات الدرقية المخزّنة داخل الغدة إلى مجرى الدم، وهو ما قد يستمرّ لمدة 2-4 أشهر، مما يسبب ارتفاع مستوى الهرمونات، وتسارع أداء معظم وظائف الجسم، وظهور أعراض فرط نشاط الغدة الدرقية؛ مثل:

  • ارتفاع ضغط الدم.
  • خفقان في القلب.
  • تقلُّب المزاج، قد يصاحبه قلق وتوتر دون وجود سببٍ واضح.
  • فقدان الوزن المفاجئ دون سبب واضح.
  • تساقط الشعر.
  • قلة النوم.
  • التعرق، وعدم تحمل درجات الحرارة المرتفعة.

ثم بعد مرور عدة أشهر يسبب الالتهاب تضرر الغدة؛ مما يجعلها غير قادرة على إفراز الهرمونات، فتظهر المرحلة الثانية التي يصاحبها ظهور أعراض خمول الغدة الدرقية، والتي تستمر لمدة عام تقريبًا ويصاحبها تضخم الغدة الدرقية في ما يُعرف باسم الدراق، ويزداد خطر الإصابة بالتهاب الغدة الدرقية إذا بدت المرأة تعاني من مرض مناعي ذاتي؛ مثل: السكري من النوع الأول، أو اضطراب الغدة الدرقية قبل الحمل، أو أحد أفراد أسرتها مصاب بأي اضطراب في هذه الغدة، أو أصيبت بالتهاب الغدة بعد الولادة سابقًا. وبعض النساء قد لا يدخلن إلى المرحلة الثانية من الالتهاب تمامًا؛ أي لن يعانين من أي خمول[٦].


علاج التهاب الغدة الدرقية بعد الولادة

لا تحتاج النساء المصابات بالتهاب الغدة بعد الولادة إلى الحصول على أي علاج في المرحلة الأولى منه؛ إذ تبدو الأعراض طفيفة، لكن إن أصبحت حادة يصف الطبيب أدوية للتحكم بها؛ مثل: حاصرات مستقبلات البيتا، لكن في المرحلة الثانية يجب أن تحصل المرأة على الهرمون الصناعي لتعويض نقصه في الجسم، ثم يُوقَف الدواء بعد 6-12 شهر لمعرفة ما إذا بدت الغدة استعادت نشاطها، وبعض النساء بما يمثل واحدة من كل خمسة نساء مصابات بالالتهاب تعاني من الخمول الدائم مدى الحياة؛ مما يتطلب حصولها على العلاج الهرموني لبقية حياتها.[٦]


المراجع

  1. ^ أ ب "Thyroid gland", yourhormones,2018-3، Retrieved 2019-12-19. Edited.
  2. "THYROID SURGERY", fertilitypedia, Retrieved 2019-12-19. Edited.
  3. "PREGNANCY", mythyroid, Retrieved 2019-12-19. Edited.
  4. ^ أ ب ت Linda Barbour (2017-12), "Thyroid Disease & Pregnancy"، niddk, Retrieved 2019-12-19. Edited.
  5. Mayo Clinic Staff (2018-12-4), "Hypothyroidism (underactive thyroid)"، mayoclinic, Retrieved 2019-12-19. Edited.
  6. ^ أ ب "Pregnancy and Thyroid Disease", hormone,2017-9، Retrieved 2019-12-19. Edited.
3048 مشاهدة
للأعلى للسفل
×