محتويات
ما صور التبذير في شهر رمضان؟
تُقام العديد من الاستعدادات إيذانًا بقُدوم شهر رمضان المُبارك، حيث يقوم المُسلمين وغيرهم من تُجار ومُؤسسات تجارية وحكومات على التحضير لهذا الشهر المُبارك، حيث تبدأ التجهيزات خاصةً لتأمين احتياجات الصائمين من سِلعٍ وموادٍ غذائيةٍ، ولكن ما تُواجهه الدُول العربية خاصةً هُو الكميات الهائلة من بقايا الطعام التي يتم التخلص منها بالنفايات.[١]
حيث تُعد بقايا الأطعمة أحد صُور الإسراف والتبذير في شهر رمضان، حيث إن تعريف التبذير هُو الإفراط في إنفاق مبالغ المال على ما ليس له حاجة [٢]، ومن المعروف أن الإسراف والتبذير يحملان معنىً واحدًا، إلّا أن التبذير يشمل صرف الأموال لشراء ما لا يجب شراؤه، وهذا ما يدُل على أضرار الإسراف والتبذير.[٣]
وعلى الرُغم من أن القُرآن الكريم والسُنة النبوية قد حذرا من الإسراف والتبذير، حيث جاءت الآية الآتية التي تُبين حكم الإسراف والتبذير في قوله تعالى: (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا*إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا) [٤]، وقال تعالى: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) [٥]، ومن أبرز صُور الإسراف والتبذير خلال شهر رمضان ما يأتي:
شراء كميّات كبيرة من الطعام والشراب
وهنا يظهر تأثير شهر رمضان على سلوك المستهلكين، إذ أن الاتجاه يزداد نحو شراء كميات كبيرة من الطعام والشراب بنسبة 50% عن الأيام العادية، ويزداد الطلب خاصةً على اللُحوم والدواجن، بالإضافة إلى الخُضار والفواكه ومُنتجات الألبان التي يتم شراؤها بكميات كبيرة فائضة عن الحاجة. [١]
صنع كميات كبيرة من الطعام للأسرة
يقوم المُسلمين خلال شهر رمضان بأداء فريضة الصيام والتي نتيجةً لها فإن كميات الطعام التي يستطيع الصائم تناولها تكون محدودة، ونتيجةً لذلك فإن مصير الطعام المصنوع بكمياتٍ كبيرة هُو سلة المُهملات [١]، فوفقًا لموقع صدى الاستدامة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أشارت العديد من الدراسات إلى أن خُمس الطعام الذي يتم شراؤه خلال شهر رمضان يتم إلقاؤه في سلة النفايات، والذي يكون كافيًا لإطعام العديد من الدُول الفقيرة. [٦]
تحضير الكثير من الأطعمة في العزائم الرمضانية
يتمتع شهر رمضان بكثرة العزائم والتجمعات الأُسرية والتي أصبحت من التقاليد مُنذ القِدم، حيث يقوم المُسلمون على دعوة بعضهم البعض لتناول وجبة الإفطار معًا، وهذا أحد صُور التبذير التي نشهدها في شهر رمضان حيث يقوم الناس على شراء كميات أكثر من احتياجاتهم على الرُغم من قلة الكميات التي يتم استهلاكها. [١]
لكن تسعى غالبية العائلات إلى تحسين جود الطعام خلال العزائم الرمضانية، مما يدفعها لشراء وتحضير كميات كبيرة من المواد الغذائية والتي غالبًا ما ينتهي بها المطاف داخل سلة المُهملات [١]، كما وتلعب الفنادق والمطاعم دورًا كبيرًا في تبذير الطعام خلال شهر رمضان، حيث تعمل على تقديم البوفيهات الضخمة وحفلات الإفطار الباهظة مما يعمل على زيادة كمية الطعام المُلقى في النفايات.[٦]
تزيين المنازل بطريقة مبالغ فيها
يقوم غالبية الناس في شهر رمضان على تزيين المنازل تحضيرًا لقدوم هذا الشهر المُبارك وإدخال البهجة والسرور لأفراد العائلة، ولكن تقوم بعض العائلات على تزيين المنازل بطريقةٍ مُبالغ فيها، حيث إنه لا ضرر من تزيين المنازل إيذانًا بقدوم شهر رمضان ولكن لا بُد من تجنب أية صُور للتبذير والإسراف في تزيين المنازل. [٧]
بناءً على ما سبق فإن الإسراف والتبذير هُو ما نشهده خلال شهر رمضان، حيث يحصل العديد من صُور التبذير في شهر رمضان والتي يجب علينا كمسلمين الالتزام بتحذيرات قُرآننا الكريم وتجنب الإسراف والتبذير بُصوره المُتعددة.
