اكتشاف مواهب الطفل المبكرة

كتابة:
اكتشاف مواهب الطفل المبكرة

مفهوم الموهبة

تُعرف الموهبة بأنَّها الاستعدادُ الفطري غير الطبيعي الذي يُبديه الفرد مع قدراتٍ استثنائية يتمتَع بها دوناً عن غيره ممّن هُم في مثل خصائصه، ليُظهر بمَوهبته براعةً في فنونٍ أو نحوها،[١] وتبدو معاجم اللغتين العربية والإنجليزيّة مُتّفقتان على المفهوم اللغوي لمصطلح الموهبة، إذ تَعرض معاجم اللغة الإنجليزية مفهوم الموهبة (بالإنجليزية: Giftedness) بالمعنى المُرادف للتعريف اللغوي في معاجم اللغة العربية، لتعرض المعاجم الإنجليزية تعريفها للموهبة بأنها القدرة الموروثة أو القدرة المكتسبة سواء أكانت قدرةً بدنيّةً أو قدرة عقلية.[٢]


تعتمد الدراسات والبحوث في تعريف المَوهبة على مَفاهيم عديدة ترتبط بالعَبقريَّة والدَّافعية والذكاء والمَهارات، فيعرفها البعض على أنّها امتلاكُ الأطفال قدرات خاصَّة في المجالاتِ غير الأكاديميَّة نتيجةَ عاملٍ وراثيّ تكويني غير مقترنٍ بالذَّكاء، فهي تمثيلٌ مرتفع الأداء للعوامل الجينيَّة، ومن تَعريفات الموهبةِ أيضاً ما يوافق هذا الأصل أو يضيفُ عليه، ومن ذلك ما يأتي:[٣]

  • سمة معقَّدةٌ تظهر في الفرد فتؤهِّله للإنجاز المُرتفع في بعض الوظائفِ والمهارات، وتظهر في مجالاتٍ مُحدّدة كالموسيقا والشعر والرَّسم.
  • عرَّفها المكتب الأمريكي للتعليم بأنَّها إحدى القدرات التي يُظهرها الفرد في مجالات القدرة العقلية أو الأكاديمية أو القياديَّة أو الإبداع أو الكفاءة في مَجالٍ من المَجالات المختلفة.
  • القدرة التي تُظهِر أداءَ الطِّفلِ بصورةٍ مميَّزةٍ وملحوظة عند القيام بنشاطٍ ما، ممّا يُظهره مُتميِّزاً بخصائص وسماتٍ يبدو فيها متفرِّداً، ومن المحتملِ أن لا يمتلكها أقرانه، أو أنهم لَم يسبقوه إليها.
  • تُعرف الموهبة بأنها مَقدرة الفرد على الابتكار في مجال أو أكثر؛ فهي صفةٌ تُظهر استعداد الطفل عقليّاً وإبداعيّاً واجتماعيّاً وانفعاليّاً وفنيَّاً، وهي قدرةٌ فطريَّةٌ موروثةٌ، وقد تكون مُرتبطةً بالذَّكاء والابتكار.


