الإعجاز في خلق الإنسان

كتابة:
الإعجاز في خلق الإنسان

الإعجاز والإبداع في خلق الإنسان

خلق الله -تعالى- الإنسان في أحسن صورة، وجعل له العقل والدماغ ليتفكر في خلق الله -تعالى-، وقد تمكن العلم الحديث بمساعدة الوسائل المتطورة والمعقدة من اكتشاف بعض الأمور والحقائق التي لم تكن مؤكدة علمياً فيما مضى، إلا أنها ذكرت بحذافيرها في القرآن الكريم أو السنة النبوية الشريفة؛ مما يؤكد إعجاز كل منهما.

ونذكر بعض مظاهر الإعجاز والإبداع في خلق الإنسان فيما يأتي:

الإعجاز في الروح وأسرارها

حظي الإنسان بجانب اهتمامٍ كبير في القرآن الكريم، فهو الذي خلقه الله في أحسن صورة، وسخّر له ما في السماوات والأرض، وهو مَن حمل الأمانة الثقيلة التي عجزت باقي المخلوقات عن حملها، ومن الأمور التي أعجزت المختصّين في فهمها رغم تطوّر العلوم وتقدّمها الروح، ولا تزال اللغز والسرّ العظيم الذي حيّرهم في خلق الإنسان.[١]

وقد قال الله -تبارك وتعالى- واصفاً الإعجاز في هذه الروح: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا)،[٢] وجاء في كتاب مباحث في إعجاز القرآن: "إن الدراسات لا تزال تقف على عتبة الظواهر التشريحية لمعرفة وظائف الأعضاء ولم تصل إلا إلى بعض وظائفها، إلا أنها عاجزة تمام العجز عن إدراك كيفية عملها، فإن خلف ذلك سر الروح والحياة".[١]

ويأتي بعد ذلك تساؤلات أخرى مرتبطة بذلك، فلعلّ العديد من الناس يتساءل: كيف يُفكّر الإنسان؟ كيف يتحرك؟ وكيف يضحك ويبكي ويغضب؟ بل كيف يحلّل الأشياء؟ وهذا كله يقودنا إلى وجود إعجاز عظيم في روح الإنسان، وإلى الإيمان بالله الخالق البارئ وبقدرته العظيمة في خلق الإنسان.[١]

الإعجاز في مراحل تكوّن الإنسان

إنّ مراحل خلق الإنسان وتنظيمها من الأدلة الشاهدة على إعجاز الله في خلقه، وعلى عظيم قدرته وبديع صنعه، فالمتدبّر في خلق الإنسان يجد أنّه قد تكوّن في رحم أمّه من قطرة ماء، وأصبحت هذه القطرة الصغيرة تتقلّب من طورٍ لآخر، ومن علقة إلى مضغة، ومن ثم تبدأ العظام بالتخلّق، حتى يكسوها الله -تبارك وتعالى- باللحم، ويشدّها بالأوتار والأعصاب.[٣]

ثمّ بعد ذلك تبدأ الأعضاء بالتخلّق باتّساق وتركيب مُتآلِف، وكلّ ذلك من الأسرار والبدائع التي لا يقدر عقل على الإحاطة بكنهها، يقول الباري -سبحانه-: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ* ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ* ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾.[٤][٣]

ويقول صاحب موسوعة فقه القلوب: "وفي الإنسان من العجائب الدالة على عظمة الله وقدرته ما تنقضي الأعمار في الوقوف على بعضه، وتعجز العقول عن إدراك كنهه، وتعجز الألسنة عن وصفه"،[٥] وهذا كلّه جزء بسيط جداً وعام عن الإبداع في صنع الإنسان، فكيف لو تفكّر الإنسان في دقائق الأمور في جسمه وحواسّه وأعضائه؟! سيجد المعجزات الباهرات، قال -تعالى-: (وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ).[٦]

المراجع

  1. ^ أ ب ت مصطفى مسلم، مباحث في إعجاز القرآن، صفحة 208-209. بتصرّف.
  2. سورة الإسراء، آية:85
  3. ^ أ ب "الإعجاز الرباني في الجسد الإنساني"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 20/6/2022. بتصرّف.
  4. سورة المؤمنون، آية:12-14
  5. محمد بن إبراهيم التويجري، موسوعة فقه القلوب، صفحة 572، جزء 1.
  6. سورة الذاريات، آية:21
4467 مشاهدة
للأعلى للسفل
×