ما عواقب التبذير في رمضان؟
يُعد التبذير عادةً سيئة لا بُد من التخلص منها لما لها من آثارٍ سيئةٍ على جميع المُستويات من اجتماعيةٍ واقتصاديةٍ، وخاصةً مع غلاء الأسعار وارتفاع مُستوى المعيشة، حيث إن هُنالك العديد من أضرار التبذير والإسراف على عدة مُستويات، وفيما يأتي عواقب التبذير في رمضان: [١]
العواقب الدينية
يُعد شهر رمضان من الأشهر المُباركة التي تحمل في طياتها الحُصول على أجر الأعمال الصالحة وكسب الثواب من الله عز وجل، إلا أن هُنالك بعض السلوكيات الخاطئة التي يقوم بها الناس في شهر العبادة ومنها التبذير في الطعام والذي تنتج عنه عواقب دينية، نظرًا لتعدد الآيات والأحاديث النبوية التي نهت عن التبذير في تناول الطعام، لذا لا بُد عليك كمُسلم التمسك بتعاليم الإسلام والاعتدال في شراء الطعام وتناوله من خلال التخطيط لما يجب شراؤه وتناوله، حيث يجب علينا كمُسلمين اتباع تعاليم رسولنا الكريم. [٨]
العواقب الصحية
وفقًا لوزارة الصحة الماليزية فإن على الإنسان تناول الطعام باعتدال من خلال تناول وجبة غذائية مُتزنة يُقسم فيه الطبق إلى رُبع من اللحوم ورُبع من الكربوهيدرات والنصف للفاكهة والخُضار، وبصفتنا مُسلمين لا بُد علينا من تجنب التبذير في تناول الطعام خاصةً خلال شهر رمضان لما له من عواقب صحية تُؤثر على أجسامنا، حيث إن الإفراط في تناول الطعام يُؤدي لحدوث العديد من المشاكل الصحية والتي لا بُد لنا من تجنبها كوننا نتبع تعاليم إسلامنا. [٩]
العواقب النفسية
لقد كان شهر رمضان يمُر على رسولنا الكريم بالبساطة حيث كان التركيز في شهر رمضان على فضائله وتحسين النفس ونُمو الشخصية، حيث كان رِفاق رسولنا الكريم ينتشرون في شوارع المدينة للتأكد من عدم جوع الناس، ولكن في وقتنا هذا أصبح رمضان شهرًا للتباهي في تقديم السُفر الرمضانية بما لذ وطاب من طعام وهذا له عواقب نفسية تُؤثر على الفرد وعلى المُجتمع، حيث يُفترض أن يقوم الناس في شهر رمضان بالاهتمام بغيرهم والمشاركة وتفقد أحوال البعض، فرمضان ليس شهر الامتناع عن الطعام فقط بل هُو شهر العطاء. [١٠]
العواقب الاقتصادية
لقد طال الجانب الاقتصادي في العديد من دُول الشرق الأوسط كأحد عواقب التبذير في شهر رمضان، حيث تم اعتبار الشرق الأوسط أكبر مُبذِّر للطعام في العالم وخاصةً في شهر رمضان، وهذا نتيجة مظاهر البذخ والتساهل وعدم اتباع تعاليم إسلامنا في اتباع الاعتدال في جميع اتجاهات الحياة. [٦]
بناءً على ما سبق فإن للتبذير في شهر رمضان عواقب وخيمة لو اتبعنا تعاليم إسلامنا ورسولنا الكريم التي حثتنا على الاعتدال وتجنب التبذير والإسراف لتجنب الوُقوع في عواقب هذا التبذير.
