الاتجاه العقلاني والاتجاه التجريبي في الفلسفة

كتابة:
الاتجاه العقلاني والاتجاه التجريبي في الفلسفة


نشأة الاتجاه التجريبي والاتجاه العقلاني في الفلسفة

تعود الأصول التاريخيّة لنشأة الاتجاه التجريبيّ والاتجاه العقلانيّ في الفلسفة إلى بدايات عصر النهضة، حيثُ نشأت الكثير من المعاهد والمجتمعات الدينيّة، والعلميّة والفلسفيّة رغم الصراعات التي دارت بين المؤسسات الدينيّة، والفلاسفة، والعلماء، وامتدادًا للعصور الوسطى، فاختار العلماء والفلاسفة أن يستقلوا في إنتاجهم للعلوم الإنسانيّة، والطبيعيّة، وألا يخضعوا لأيّ سلطة خارجيّة.[١]

استحدثت المذاهب الفلسفيّة لاحقًا لتُعرف بالمذهب العقلانيّ، والمذهب التجريبيّ، إلا أنّ كلاهما يشتركون في عدم خضوعهم لإملاءات أيّ سلطة دينيّة، أو سياسيّة، حيثُ انتشر المذهب التجريبيّ في إنجلترا، وذلك بالتزامن مع اختراع الآلة البخاريّة، والثورة الصناعيّة، وهذا بحكم طبيعة العلوم الإنجليزيّة التي تتميز باعتمادها على منهجية البحث العلميّ التجريبيّ المعتمد على الحواس.[١]

أمّا المذهب العقلانيّ فإنّه قد بدأ في فرنسا مبكرًا مع الفيلسوف ديكارت الذي يّعد أبو الفلسفة الحديثة، إذ ترجع فلسفته العلقيّة الروحيّة إلى المدرسين، ولكنّ أثرها ينعكس على كافة المفكرين الذين ينقسمون لقسمين، أحدهما معراض لها، والآخر مؤيد.[١]

الاتجاه العقلاني في الفلسفة الحديثة

ظهر الاتجاه العقلانيّ كتيّار يعتقد بأنّ العقل مصدر رئيسيّ للمعرفة، حيثُ يُمكن دراستها من وجهة نظر الفيلسوف الفرنسيّ رينيه ديكارت الذي أسس فلسفته العقلانيّة على أسس منهجيّة مستقاة من الشك، وأطلق على الشك الذي اتّبعه بالشك الديكارتيّ، وذلك لما يتميز به من أنّه شك مؤقت يهدف إلى الوصول للمعرفة، وذلك بعكس الشك المطلق.[٢]

ومن الجدير بالذكر أنّ ديكارت شكك في العلوم التي تقوم على الأفكار الغامضة، كالفلك والطب، أمّا علوم الهندسة والرياضيات فلا شكّ فيها لأنّها منطلقة من أمور بديهية وبسيطة، كما شكك في الحواس، وعدّها خادعة، لأنّها قد تُظهر الأمور بعكس ما هي عليها، كما شكّك في وجود الذات التي تفكر، ومن خلالها توصل إلى الكوجيتو الديكارتيّ الذي يعني (أنا أفكر إذن أنا موجود).[٢]

أضاف ديكارت أنّ الشك شاملًا لكلّ شيء إلا أنّ الذات لا يمكن أن تشك في أنّها تفكر وتمارس الشك، ومن هنا بدأ يّثبت وجود الأنا، وبعددها شك في وجود الله والعالم، وقدّم أدلة دامغة على وجود الله، وتُعدّ من أهمّ الأدلة في التاريخ إلى يومنا هذا، والسبب في ذلك من وجهة نظره أنّ الإنسان يملك فكرة عن الكمال، فمن أين جاء بها؟.[٢]

تساءل ديكارت بهذه الطريقة ليجيب أنّ الله هو مصدر الكمال والحقيقة المطلقة، فمن المستحيل أن يكون هنالك أفكار دون أن يكون من يُعبر عنها، وقد قال ديكارت أنّ الله هو الجوهر لهذا، ولا يمكن تصور ما هو أكمل منه.[٢]

الاتجاه التجريبي في الفلسفة الحديثة

يرجع الفضل في تطوّر العلوم الطبيعيّة لما وضعه الفلاسفة والعلماء من مفاهيم كرّست المنهج العلميّ التجريبيّ في البحث، إذ يُمكن دراسة هذا الاتجاه التجريبيّ من وجهة نظر الفيلسوف جون لوك، الذي يرى أنّ المعرفة الحقيقية هي ما ينشأ عن طريق التجربة التي تبدأ بالملاحظة الدقيقة في البداية، وهذه الملاحظات يُحصل عليها عن طريق الحواس.[٣]

يرى لوك أنّ الإنسان الطموح لا يكتفي بالمعرفة التي هو مؤهل لها، بل يتغلغل في الأسباب الكامنة وراء الأشياء، ويبحث في ثوابتٍ حول عمليات الطبيعة، ويضع أسس، ومبادئ، ومسلمات لنفسه.[٣]

المراجع

  1. ^ أ ب ت يوسف كرم ، تاريخ الفلسفة الحديثة، صفحة 51. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت ث شرفة وحيدة، قواعد المنهج عند ديكارت، صفحة 26-28. بتصرّف.
  3. ^ أ ب جون دن، جون لوك مقدمة قصيرة جدًا، صفحة 24. بتصرّف.
5363 مشاهدة
للأعلى للسفل
×