الحرية المالية في الإسلام

كتابة:
الحرية المالية في الإسلام

الحرية المالية في الإسلام

أعطت الشريعة الإسلامية للمكلفين الحرية فيما يخص الممتلكات أو الأموال، وضمنت لهم الحق في الحفاظ عليها أو التصرف بها بما يرونه مناسباً، ولكن هذه الحرية لها ضوابط ومعايير معينة تضمن حصول الأفراد على كامل حقوقهم المالية دون أن تؤثر بعضها على بعض، ودون أن يكون هناك ما يسبب الضرر للفرد أو المجتمع.[١]

وهذه الضوابط إنما وُضعت من أجل تحقيق العدالة بين الناس وضمان حقوقهم المالية كاملة، فمثلاً يجب على المشتري تسليم الثمن وبالمقابل يجب على البائع تسليم السلعة، ومنها أن الإسلام حرّم الغش والكذب والخيانة، كما أن جميع المعاملات في الشريعة الإسلامية والتي ينظمها القرآن والسنة النبوية جاءت لتحقيق العدل وتنهى عن الظلم؛ مثل أكل المال بالباطل أو الربا أو القمار، وغيرها من المحرمات التي تؤدي إلى الظلم والجور.[١]

حرية تملك المال

أعطى الإسلام للفرد الحق في تملك الأشياء وحيازتها بأساليب مختلفة؛ كالشراء، والإجارة، أو ما هو مقابل عمل أو حرفة معينة، أو الإرث، أو الهبة، أو الهدية، فالرغبة في تملك المال هو أمر فطري عند البشر، ومن شأنه أن يحسّن ويعزز من الإنتاج ومن القوة الاقتصادية للفرد وللمجتمع ككل.

وقد ضمن الإسلام لصاحب المال حفظه من الضياع أو السرقة أو الاختلاس، فجعل لهذه الأفعال عقوبات رادعة تمنع الأشخاص ضعاف النفس من فعلها، فتحفظ للناس أموالهم، وبرغم إباحة تملك المال وضمان حفظه إلا أن هناك ضوابط تمنع من أن يطغى حق التملك على حقوق الآخرين، أو أن يسبب لهم الضرر أو الأذى في أموالهم.

ومثلاً حرّم الإسلام الربا لما له من آثار سلبية مالية، قال -تعالى-: (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّـهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّـهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَـٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ* يَمْحَقُ اللَّـهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّـهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ).[٢]

كما حرّم الإسلام الغش بأن تمتلك المال بأساليب فيها خداع للناس، فعن أبي هريرة رضي الله عنه: (أنَّ رَسولَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- مر على صُبْرَةِ طَعامٍ فأدْخَلَ يَدَهُ فيها، فَنالَتْ أصابِعُهُ بَلَلًا فقالَ: ما هذا يا صاحِبَ الطَّعامِ؟ قالَ أصابَتْهُ السَّماءُ يا رَسولَ اللهِ، قالَ: أفَلا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعامِ كَيْ يَراهُ النَّاسُ، مَن غَشَّ فليسَ مِنِّي)،[٣] وحرّم الاحتكاروالرشوة أيضا، وكلها أمور لا يجوز تملك المال من خلالها.

حرية التصرف بالمال

أباح الإسلام للشخص التصرف بماله كيفما يشاء وينفقه على الوجه الذي يرغب، كأن يشتري ما هو مباح شرعاً أو يهبه أو يتصدق به، ولكنّه وضع ضوابط لمنع ضياع الأموال دون فائدة أو التصرف بها بطريقة تسبب الضرر للفرد أو المجتمع.

ولهذا السبب هناك أمور حرّم الإسلام إنفاق المال عليها، ومنها أن يشتري الشخص ما حرّمه الله -تعالى- كالخمر مثلا، كما حرم الإسلام التبذير والإسراف في المال، قال -تعالى-: (إِنَّ المُبَذِّرينَ كانوا إِخوانَ الشَّياطينِ وَكانَ الشَّيطانُ لِرَبِّهِ كَفورًا).[٤]

ومن أفضل ما ينفق المسلم من ماله الصدقة، والتي لها عدة أوجه، فيمكنه التبرع بثلاجة مياه مثلا ويضعها في مكان عام، أو المساهمة في بناء المستشفيات والمساجد والمدارس، ويمكنه المساهمة في بناء البيوت أو المحلات التجارية التي يعود ربحها على الفقراء والمساكين.[٥]

المراجع

  1. ^ أ ب إسلام ويب (13-2-2021)، "مقصد العدل في المعاملات المالية في السنة النبوية"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 10-2-20222. بتصرّف.
  2. سورة البقرة، آية:275
  3. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:102، صحيح.
  4. سورة الإسراء، آية:27
  5. حسام الدين عفانة، كتاب يسألونك عن الزكاة، صفحة 197. بتصرّف.
5226 مشاهدة
للأعلى للسفل
×