اكتشاف مواهب الطفل المبكرة

تقعُ مهمة اكتشاف مواهب الطفل المبكرة على بيئته المُباشرة التي تمثّل والديه وأسرته بالدرجة الأولى، ذلك لأنَّ النسبة العظمى لمَواهب الأطفال تبرز في السنوات الأولى من عمره، ما يجعل المسؤولية الأسريَّة في اكتشاف مواهبه وتنميتها واستثمارها استثماراً سليماً أمراً عَظيماً ومهمَّاً، الأمر الذي يتطلَّبُ استحضارَ الإرادة والوعي وتعزيز المراقبة والتبصُّر النَّافذ لاستمطارِ ما يتمتَّع به الطفل أو ما يتَّسِم فيه من سماتِ الموهبة والابتكار والتميّز في أيٍّ من المجالاتِ التي يتفرَّد بها الطفلُ أو يُحتملُ أن يكون موهوباً فيها، ويُساعِد الآباء في مهمَّة اكتشافِ مواهبِ الطفل عنايَتهم في مجالاتِه وخصائصه الدَّاعمةِ لمواهبه ومهاراتِه، ومن ذلك:[٤]
  • محاولة التعرُّف إلى ميول الطِّفل ورغباته: يَكون ذلك بمُراقبة سلوكات الطِّفل واهتماماته والأمور التي تجذب انتباهه وتركيزه، والتي تَستدعي تواصله وتفاعله وتبرز نقاط قوّته، ثمَّ التَّركيز على ما يُظهره الطِّفلُ في جوانب شخصيَّته من مجاميع الميولِ والاهتماماتِ عِوضاً عن رغباتِ الأهلِ وخُططِهم لِمستقبله، وما سيكونُ عليهِ توجُّهه الأكاديميّ والمهني.
  • اللقب الإيجابي: يتمثَّل ذلك بوصفِ الطِّفل بما يحبُّه من صفاتٍ، وتخصيصه بلقبٍ مميَّزٍ يَدعم تطوُّره وبناءه التَّكويني بما يتماشى مع ميوله ويعزِّزُ مواهبه وقدراته ويُنمِّي عنده دوافع التميُّز والابتِكار.
  • التقييم القائم على الأعمال الرُّوتينيَّة: يَتمثَّلُ هذا الأسلوب في الكشفِ عن مَواهبِ الأطفال وإمكاناتهم بطريقةِ المُتابعة المُعتمدة على مراقبة الأنشطة اليوميَّة والممارساتِ السُّلوكيَّة المُعتادة في بيئة الطفل؛ حيث يُمكن من خلال هذه الطريقة مَعرفة خَصائص الطفل ومُتطلّباته وفُرَص التعلُّم المبنيَّةِ على نشاطاتِه وتَفاعلاتِه مع بيئته.[٥]
  • اكتشاف المواهب من خلال اللعب: تُستخدم طريقة اللعب في اكتشاف مواهب الأطفالِ من خلال تقييم قدراتهم في مجالاتٍ مختلفةٍ مثل: التواصل، وحلّ المشكلات، والقيادة، والطَّلاقة الفكريَّة، والابتكار، والتمثيل، وقياس المهارات العقليَّة العليا، ويعكس اللعب مهارات الطفل ونموّه المعرفي، ويمثل التقييم المبني على اللعب طريقةً مُميّزةً في تقييم قدراتِ الطِّفل في تمثيلِ التفكير عالي المستوى؛ إذ تبرُز شخصيَّة الطِّفلِ بانعِكاساتٍ تركيبيَّةٍ وبنائيَّةٍ تبرزُ في مواجهة المشكلاتِ ووضع الفرضياتِ وصياغة الأسئلة والتوصُّل إلى حلولٍ، ويَصيغ الأطفالُ سيناريوهاتٍ خاصَّة بألعابهم وشخصيَّات تلك الألعاب، ممّا يبرزُ أفهامهم ومهاراتهم التي تكشف بطبيعة الحال ما يمتلكون من خصائصَ ومواهبَ يتفرَّدون فيها.[٥]
  • مُجالسة الأطفال أطول فترةٍ مُمكنة: حيث إنّ مشاركة الأطفالِ أفكارهم وحواراتهم وقضاء أوقاتٍ طويلةٍ معهم يساعد على تكوين حسٍّ تواصليّ ينتج عن كثرة المُحادثات التي يجريها الطِّفل في الفترة التي يقضيها مع والديهِ وأسرته، ما يُسهم في تطوير المهارات اللغويَّة للطِّفلِ ويُنمّي قنواته التَّواصليَّة.[٦]
  • حثّ الأطفالِ على القراءةِ والتعلُّم: تُساعد القراءة في مرحلةِ الطفولة على تنمية إدراك الطَّفلِ وتوسيع مداركه واستثارة فضوله على التعلُّم، ما يترتَّبُ عليهِ إنضاجُ مواهبهِ، وتفجير مَكامنِ قدراتِه، والكشف عن خصائصِهِ ومميّزاته.[٦]
  • اختبارات العقل والموهبة: يُمكن اعتبار اختبارات الذّكاءِ والتفوُّق والموهبة كأحد أهمِّ طرق الكشفِ عن الأطفال الموهوبين؛ حيث تَخضع هذه الاختبارات عادةً لمعايير علميَّةٍ تَجعل من نتائجها مُحدِّدات موثوقة يُمكن من خلالها التأكّد من دقَّة النتائج ومصداقيتها، ومن الاختبارات المُستخدمة في الكشف عن المواهب: [٧]
    • اختبارات الذَّكاء الجمعيَّة.
    • اختبارات الذَّكاء الفرديَّة.
    • الاختبارات التحصيليَّة.
    • تقييم المعلم ومُلاحظته داخل الغرفة الصفيَّة.


