التاريخ السياسي للدولة الأموية

كتابة:
التاريخ السياسي للدولة الأموية

الدولة الأموية

تُعدّ الدولة الأموية أولى دول الخلافية الإسلامية، ويعدّ معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه- مؤسّسها؛ فبعد مقتل عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه-، تولّى ولده الحسن الخلافة، ثمّ تنازل عنها لمعاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه-، على أن ترجع إليه بعد وفاة معاوية، إلا أنه توفى قبل معاوية، واستمرت الخلافة السفيانية لبني أميّة، حتى توفي معاوية الثاني بن يزيد بن معاوية، فثار عبد الله بن الزبير، ونادى بنفسه خليفة للمسلمين، ووقعت في عهده الفتنة الثانية بين المسلمين، فوصلت الخلافة لعبد الملك بن مروان، وهو مؤسس المروانية من الأسرة الأموية، وظل الملك فيهم حتى تولى مروان بن محمد بن مروان، الذي سقطت في عهده خلافة بني أمية على يد العباسيين.[١]، وفيما يأتي عرض التاريخ السياسي للدولة الأموية

التاريخ السياسي للدولة الأموية

إنّ الحديث عن التاريخ السياسي للدولة الأموية لا يظهر ولا يتّضح إلى من خلال التطرّق إلى ما مرت به الدولة الأموية من أحداث، منذ نشأتها وربما قبل ذلك، حتى القضاء عليها، ولا يمكن فَهم الأسباب المؤدّية إلى قيام الدولة العباسية التالية لها، إلا من خلال قراءة التاريخ السياسي للدولة الأموية، والذي ستعرض له المقالة فيما يأتي.

تأسيس الدولة الأموية

يذكر التاريخ السياسي للدولة الأموية ما شهدته الخلافة الإسلامية قبل تأسيسها من فتن داخلية ابتدأت من عهد عثمان بن عفان وأدّت إلى مقتله، ثم انتقلت إلى خلافة علي بن أبي طالب، وأثارت الكثر من القلاقل التي لم يقدر على إنهاء أغلبها، فأدّت إلى قتله على يد الخارجي على يد عبد الرحمن بن ملجم، وكان هذا الأخير قد اتفق مع الخارجيين البرك بن عبد الله التميميّ على قتل معاية بن أبي سفيان، وعمرو بن بكر التميميّ السعديّ على قتل عمر بن العاص، فنجح الأول فيما خطط له، وفشل الآخران في مهمّتهما.[٢]

فكان لخلافة علي بن أبي طالب أن تنتهي، وتبدأ خلافة جديدة رفض فيها معاوية بن أبي سفيان -وهو الأحق بالخلافة من بعده رغم الخلاف بينه وبين علي بن أبي طالب في معركة صفّين- ترك ولايته الشام، فبايع أهل العراق الحسن بن الحسين على الخلافة، وبايع أهل الشام معاوية بن أبي سفيان، فما كان من معاوية إلا أن سار بجيشه إلى الحسن الذي رفضَ القتال ودعا إلى الصلح، وبايع معاوية بن أبي سفيان على الخلافة، فسُمّي ذلك العام بعام الجماعة، لاتفاق المسلمين على خليفة لهم بعد خلاف طويل دام سنوات بين معاوية وعليّ.[٢]

خلافة معاوية بن أبي سفيان

بدأت الدولة الأموية فعليًّا من الصلح الذي جرى بين معاوية بن أبي سفيان والحسن بن الحسين عام 41 هـ عام الجماعة، ومن هنا يبدأ التأريخ الفعلي للتاريخ السياسي للدولة الأموية، الذي شهدت فيه الدولة الأموية نجاحًا، لما تمتع به معاوية بن سفيان من خبرة في الحكم، استمرت لعشرين عامًا من ولايته للشام، ولما تمتع به من العلم والحكم والذكاء والدهاء الذي ساعده على قيادة هذا المنصب.[٣]

وقد شهدت خلافة معاوية بن أبي سفيان والإجماع عليه عودة للفتوحات الإسلامية والحرب على البيزنطيين في إفريقيا والبحر، بعد توقف حركة الفتوحات الإسلامية نهائيًّا منذ قيام فتنة مقتل عثمان سنة 35 هـ، وخلافة علي بن أبي طالب. كما عادت فتوحات المشرق في سجستان وخراسان وبلاد ما وراء النهر، والأناضول حتى عمورية، فتمكن من استعادة أرمينيا التي خسرها المسلمون أيام الفتنة.[٣]

