محتويات
القرآن الكريم
كتاب الله -سبحانه وتعالى- وكلامه العظيم الذي تحدَّى بها العرب أهل الفصاحة البلاغة والبيان، فعجزوا أن يأتوا بآية من مثله، وهو معجزة رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- الباقية حتَّى يوم القيامة، ويُعتبر القرآن الكريم كتابًا مُعجزًا بكلِّ ما فيه من بلاغة وحقائق علمية وبيان وأحكام وتشريعات، فقد رأى العرب القدماء إعجازه البلاغي وعرفوه بما لديهم من البلاغة ورأى الإنسان الحديث الإعجاز العلمي وعرفه من خلال ما وصل إليه العلم الحديث، وهذا المقال سيسلط الضوء على تعريف الإعجاز العلمي وعلى الإعجاز العلمي في بعوضة فما فوقها.
تعريف الإعجاز العلمي في القرآن الكريم
يُعرَّف الإعجاز العلمي في القرآن الكريم على أنَّه إخبار القرآن الكريم بحقائق علمية اكتُشفت مؤخرًا، فكان لكتاب الله تعالى السبق في ذكرها فقد نزل قبل قرون بعيدة وأخبر بهذه الحقائق عند نزوله، ويُعرِّفه بعض العلماء أيضًا بأنَّه ما أشار إليه القرآن الكريم من حقائق علمية لم تكن مُثبتة بالعلم التجريبي في الفترة التي نزل فيها القرآن الكريم، بل أُثبتَتْ بالوسائل العلمية الحديثة؛ ويُشير علم الإعجاز العلمي بالأصابع العشر إلى صدق ما ننقل رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- عن ربِّ العزة تبارك وتعالى، والله تعالى أعلم.[١]
نبذة عن سورة البقرة
تعتبر سورة بقرة سورة مدنية فهي أوَّلُ سورةٍ نزلت على رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- في المدينة المنورة، وقد سُمِّيت بسورة البقرة لأنَّها تناولت قصة بقرة بني إسرائيل ونبي الله موسى -عليه السَّلام-، حيث تُشير القصة إلى مقتل رجل من بني إسرائيل ولم يُعرف قاتله، فاستشاروا في أمره نبي الله موسى -عليه السَّلام- فأوحى إليه الله تعالى أن يأمر بني إسرائيل بذبح بقرة ويضربوا عظم الميت بعظم هذه البقرة فيحيا الميت يخبر باسم قاتله، وكانت هذه معجزة من معجزات نبي الله موسى -عليه السَّلام-، وتعتبر سورة البقرة أيضًا من السور الطوال فهي أطول سورة في كتاب الله تعالى، حيث يبلغ عدد آياتها 286 آية، وهي السورة الثانية في ترتيب المصحف الشريف بعد سورة الفاتحة، وتمتد على طول ثلاثة أجزاء من القرآن الكريم، وهي الجزء الأولى والثاني والثالث، وتقع في الأحزاب الخمسة الأولى من القرآن الكريم.
وجدير بالذكر إنَّ هذه السورة المباركة تُعنى بجوانب التشريع الإسلامي وتضبط حياة المسلمين شأنها في هذا شأن أغلب السور المدنية، وتحوي سورة البقرة أيضًا آية الكرسي، كما تحوي أطول آيات القرآن الكريم وهي آية الدين، وقد تناولت سورة البقرة بعض الحقائق العلمية التي دلَّتْ على إعجاز القرآن الكريم العلمي، وفيما يأتي حديث عن الإعجاز العلمي في قوله تعالى في سورة البقرة: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلًا مَّا بعوضة فما فوقها ۚ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ۖ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَٰذَا مَثَلًا ۘ يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا ۚ وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ}[٢]، والله أعلم.[٣]
شرح قوله تعالى بعوضة فما فوقها
قال تعالى في سورة البقرة: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلًا مَّا بعوضة فما فوقها ۚ}[٢]، جاء عن قتادة في شرح قوله تعالى {إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلًا مَّا بعوضة فما فوقها}: "أي: إن الله لا يستحيي من الحقِّ أن يذكر شيئًا ما، قل أو كثر، وإنَّ الله حين ذكر في كتابه الذُّباب والعنكبوت قال أهل الضَّلالة: ما أراد الله من ذكر هذا؟ فأنزل الله: {إنّ الله لا يستحيي أنْ يضربَ مثلًا ما بعوضة فما فوقها}، أمَّا في تفسير قوله تعالى: {بعوضة فما فوقها}، فقد فسَّر المفسرون هذا القول على رأيين: الأول: أي إنَّ المقصود ما هو أصغر من البعوضة أو ما دونها في الصغر، وهذا ما ذهب إليه الكسائي في تفسيره، أمَّا قتادة فقال: "فما فوقها: فما هو أكبر منها؛ لأنّه ليس شيء أحقر ولا أصغر من البعوضة"، والله تعالى أعلم.[٤]
الإعجاز العلمي في بعوضة فما فوقها
يضرب الله تعالى الأمثال للناس حتَى يبيِّن لهم ويوضِّح الأمر الإلهي المقصود، وضرب الأمثال يكون أحيانًا بسرد قصص الأمم السابقة، ولأنَّ الله تعالى خالق المخلوقات كلِّها فله أن يضرب مثلًا بما شاء من مخلوقاته مهما صغر أو كبر هذا المثل، ولهذا يضرب الله تعالى في هذه الآية المباركة مثلًا بالبعوضة المخلوق الصغير ويضرب مثلًا بما فوق البعوضة أيضًا، وما فوقها فيه من الإعجاز العلمي ما يؤكد على عظمة هذا الكتاب وصدق رسالة الإسلام التي جاء بها رسول الله -صلَّى الله عليه وسلّم- فقد رأى اكتشف العلم الحديث وجود بعض الكائنات الحية التي لا تُرى بالعين المجردة تعيش فوق البعوضة وهي أصغر منها حجمًا، وهذه الكائنات تتطفَّل على البعوضة في غذائها، ولم تكن هذه الكائنات معروفة من قبل أبدًا، وإنَّما اكتشافها كان مؤخرًا مع تطور العلم الحديث، ولكن كتاب الله تعالى كان له السبق في الإشارة إلى هذه الكائنات، حي قال تعالى قبل ما يزيد عن ألف وأربعمئة عام: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلًا مَّا بعوضة فما فوقها ۚ...}[٢].
وجدير بالذكر أيضًا إنَّ ضرب المثل بالبعوضة يعتبر أيضًا من صور الإعجاز العلمي في القرآن الكريم، فقد اكتشف علماء الأحياء أنَّ هذا المخلوق الصغير يتمتع بصفات لا يمكن أن يتصورها عقل، فللبعوضة الأنثى لسان وشفتان وفكوك كاملة، كما تمتلك البعوضة ثلاثة قلوب كاملة ولها جهاز كامل وظيفته تحليل الدم فهي تتغذى على امتصاص الدماء وليس كلّ الدم يناسب حاجتها، كما لها جهاز خاص بتمييع الدم حتَّى يمر الدم خلال خرطومها الدقيق بسهولة، فسبحان الله تعالى الخالق العظيم.[٥]
المراجع
- ↑ "إعجاز القرآن"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 13-06-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب ت سورة البقرة، آية: 26.
- ↑ "سورة البقرة"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 13-06-2019. بتصرّف.
- ↑ "تفسير سورة البقرة"، www.quran.ksu.edu.sa، اطّلع عليه بتاريخ 13-06-2019. بتصرّف.
- ↑ "الله تعالى يضرب البعوضة مثلا"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 13-06-2019. بتصرّف.