التعريف بسورة الرعد

كتابة:
التعريف بسورة الرعد

التعريف بسورة الرعد

هي السورة الثالثة عشرة في ترتيب المصحف، فقد سبقتها اثنتا عشرة سورة وهي: الفاتحة، والبقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، والأنفال، والتوبة، ويونس، وهود، ويوسف.[١]

عدد آياتها ثلاث وأربعون آية في المصحف الكوفي، وأربع وأربعون آية في المدني، وخمس وأربعون في البصري، وسبع وأربعون في الشامي.[٢] وعدد كلماتها ثمانمائة وخمس وستون كلمة.[٣]

هل هي سورة مكية أم مدنية

تعدّدت آراء العلماء في ذلك على قولين:[٤]

  • القول الأول: أنها مكية

قال الحسن، وسعيد بن جبير، وعطاء، وقتادة، وروى أبو صالح عن ابن عباس أنها مكّيّة، إلّا آيتين منها، قوله -تعالى-: (وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِّن دَارِهِمْ حَتَّىٰ يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ)،[٥] وقوله -تعالى-: (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا).[٦]

  • القول الثاني: أنها مدنية

وقال به جابر بن زيد، وروى عطاء الخراسانيّ عن ابن عباس أنها مدنيّة إلّا آيتين نزلتا بمكّة، وهما قوله -تعالى-: (وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَل لِّلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا ۗ أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَن لَّوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا ۗوَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِّن دَارِهِمْ حَتّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ).[٧][٨]

ورجّح العلماء أن سورة الرعد يظهر فيها الطابع المكي، سواء أكان ذلك في موضوعاتها أم في أسلوبها، أم في مقاصدها وتوجيهاتها، وأنّ نزولها كان في الفترة التي أعقبت موت أبي طالب والسيدة خديجة -رضي الله عنها-، وهي الفترة التي لقي فيها الرسول -صلى الله عليه وسلم- ما لقي من أذى المشركين وعنتهم وطغيانهم.[٤]

سبب تسميتها بسورة الرعد

وسميت بهذا الاسم منذ العهد النبوي، ولم يعرف لها اسماً سوى هذا الاسم، وسبب تسميتها بسورة الرعد؛ لإضافتها إلى الرعد وذكر الرعد فيها من قوله -عزّ وجلّ-: (وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ).[٩][١٠]

مناسبتها لما قبلها من السور

من مناسبات السورة لما قبلها ما يأتي:[١١]

  • سورة الرعد فصلت ما كان مجملاً

أنّ الله -تعالى- أجمل في السورة السابقة وهي سورة يوسف؛ الآيات السماوية والأرضية في قوله: (وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها وَهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ)،[١٢] ثم فصلها في سورة الرعد.

كما أشار الله -تعالى- في سورة يوسف إلى أدلة التوحيد بقوله: (أَأَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ)،[١٣] ثم فصل الأدلة في سورة الرعد بإسهاب.

  • ذكر الله تعالى في كلتا السورتين أخبار الأقوام السابقين مع رسلهم

وكيف أنّ الرسل عانوا من أقوامهم، ثم عاقبهم الله أشد العقاب على ما فعلوه بالرسل، وأنّ النصر يكون للمسلمين، وكل ذلك كان تسلية لرسوله -صلى الله عليه وسلّم-، وتثبيتاً لقلبه وقلوب المؤمنين معه.

مقاصد السورة

ومن مقاصد السورة ما يأتي:[١٤]

  • إثبات صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم

فيما أوحي إليه من وحدانية الله -تعالى- والبعث وغير ذلك.

  • تفنيد أقوال المشركين في إنكارهم للبعث؛ وتهديدهم بما سيحل بهم كما حلَّ بالأقوام السابقين.
  • إثبات أن الله -تعالى- هو الوحيد المستحق للعبادة دون آلهتهم، وأن الله -تعالى- عالم بكل شيء لا أصنامهم.
  • إقامة الأدلة المتنوعة على كمال قدرة الله- تعالى-، وعظيم حكمته.
  • التخويف من يوم الحساب، والتذكير بأن الدنيا ليست دار القرار.
  • تثبيت فؤاد النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ وتسليته عمّا لحقه من أذى من المشركين.
  • الإشارة إلى حقيقة القدر ومظاهر المحو والإثبات.

عرض إجمالي لسورة الرعد

فيما يأتي عرض إجمالي لما جاء في هذه السورة الكريمة:[١٥]

  • لقد افتُتِحت السورة الكريمة بالثناء على القرآن الكريم

وبالإشارة إلى إعجازه، ثم ساقت ألواناً من الأدلة على قدرة الله تعالى ووحدانيته وعظيم حكمته.

  • حكت السورة بعد ذلك جانباً من أقوال المشركين في شأن البعث، وردت عليهم بما يكبتهم.
  • بينت السورة الكريمة ما يدل على كمال علمه تعالى، وعلى عِظم سلطانه، وعلى حكمته في قضائه وقدره.
  • أمر الله -تعالى- نبيه -صلى الله عليه وسلم- أن يسأل المشركين سؤال تهكم وتوبيخ؛ عمن خلق السموات والأرض.
  • ضربت السورة الكريمة مثلين للحق والباطل

وعقدت مقارنة بين مصير أتباع الحق، ومصير أتباع الباطل.

  • حكت السورة الكريمة بعض المطالب المتعنتة

التي طلبها المشركون من النبي -صلى الله عليه وسلم-، وردَّت عليهم بما يمحق باطلهم، ويزيد المؤمنين إيماناً على إيمانهم.

  • حكت السورة الكريمة لوناً آخر من غلوهم في كفرهم

ومن مقترحاتهم الفاسدة، حيث طلبوا من النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يسير لهم بالقرآن جبال مكة ليتفسحوا في أرضها، ويفجر لهم فيها الأنهار والعيون ليزرعوها، ويحيى لهم الموتى ليخبروهم بصدقه.

  • ختمت السورة الكريمة ببيان حسن عاقبة المتقين

وسوء عاقبة المكذبين، وبالثناء على القرآن الكريم، وذكر ما أصابه الرسول -صلى الله عليه وسلم- من أعدائه وبالشهادة له بالرسالة، وبتهديد المشركين بالعذاب الأليم.

المراجع

  1. محمد سيد طنطاوي، التفسير الوسيط، صفحة 431.
  2. محمد سيد طنطاوي، التفسير الوسيط، صفحة 431.
  3. عبد الكريم الخطيب، التفسير القرآني، صفحة 63.
  4. ^ أ ب محمد طنطاوي، التفسير الوسيط، صفحة 432. بتصرّف.
  5. سورة الرعد، آية:31
  6. سورة الرعد، آية:43
  7. سورة الرعد ، آية:31
  8. ابن الجوزي، زاد المسير، صفحة 479. بتصرّف.
  9. سورة الرعد، آية:13
  10. ابن عاشور، التحرير والتنوير، صفحة 75. بتصرّف.
  11. أحمد بن مصطفى، تفسير المراغي، صفحة 60. بتصرّف.
  12. سورة يوسف، آية:105
  13. سورة يوسف، آية:39
  14. ابن عاشور، التحرير والتنوير، صفحة 76-77. بتصرّف.
  15. محمد طنطاوي، التفسير الوسيط، صفحة 432-434. بتصرّف.
5858 مشاهدة
للأعلى للسفل
×