يركّز التاريخ السياسي للدولة الأموية على الفتوحات الإسلامية على الغزوات والحملات التي شنّها معاوية بن أبي سفيان، ففي عام 49 هـ أرسل -بقيادة سفيان بن عوف الأزديّ- حملته الأولى لفتح القسطنطينية، ولكنها عادت خاسرة لحلول الشتاء وصعوبة ظروف القتال، فكان ممن قتلوا في الحملة الصحابيّ أبو أيوب الأنصاري.[٣]

في عام 53 هـ أرسل معاوية حملته الثانية بقيادة فضالة بن عبيد الأنصاري، فتمكّن أسطوله في طريقة للقسطنطينية في طريقه من فتح جزيرتي أرواد ورودس على ساحل آسيا الغربيّ، وفيهما أسس المسلمون قاعدة لحصار القسطنطينية منها وأقاموا فيها سبع سنين، ولكنّهم فشلوا مرّة أخرى في حملتهم، لما شهده المسلمون من صمود الروم في المدينة التي كانوا يُحاصرونها خلال الصيف ويرحلون عنها إلى أن سحب معاوية بن أبي سفيان أسطوله، وأعاده دون فتح القسطنطينية عام 60 هـ.[٣]

لم تقتصر فتوحات معاوية على ما سبق، بل وضع عقبة بن نافع قائدًا على جيش المغرب، فقادَ العديد من الحملات فيها، وبنى بإذن معاوية مدينة القيروان بين سنتي 50 و55 هـ لتكون مركزًا لانطلاق غزوات المسلمين تنطلق منه قواتهم للغزوات. كما عمل عقبة بن نافع على عقد الكثير من المصالحات مع أمازيغ المغرب، وأدخل الكثير من قبائلهم في الإسلام، واستمرت الفتوحات الإسلامية فيها حتى وصلت تلمسان. ولم تتوقف غزواتهم هنا، بل كان له أن يفتح مرارًا وتكرارًا في جبهة الشرق، سجستان فقوهستان في سنتي 43 ـ 45 هـ، وغزو بلاد ما وراء النهر والسند وجبال الغور، التي عُرف أهلها بنكث العهد.[٣]

كان من أبرز التغيّرات في التاريخ السياسي للدولة الأموية في عهد معاوية بن أبي سفيان، أنه نقلَ عاصمة الدولة من الكوفة التي اختارها علي بن أبي طالب إلى دمشق، مما أثار سخطَ بعض أهل العراق والحجاز، كما شهدت الدولة في عهده فترة من الاستقرار والرخاء[٢]، التي ظهرت في المناسبات فيذكر في التاريخ السياسي للدولة الأموية والتاريخ الأموي أنّ الملسمين أتاحوا المجال لأهل الذمة للاحتفال بأعيادهم في جو من الحرية والتسامح، وكلن ما يميزها عن احتفالات أحل الذمة في أيام الخلافة الراشدية وأيام الرسول، استرجاع ولاة الأمصار للمواكب تقليدا للفرس والروم، واتخاذ معاوية بن أبي سفيان حرسا يرفعون السيوف عند مقصورته والحراب بين يديه؛ خوفا من الاغتيال، ويذكر أنه بني مقصورةً خاصةً في المسجد يُصلي بها بعيدا عن الناس بعد محاولة قتله هو وعلي بن أبي طالب وعمرو بن الخاص من الخوارج، وقد قلده ولاته من بعده، كزياد بن أبيه في العراق، خاصة المسير بالحربة حتى أصبح تقليدًا.[٤]

ويذكر فيما يذكر التاريخ السياسي للدولة الأموية أن وسائل التسلية للأمويين كالصيد، كانت سبيلًا لتدريب الجند على الركض والكرّ والفروسية والرمي بالنشّاب والضرب بالسيف والدبوس، ويقلل المبالاة بإراقة الدماء.[٤]

