محتويات
علم النحو
علم النحو هو العلم الذي يهتمّ بدراسة تلك التغيّرات التي تحصل على أواخر الكلام، وعرّفه بعض النحويّين بأنّه الدعامة الأساسيّة من دعائم علوم العربيّة، والقانون الأعلى لها، ومن هذا العلم تستمدّ علوم اللغة العربيّة العون، وتستلهم القصد، ويُعاد إليه في جلّ المسائل المتعلقة بها، وبه أيضًا تتعلق فروع تشريعها، فالنحو بعدّ وسيلةً للمستعرب، والسلاح الذي يتسلّح به اللغويون، وهو عماد البلاغيين، وأداة المشرّعين والمجتهدين، وهو المدخل العامّ والأساس للعلوم الإسلاميّة والعربيّة جمعاء، وسيلقي هذا المقال الضوء على الاستثناء في علم النحو.[١]
الاستثناء في علم النحو
في الحديث عن تعريف الاستثناء في علم النحو فهو إخراج ما بعد أدراة الاستثناء من حكم ما قبلها، كما في المثال "زارني الرفاق إلا زيدًا"، فقد استثني ما بعد "إلا" من حكم ما قبلها وهو الزيارة، وهو من المنصوبات في اللغة العربيّة، وأركان الاستثناء ثلاثة أولها المستثنى بالا والمثال السابق هو لفظة "الرفاق"، وثانيها هو المستثنى وهو "زيد"، وثالثها هو أداة الاستثناء "إلا"، وفي هذه الجملة حكم أُطلق على المستثنى منه عامة، ثم استثني منه المستثنى، وهذا الحكم هو "الزيادة"، وأمّا أدوات الاستثناء في علم النحو فثمان وهي إلا، غير، سوى، خلا، عدا، حاشا، ليس، لا يكون، وهناك ما يسمّى بشبه الاستثناء ويكون بكلمتين وهما "بَيْدَ" بمعنى "غير"، و لا تستعمل إلا في الاستثناء المنقطع، وتكون ملازمة للنصب على شبه الاستثناء، والثانية هي "لاسيما" وتتألف من "لا" النافية للجنس، و"سيط بمعنى "مثل" و "ما"، وهي تركيب يؤتى به لترجيح ما بعدها على ما قبلها في حكم مشترك بينهما مثل "أحب العاملين ولا سيّما المخلصين".[٢]
أنواع الاستثناء
بعد التعريف بالاستثناء في علم النحو، والتفصيل في أركانه، لا بدّ من التّعرّف على أنواع الاستثناء وهي كثيرة كالاستثناء المنقطع، والاستثناء المتصل، والاستثناء التام، والاستثناء المُفَرَّغ، والاستثناء الموجب والاستثناء غير الموجب، وسيتمّ فيما يأتي التفصيل بكلّ من هذه الأنواع وتوضيحها بالأمثلة المناسبة:[٣]
- الاستثناء المتصل: وهو ما كان فيه المستثنى منه والمستثنى من جنس واحد نحو "نجح الطلاب إلا سعدًا"، فسعد من الطلاب وهو بعضهم، وقد كان الحكم هو "النجاح" عامً، ثم تمّ إخراج المستثنى "سعدًا" منه، فأُزيل عمومه وجُعل خاصًا ببعض الطلاب لا عامًا فيهم جميعًا، ولذا كان الغرض من الاستثناء المنفصل التخصيص بعد التعميم.
- الاستثناء المنقطع: وهو ما كان فيه لفظ المستثنى من جنس غير جنس المستثنى منه، نحو "وصل الطلاب إلا كتبهم"، والمستثنى في هذا النوع ليس جزءًا من المستثنى منه كما كان في النوع السابق، ولذا لم يفد الاستثناء التخصيص بعد التعميم، إذ لا معنى لاستثناء شيء من غير جنسه، بل أفاد الاستدراك، فالمعنى "وصل الطلاب لكنّ كتبهم لم تصل"، ولا بدّ من وجود علاقة تربط المستثنى بالمستثنى بإلّا في هذا الاستثناء.
- الاستثناء التام: وهو ما استوفى أركانه الثلاثة سواء أكان مثبتًا أم منفيًا.
- الاستثناء المُفرّغ: وهو ما حُذف فيه المستثنى منه وقد سبق بنفي أو نهي أو استفهام، كقول تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ}.[٤]
- الاستثناء الموجب: وهو ما لم يُصَّدر بنفي أو شبهه مثل "زرت الآثار إلا قلعة الحصن".
- الاستثناء غي الموجب: وهو ما صُدّر بنفي نحو "ما جاء أحد إلا زيد أو زيدًا"، أو شبه النفي أو الاستفهام مثل "لاتزر أحدًا إلا زيدًا" أو "هل جاء أحدٌ إلا زيدًا أو زيدٌ".
