محتويات
البيئة في الإسلام
حرصت الشريعة الإسلاميّة على البيئة، وحثّت على المحافظة عليها، ونهت عن كلّ الأفعال والمظاهر التي قد تؤدّي إلى إيذائها أو إخلال نظامها، وقد ثبت ذلك في نصوصٍ شرعيَّةٍ كثيرةٍ، والبيئة هي كلّ ما يحيط بالإنسان من مكوِّناتٍ طبيعيِّة كالهواء والماء والأرض والنبات، وإنّ الخلل والفساد الذي قد يلحق بالبيئة سببه الإنسان؛ قال الله تعالى: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)،[١][٢] وفيما يأتي بيانٌ لأبرز مظاهر حرص الإسلام على البيئة.
مظاهر المحافظة على البيئة في الإسلام
النَّهي عن الإسراف والتبذير
يقول الله -سبحانه وتعالى- في سورة الفرقان: (وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا)،[٣] ويقول -جلَّ وعلا- في سورة الأعراف: (وَكُلوا وَاشرَبوا وَلا تُسرِفوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ المُسرِفينَ)،[٤] والآيات في ذلك كثيرةٌ، فالإسراف في كلّ أمرٍ سببٌ للإفساد البيئة، واستنزاف مكوّناته، ومن مظاهر الإسراف الصيد الجائر الزائد عن حاجة البشر في البرِّ والبحر، والإسراف في استهلاك الماء، وهي من الأمور الخطيرة التي تهدد البيئة، والذي يؤدِّي إلى الإخلال باستقرارها، فعلى المسلم أن يكون معتدلًا بعيدًا عن السرف في كلّ شيءٍ؛ لحفظ البيئة وعناصرها.[٥]
النَّهي عن تلويث البيئة
حثّ الإسلام المسلم على النظافة، وأمره بالمحافظة على نفسه وما حوله نظيفًا، ووردت في ذلك نصوصٌ عديدة، من ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: (إذْ أبَيْتُمْ إلَّا المَجْلِسَ، فأعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ قالوا: وما حَقُّ الطَّرِيقِ يا رَسولَ اللَّهِ؟ قالَ: غَضُّ البَصَرِ، وكَفُّ الأذَى، ورَدُّ السَّلامِ، والأمْرُ بالمَعروفِ، والنَّهْيُ عَنِ المُنْكَرِ)،[٦] وكفّ الأذى عن الطريق أي إزالة ما في الطريق ممّا يؤذي الناس من النفايات ونحوها، وقدّ عدّت إزالة الأذى من الطريق شعبةً من شعب الإيمان.[٧]
ولم يعد الأمر الآن مقتصرًا على النفايات التي تُلقى في الطريق فقط؛، بل أصبحت الدُّول ترمي بالنِّفايات النَّـوويَّة والكيميائية في البحار أو تدفنها تحت الأرض؛ مما أدَّى إلى هلاك الحرث، والزرع، والحياة في كلِّ مكان، وهذا كلّه منهيٌّ عنه في الإسلام؛ لما فيه من إفسادٍ للبرّ والبحر وإيذاءٍ للكائنات الحيّة.[٥]
الحثُّ على تنمية البيئة
لم يقتصر حثّ الإسلام على المحافظة على البيئة فقط، وإنّما حثّ على تنميتها، وفي معنى ذلك يقول -عليه الصَّلاة والسَّلام-: (ما مِن مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا، أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا، فَيَأْكُلُ منه طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ، إِلَّا كانَ له به صَدَقَةٌ)،[٨] ويقول عليه الصَّلاة والسَّلام: (إنْ قامَتِ الساعةُ وفي يدِ أحدِكمْ فَسِيلةٌ ، فإنِ استطاعَ أنْ لا تقومَ حتى يَغرِسَها فلْيغرِسْهَا)،[٩] وحتى في الحروب فقد نهى عليه الصَّلاة والسَّلام عن قطع الشجر أو قتل الحيوان إلا للأكل من غير زيادةٍ عن الحاجة.[٧]
ومن الأحاديث الشريفة السابقة يظهر جليًّا كيف أنّ الإسلام يحثُّ على تنمية البيئة؛ بالزَّرع والمحافظة على الحيوانات، لما لذلك من دورٍ في حفظ النظام البيئي وتوازنه، فبالزَّرع تنمو الحياة على الأرض، ويُحفظ للهواء نقاؤه، وقطع الأشجار وقتل الحيوانات أفعالٌ خطيرة، تفسد البيئة المحيطة بنا، وتخلّ بالتوازن في الطبيعة.[٧]
المراجع
- ↑ سورة الروم، آية:41
- ↑ عبد الله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 135-136. بتصرّف.
- ↑ سورة الفرقان، آية:67
- ↑ سورة الأعراف، آية:31
- ^ أ ب مولاي المصطفى البرجاوي (21/12/2011)، "موقف الإسلام من العبث بالبيئة"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 21/6/2022. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:6229، حديث صحيح.
- ^ أ ب ت بدر عبد الحميد هميسه، "الإسلام والبيئة"، صيد الفوائد، اطّلع عليه بتاريخ 21/6/2022. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:2320، حديث صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:1424، حديث صحيح.