وقد شهد التاريخ السياسي للدولة الأموية في عهد معاوية إلغاء نظام مجلس الشورى، وإنشاء نظام للشرطة للحماية والحراسته كان يُعيِّنه هو بنفسه، كما طوَّر ديوان البريد وأنشأ ديوانًا جديدًا لتنظيمه أكثر هو ديوان الخاتم، كما حوّل نظام الخلافة إلى نظام وراثي عندما عيّن ابنه يزيد بن معاوية وليًا للعهد من بعده، وذلك بعد أن كان نظام الخلافة قائمًا بالشورى.[٢]

خلافة المروانيين

خاض معاوية بن أبي سفيان خلال التاريخ السياسي للدولة الأموية العديد من المعارك ضد ثورات الخوارج، حتى تمكن من إخماد ثورتهم عام 45 هـ، فظلّ حال الدولة مستقرًا إلى وفاته عام 60 هـ، وتولّى الخلافة بعده ابنه وليّ العهد يزيد الذي بايعه أهل الشام عام 50 هـ، ولمّا كان يزيد بن معاوية خارج دمشق عندما توفّى والده، فقد أخذ الضحاك بن قيس البيعة له، وبعدها عاد إلى دمشق، وقدمت الوفود لتعزيته بوفاة أبيه وتهنئتِه بالخلافة.[٢]

فما كان من يزيد بن معاوية إلا أنْ حَذا حَذْوَ أبيه في تعيين عقبة بن نافع قائدًا لجيوش المغرب، الذي استمر بحملاته حتى وصل فيها إلى مدينة طنجة عام 62 هـ، ولكنْ ما لبث أن قتل هذا الأخير، بعد تحالف الروم والأمازيغ بقيادة كسيلة بن كمرم على قتله عام 63 هـ، وكان ممن قتل معه القائد المغربي أبو المهاجر دينار، فتمكّن كسيلة من استعادة أرض أفريقية ومدينة القيروان، وقد حقّق يزيد في عهده فتوحات محددة، كفتح بعض مناطق المشرق في خراسان وما وراء النهر.[٢]

شهد عهد يزيد الكثير من الفتن والقلاقل واحدة من أبرز الوقائع التاريخيّة، التي أثرت في تاريخ الدولة الأموية والدولة الإسلامية، وأدّت إلى انقسامات كبيرة فيها حتى سمي عهده بعهد الفتنة الثانية، ففيه وقعت معركة كربلاء عام 61 هـ، ذلك أن أهل الكوفة رفضوا خلافة يزيد بن معاوية، واتفقوا على مبايعة الحسين بن علي بالخلافة -وكان الأخير رافضًا لمبايعة يزيد-، وشجّعه عبد الله بن الزبير على ذلك بعد أن حذره عبد الله بن العباس، ولكن الحسين ارتأى أن يأخذ بنصيحة عبد الله بن الزبير، فأخذ عمه مسلم بن عقيل البيعة له من 12,000 كوفي. وما إن وصل الخبر ليزيد حتى سارع بعزل النعمان بن بشير عن ولايتها وعيَّن عبيد الله بن زياد مكانه، فقبض عبيد الله على مسلم وقتله، وعندما علم رجال الحسين بذلك أصرُّوا على الثأر لمسلم، والتقوا بجيش بقيادة عمر بن سعد بن أبي وقاص قربَ كربلاء، وهناك طلب عمر من الحسين تسلين نفسه كأسير حرب، إلا أن الحسين رفض، فوقعت واقعة كربلاء التي قتل فيها الحسين وكل من كان معه.[٢]

عندما قُتلَ الحسين استغلَّ عبد الله بن الزبير الأمر ليُحرّض أهل الحجاز على يزيد بن معاوية، فبايعه أهل الحجاز ومصر، وحاصروا بني أمية في المدينة في منزل مروان بن الحكم، فأرسل يزيد إلى المدينة جيشاً بقيادة مسلم بن عقبة، وأمره بمحاصرتهم ثلاثة أيام، وعندما بلغَها المدينة دخلها من جهة تُسمَّى الحرة، فكانت موقعة الحرة سنة 61 هـ التي هُزم فيها أهل المدينة، بعد أن رفضوا مبايعة يزيد، وأجبروا على المبايعة بالقوَّة، ومنها انتقل مسلم إلى مكة للقضاء على ثورة ابن الزبير، وقد توفيَّ مسلم في الطريق إلى مكة، وأخذ القيادة عنه الحصين بن نُمير، وعند وصولهم إلى مكة وصلت أنباء وفاة يزيد، فاضرب الجيش، وتركوا عبد الله بن الزبير دون قتله وعادوا إلى الشام.[٢]

