التضمين في علم البلاغة

كتابة:
التضمين في علم البلاغة

الأساليب البلاغية

البلاغة العربية هي أحد العلوم العربية الرئيسة، وهذا العلم يختص في إيصال معنى الخطاب كاملًا إلى المتلقي، ويقوم هذا العلم على ثلاثة أنواع بلاغية، وهذه الأنواع معروفة باسم الأساليب البلاغية، وهذه الأساليب هي: علم المعاني، علم البيان، علم البديع، فعلم المعاني هو العلم الذي يختص بالمعاني والتراكيب، فلكل موقف تركيب لغوي مناسب له، ولكل مقام مقال كما قال علماء البلاغة، أما علم البيان فهو العلم اللغوي البلاغي الذي من خلاله يوصل المرسل كلامه للمرسل إليه بأكثر من أسلوب، وعلم البيان من حيث التسمية يدل على الإيضاح، فهو يوضح دلالة الكلمات من خلال فهم معانيها، ويقسم علم البيان إلى: التشبيه، الاستعارة، الكناية، المجاز. وآخر هذه الأساليب هو علم البديع، ويختص بعنصر الصياغة، فهو يعمل على حسن تنسيق الكلام وتزيينه موظفًا بما يُعرف بالمحسنات البديعية وهي تقسم لقسمين: بديع لفظي "وله عدّة أنواع من أشهرها: الجناس، السجع، التصريع" وبديع معني "وله عدة أنواع أيضًا من أشهرها: المقابلة، الطباق، التضمين، التورية".[١]

التضمين في علم البلاغة

النص ليس ذاتًا مستقلة أو مادة موحدة، فالكاتب حين يكتب يرتكز إلى مخزون ثقافي مُتنوع تكون من خلال حفظه، وتأثره بنصوص متعاقبة على ذهنه، وهو أساس انبثاق تجربته الإبداعية، وهذه التجربة لا بدّ لها من تضمين لتأخذ قوتها ومرجعيتها، فالتضمين في علم البلاغة: هو أن يُثبت الشاعر أو الكاتب شيئًا من كلام سواه يوافق موضوعه أو يدعم كلامه، ولا بدَّ من الإشارة إلى موضع التضمين إن لم يكن مشهورًا عند البلغاء والشعراء.[٢]

ويندرج التضمين ضمن علوم البلاغة العربية تحت علم البديع، وهو من البديع المعنوي الذي يعزز الفكرة التي يلقيها المرسل، في محاولة لإقناع المرسل إليه بالفكرة، ولإعلام المرسل إليه بأن هذه الفكرة قد وافقت أفكار الآخرين، وقد قال العالم ابن جني مادحًا هذا الفن البلاغي "فإنـه فصل في اللغة لطيف حسن يدعو إلى الأنس" فهو فن بلاغي مستحسن عند العرب يدلُّ على سعة اطلاع الكاتب.[٢]

أمثلة على التضمين

قال المحدثون في تعريف التضمين: "التّضمين هو أن يستعير الشاعر شيئا من نظم غيره , ويدخله في نظم قصيدته" والتضمين نوعان: إما تضمين بيت شعري كامل، أو شطر واحد ومن أمثلة التضمين في علم البلاغة:[٣]

  • المثال الأول: يقول بشار بن برد:
وذات دلٍّ كأن البدر صورتها
باتت تغني عميد القلب سكرانا
إنَّ العيون التي في طرفها حورٌ
قتلننا ثم لم يحيين قتلانا

البيت الأول للشاعر العباسي بشار بن برد، والبيت الثاني قاله جرير الشاعر الأموي، فبشار اُعجب بقول جرير فضمنه كلامه، وهو مناسب للمقام، ويجري مع سياق الكلام.[٤]

  • المثال الثاني:
كأنّه كان مطويّا على إحن
ولم يكن في ضروب الشعر أنشدني
إنّ الكرام إذا ما أسهلوا ذكروا

من كان يألفهم في المنزل الخشن فابن العميد قد ضمّن بيتا ليس له ولم ينبّه عليه، وهذا البيت من قصيدة مشهورة لأبي تمام.[٥]

  • المثال الثالث: ومن أمثلة تضمين جزء من بيت قول القائل:[٥]
أعذاره الساري العجول ترفقًا
مافي وقوفك ساعةً من بأس

فقد ضمن القائل شعره بعضًا من شعر أبي تمام وهو عجر "الشطر الثاني" من قول أبو تمام:

مافي وقوفك ساعةً من بأس
نقضي ذمام الأَربُعِ الأَدراسِ
  • المثال الرابع: في هذا المثال ضمن القائل شعره أقل من شطر، فقال:[٥]
فبت والأرض فراشي وقد
غنّت "قفا نبك" مصاريني

فالشاعر ضمن قول امرئ القيس في قصيدته، وقول امرئ القيس مشهور وهو:

قفا نبك من ذِكرى حبيب ومنزل
بسِقطِ اللِّوى بينَ الدَّخول فحَوْملِ
  • المثال الخامس: قال جحظة:[٦]
هات اسقنيها بالكبير وعنّني
ذهب الذين يُعاش في أكنافهم

فالشطر الثاني قد ضمنه الشاعر جحظة من فول لبيد بن ربيعة الذي يقول فيه:

ذهب الذين يُعاش في أكنافهم
وبقيت في خلف كجلد الأجرب
  • المثال السادس: قول ابن لعبون:[٧]
ينشدني يوم انتوى الكل برحيل
هل عند رسم دارس من معول؟

فضمن الشاعر بيته نصف بيت لامرئ القيس، والبيت قد قاله امرؤ القيس كالآتي:

وإنّ شفائي عبرة مهراقة 
هل عند رسم دارس من معول؟

المراجع

  1. "البلاغة"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 26-4-2020. بتصرّف.
  2. ^ أ ب "التضمين في اللغة العربية"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 26-4-2020. بتصرّف.
  3. "التضمين"، www.uobabylon.edu.iq، اطّلع عليه بتاريخ 26-4-2020. بتصرّف.
  4. سهيل سليمان, جورج شكور,داود عيد وآخرون (2010)، الوافي في القواعد والبلاغة والعروض، بيروت-لبنان: دار الفكر اللبناني، صفحة 318. بتصرّف.
  5. ^ أ ب ت وليد إبراهيم قصاب (2012)، علم البديع (الطبعة 1)، دمشق-سوريا: دار الفكر، صفحة 121. بتصرّف.
  6. "الاقتباس والتضمين (التناصّ) في الشعر الشعبي والفصيح (٢-٢)"، www.alriyadh.com، اطّلع عليه بتاريخ 26-4-2020. بتصرّف.
  7. "وإن شفائي عبرة مهراقة … وهل عند رسم دارس من معول"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 26-4-2020. بتصرّف.
4585 مشاهدة
للأعلى للسفل
×