كيف يمكنك الحدّ من التبذير في شهر رمضان؟
تقوم العائلات في مُجتمعنا على تقديم الكثير من الطعام في شهر رمضان وخاصةً في العزائم حيث يعتبرونها من كرم الضيافة والترحيب، ولكن هذا ليس صحيحًا نظرًا للعواقب التي تنتج عن التبذير في الطعام، لذا لا بُد علينا من تغيير عاداتنا السيئة وشراء ما نحتاجه من الأطعمة الغذائية وبكميات مُناسبة [١]، وفيما يأتي بعض الأمُور التي يُمكن اتباعها من أجل التقليل من التبذير في شهر رمضان:
شراء الحاجات الأساسية فقط
يحثنا ديننا العزيز على العدل في جميع مناحي الحياة ومنها تناول الطعام باعتدال، وفي شهر رمضان تزداد صُور التبذير والإسراف في تناول الطعام، ولتجنب مثل هذه العادات، لا بُد في البداية من شراء الحاجات الأساسية فقط وعدم شراء ما يزداد عن الحاجة.[١١]
عدم الذهاب للسوق وقت الصيام
إن التسوق أثناء الجوع يدفعنا لشراء العديد من المواد الغذائية الزائدة عن حاجتنا، لذا ولتجنب التبذير في الطعام خلال شهر رمضان لا بُد من عدم الذهاب للسوق وقت الصيام لتجنب شراء الفائض من الأطعمة والتي ينتج عنها زيادة الطعام بعد الإفطار والذي يكون مصيره إلى النفايات.[١٢]
وضع قائمة مدروسة قبل التسوق
تُعد مُشكلة التبذير في الطعام أحد المشاكل المُنتشرة في جميع أنحاء العالم وخاصةً في شهر رمضان، حيث يتم إنفاق الكثير من الأموال لشراء المواد الغذائية التي يتم إلقاؤها في النفايات، ولتجنب هذا التبذير يُمكنك القيام بالتخطيط لوجباتك من خلال وضع قائمة مدروسة قبل التسوق، والتخطيط لما تُريد شراؤه لتجنب شراء المزيد من الطعام.[١٢]
تحضير حصص صغيرة ومتنوعة للأسرة
يعمل الشعور بالجوع على زيادة تناول الطعام خاصةً خلال وجبة الإفطار بعد الصيام، ولتجنب الإفراط في تناول الطعام لا بُد من تحضير حصص صغيرة ومُتنوعة للأسرة، وفي حال ما زلت جائعًا يُمكنك تعبئة المزيد من الطعام في طبقك، ولكن هذه الاستراتيجية في تناول الطعام تُساعد على الحد من التبذير في شهر رمضان.[١٢]
عدم الإسراف في أطباق العزائم
يُعد الطعام أحد هبات الله لخلقه والتي يجب الاستمتاع بها، ولكن هذا لا يعني الإفراط في تناول الطعام وخاصةً في شهر رمضان، حيث تكون كمية الطعام التي يتناولها الصائم قليلة مُقارنةً مع ما يشتهيه من طعام أثناء الصيام، وفي رمضان تكثُر العزائم ويسعى الناس لإكرام الضيف من خلال تقديم أطباق مُتنوعة وكميات كبيرة، ولكن لتجنب التبذير في رمضان لا بُد من عدم الإسراف في أطباق العزائم منعًا لزيادة الطعام الذي يكون مصيره النُفايات.[٩]
تذكر أن الزينة للفرح وليست للبهرجة
تقوم غالبية الأُسر في شهر رمضان على تزيين منازلها استعدادً لقدوم شهر رمضان ولكن لا بُد من تجنب التبذير في شراء الزينة ووضعها في المنزل، ولا بُد من تذكر أن الزينة للفرح وليست للبهرجة، حيث يُمكن شراء زينة تتناسب مع ميزانية المنزل دون إسراف أو شراء الكثير من الزينة لذا يجب عليك تعلم كيف توفر المال في شهر رمضان، فالهدف هُو إدخال السُرور والبهجة لأفراد الاُسرة إيذانًا بقدوم شهر رمضان المُبارك.[١٣]
