يصعب الالتزام بالأنظمة الغذائية التي تشمل أقل سعرات حرارية، وخاصة بالنظر إلى الحاجة لضمان تناول كميات كافية من الفيتامينات والمعادن الأساسية. والآثار الجانبية البدنية والنفسية المحتملة المترتبة عن مثل هذه الأنظمة ربما تفوق الوعود غير المؤكدة بإطالة العمر.
كُلْ أقل لتعِش أكثر!
هل من الممكن أن تعيش أكثر بمجرد أن تأكل أقل سعرات حرارية؟ يدّعي أنصار نظام غذائي صارم يسمى "نظام تقليل السعرات" أنه يمكنه إطالة العمر والوقاية من الأمراض المصاحبة لتقدم العمر. ويتكون هذا النظام الغذائي من تناول طعام بأقل سعرات حرارية ولكنه متوازن غذائيا يفي بالمتطلبات التي يحتاج إليها الجسم من الفيتامينات 100% والمعادن والبروتينات والدهون الأساسية. ولكن، هل يستطيع نمط الحياة هذا – الذي يعني تغييرا سريعا في عادات التغذية عند معظم الأشخاص - أن يكون "ينبوع الشباب" كما يدعي تابعوه؟
الأساس العلمي وراء تقليل السعرات
حاز نظام تقليل السعرات على اهتمام كبير في الثلاثينات بعد دراسات على الفئران أظهرت أن تقليل تناول الطعام المعتاد بنسبة حوالي 40% زاد من طول العمر بنسبة 30% إلى 40%. ومنذ ذلك الوقت، أظهرت الأبحاث على الديدان والقرود أن نظام تقليل السعرات يصلح مع الفصائل الأخرى.
وعند البشر، تبين أن نظام تقليل السعرات يحسن من مؤشرات شيخوخة الجهاز الدوري. فطبقا لدراسة حديثة نشرت في جريدة الجمعية الطبية الأمريكية، يؤدي تقليل السعرات الحرارية إلى خفض مؤشرات معينة لتقدم العمر والأمراض. والأشخاص الذين شاركوا في هذه الدراسة التي استمرت 6 شهور كانوا جميعا زائدي الوزن. وقد قللوا السعرات الحرارية اليومية بنسبة 25% سواء من خلال نظام غذائي فقط أو من خلال نظام غذائي مع ممارسة تمرينات رياضية. فقد انخفضت العلامات الحيوية المصاحبة لطول العمر – درجة حرارة الجسم الداخلية ومستويات الأنسولين أثناء الصوم - عند الأشخاص زائدي الوزن، ولكن ليس في المجموعات الأخرى. وترجح هذه النتائج أن تناول أقل سعرات حرارية ربما يساعد في إطالة العمر بالوقاية من الأمراض والشيخوخة عند الأشخاص زائدي الوزن، لكن لم يثبت ما إذا كان الأشخاص الذين يمتلكون وزنا مثاليا يمكنهم أن يحققوا تحسينات مشابهة.
الآليات من وراء تناول أقل سعرات حرارية مازالت نظرية. وقد ألقى بحث جديد بظلال الشك على النظرية التي تقول أن نظام تقليل السعرات يبطئ الشيخوخة بتقليل الجذور الحرة والتلف الناتج عن التأكسد. بدلا من ذلك، ربما يعيد نظام تقليل السعرات توجيه الطاقة من النمو والتكاثر إلى إصلاح الخلايا وحمايتها. وهناك نظرية أخرى تقول أن نظام تقليل السعرات الحرارية يحوّل الجسم إلى النظام المحافظ حيث يكون إصلاح التلف أكثر كفاءة. طبقا لهذه النظرية، لا يوصى باعتماد نظام تقليل السعرات لأولاد الأصغر سنا من 18 سنة أو للسيدات الحوامل.
تحديات تناول أقل سعرات حرارية
يشك العلماء في ما إذا كان نظام تقليل السعرات قابلا للتطبيق على البشر. وذلك لأن:
1. الأمريكيون، بشكل خاص، حققوا تقدما ضئيلا في معركة السيطرة على شهيتهم الكبيرة والبيئة المسببة للسمنة. ومستويات تقليل السعرات المطلوبة من أجل تحقيق الفوائد ربما تكون منخفضة جدا بالنسبة لمعظم الناس، وخاصة مع احتمال ظهور العلامات غير المريحة للجوع البدني التي عانت منها حيوانات التجارب.
