الحق احق ان يتبع

كتابة:
الحق احق ان يتبع

الحق أحق أن يتبع

يقول -سبحانه وتعالى- في سورة يونس: (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي)،[١] يعرف الحق بأنه: ما يدل على إحكام الشيء وصحته، وهو نقيض للباطل، كما يأتي بمعنى وجب، كما عرفه البعض بأنه الشيء الثابت الذي لا يسوغ إنكاره؛ ولذلك سمي يوم القيامة بالحاقة؛ لأنها تحق بكل شيء.[٢]

تفسير الآية الكريمة

إبطال دعوى المشركين

وذلك فيما أشركوا باللّه غيره، وعبدوا من الأصنام والأنداد، يقول -تعالى-: (قُلْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ۚ قُلِ اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ)؛[٣]أي من بدأ خلق هذه السماوات والأرض، ثم ينشئ ما فيهما من الخلائق، ويفرّق أجرام السماوات والأرض، ويبدلهما بفناء ما فيهما ثم يعيد الخلق خلقاً جديداً ‏ (قُلِ اللَّهُ‏)‏؛ هو الذي يفعل هذا ويستقل به وحده لا شريك به.[٤]

عقد المقارنة

ثم يأتي الاستنكار بقوله: (فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ)؛‏[٣] أي فكيف تصرفون عن طريق الرشد إلى الباطل!؛ ثم تتوالى الاستنكارات وإقامة الحجة عليهم: ‏(قُلْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ ۚ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ ۗ أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لَّا يَهِدِّي إِلَّا أَن يُهْدَىٰ ۖ فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ)؛‏[١]أي أنتم تعلمون أن شركاءكم لا تقدر على هداية ضال.[٤]

وإنما الذي يهدي الحيارى والضُلاّل، ويقلّب القلوب من الغيّ إلى الرشد اللّهُ رب العالمين؛ أفيتبع العبد بعد ذلك كله الذي يهدي إلى الحق ويبصره بعد العمى؟، أم الذي لا يهدي إلى شيء إلا أن يهدى لعماه وبكمه؟؛ كما قال -تعالى- إخباراً عن إبراهيم أنه قال‏:‏ ‏(يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنكَ شَيْئًا).[٥][٤]

الاستنكار وبيان الجزاء

ثم يزداد التقريع؛ بسؤالهم: ما بالكم يذهب بعقولكم، كيف سويتم بين اللّه وبين خلقه؟، وعدلتم هذا بهذا وعبدتم هذا وهذا؟، ثم بين -تعالى- أنهم لا يتبعون في دينهم هذا دليلاً ولا برهاناً، وإنما هو ظنٌ منهم، وتوهم وتخيل؛ وذلك لا يغني عنهم شيئاً، والله عليم بكل هذا؛ وسيجازيهم على ذلك أتم الجزاء.[٤]

أسباب رفض الحق

إن من حكمة الله -سبحانه وتعالى- أن جعل الصراع قائماً بين الحق والباطل إلى قيام الساعة، وجعل للباطل مؤيدين، وللحق مدافين، وجعل بينهما ضعفاء نفوس يسمعون الحق ثم يردوه؛ لأسباب نفسية أو دنيوية، ومن الأسباب التي تجعل الإنسان يعرض عن الحق:[٦]

  • التأثر بكلام المغرضين.
  • وضع اعتبارات وموازين باطلة يقيم بها الحق.
  • الظروف الاجتماعية.
  • غربة الحق.
  • ثقل الحق على النفوس.
  • سوء التربية التي يتلقاها الفرد.
  • تحكيم العواطف.
  • اعتقاد حيلولة الحق بينه وبين جاهه وعزه.
  • الجهل بالحق.
  • اعتناق الرافضين للحق أفكاراً ضده.
  • حصر الحق على طائفة معينة.
  • الحسد.
  • العصبية.
  • العرف والعادة.
  • تقليد القدماء من الآباء والأجداد.
  • الكبر.
  • الغلو في الرجال.
  • الاقتداء بالعالم الفاسق أو العابد الجاهل.

المراجع

  1. ^ أ ب سورة يونس، آية:35
  2. [مجموعة من المؤلفين]، مجلة البحوث الإسلامية، صفحة 349-350. بتصرّف.
  3. ^ أ ب سورة يونس، آية:34
  4. ^ أ ب ت ث [ابن كثير]، تفسير ابن كثير، صفحة 233-235. بتصرّف.
  5. سورة مريم، آية:42
  6. [محمد صالح المنجد]، دروس للشيخ محمد المنجد، صفحة 1-20. بتصرّف.
3443 مشاهدة
للأعلى للسفل
×