الحلاقة في العشر من ذي الحجة

كتابة:
الحلاقة في العشر من ذي الحجة

الحلاقة في العشر من ذي الحجة

ورد عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (إذا دخلتِ العشرُ، فأراد أحدُكم أنْ يُضحِّيَ، فلا يمسَّ منْ شعرهِ، ولا منْ بشَرهِ شيئاً)،[١] وقد تعددت أرء الفقهاء في العمل بهذا الحديث إلى ثلاثة آراءٍ؛ فيما يأتي بيانها:[٢]

  • ذهب الإمام أبو حنيفة -رحمه الله-، وكذلك الإمام مالك إلى أنّ ترك الأخذ من الشعر للمضحي ليس بسنةٍ، ولا كراهة فيه، واحتجّوا لذلك بأنّه مُحِلّ، ولا يحرم عليه اللباس والطيب، فكذلك لا يحرم عليه الأخذ من شعره.
  • رأى الإمام الشافعي -رحمه الله- أنّ هذا الحديث محمول على الاستحباب لا الوجوب، فالسنة لمن أراد أن يضحّي الامتناع عن أخذ شيءٍ من شعره مع دخول شهر ذي الحجة، فإذا أخذ كان فعله مكروهاً ولا حُرمة فيه، وهذا قول سعيد بن المسيب أيضاً.
  • ذهب الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه إلى أنّ الأمر في الحديث محمولٌ على الوجوب؛ فيحرّم على من نوى الأضحية أن يأخذ من شعره.

أما بالنسبة للمحرم فلا يجوز له حلق شعره وهو في النسك؛ إذ قال العلماء: "ومن حلق شعر رأسه فعليه الفدية، ومن حلق موضع الحاجم من رقبته فعليه الفدية، ومن حلق شعر عانته فعليه الفدية، ومن خلل شعر لحيته فتساقط شيء من شعر لحيته في وضوئه أو في غسله فلا شيء عليه".[٣]

والفدية هي ذبح شاة، أو صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين، ومن أصابه أذى في رأسه وهو محرم جاز له حلق شعره بالقدر الذي يُزال به الأذى؛ قال -تعالى-: (وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ).[٤][٥]

الحكمة في ترك الأخذ من الشعر للمضحي

إنّ لكلّ أمرٍ في الشريعة الإسلامية حكمٌ عديدةٌ، سواءً أعلمها الإنسان أم لم يعلمها، والحكمة في ترك الأخذ من شعر المضحي تكمن في مشاركته للحاجّ في ذبح القُربان؛ أي ما يُتقرّب به إلى الله -تعالى-، فكان من المناسب أن يشاركه أيضاً في بعض خصائص الإحرام؛ كالإمساك عن الأخذ من شعره ونحوه.[٦]

وفي ذلك أيضاً إظهاراً لنعمة الله على عبده، وامتثالاً لأوامره جلّ وعلا، وقد قال الإمام السيوطي -رحمه الله- في ذلك إنّ الحكمة في ترك الأخذ من شعر المضحي أن يبقى كامل الأجزاء للعتق من النار.[٦]

الحكمة من ذبح الأضاحي

شرع الله -تعالى- الأضحية لحكمٍ عديدةٍ، وفيما يأتي بيان جانبٍ منها:[٧]

  • اتّباع سنة رسول الله محمد -صلّى الله عليه وسلّم-؛ فقد ثبت أنه ضحّى.
  • شكر الله -عزّ وجلّ- على نعمه وآلائه الكثيرة.
  • نيل الأجر والمثوبة العظيمة من الله -جلّ جلاله-.
  • إحياء سنة نبي الله إبراهيم -عليه السلام-.
  • التقرّب إلى الله -عزّ وجلّ- بإراقة الدم.
  • التوسعة على فقراء المسلمين ومساكينهم.

المراجع

  1. رواه النسائي، في السنن الكبرى، عن أم سلمة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:4376، صحيح.
  2. "حكم حلق المضحي شعره في العشر الأول من ذي الحجة"، www.fatwa.islamweb.net، 2009-12-6، اطّلع عليه بتاريخ 2019-3-12. بتصرّف.
  3. [ابن الجلاب]، التفريع في فقه الإمام مالك بن أنس، صفحة 202. بتصرّف.
  4. سورة البقرة، آية:196
  5. [مجموعة من المؤلفين]، الموسوعة الفقهية، صفحة 130. بتصرّف.
  6. ^ أ ب [ابن عثيمين]، أحكام الأضحية والذكاة، صفحة 256. بتصرّف.
  7. يحيى نعيم محمد خلة (2015-9-15)، "حكمة الأضحية، ومشروعيتها، وفضلها، ومتى تتعين؟"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-3-12. بتصرّف.
4967 مشاهدة
للأعلى للسفل
×