يختبر الباحثون طرقا تقلد نظام تقليل السعرات عبر الحبوب الدوائية أو طرق أخرى لتحقيق فوائده بدون جوع – منطقة تعرف باسم "مقلدات تقليل السعرات".
2. ربما لا يحصل البشر على فوائد عديدة من نظام تقليل السعرات، مثل الحيوانات، بسبب متطلبات الطاقة المختلفة. على سبيل المثال، تستهلك الفئران كميات كبيرة من الطاقة في التكاثر والإرضاع مقارنة بالبشر. فإذا عمل نظام تناول أقل سعرات حرارية على إبطاء أو إيقاف التكاثر وبذلك حافظ على الطاقة، فإن الحيوانات في الواقع تكسب الكثير.
3. طول العمر الأقصى للبشر ربما يكون له مساحة قليلة ليمتد فيها مقارنة بالحيوانات. فطول العمر البشري الأقصى المسجل حتى الآن هو 122 سنة لامرأة فرنسية (توقع خبراء الأعمار أن يحطم شخص من أوكيناوا هذا الرقم القياسي حيث أنهم يتناولون هناك سعرات حرارية أقل بنسبة 40% عن الأمريكيين وأقل بنسبة 20% عن اليابانيين الآخرين).
4. يمكن أن ينخفض الوزن إلى مستويات خطيرة عندما يتوقف الحيض عند السيدات. وقد يؤدي نظام تناول أقل سعرات حرارية، أيضا، إلى زيادة خطر هشاشة العظام، وخاصة إذا كان الطعام يفتقر إلى الكميات اللازمة من الكالسيوم وفيتامين (د). وطبقا للموقع الالكتروني لجمعية تقليل السعرات، فإن الآثار الجانبية الأخرى لتقليل السعرات يمكن أن تشمل الهواجس الغذائية وتخزين الغذاء وهواجس حفظ الطاقة والبحث عن خبرات غذائية بديلة عبر التلفاز أو الطهي من أجل الآخرين.
5. حتى إن كان نظام تقليل السعرات يؤكد على أهمية تناول الأطعمة الصحية لتجنب سوء التغذية، إلا أنه يمكن أن تنتج عنه آثار جانبية تماثل تلك التي تحدث عند الأشخاص الذين يعانون من مجاعة أو فقدان الشهية العصبي، بما فيها عدم تحمل البرودة وفقدان القوة. كما أن انخفاض الرغبة الجنسية هو أثر جانبي شائع أيضا، والذي ربما يدعم النظرية التي تقول أن نظام تقليل السعرات يعيد توجيه الطاقة بعيدا عن التكاثر.
6. مثل نمط الحياة، يتطلب نظام تقليل السعرات تخطيطا كبيرا للوجبات وتقليل الطعام وتحمل بعض الجوع. فبعض متبعي نظام تقليل السعرات يسمحون لأنفسهم بمقدار يتراوح بين 1,000 إلى 1,200 سعرة حرارية فقط يوميا. ويقترح آخرون تقليلا أكثر تواضعا في تناول السعرات بمقدار 25%، مع العلم أن الرجل المتوسط يستهلك 2,618 سعرة حرارية يوميا والمرأة المتوسطة تستهلك 1,877 سعرة حرارية يوميا، [المصدر: CDC/NCHS, Trends in Intake of Energy and Macronutrients, U.S., in the Feb, 2004 MMWR.] فتناول ما يصل إلى 1,200 سعرة حرارية يوميا يعني قطع 54% و 36% ، على التوالي، مما اعتاد المرء على تناوله بشكل طبيعي.
كلمة أخيرة
يصعب الالتزام بالأنظمة الغذائية بأقل سعرات حرارية، وخاصة بالنظر إلى الحاجة إلى ضمان تناول كميات كافية من الفيتامينات والمعادن الأساسية. والآثار الجانبية البدنية والنفسية المحتملة المترتبة عن مثل هذه الأنظمة ربما تفوق الوعود غير المؤكدة بإطالة العمر. ومع ذلك، قد يدعم نظام تناول أقل سعرات حرارية هدف إطالة العمر بتناول أطعمة مغذية بكميات متواضعة والحفاظ على وزن صحي كحماية مثالية من الموت المبكر والأمراض.