التربية عند ابن خلدون

كتابة:
التربية عند ابن خلدون

نبذة تعريفية عن ابن خلدون

اسمه ولي الدين عبد الرحمن بن محمد بن أبي بكر بن خلدون، ولد في العاصمة التونسية، يوم 27 أيار 1332م، اشتهر بابن خلدون، وهو من أعظم الفلاسفة والمؤرخين، حيث يعتبر كتابه المعروف بمقدمة ابن خلدون، من أهم المنجزات التاريخية والاجتماعية والسياسية، اجتهد في تعلمه، وحفظ القرآن، وأتقن فنون الأدب العربي، وحفظ القرآن، مما أكسبه نضجاً وفكراً نيراً، مما أهّله لتقلد وظيفة بالمحكمة التنوسية، وقد أثبت جدارته وأخذ يتقلّد المناصب، أنجز عدد من المؤلفات وارتحل بين عدد من الدول، وكانت له مساهمات فاعلة، وعلى رأسها مقدمة ابن خلدون، وقد توفي في القاهرة بتاريخ 17 شباط 1406م.[١]


مفهوم التربية عند ابن خلدون

عاش ابن خلدون حياته ضمن بيئة تشجّع التعليم وتوليه أهمية قصوى، فالثقافة العربية آنذاك كان تزخر بالنتاج العلمي من مؤلفاتٍ واختراعات ٍونظرياتٍ فلسفيةٍ وأدبيةٍ، واكتشافاتٍ جغرافيةٍ وطبيةٍ وعلميةٍٍ وذلك كان له أثره، فقد برع ابن خلدون في نظرته المتفردة لعملية التعليم، باعتبارها عملية متكاملة غير قابلة للتجزئة، فقد أسس لعملية تعليمية تخدم المجتمع بالدرجة الأولى، باعتبار التعليم عامل مهم في صناعة القيم وإعادة إنتاجها، بملازمة التدريب والممارسة، ومواصلة التعليم وتنمية القيم.[٢]


نظرة ابن خلدون لمفهوم العصبية ببعد قيمي

ربط ابن خلدون مفهوم العصبيّة للقبيلة أو العِرق في حال مقاومة الظلم أو نصرة المظلوم مثلاً، ببعد قيمي، فاعتبره القيمة المركزية في المجتمع القبلي، واستنتج أنّ المجتمع في حالة الضعف يزيد تمسكه بالقيم ويتوحد عليها، في حين يتباعد عن قيمه في حال الرفاهية المفرطة، ولكن تنبّه ابن خلدون لمشكلة احتمالية انتقال القيم المتطرفة من جيل لآخر، وهنا انصب تركيزه على نشاط الفرد وإعمال فكره في قبول أو رفض القيم غير الملائمة، فبذلك حمّل الفرد مسؤولية قيمه الذاتية، المنعكسة على المجتمع فيما بعد، لذا يمكن القول إنّ تربية المجتمع على القيم هي حصيلة تفاعل الأفراد مع قيمهم ومدى تفعيلهم لها، بالإضافة لنشاط المجتمع وتحركه نحو اكتسابها، فالتحلّي بالقيم، عملية تكاملية وتبادلية بين الفرد والمجتمع.[٢]


اهتمام ابن خلدون بالجوانب المهنية

اهتمّ ابن خلدون في طرحه التربوي إلى الجوانب المهنية والحِرف اليدوية التي يمكن للإنسان تعلّمها وإتقانها، مُشيراً إلى أن هذه الصناعات تتطور وتكثر بتوسع المجتمع ومستوى رفاهيته، فالإنسان والمجتمع يسعى باستمرار لتلبية حاجاته الضرورية، سعياً لتأمين متطلبات الحياة على اختلافها، تِبعاً لاختلاف التجربة؛ فأهل الريف يتقنون ماتحتاجه حياتهم من زراعة ونسيج وصيد وغيرها، في حين أهل الحضَر لاتساع بيئتهم وانفتاحها تصبح الكتابة والقراءة ضرورة لاغنى عنها.[٢]


اهتمام ابن خلدون بالجوانب الفنية

أكد ابن خلدون على ضرورة تعلّم الفنون على يد المهرة المتخصصين، مع التركيز على تعلّم فنٍ واحد، دون تشتيت المواهب والجهود، وهذا ممايدل على توسع ابن خلدون في طرحه لشؤون التربية، وذلك لاطلاعه الموسوعي وتمكنه من دراسة المجتمع والعوامل المؤثرة فيه، حتى أنه تطرق لأسس ومبادئ التدريس، وأضاف لها أسالييب التدريس ومنهجية صياغة محتواه، إلى أن صنّف المعرفة إلى ثلاث فئات، هي المعرفة الإدراكية التي تنتج عن الذكاء والادراك الطبيعي، فينتج عنها حُسن التصرف، ثم المعرفة التجريبية التي تؤهلنا لاستنتاج القرارات والتصورات بالاعتماد على تجاربنا، وأخيراً، المعرفة النظرية، وهي مجموع الخبرات والمؤهلات والقدرات التي تم تطويرها ذاتياً، للارتقاء بصاحبها علمياً وعملياً وروحياً.[٢]


مقدمة ابن خلدون

عكف ابن خلدون متفرغاً لرصد وتدوين الأحداث والأخبار التاريخية للعرب والبربر، ولمدة أربع سنوات ابتداءً من عام 1375م، وقد طوّر هذا المنهج، بإضافة المعايير التي تضبط قبول أو رفض المسار التاريخي وتبعاته، إلى أن استقر على رؤيته الخلاقة في النظر للأحداث التاريخية من زاوية مجتمعية، وآثارها المترتبة على المجتمعات، لينتج تحفته المعرفية المعروفة بمقدمة ابن خلدون، التي لا تزال متربعة على عرش مؤلفات علم الاجتماع، وما يرتبط به من ثقافة وسياسة واقتصاد.[٣]


علم الاجتماع ونظرة ابن خلدون للمجتمع

يهتم علم الاجتماع بدراسة تفاعل المجتمعات والعوامل المؤثرة فيها، والسلوكيات والأفكار التي يؤيدها أو يرفضها المجتمع،[٤] لذا ابتكر ابن خلدون تجربة فريدة، فبدأ يطرح ابن خلدون مبادئه انطلاقاً من رؤية المجتمع ومصالحه، حتى في المجال السياسي؛ اعتبر القوانين التي يسنّها نظام الحكم ماهي إلا بنود يحتكم لها المجتمع ويحمي حاضره ومستقبله من خلالها، ليتفرغ للابتكار والازدهار والتنمية.[٥]


المراجع

  1. Charles Issawi (13-3-2019), "Ibn Khaldūn"، britannica.com, Retrieved 30-3-2019. Edited.
  2. ^ أ ب ت ث Abdesselam Cheddadi, "Ibn Khaldun's Concept of Education in the ‘Muqaddima’"، muslimheritage.com, Retrieved 30-3-2019. Edited.
  3. "The Muqaddimah: Ibn Khaldūn’s philosophy of history", britannica.com, Retrieved 30-3-2019. Edited.
  4. Faridah Hj Hassan , " The Real Father of Sociology and the Mother of Social Works", Ibn Khaldun and Jane Addams, Page 1. Edited.
  5. Selim KARATAŞ (15-8-2009), "Economic Theory of Ibn Khaldun and Rise and Fall of Nations"، bilgesam.org, Retrieved 30-3-2019. Edited.
3955 مشاهدة
للأعلى للسفل
×