التكثيف في القصة القصيرة

كتابة:
التكثيف في القصة القصيرة

معنى التكثيف في القصة القصيرة

التكثيف أو الإيجاز أو الاختزال هو أحد العناصر الأساسية في القصة القصيرة والمستخدم من قبل الكاتب؛ إذ يقوم بتضمين القصة مفاهيم ذات مدلولات عميقة ضمن مساحة نصية ضيقة باستخدام آلية الحذف، شرط ألّا يُحدث ذلك خللًا في القصة وأحداثها ونصها بشكل عام أو شخصياتها.[١]

لا يكون التكثيف على مستوى جمع الجُمل بنمط ونسق معين، وإنما يتعدى ذلك إلى المستوى الدلالي، إذ تحمل القصة تأويلات متعددة، وقراءات متاحة ومفتوحة؛ أي أنها ليست ذات توجّه واحد.[١]

تقوم وظيفة التكثيف بشكل أساسيّ على إذابة العناصر المختلفة المتناقضة والمتشابهة، وجمعها في كيان واحد لامع لافت للقارئ، ومن خلاله يُمكن تحديد بنية القصة ومتانتها من ناحية الاقتصاد اللغوي، والقدرة على الاختزال عن طريق تناول الأحداث بإيجاز دون اللجوء للشرح والسببية والفيض.[١]

أهمية التكثيف في القصة القصيرة

لاستخدام التكثيف في القصة القصيرة أهمية كبيرة تتلخص فيما يأتي:[٢]

  • يساعد التكثيف المُستخدم في الحوار والحديث والموضوع والفكرة والزمان والمكان على تحقيق القصر المطلوب في القصة القصيرة، ممّا يحول دون الإطالة.
  • يعمل التكثيف على توجيه الفكرة؛ إذ يعمقها ويظهر البلاغة اللغوية في القصة.
  • يظهر التكثيف فيض المعنى من خلال الكلمات المقتضبة المستخدمة في القصة.
  • يُعطي التكثيف الحياة للكلمات والجمل في القصة القصيرة.
  • يُحافظ على متانة النص والبناء القصصي.
  • يبعد عن القصة ضياع المعنى والفكرة.
  • يقلل من الروابط والأحداث الانتقالية للوصول للفكرة الأساسية في القصة.
  • يظهر أسلوب الإضمار، ممّا يُقلّل من استخدام الكلمات الدالة على الأماكن والشخصيات، وبالتالي يُوجز بالتعبير.
  • يساعد التكثيف على اقتصار الوصف.
  • يُمكّن القارئ من استغلال الفراغ اللغويّ بناء على مُخيّلته.
  • يُساعد الكاتب في إظهار قدرته الإبداعية واللغوية.
  • يُظهِر التكثيف نجاح النص، فهو التقنية التي يحكم من خلالها على قوته.


أمثلة على التكثيف في القصة القصيرة

من أهم الأمثلة على التكثيف في القصة القصيرة ما يأتي:

  • قصة مهماني تلخ: (ضيافة مرة أو مريرة) للكاتب سيامك كلشيري

يمكن ملاحظة التكثيف الظاهر في العنوان، فهو على بساطته يُلقي الضوء على أحداث القصة ومحتواها، حيث تقوم الأحداث على ضيافة الشخصية الرئيسة لشخص آخر.[٣]

وتدل الكلمة الثانية على أنّ هذه الضيافة كانت مريرة، أبعد العنوان عن القارئ الغموض وجاء موحيًا دون نقص أو مبالغة، قدم من خلاله الكاتب للقارئ خلفية عن القصة.[٣]

  • نص من قصة الكاتب حسن برطال من كتاب المجموعة القصصية أبراج

"طلب منهم الالتحاق بمائدة الأكل.. تحركوا.. تحلقوا.. طلبوا الأكل.. قيل لهم: لقد دعيتم لمائدة الأكل وليس للأكل".[٤]

استطاع الكاتب أن يقدّم مشهدًا مليئًا بالحركة والحياة والصور والأصوات وردود الفعل بشكل مكثف، دون إطالة أو مبالغة.[٤]

  • نص لنور الدين الهاشمي من قصة عبد

"حين صفعه سيده على وجهه لم يحزن، لأنه فقد قطعة من لسانه، ولم يحزن لأن الدم سال غزيرًا من شفتيه، بل حزن كثيرًا وتألم لأنه لن يستطيع بعد الآن أن يقول يا سيدي بشكل فصيح".[٥]

ظهر التكثيف من خلال إظهار كلمات الرضا بالعبودية والاستلاب الإنساني، دون الحاجة إلى المبالغة في الكلمات، فمن خلال هذا المشهد القصير صوّر الكاتب معنى العبودية والرضا بها، مع بيان خطر هذه القضية وغياب الوعي بأهمية الحرية.[٥]


المراجع

  1. ^ أ ب ت جلال مرامي، دراسة القصة القرآنية القصيرة حدًا وعناصرها، صفحة 20. بتصرّف.
  2. جودي البطاينة، القصة القصيرة جدًا قراءة نقدية، صفحة 4. بتصرّف.
  3. ^ أ ب سامية سلامة، التكثيف وعناصر بناء الفن الدرامي في مهماني تلخ ل سيماك كلشيري، صفحة 5. بتصرّف.
  4. ^ أ ب جودي البطاينة، القصة القصيرة جدًا قراءة نقدية، صفحة 11. بتصرّف.
  5. ^ أ ب جودي البطاينة، القصة القصيرة جدًا قراءة نقدية، صفحة 13.
4880 مشاهدة
للأعلى للسفل
×