صفات وخصائص الطفل الموهوب

قد تقود بعض الصفات والخصائص التي يتميَّز بها الطفل الموهوب على الأطفال العاديين إلى الكشف عن مَواهبِه وقدراته بيسر وسهولة؛ إذ تظهر على الموهوب علاماتٌ تُفرِّده في أحد المجالات أو تُبرز اختلافه فيها، ومن هذه الخصائص:[٨]


الخصائص الجسميَّة

تُظهر الدراسات تفوّق الأطفال الموهوبين في صحّتهم البدنية وبُنيتهم على الأطفال العاديين، وقد يُعزى ذلك إلى إدراكِ هؤلاء الأطفال للفروقات السلبيّة والإيجابيّة التي تجعلهم أكثر وعياً في مجال الرَّقابة الصحيَّة الذَّاتيَّة.


الخصائص العقلية

يتمتّع الطفل الموهوب بمزايا عقليَّة تُميّزه عن العاديين؛ إذ يَستطيع الموهوب تحمّل الضغوط والأعباء والأخطاء نتيجةً لمرونة تفكيره، وامتلاكه مَخزوناً مُناسباً من الحلول لجميع المشكلات التي تُواجهه، كما أنّه يَمتلك مَخزوناً لفظيَّاً يَتناسب مع حاجاته في إثارةِ مَوضوع مُعيّن أو التعبير عنه.


الخصائص الانفعالية

يُظهر الموهوبون توافُقاً انفعاليّاً أكثر استقراراً من العاديين؛ إذ تبدو سلوكاتهم مندمجةً مع شخصيّاتهم بعيدةً عن العصبيّة والتعقيد، مُنفتحةً أكثر على الفرديَّة التي تُلبّي احتياجاتهم نَظراً لعدم قناعتهم بوجود البديل الذي يُشبع فضولهم المعرفيّ والسلوكي.


المراجع

  1. "معنى موهبة"، معجم المعاني الجامع، اطّلع عليه بتاريخ 8-3-2017.
  2. فتحي جروان (2004)، الموهبة والتفوق (الطبعة الأولى)، بلا: بلا، صفحة 44-45.
  3. موسى معوض (4-6-2013)، "تعريف الموهبة والطفل الموهوب"، شبكة الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 10-3-2017.
  4. "المقترحات العشرة في تنمية مواهب الأطفال"، صيد الفوائد، اطّلع عليه بتاريخ 11-3-2017.
  5. ^ أ ب علي حنفي (1-7-2010)، "أساليب اكتشاف ورعاية ذوي الاستثناءات المزدوجة"، researchgate، اطّلع عليه بتاريخ 11-3-2017.
  6. ^ أ ب "هذا ما يميز آباء الأطفال الأذكياء"، أكاديمية DW، 08.03.2017 ، اطّلع عليه بتاريخ 11-3-2017.
  7. توما خوري (2002)، الطفل الموهوب والطفل بطيء التعلم (الطبعة الأولى)، بيروت: المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، صفحة 22-24.
  8. دبراسو فطيمة، "دور المعلم في رعاية واكتشاف الطفل الموهوب"، مجلة كلية الآداب والعلوم الإنسانية، العدد 4، صفحة 5-7.
5226 مشاهدة
للأعلى للسفل
×