عند وفاة يزيد طالَبَ مروان بن الحكم بالخلافة لنفسه وبايعه أهل المدينة واليمن، وقضى على الفتنة التي أثارها عبد الله بن الزبير عندما أعلنَ نفسه خليفة في الآن ذاته مع مروان، في معركة مرج راهط، واستعاد مصر دون قتال، وبُويع مروان، كما واجه مروان عبيد الله بن زياد وقضى على ثورة التوابين، وتوفي بعدها عام 65 هـ.[٢].

استلم عبد الملك بن مروان الحكم من بعده، لكنّه واجه العديد من الانقسام في الدولة الأموية، منها: الدولة الأموية في مصر والشام، ودولة ابن الزبير في الحجاز والعراق، وثورة المختار الثقفي الذي ثار وسيطر على الكوفة، وبعض الخوارج بعد ثورتين على إقليمي الأهواز والنجدات، وثورة مصعب بن الزبير بعد قضائه على المختار الثقفي، فالتقى عبد الملك مع مصعب بن الزبير في معركة دير الجاثليق عام 71 هـ فاستعاد فيها العراق، وفي عام 73 هـ سيّر جيشا إلى مكّة بقيادة الحجاج بن يوسف الثقفي، قُتل فيه ابن الزبير، فكوفئَ الحجاج بأن عين واليًا للعراق والمشرق، استتبَّ الحكم لخليفة واحد في البلاد، وسُمّي عام 73 هـ بعام الجماعة الثاني.[٢].

عمر بن عبد العزيز واتساع الدولة الأموية

عُرف عهد عمر بن عبد العزيز "الخليفة الزاهد" 101 هـ بالرخاء والاستقرار، حتى قيل ما بقي فقير ولا محتاج في عصره، وقد عرف من عدله بخامس الخلفاء الراشدين، وقامت سياسة حكمه على وقف الفتوحات نظرًا لاتساع الدولة الكبير، والعمل على توطيد الحكم وإصلاحه وإصلاح أمور الناس، ودعوة أهل المناطق المفتوحة إلى الإسلام، وإعادة ما في أيدي بني أميّة من مال إلى بيت مال المسلمين، بالإضافة إلى إصلاحه الأراضي الزراعية واستصلاحها، وحفر الآبار وتمهيد الطرقات، وبناء الفنادق لأبناء السبيل، وبناء المساجد، كما شهدَ عهده أول تحرك جديدٍ للخوارج منذ أيام عبد الملك بقيادة بسطام اليشكوري، ولكنه راسله وأقنعه بعدم التمرّد، وقد استمرت لعامين ونصف تقريبًا.[١]

تولّى الخلافة من بعده ابن عمِّه يزيد بن عبد الملك 105 هـ الذي حاول السير على خطى عمر بن عبد العزيز، ولم يفلح لقلة خبرته، وصغر سنه، وإحاطته برفقاء السوء، وكان من الممكن لعهده أن يَشهد انحطاطًا كبيرًا للدولة لولا بعض رجالها كمسلمة بن عبد الملك الذين حاولوا الحفاظ على قوّتها، وساعدوه على غزو إقليم الصغد في ما وراء النهر عدَّة مرات بعد أن نقض أهله عهدهم مع المسلمين في عامي 102 و104 هـ، والقيام ببعض الغزوات ضد البيزنطيين في موقعتين كبيرتين في فرنسا: معركة تولوز التي هُزم المُسلمون فيها، وأخرى فتح فيها سبتمانيا وليون وتوغل في منطقة بورغونيا، وغزا في فترة قريبة محمد بن يزيد جزيرة صقلية، كما شهد عهده ثورة ضخمة للخوارج بقيادة يزيد بن المهلب للوصول إلى الخلافة، وبايعه أهل البصرة، ولكنه ما لبث أن هُزمَ وقتله مسلمة بن عبد الملك في معركة عفر عام 102 هـ.[١]