وضع حصالة تبرعات في المنزل
أحد الطُرق التي تُساعد على الحد من التبذير في شهر رمضان المُبارك هُو وضع حصالة تبرعات في المنزل، حيث إن وضع حصالة للتبرعات تعمل على زيادة الوعي الروحي لأفراد أُسرتك وستُمكن العائلات الأُخرى من المُشاركة في فرحة رمضان، حيث إن هذه الحصالة ستُساعد العائلات التي ليس لها القُدرة على تأمين حاجتها من الطعام.[١٤]
بناءً على ما سبق لا بُد من تجنب صُور التبذير في شهر رمضان واتباع الأمور التي تُقلل من التبذير والإسراف في شهر رمضان، فرمضان هُو شهر العبادة والمُشاركة والإحساس بالآخرين وليس شهر تناول الطعام والبهرجة.
هل يمكن للحكومات أن تحدّ من التبذير؟
يُمكن للحكومات المُساهمة في الحد من التبذير خلال شهر رمضان من خلال زيادة الوعي العام وفرض التشريعات القوية والقيام بحملات توعوية تُؤكد على ضرورة المُشاركة المُجتمعية بالإضافة إلى الحملات التوعوية التي تهدف لإقناع الناس بالتقليل من النُفايات، كما يُمكن للحكومات أن تقوم بإنشاء بنوك للطعام في المناطق السكنية من أجل الاستفادة من فائض الطعام.[٦]
على الرغم من الدور المُهم الذي تُمثله الحكومات في الحد من التبذير إلا أن الحد من التبذير ينبع من الفرد نفسه المُلتزم بتعاليم إسلامنا، حيث إن ديننا يحث على الاعتدال وعدم الإسراف كما ونهى وحذر منهما.
المراجع
- ^ أ ب ت ث ج ح خ "Food Waste in Ramadan: Trends and Counter-Measures", ecomena, Retrieved 19/2/2021. Edited.
- ↑ "extravagance", merriam-webster, Retrieved 19/2/2021. Edited.
- ↑ "الإسراف والتبذير"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 19/2/2021. بتصرّف.
- ↑ سورة الإسراء، آية:26-27
- ↑ سورة الأعراف، آية:31
- ^ أ ب ت ث "Food Waste and the Spirit of Ramadan", ecomena, Retrieved 19/2/2021. Edited.
- ↑ "Hanging decorations for the coming of Ramadan is not Bid'ah", islamweb, Retrieved 19/2/2021. Edited.
- ↑ "Thinking Of Food Waste In Ramadan", ikim, Retrieved 19/2/2021. Edited.
- ^ أ ب "Eat Less, Avoid Food Waste", ikim, Retrieved 19/2/2021. Edited.
- ↑ "Ramadan Extravaganza", islamicity, Retrieved 19/2/2021. Edited.
- ↑ "6 TIPS FOR AN ETHICAL RAMADAN", islamic-relief, Retrieved 19/2/2021. Edited.
- ^ أ ب ت "Food waste over Ramadan", lesswaste, Retrieved 19/2/2021. Edited.
- ↑ "To Decorate Or Not To Decorate – Is That The Ramadan Question?", muslimmatters, Retrieved 19/2/2021. Edited.
- ↑ "iftar box", searchpeacefoundation, Retrieved 19/2/2021. Edited.