محتويات
التفخيم والترقيق
يعتبر مبحث التّفخيم والتّرقيق أحد أقسام علم التّلاوة والتّجويد، ويعرّف التّفخيم لغةً "التّسمينُ والتّغليظُ"، واصطلاحًا "تغليظ الحرف أو تسمينه، وذلك بجعله في المخرج سمينًا وفي الصّفة قويًّا"، والتّرقيق لغةً "التّنحيف، ونقيض الغليظِ والثّخين"، ويعرّف اصطلاحًا "بأنّه تنحيف الحرف، بجعله في المخرج نحيفًا وفي الصّفة ضعيفًا"، وسيتناول المقال أقسام التّفخيم والتّرقيق في القرآن الكريم، وأرجح الأقوال في مراتب التّفخيم والتّرقيق عند علماء التّجويد.[١]
التفخيم والترقيق في القرآن الكريم
أفرد علماء التّلاوة والتّجويد مبحثًا خاصًّا "لمخارج الحروف وصفاتها"، وذُكرت على الدوام قبل مبحث "التّفخيم والتّرقيق في القرآن الكريم"، وذلك لارتباطهما الوثيق في تقسيم الحروف تفخيمًا وترقيقًا من حيث المخرج والصّفة، حيثُ تقسّم الحروف الهجائية من حيث التّفخيم والتّرقيق في القرآن الكريم، إلى ثلاثة أقسام:[٢]
الحروف المفخمة دائمًا
وهي الحروف المستعلية دون استثناءٍ شيءٍ منها، والمجموعة في "خصّ ضغطٍ قِظ"، وتفخّم قولًا واحدًا أيًّا كانت حركتها وموقعها، إلّا أن ثمّة تفاوتًا في درجات التّفخيم في حروف الاستعلاء ذاتها، وذلك تبعًا لصفات القوّة والضّعف في كلّ حرفٍ منها، فأقواها "الطّاء، فالضّاد، فالصّاد، فالظّاء، فالقاف، فالغين، فالخاء"، وإنّما حلّت "الطّاء" في الدّرجة الأولى لاجتماع صفات الحروف القوية فيها فهي "مجهورةٌ، شديدةٌ، مستعليةٌ، مطبقةٌ، مصمتةٌ، مقلقلةٌ"، وأمّا "الخاء" فأقلّها قوّةً، حيث حلّت في الدّرجة السّابعة لاجتماع صفات الضّعف فيها إلّا صفة الاستعلاء.
الحروف المرققة دائمًا
وهي الحروف المُستفلة المتبقيّة من الحروف الهجائيّة بعد استثناء حروف الاستعلاء، حيث لا يجوز تفخيم شيءٍ منها مهما كانت حركته، وقد نبّه علماء التّجويد على ضرورة ترقيق بعض حروف الاستفال إذا ما جاورت حرفً مفخّمًا ومثالها حرف اللّام مع الطّاء في كلمة "وَلْيَتَلَطَّفْ"، أو مجاورة حرف الاستفال حرفًا شديدًا ومثالها حرف السين مع التّاء الشديدة في كلمة " مُّسْتَقِيمٍ"، أو مجاورة حرف الاستفال حرفًا رخوًا ومثالها حرف الباء مع الهاء في كلمة "رَّبِّهِمْ"، كما يُراعى التّرقيق المطلق في الهمزة عند الابتداء بها، سواءٌ أكانت همزة وصلٍ أو قطعٍ، وسواءٌ جاورها حرفٌ مفخّمٌ أو مرقّق.
الحروف المفخمة تارةً والمرققة أخرى
وهي ثلاثة حروفٍ من حروف الاستفال "الألف المديّة، واللّام في لفظ الجلالة، والرّاء"، ويلحق بها الغنّة في بعض أحوالها، وفيما يأتي بيان كلٍّ منها:[٣]
- الألف المديّة: حيث تتبع ما قبلها تفخيمًا وترقيقًا، فإذا سُبقت بحرف مفخّم فُخّمت ومثالها "طَالَ، قَالَ"، وإذا سُبقت بحرفٍ مرقّقٍ رُقّقت، ومثالها "ءَامَنَ، حَاقَ".
- اللّام في لفظ الجلالة: تفخّم إن سبقت بالفتح مثل "قَالَ اللَّهُ"، أو سُبقت بالضمّ مثل "رَسولُ اللَّهُ"، وترقّق إن سبقت بالكسر ولو منفصلاً عنها أو عارضًا؛ مثل "بِالله، بِسْمِ الله".
