الانشغال الدائم ما تأثيره على صحتي؟

كتابة:
الانشغال الدائم ما تأثيره على صحتي؟

الانشغال الدائم

يردد الكثير من الأشخاص بعض العبارات؛ مثل: أنا مشغول دائمًا، وليس لدي الوقت الكافي، وأنا مشغول لدرجة لا يمكنك تخيّلها، وهذه العبارات وسيلة للتفاخر والشكوى عادة، فمعظم شعوب العالم اليوم يغلّف حياتها ما يُعرَف بالانشغال الدائم، حتى إنّ بعضها قد اعتادت على ذلك، وقد يصل ذلك إلى الشعور بالذنب عندما لا يكونوا الناس في تلك الشعوب مشغولين، لكنهم غير مدركين أنّ في سباقهم للحياة وانشغالهم الدائم وجدول أعمالهم المزدحم لا يوجد دليل على الذكاء أو التقدم، بل هو أمر سلبي قد توجد له تداعيات خطيرة على الصحة، فما تأثير الانشغال الدائم في الصحة؟


ما تأثير الانشغال الدائم في الصحة؟

أصبح الانشغال الدائم سمة العصر الحديث، واعتاد معظم الأشخاص من كل الأعمار عليه في حياتهم، ومن المدهش وجود عدد قليل من الأبحاث العلمية التي تفيد بوجود فوائد للانشغال الدائم، خاصة فيما يتعلّق بالقدرات العقلية والإدراكية عند الذكور في أواسط العمر، لكن بالرغم من ذلك يبقى الانشغال الدائم واحدًا من المفاهيم المرتبطة بالأحداث اليومية وكثرة الأعمال والتحقق المتكرر من البريد الإلكتروني والقائمة الطويلة من المهمات، والذي قد ينعكس على أسلوب الحياة اليومية، ويمتد الانشغال الدائم ليؤثر في شخصية الفرد ويجعله دائم القلق والشعور بـالعصبية، وربما يحمل عددًا من الآثار السلبية النفسية والجسدية؛ وهي:


التأثير النفسي

يؤدي الانشغال الدائم دورًا في شعور الشخص دائمًا بالتوتر أو القلق، ويحمل التوتر الدائم آثارًا سيئة وسلبية في الصحة الفسيولوجية للجسم، ذلك قد يجعل الشخص يشعر بالخطر والتهديد والترقب الدائم، والشعور المستمر بالتوتر يحفّز الجسم لإفراز هرمون الأدرينالين، والذي يحث الجسم على الاستجابة السريعة في مواقف الخطر، بالإضافة إلى إفراز الإندورفينات، مما يسبب انقباض الأوعية الدموية القريبة من سطح الجلد، وبالتالي منع تسرب الدم، ثم يزيد نشاط الغد العرقية وترتفع كمية العرق المُفرَزة في محاولة لتبريد الجسم، بالإضافة إلى ازدياد معدل نبضات القلب، وارتفاع ضغط الدم، وانقباض العضلات، وهذا جميعه يسبب يقظة الحواس وتركيزها، لكنه سيصبح أمرًا سلبيًا على الصحة على المدى البعيد.[١]


التأثير الجسدي

يشابه تأثير الانشغال الدائم في الصحة ما يتسبب فيه تناول الأطعمة السريعة والمصنعة أو إهمال التغذية وقلة ممارسة الرياضات والأنشطة البدنية وقلة الاسترخاء للحفاظ على الصحة، ويعزى هذا الأمر إلى الإرهاق النفسي المستمر، إذ إنّ سوء الصحة النفسية ينعكس سلبًا على الصحة الجسدية، ومن هذه الانعكاسات السلبية التي قد يشعر بها الشخص نتيجة الانشغال الدائم[٢][٣]:

  • تكرار الإصابة بالالتهابات.
  • تغيّر في الدافع والرغبة الجنسية.
  • الإصابة بـامراض القلب والأوعية الدموية.
  • الأرق وقلة النوم.
  • المعاناة من الصداع الدائم.
  • الشعور بآلام العضلات والإعياء المستمر.
  • ضعف جهاز المناعة.
  • الإصابة باضطربات في الجهاز الهضمي.
  • ارتفاع ضغط الدم.
  • الإحساس بـالاكتئاب والغضب.


