فكرة التقدم
يسعى الإنسان دومًا إلى الحصول على حياة أفضل وفقًا لغريزته الطبيعيّة، ومنها الوصول إلى مجتمع أكثر تطورًا يخدم المصالح الفردية والجماعية في جميع الاتجاهات، خاصةً مع ظهور التكنولوجيا وأدواتها وما توصل إليه الإنسان من اختراعات حديثة، وهنا يبرز الحديث عن مفهوم التقدم، ويدلّ مفهوم التقدم لغة على الانتقال إلى الأمام، أما اصطلاحًا فالتقدم يعني التحول من حال إلى حال أفضل منه، إلا أن ذلك قد يختلف من مجتمع إلى آخر، ومن مرحلة زمنية إلى أخرى، وذلك وفقاً للمعتقدات والأفكار السائدة، لذا؛ بات من الصعب أن يتم إدراج التقدم في نظرية شمولية يمكن تعميمها، وفيما يأتي حديث حول التاريخ وفكرة التقدم.
التاريخ وفكرة التقدم
ظهر مفهوم التقدم في القرن السابع عشر، خاصةً مع ظهور عصر التنوير، حيث بدأ في تبني فكرة التقدم المبنية على الحداثة مجموعة من المفكرين، كان أبرزهم الفيلسوف الفرنسي كوندروسيه الذي راهن على مفهوم التقدم من خلال مراحل، فقد قام بتقسيمها إلى 9 مراحل في سبيل إثبات أن الإنسان يتقدم إلى الأفضل، كانت بدايتها برئيس القبيلة الذي يحدد حياة أفرادها، ونهايتها كانت مع اختراع الطابعة، أما الكاتب والمفكر الفرنسي فولتير فقد اختزل تاريخ التقدم في أربعِ حضارات، كلّها حضارات أوروبيّة.[١]
ويرى مفكرون آخرون أيضًا بأن التقدم دائمٌ ومستمرّ إلى الأمام، وهذا ما أظهرته الماركسية التي تحدثت عن مراحل مرت بها البشر، كانت تندرج إلى التطور إلى الأفضل ما يثبت وجود فكرة التقدم، ووفقًا لمفكرين وفي مقدمتهم فولتير فإن الحروب والمعارك لم يكن لها شأن في التقدم، بل وأضاف بأن التعرف إلى تاريخ الحروب أيضًا لن يثري القارئ شيئًا.[١]
وبقي مفهوم التقدم مستندًا إلى مجموعة من المفكرين الغربيين، ما أدى إلى حصر المفاهيم المرتبطة به عبر التاريخ بالحضارات الغربية، مثل اعتبار المنظومة الغربية هي ذروة العملية التطورية عبر التاريخ، وبأنها النموذج الذي يحتدى به من قبل الجميع، بل وانحصرت بالتقدم الكمي، المرتبط بتطور الإنتاج والاستهلاك حول العالم، ويرى الكثير من النقاد بأن المفكرين في مفهوم التقدم استبعدوا حضارات كان لها الدور في التقدم والتطور بشكل عام، ومنها الحضارة المصرية، وذلك حديثٌ موجَز حول التاريخ وفكرة التقدم.[٢]
فكرة التقدم والإسلام
على الرًّغم من وفرة المفكرين والفلاسفة الذين درسوا فكرة التقدم إلا أن جلهم كان غربيًا، ما جعل عددًا منهم ينظر إلى دور الإسلام في التقدم بأنه دورٌ سلبيّ، وهذا يتعاكس مع حقيقة الإسلام، حيث يعد الإسلام بتعاليمه وتاريخه من أشد العقائد الداعمة لفكرة التقدم، ويأمر الإسلام باتباع الأخلاق الحميدة والتعاليم المرسلة في سبيل التطور والتقدم، ويحرص في ذلك أيضًا على التقدم، والحضارات الإسلامية وإنجازاتها خير دليل وبرهان، ويفنّد الرسول -عليه الصلاة والسلام- ذلك في حديثه: "إنْ قامَتِ الساعَةُ وفي يَدِ أَحَدِكُمْ فَسَيلَةٌ فلْيَغْرِسْهَا" [٣] ما يدل على حثه للإنسان على بذل الجهد والسعي في الأرض والإنجاز فيها.[٤]
المراجع
- ^ أ ب "مفهوم التقدم في التاريخ"، www.ahewar.org، اطّلع عليه بتاريخ 19-06-2019. بتصرف.
- ↑ د. عبد الوهاب المسيري (2001)، العالم من منظور غربي، القاهرة: دار الهلال، صفحة 147. بتصرّف.
- ↑ رواه الهيثمي، في مجمع الزوائد، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 4.
- ↑ "موقف الإسلام من التقدُّم العلمي"، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 20-06-2019. بتصرّف.