أحكام الاستثناء بإلا
بعد التفصيل في تعريف الاستثناء في علم النحو، ومعرفة أنواعه وأركانه، والتمثيل عليهم بالشواهد المناسبة، من الجيد الحديث عن بعض الأحكام المتعلقة بالاستثناء بإلا، فللمستثنى بإلا ثلاث أحوال:[٣]
وجوب نصبه على الاستثناء: وذلك في ثلاثة مواضع:
- الأول: أن يقع الاستثناء في كلام تام موجب نحو "جاء القوم إلا زيدًا".
- الثاني: أن يقع المستثنى قبل المستثنى منه سواء أكان الكلام موجبًا نحو "جاء إلا سعيدًا المسافرون"، أم سالبًا كقول الشاعر الكميت بن زيد:[٥]
فَمَا لِيَ إلاّ آلَ أحمدَ شيعةٌ *** وَمَا لِيَ إلاَّ مَشعَبَ الحَقِّ مَشعَبُ
- الثالث: إن كان الاستثناء منقطعًا نحو "وصل المسافرون إلا حقائبهم" وكما في قوله تعالى: {مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَىٰ * إِلَّا تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَىٰ}.[٦]
جواز نصبه على الاستثناء في وجهين: إمّا إتباعه للمستثنى منه على البدليّة، أو نصبه على الاستثناء وذلك إذا وقع المستثنى بعد المستثنى منه في كلام تام منفي أو شبه منفي، فالمنفي كقوله تعالى: {مَّا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِّنْهُمْ}،[٧]وشبه المنفي كقوله تعالى: {وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ}.[٨]
أحكام الاستثناء بـ غير وسوى
بعد تعريف الاستثناء في علم النحو، والحديث عن أركانه وأنواعه، لا بدّ من التعريج على بعض أحكامه، كأحكام الاستثناء بغير وسوى، وتستعمل "غير وسوى" في الأصل للوصف فيقال "جاء رجل سواكَ أو غيركَ"، ولكنّهما حملا على "إلا" فاستثني بهما، وحكم ما بعدها الجر بالإضافة دائمًا، وهما اسمان يُعطيان إعراب الاسم الذي بعد "إلا"، وتنطبق عليهما كلّ أحكامه فيقال:[٣]
- "جاء الصُحب غيرَ زيد" واجب النصب لأنّ الاستثناء تام موجب.
- "ما جاء غيرَ زيدٍ الطلابُ" واجب النصب لتقدم المستثنى على المستثنى منه.
- "جاء المسافرون غيرَ أمتعتهم" واجب النصب على الاستثناء المنقطع.
- "ما جاء الصحب غيرَ أو غيرُ زيدٍ" جائز النصب أو البدليّة من المستثنى منه لأنه استثناء تام منفي.
- "ما جاء غيرُ زيدٍ" مرفوع على أنّه فاعل لأنّ الاستثناء مفرّغ.
وينطبق ذلك كلّه على "سوى"، وبعض النحاة يرى أنّ "سوى" ظرف منصوب على الظرفيّة المكانيّة، وأنّه بمعنى "بدل أو مكان"، ولو حملناه على "غير" وجعلناه للاستثناء لجعلناه في ذلك يسرًا وتسهيلًا.[٣]
أحكام الاستثناء بـ خلا وعدا وحاشا
بعد الحديث عن الاستثناء في علم النحو، والتعريف بأركانه وأنواعه، يمكن الحديث عن أحكامه المتعلقة بأدوات الاستثناء "خلا وعدا وحاشا" يستثنى بهذه الكلمات لتضمنها معنى "إلا"، ويجوز في المستثنى بها وجهان:[٢]
- الجرّ على أنّها حروف جر شبيهة بالزائدة لا تحتاج مع مجرورها إلى تعليق نحو "جاء الرفاق خلا زيد" وزيد هنا مجرور لفظًا منصوب تقديرًا على الاستثناء.
- النصب على أنّها أفعال ماضية، فاعلها ضمير مستتر وجوبًا تقديره "هو" خلافًا للأصل، والمستثنى بها: مفعول به منصوب، والجملة في موضع نصب على الحال من المستثنى منه، نحو جاء الرفاق خلا زيدًا" أي خالين من زيد.
المراجع
- ↑ "تلخيص لباب المبني والمعرب والمنصوبات والتوابع في النحو العربي"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 12-10-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب "مستثنى"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 12-10-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث "الاستثناء احكامه وانواعه"، www.uobabylon.edu.iq، اطّلع عليه بتاريخ 12-10-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة آل عمران، آية: 144.
- ↑ "طربت وما شوقا إلى البيض أطرب"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 12-10-2019.
- ↑ سورة طه، آية: 2-3.
- ↑ سورة النساء، آية: 66.
- ↑ سورة آل عمران، آية: 135.