عندما توفيَّ يزيد بن عبد الملك استلم الحكم أخوه هشام، الذي عُرف في التاريخ السياسي للدولة الأموية بقوته وخبرته السياسية وحنكته سياسية، وأدار الدولة بكفاءة عالية، وحافظ على استقرارها طيلة حكمه، واستمر بالغزوات الواسعة على الجبهة الشرقية في السند وما وراء النهر والشمال في الأناضول والقوقاز والغرب في الأندلس وجنوب غالة فرنسا، وشهدَ عهده بلوغ الدولة الأموية ذروة اتساعها وأقصى حدودها على الرغم من عدم تغير حدود الدولة الأمويّة بضم مناطق جديدة إليها، فامتدَّت حدودها من أطراف الصين شرقًا إلى جنوب فرنسا غربًا، وكانت معركة بلاط الشهداء من أهم المعارك التي خاضها المسلمون في عهد هشان بن عبد الملك، بالإضافة إلى العديد من الغزوات على البلاد التي فتحها المسلمون ونكثت عهدها معهم كبلاد ما وراء النهر التي غزاها المسلمون ثلاث مرات عام 121 هـ ومرتين سنة 123 هـ.[١]

كما شهد التاريخ السياسي للدولة الأموية في عهد هشام بن عبد الملك، الكثير من ثورات الخوارج، وفي بقاع مختلفة من الدولة الأموية، ومن أبرز ثوراتهم عليه ثورة شبيب بن صحاري، وثورة زيد بن علي بن الحسين، وتمكّن هشام من قتلهما وإخماد ثورتيهما.[١]

نظام الحكم الأموي

عرف نظام الحكم خلال التاريخ السياسي للدولة الأموية منصبين مهمين في الدولة، الأول عام الوالي أو العامل، والثاني الكاتب، أما الوالي أو العامل فيتبع للنظام الإداري، الذي كان الأمويين فيه يختارون عربيا أصيلا ليولّوه على ولاية من الولايات المترامية للدولة ويعطوه سلطات مطلقة في ولايته، وعرف الوالي باسم العامل أيضًا، ومن أبرز الولاة في الدولة الأموية: عمرو بن العاص واليًا لمصر، وزياد بن أبيه واليًا للبصرة والكوفة، والحجاج بن يوسف الذي كان واليًا من بعد زياد على العراقين الشمالي والجنوبي.[٢]

وكانت مهمة الوالي تتمثل في قيادة الجيش وإمامة الصلاة وجباية الخراج وإدارة البريد وإدارة أعمال الولاية قضائيًّا والمالية التي أداروا من خلالها مصاريف الولاية التي أخذت من الضرائب المحلية، مع إرسال الفائض منها إلى دمشق ليوضع في بيت المال.[٢]

الخطب السياسية في الدولة الأموية

كان للخطب السياسية التي وصلت إلى هذا الوقت دور كبير في كشف التاريخ السياسي للدولة الأموية، خاصة لما شهده فن الخطابة من ازدهار ورواج في هذه الدولة، وكانت الخطب السياسة من أبرز أنواع الخطب التي عرفت في الدولة الأموية، ومن أسباب ازدهارها:

  • كثرة الخلافات المذهبية والأحزاب السياسية، منذ نشأة الدولة الأموية؛ كالشيعة والخوارج، خاصة الخوارج وفرقهم؛ فقد كانت الخطابة السياسية عبر التاريخ السياسي للدولة الأموية الفن الأول للخوارج الذي استخدموه لمصالحم. ومن فرق الخوارج التي عُرفت في الدولة الأموية: الأزارقة في فارس، والإباضية في اليمن وحضرموت، والنجدات في اليمامة وحضرموت والبحرين، والصفرية في الموصل وشمالي العراق.[٥]
  • كثرة الفتن الداخلية وتتابعها، كثورة عبد الله بن الزبير، وحركة ابن الأشعث، وثورة المختار الثقفي، فكانت الخطابة وأداة للدعاية وحربا ضد الخصوم.[٦]
  • اتساع حركة الفتوحات الإسلامية، خلال التاريخ السياسي للدولة الأموية.[٦]
  • وقوع الجدل بين الفرق الدينية واحتدامه، فكانت الخطابة السياسية وسيلة لكسب تأييد الناس لجماعة دون أخرى.[٦]
  • تكاثر الوفود القادمة على الخلفاء وولاة الدولة فترة التاريخ السياسي للدولة الأموية؛ لمبايعتهم أو لتهنأتهم بالمناسبات الدينية والسياسية، كانتصارهم في غزواتهم وفتوحاتهم.[٦]
  • كان لِما امتلكه الخطباء من ثقافة لغوية ودينية، وعنايتهم بما حفظوه من السابقين، وإقبالهم على القرآن الكريم، دور كبير في ازدهار الخطابة السياسية في تاريخ الدولة الإسلامية، وربطها بالدين، إذ كان الخليفة إمامهم، وتنتظم مصالحم به.[٦]