ما تأثير كثرة الانشغال في الحياة الاجتماعية؟

يؤدي الانشغال الدائم إلى التأثير السلبي في الحياة الاجتماعية للشخص وعلاقاته بالآخرين، فالانشغال الدائم -كما ذُكِرَ سابقًا- يجعل الشخص في شعور مستمر بالقلق والتوتر وربما الإحباط أو الغضب والحزن، بالإضافة إلى الشعور بالوحدة والذنب أيضًا بسبب الابتعاد عن العائلة والأطفال وفقد اللحظات السعيدة معهم، ولأنّ العلاقات الناجحة تحتاج إلى الوقت وبذل الطاقة في مكانها الصحيح لاستمراريتها؛ فإنّ الانشغال الدائم مانع لذلك، ويمنع الأشخاص ممن يحاولون التقرّب من الوصول؛ فقد يشعرون بعدم الرغبة في وجودهم في محيط الشخص ذي الانشغال الدائم، الذي بتكراره واستمراره لدى الشخص يجعله يفقد معنى التواصل مع الآخرين، وتاثيره في الحياة الاجتماعية لا يقتصر على العلاقات المهنية أو العاطفية، فهو قد يمتد إلى الأطفال وأفراد العائة أيضًا.[٢]


كيفية تقليل كثرة الانشغال

ينظر بعضهم إلى الانشغال الدائم وكأنّه مرض يجب إيجاد علاج لمن يعاني منه وحلول مناسبة له، حتى إنّ بعضهم أحيانًا يقارنونه بالإدمان، لكن وبالرغم من ذلك فإنّ هناك بعض النصائح التي تساعد الشخص في تقليل الآثار السلبية سواءً النفسية او الجسدية والناجمة من الانشغال الدائم والتي تحتاج إلى تطبيق عاجل للحد من الآثار السيئة للانشغال الدائم، وهي[٤]:

  • الاعتراف بالانشغال الدائم، وأنّ ذلك من شأنه أن يحمل آثارًا سيئة على المدى البعيد، فهذه خطوة أساسية لا بُدّ منها.
  • تخصيص بعض الوقت والحديث مع النفس، وسؤالها عن سبب الانشغال الدائم: أهو العمل أم الرغبة في النجاح؟ أم أن ذلك طريقة للتخلص من المشكلات والضغوطات الحقيقية التي يحاول الشخص الهروب منها بكثرة العمل؟
  • مراجعة البرنامج اليومي، والتأكد أنّ الشخص لا يستطيع الاستمرار تحت ضغط الانشغال الدائم مهما كان الظرف.
  • التواصل مع واحد من اختصاصيي علم النفس، والذي بمقدوره أن يساعد في تخطي الأسباب التي تدفع الشخص للانشغال الدائم.
  • عدم تجاهل الحاجة إلى الراحة، إذ يساعد إعطاء النفس بعض أوقات الراحة في الحفاظ على الصحة العامة، فهي تبقى الأهم من الأعمال والنجاحات بأكملها.


ما فوائد الانشغال الدائم؟

سبق وأن ذكر أنّ القليل من الدراسات العلمية بحثت في فوائد الانشغال الدائم، على الرغم من أضراره النفسية والجسدية المتعددة في الصحة، ففي إحدى الدراسات عام 2016 م خَلَصت إلى أنّ الانشغال الدائم قد توجد له آثار إيجابية في القدرات العقلية والإدراكية والذهنية للفرد، خاصة لدى الذكور ممن تتراوح اعمارهم بين 50 - 89 سنة، وقد يبدو السبب في ذلك تعلّم الأشياء الجديدة؛ كالمعلومات والأمور المتجددة يوميًا أثناء الانشغال الدائم من شانه أن يحفّز الدماغ لبناء المزيد من الخلايا العصبية الجديدة، وفي هذه الدراسة ركّز الباحثون على أنّ معظم الفوائد متعلّقة بالذاكرة، وهذا أمر مفيد للغاية لدى الرجال كبار السن.[٥]


المراجع

  1. "Too Busy to Read This? Then You Probably Should", psychologytoday, Retrieved 24/7/2020. Edited.
  2. ^ أ ب "How the Glorification of Busyness Impacts Our Well-Being", verywellmind, Retrieved 24/7/2020. Edited.
  3. "Do You Know Anyone with the Busyness Disease?", psychcentral, Retrieved 24/7/2020. Edited.
  4. "The “Disease” of Being Busy", healthline, Retrieved 24/7/2020. Edited.
  5. "The Busier the Better: Greater Busyness Is Associated with Better Cognition", ncbi, Retrieved 24/7/2020. Edited.
4064 مشاهدة
للأعلى للسفل
×