محتويات
البراغماتية في الإسلام
أصل البرغماتية
إن الناظر في مبادئ الشريعة الإسلامية يرى أن الإسلام لم يفرق أو يفصل بين مفهومي البحث عن الحقيقة، والبحث عن السعادة، فلا يوجد تنافر بين المفهومين؛ ولكن الغرب حاول أن يبرز هذين الأمرين ضمن حضارته التي فرضها على الشعوب والبلدان؛ التي وقعت تحت سيطرته.[١]
ومن هنا نشأ الاختلاف بين المفهومين؛ فكان مفهوم السعادة عند الغرب يقتصر على اللذة المادية فقط لا غير، وعندما جاءت البراغماتية طوّرت هذه المفاهيم وحاولت تسويغها، فقالت: إن الأخلاق هي السعادة الذاتية؛ فليست الفضيلة فضيلة إلا لأنها تجلب اللذّة للشخص، وليست الرذيلة كذلك إلا لأنّها تتسبب بالألم.[١]
الإسلام ومفهومي السعادة والحقيقة
لقد جاء الإسلام ليعلم الإنسان ما هي السعادة في الدنيا والآخرة، كما أن السعادة فيه تتسع لتلبية جميع احتياجات هذا الإنسان بوسطية واعتدال؛ دون إسراف أو تبذير، ومع التآلف والتعاون بين جميع الأجناس البشرية.[٢]
ومن الجدير بالذكر أن البحث عن الحقيقة في الإسلام هي طريق السعادة، أو أن السعادة في جوهرها لا تتحقق إلا بالوصول إلى الحقيقة؛ فيكون الهدف الذي يسعى وراءه الإنسان في الإسلام حقيقة السعادة، أو السعادة الحقيقية.[٢]
البرغماتية والواقع الملموس
البراغماتية هي فلسفة لا تنظر إلا للدنيا، وإلى الواقع المادي الملموس، أما الإسلام فقد نبّه لضرورة الإيمان باليوم الآخر، ولم يغفل الحياة الدنيا التي هي مجال عمل وإعمار وإصلاح، وقد سخر الله كل ما فيها من كائنات لإرادة الإنسان لتحقيق معنى الخلافة في الأرض.[٣]
والإسلام دين شامل؛ ومن شموليّته النظر إلى مصالح الناس في الدنيا وفي الآخرة، أفراداً وجماعات، وقد نظّم الإسلام العلاقات النفعية المتبادلة بين الناس دون أن يعتدي أيّ شخص على أحد، أو جهة على أخرى، ولا نجد هذا في فلسفة البراغماتية.[٣]
واهتم الإسلام أيضاً بالنتائج؛ فقد أمرتنا آيات القرآن الكريم بالنظر إلى نتائج أعمال الكافرين الذين لم يقبلوا دعوة الإسلام، فهذه النظرة المتزنة تعطي أهمية للحياة الدنيا والحياة الآخرة؛ ومنزلة الإنسان في الآخرة مبنية على ما قدّم في الحياة الدنيا.[٣]
التعريف بالبراغماتية
البراغماتية مصطلح يوناني مشتق من براجما ويعني العمل؛ وهو توجه وتيّار فلسفي يدعو إلى أن حقيقة كل المفاهيم لا تثبت إلا عند التجربة العملية، وهي كذلك فلسفة معاكسة لما عُرف قديماً بأن الفلسفة تبدأ بالتصورات، وبالقدر التي تصدق فيه هذه التصورات تكون النتائج، أما فلسفة البراغماتية فتقول: إن الواقع والتجربة يفرض على الإنسانية معنى الحقيقة، ولا يوجد هناك حقيقة تفرض نفسها على الواقع.[٤]
وجيمس مطوّر مفهوم البراغماتية، ومؤلف كتاب البراغماتيّة، والذي نظّر فيه إلى أن البراغماتية لا تعتقد بوجود حقيقة مثل الأشياء المستقلة عنها؛ فالحقيقة في فلسفة البراغماتية هي مجرد منهج وطريقة للتفكير؛ مثلما أن الخير مثلاً هو منهج للعمل، فيمكن لفكرة نعتبرها اليوم حقيقة أن تصبح خطأ في الغد، فالثوابت التي طالما كانت حقائق لقرون وسنوات ماضية ليست حقائق مطلقة، بل يمكن القول بخطئها.[٤]
ويمكن تلخيص أهم الاتجاهات لهذه الفلسفة في أنها توجه عقول الناس إلى العمل دون النظر، بمعنى أن يذهب العقل نحو التفكير في النتائج والغايات بدلاً من التفكير في المبادئ والأوليات، وترى البراغماتية أن المعارف هي أداة للعمل المنتج، وأنه للتحقق من صدق الأفكار يجب قياس مدى قدرتها على إثبات نفسها، وبالتالي يصبح المعيار هو قياس منفعة الأفكار، وليس للتصورات وحكم العقل أي دور مهم.[٥]
ظهور البراغماتية ومنظّريها
بدأ ظهور البراغماتية أو ما تعرف بالفلسفة العلمية في الولايات المتحدة الأمريكية، في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي وبدايات القرن العشرين، حيث كان أول من استخدم مصطلح البراغماتية كمصطلح فلسفي هو تشارلس بيرس، وهو أحد ثلاثة من المفكّرين والفلاسفة الذين ساهموا بوضعها فن الولايات المتحدة، ووليم جيمس، وجون ديوي.[٥]
المراجع
- ^ أ ب محمد ابراهيم مبروك، الاسلام النفعي الذي تريده اميركا، صفحة 90. بتصرّف.
- ^ أ ب محمد ابراهيم مبروك، الاسلام النفعي الذي تريده اميركا، صفحة 91. بتصرّف.
- ^ أ ب ت زكريا الرطروط، البراجماتیة وموقف الإسلام منها، صفحة 190. بتصرّف.
- ^ أ ب مجموعة مؤلفين، مجلة البيان، صفحة 130. بتصرّف.
- ^ أ ب محمد محمود ربيع، مناهج البحث في العلوم السياسية، صفحة 129. بتصرّف.