سقوط الدولة الأموية

توفّيَ هشام بن عبد الملك 125هـ، وآل الحكم من بعده إلى الأحفاد، وكانت تلك بداية انحطاط الدولة في التاريخ السياسي للدولة الأموية؛ إذ توقَّفت الفتوحات الإسلامية، وسيطرت الصراعات الداخلية على الدولة، وتولّى الخلافة وليّ العهد الوليد بن يزيد الذي لم يكن أهلا لها لما عرف عنه من لهو وترف، فأخذ الوليد بن يزيد بملاحقة من أيَّد تنصيب مسلمة بن هشام وليًا للعهد مكانه، فقتلهم، حتى ثارت قبائلهم واستمالت يزيد بن الوليد، الذي قاد جيشا سار به إلى الوليد بن يزيد وقتله.[١]

استلم يزيد بن الوليد الحكم من بعده، فأثارت سياسة حكمه الكثير من الفتن الداخلية، بعد أن حاول التقشف، وأعادَ رواتب الجند إلى ما كانت عليه بعد أن رفعها الوليد في عهده، فغضب الجند ولقّبوه بالناقص، كما رفض آخرون مبايعته بعد تفجّعهم بمقتل يزيد، مما سرّع من تدهور الدولة الأموية إلى أن توفّى واستلم من بعده أخوه إبراهيم بن الوليد ولاية العهد بناءً على طلب القدرية، وهنا رفض الكثير من الناس مبايعته، على اعتبار أنه وأخيه يزيد مسؤولين أساسيَّين عن مقتل الوليد والفتن التي فجَّرها، فتدخل ابن عمّهما مروان بن محمَّد والي أرمينيا وأذربيجان، وسارَ بجيش إلى دمشق وخلع الخليفة، وبويع مروان بالخلافة.[١]

ويُذكر في التاريخ السياسي للدولة الأموية أنّه عندما بُويع مروان بالخلافة كانت الدولة قد سقطت بالفعل تحت النزاعات والخلافات، وفات الأوان لإصلاحها، فقام مروان بنقل العاصمة من دمشق إلى مدينة حران في الجزيرة؛ لعدم ثقته بمن في الشام، فثار عليه أهل الشام، ولكنه سُرعان ما قمع الثورة، ولكنّها لم تكن الثورة الأخيرة، فقامت واحدة في الجزيرة واليمن عام 127 هـ، وأخرى في الموصل عام 129 هـ، ثم في أفريقيا بين عامَيْ 131- 132 هـ، وقد أنهكت هذه الثورات المتتالية مروان في محاولة السيطرة عليها، حتى تفاجأ بالمدّ العباسي في خراسان فالعراق، فواجهه في معركة الزاب الكبير عامَ 132 هـ، ولكنّه خسر المعركة، وكانت نهاية الدولة الأموية وسُقوطها ونهاية التاريخ السياسي للدولة الأموية في المشرق العربي، وقُتلَ مروان بعدها بشهور، ولوحق بنو أمية في كلّ مكان، وقتلوا على يد العباسيّين بعد قيام دولتهم.[١]

المراجع

  1. ^ أ ب ت ث ج ح خ د "أمويون"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 01-07-2019. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س "الدولة الأموية"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 01-07-2019. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت ث ج "خلافة معاوية بن أبي سفيان"، islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 01-07-2019. بتصرّف.
  4. ^ أ ب "المناسبات في العصر الأموي"، islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 01-07-2019. بتصرّف.
  5. "الخطابة في العصر الأموي"، www.almerja.com، اطّلع عليه بتاريخ 01-07-2019. بتصرّف.
  6. ^ أ ب ت ث ج "الخطابة في العصر الأموي"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 01-07-2019. بتصرّف.
4213 مشاهدة
للأعلى للسفل
×