- الرّاء: اكتسبت الرّاء أحوالًا في التّفخيم والتّرقيق نظرًا لتميزها عن غيرها في المخرج والصّفة، حيث لم ينحرف حرفٌ عن أصل مخرجه إلى ظهر اللّسان إلّا هي، كما لم يتصف حرفٌ بسبع صفاتٍ مختلفةٍ إلّا هي، وفيما يأتي أحوالها:
- تفخّم الرّاء إذا وقعت: وتكون مفتوحةً مثل "رَبَّكُمُ"، أو مضمومةً مثل "الرُّسُلُ"، أو ساكنةً سكونًا أصليًّا وقبلها فتحٌ مثل "الْعَرْشِ"، أو ضمٌّ مثل "يُرْسِلِ"، أو ساكنةً بعد كسرٍ، ويليها حرف استعلاء مفتوحٌ مثل "مِرْصادًا"، أو ساكنةً في أول الكلمة بعد همزة وصل، مثل "ارْتَابُوا"، أو ساكنةً بعد حرفٍ مكسورٍ، سواءً أكان الكسرُ أصليًّا أو عارضًا، مثل "رَبِّ ارْجِعُونِ"، أو مفتوحةً أو مضمومةً أو مجرورةً، أو متطرفةً متحركةً، وعُرِض لها السّكون لأجل الوقف، وكان الحرف الذي قبلها مفتوحًا "فَحَشَرَ"، أو مضمومًا "النُّذُرِ"، أو ألفًا "النَّارُ"، أو واوًا ساكنةً "الأُمُورُ"، أو حرفًا ساكنًا صحيحًا قبله فتحٌ أو ضمٌّ "الْأَمْرُ، الْعُسْرِ".
- وترقّق الرّاء إذا وقعت: قد تكون مكسورةً بكسرٍ أصليٍّ مثل "مِنْ رِزْقِهِ"، أو بكسرٍ عارضٍ مثل وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ"، أو ساكنةً وما قبلها مكسورٌ كسرًا أصليًّا متّصلًا، وليس بعدها حرف استعلاءٍ متصلٌ مفتوحٌ، مثل "فِرْعَوْنَ"، أو متطرفةً متحركةً وعُرض لها السّكون لأجل الوقف وكان الحرف الذي قبلها مكسورًا "لَنْ نَصْبِرَ"، أو ياء ساكنة "لَا ضَيْرَ"، أو حرفًا ساكنًا مرقّقًا قبله كسر "الذِّكْرَ"، ويجوز الوجهان والتّفخيم أوْلى في كلمة "مِصْرَ" ، كما يجوز الوجهان والترقيق أوْلى في كلمة "الْقِطْرِ"، أو الرّاء المُمَالة، ولم ترد عند حفص إلا في موضعٍ واحدٍ "مَجْرَاهَا".
- الغنّة: تفخّم إذا وقعت قبل حرفٍ مفخّمٍ، وذلك حال إخفاء النّون السّاكنة أو التّنوين عند "ض، ظ، ص، ط، ق"، وترقّق فيما عدا ذلك.
مراتب التفخيم والترقيق عند علماء التّجويد
ليس للتّرقيق مراتبٌ بالمطلق، أمّا التّفخيم فقد اختلف علماءُ التّجويد في مراتبه، فمنهم من قال أنّها ثلاث، وآخرون هي خمسٌ، والرّاجح بأنّ للتّفخيم أربع مراتبٍ، مرتبةً من القويّ إلى الضّعيف، كما يأتي:[٤]
- أن يكون حرف الاستعلاء مفتوحًا بعده ألف مثل "الضَّالِّينَ"، ويلحقُ بها الرّاء المفتوحة قبل الألف مثل "رَّاضِيَةً".
- أن يكون حرف الاستعلاء مفتوحًا ليس بعده ألف مثل "ضَرَبَ"، ويلحق بها أن يسبق حرف الاستعلاء السّاكن حرفٌ مفتوحٌ مثل "تَطْمَئِنُّ".
- أن يكون حرف الاستعلاء مضمومًا مثل "طُلوعِ"، ويلحق بها أن يسبق حرف الاستعلاء السّاكن حرفٌ مضمومٌ مثل "يُطْعِمُ".
- أن يكون حرف الاستعلاء مكسورًا مثل "ضِعْفًا"، ويلحق بها أن يسبق حرف الاستعلاء السّاكن كسرٌ مثل "أَفْرِغْ".
المراجع
- ↑ عبدالفتاح المرصفي، هداية القاري إلى تجويد كلام الباري (الطبعة الثانية)، المدينة المنورة: مكتبة طيبة، صفحة 103-104، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ "التفخيم والترقيق"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 18-08-2019. بتصرّف.
- ↑ "في الكلام على الحروف المرققة تارة والمفخمة أخرى "، www.library.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 18-08-2019. بتصرّف.
- ↑ "مراتب التفخيم في التلاوة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 18-08-2019. بتصرّف.