الحجاب في الإسلام
أمر الله عز وجلّ المؤمنين بغض البصر وحفظ الفروج، كما أمر المؤمنات بذلك إضافةً إلى التستر والعفاف، واعتبر الإسلام أن جسد المرأة كاملًا عورة ويجب عليها ستره، ولهذا شرع الله تعالى فريضة الحجاب، وبيّن لها ماهيّة الحجاب الصحيح وذلك بأن نهاها عن التزيّن إلا ما ظهر من الثياب التي جرت العادة بلبسها إذا لم يكن في ذلك ما يدعو إلى الفتنة بها، قد وضح ذلك في محكم كتابه بقوله: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ}[١]، وسيتم الحديث في هذا المقال عن حكم الحجاب في الإسلام و هل الحجاب فرض أم سنة ؟[٢]
شروط الحجاب الصحيح
وقبل أن تتم الإجابة عن سؤال هل الحجاب فرضٌ أم سنة ؟ سيتم التعرّف على كيفية ارتداء الحجاب الصحيح، إذ يتوجب على المرأة المسلمة ارتداء الحجاب كما شرعه الله عز وجلّ، ولهذا وضع علماء الدين شروطًا للحجاب الشرعيّ الصحيح، وهي ثمانية شروط:[٣]
- أن يكون ساتراً لسائر الجسد: اتفق غالبية أهل العلم على وجوب ستر كامل جسد المرأة بناءً على قوله عزّ وجلّ {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}[٤]، وقد اختلف بعضهم في وجوب ستر الوجه والكفين، وذلك بدليل حديث عائشة -رضي الله عنها-: " أنَّ أسماءَ بنتَ أبي بكرٍ دخلت على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وعليها ثيابٌ رقاقٌ فأعرض عنها وقال : يا أسماءُ إنَّ المرأةَ إذا بلغت المحيضَ لم يصلُح أن يُرَى منها إلَّا هذا وأشار إلى وجهِه وكفَّيهِ".[٥]
- أن لا يكون زينةً في نفسه: بمعنى أن لا يكون عليه زينةٌ تلفت أنظار الرجال إليه.
- أن يكون صفيقًا ولا يشف: وذلك لأن الغرض من الحجاب هو التستر، ولن يتحقق الستر باللباس الشفاف.
- أن يكون فضفاضًا غير ضيّق: لأن اللباس الضيّق يفصّل الجسد ويُظهر تفاصيله، ولدرء الفتنة يشترط اللباس الفضفاض.
- ألا يكون مبخرًا مطيبًا: لا يجوز للمرأة المسلمة أن تخرج متطيبةً، وجاء ذلك في حديث الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم-: "أيُّما امرأةٍ استعطرتْ ثُمَّ خَرَجَتْ ، فمرَّتْ علَى قومٍ ليجِدُوا ريَحها فهِيَ زانيةٌ ، وكُلُّ عينٍ زانيةٌ"[٦].
- ألا يشبه لباس الرجال: فقد ثبت عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنه لعن المرأة التي تتشبه بالرجال في اللباس أو غيره، وذلك في صحيح البخاري "لعَنَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بالنِّسَاءِ، والمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بالرِّجَالِ".[٧]
- ألا يشبه لباس نساء الكفار: فقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين بمخالفة الكفار وعدم التشبّه بهم "أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ رأَى عليهِ ثوبينِ مُعَصْفرينِ فقالَ : إنَّ هذِهِ ثيابُ الكفَّارِ فلا تَلبَسْها".[٨]
- ألا يكون لباس شهرة: وهو لباسٌ يكون الغرض منه الاشتهار بين الناس، فقد جاء عن الرسول الكريم أنه قال "من لبس ثوبَ شُهرةٍ في الدُّنيا ألبسه اللهُ ثوبَ مَذلَّةٍ يومَ القيامةِ ثمَّ ألهب فيه نارًا". [٩]
هل الحجاب فرضٌ أم سنة
يأخذ المسلمون التعاليم الدينية والأوامر الإلهية من القرآن الكريم وما ورد عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- في السنة النبوية، وتلك التعاليم والأوامر تنقسم لقسمين رئيسين ألا وهما الفرض والسنة، وقبل الإجابة عن سؤال هل الحجاب فرضٌ أم سنة، يجب التمييز بينهما، فالفرض هو ما أمر به الشرع أمرًا جازمًا ولزم به ولا يستطيع المكلّف به اختيار فعله أو تركه، بحيث يُثاب من قام به و يُؤثم تاركه، أما السنّة فهي كلّ ما أضافه النبي -صلى الله عليه وسلم- قولًا وفعلًا، ويُثاب من عمل بها ولا يُؤثم تاركها،[٢] وفيما يتعلق بما إذا كان الحجاب فرضًا أم سنة، فقد جاءت الإجابة صريحةً في الكتاب الكريم، عندما أمر الله عز وجلّ نبيه أن يأمر النساء عمومًا، ويبدأ بزوجاته وبناته أن يُسدلن الحجاب علي صدورهنّ ووجوههنّ، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ}،[١٠]كما نهاهنّ عن الخروج بزينتهنّ ووصفه بأنه من عادات أهل الجاهلية الذين لا علم لهم ولا دين، فقال جلّ وعلا:{وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ}،[١١] وبناءً على هذا يكون الحكم في مسألة هل الحجاب فرضٌ أم سنة واضحًا، فقد تبيّن مما سبق أنّ الحجاب فرضٌ على كلّ مسلمةٍ بالغة، وأنّ تركه يُعتبر إثمًا يستحق العقاب.[١٢]
المراجع
- ↑ سورة النور، آية: 31.
- ^ أ ب "كشف المرأة لزينتها أمام الرجال الأجانب لا يجوز"، islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 1-05-2019. بتصرّف.
- ↑ "الحجاب الشرعي الصحيح"، alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 01-05-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة الأحزاب، آية: 59.
- ↑ رواه أبو داود، في تفسير القرآن، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 6/48 ، مرسل.
- ↑ رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن أبو موسى الأشعري عبدالله بن قيس، الصفحة أو الرقم: 2956، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 5885، صحيح.
- ↑ رواه أحمد شاكر ، في مسند أحمد، عن عبدالله بن عمرو ، الصفحة أو الرقم: 11/140، إسناده صحيح.
- ↑ رواه المنذري، في الترغيب والترهيب، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 3/151، إسناده حسن .
- ↑ سورة الأحزاب، آية: 59.
- ↑ سورة الأحزاب، آية: 33.
- ↑ "بناتنا والحجاب"، saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 01-05-2019 بتصرّف.