يتعامل كلٌ شخص منَّا مع حالات الضغط والتوتر النفسي بشكل مختلف. لكن إلى أي حد يكون الأمر مختلفا بالتعامل بين الزوجين في هذه الظروف؟
يختلف التعامل مع ظروف الضغط النفسي والأزمات بشكل كبير بين الجنسين. فعندما يمُر الرجال بظروف ضاغطة ومُجهدة نفسيا، نراهم يميلون إلى الانعزال، الابتعاد والانطواء على أنفسهم إلى حين النجاح بحل المشكلة والخروج من المأزق أو الوضع الضاغط. ينصب الجزء الأكبر من طاقاتهم العقلية على محاولة إيجاد حل للمشكلة، ولا يبقى لديهم متسع للانشغال بالأمور الأخرى، كما تتشتت نفسيتهم ويصبحون أقل تعاونا في مجال العلاقات المتبادلة. كذلك، نراهم يميلون إلى الانشغال بالنشاطات التي تشد تفكيرهم في محاولة للتحرر من الانشغال بما يقلقهم.
بالمقابل، تكثر النساء من الحديث عن مشاكلهنّ بهدف تفريغ همومهن وتفادي الإصابة بالاكتئاب، وليس رغبةً منهن في إيجاد حل للمشاكل. تتميز مثل هذه المحادثات غالباً بافتقارها إلى التسلسل المنطقي - العقلاني وترتكز بالأساس على تداعيات عاطفية.
تتوقع الزوجة التي يكون زوجها غارقا في ضائقة ما، أن يحدثها عن مشاكله وأن يشركها في كل ما يتعلق بهذه المشاكل، انطلاقاً من قناعتها بأنها كانت ستفعل الشيء ذاته لو كانت هي مكانه. لكن الرجل، وليس عن سوء نية، يتجاهل رغبتها هذه ولا يشركها بما يمر عليه. تتابع هي محاولة استدراجه للحديث لأنها تظن أنَّه لا يُبالي بها أو بمشاعرها، وحين يصر الرجل على صمته ويتجاهل إشراكها، تُصبح الزوجة كثيرة الطلبات والانتقادات، فتنشأ خصومة قد تتطور إلى مُشادة كان بالإمكان تجنُّبها لو أن الزوجة لم تشعر بالإهانة والمس من جراء الانقطاع المؤقت في الاتصال بينها وبين زوجها، ولو أنها تجملت بالصبر دون أن تسبب للزوج إحساسا خانقا.
بالمقابل، عندما تواجه الزوجة المشاكل أو الأزمات، فسرعان ما تفرغ هذه الشحنة من الضغوط أمام زوجها، الأمر الذي قد يؤدي إلى نفاد صبره بسرعة، لأن الزوج يريد في العادة أن يشعر بأن زوجته راضية عنه، عن حياتها وعن عائلتها. وحين يدرك الزوج أن الأمر ليس كذلك، يشعر بأنه المسؤول عن الوضع وبأنه في قفص الاتهام. هذا الشعور، يدفع الرجل إلى الدفاع عن نفسه أمام هذه الاتهامات، بدلا من أن يوفر لزوجته أذنا صاغية ومتفهمة، وهو الأمر الذي تحتاج إليه. وبسبب هذا السلوك، قد ينشأ جدال وسوء تفاهم بين الزوجين، مصدره السلوك الاتهامي، من جهة، والدفاعي من الجهة الأخرى .
ثمة بديل آخر يتمثل في أن يصغي الزوج إلى زوجته لكي يفهم مشكلتها وأن يُسْدي لها النصائح، إذ أنها كانت ستتصرف هكذا لو كانت مكانه. وحينما يفعل ذلك، فإنه لا يعالج مشكلة زوجته فقط، بل يعالج مشكلته هو أيضا.
صحيح أن الزوجة تحتاج إلى النصيحة في كثير من الأحيان، لكن التجربة تفيد بأنها تحتاج أكثر إلى الدعم العاطفي. لذلك، فإنها تشعر، في كثير من الاحيان، باليأس من جراء عدم تفهُّم الزوج لها. بإمكان مساندة الزوج لزوجته من خلال الإصغاء لها وتفهُّم احتياجاتها العاطفية عندما تتحدَّث عن همومها، أن يساعده على الإصغاء لها وتقديم الدعم الذي تحتاج إليه، دون أن يشعر هو بأنه المسؤول عما هي فيه من أزمة، أو أنه متهم، ودون أن يشعر بالفشل.