الحياة الثقافية في العصر الجاهلي

كتابة:
الحياة الثقافية في العصر الجاهلي

الحياة الثقافية في العصر الجاهلي

الشعر

كان الشعر في الجاهلية ديوان العرب، فهو صوت القبيلة، والناطق بالحجة ومجد القبيلة، والمدافع عن الأحزاب، وكانت القبيلة إذا نبغ فيها شاعر، أتت القبائل فهنأتها بذلك، وأقيمت الاحتفالات والولائم بهذه المناسبة، وكانوا لا يهنئون إلا بغلام يولد أو شاعر ينبغ أو فرس تنتج، ويرتبط الحديث عن الشعر، بالحديث عن جوانب ثقافية أخرى ارتبطت به، مثل ما يأتي:[١]

  • رواية الشعر: كانت رواية الشعر في العصر الجاهلي هي الأداة لنشره، وكانت هناك طبقة تحترفها احترافا، فمن كان يريد نظم الشعر، يلزم شاعرا يروي عنه، حتى يصبح نابغة في الشعر مثل من روى عنه ولم يكن الشعراء وحدهم من يهتمون برواية الشعر، بل يشاركهم في ذلك أفراد القبيلة جميعهم، فكانوا يتناقلون الشعر وينشدونه في محافلهم ومجالسهم وأسواقهم.[٢]
  • أسواق الشعر: كان للعرب أسواق، تقوم أياما معلومات، وكانت ميداناً لغير البيع والشراء، إذ كانوا يتناشدون فيها الشعر، ويتفاخرون ويتكاثرون ويتقارعون، فيفوز في هذا أقوام ويخسر آخرون، وتحتفل العرب لها الاحتفال اللائق بها، ولهم فيها محكمون يحتكم إليهم الناس و لهم فيها خطباء أيضاً.[٣]
  • نقد الشعر: كان ظهور النقد الأدبي ملازما للشعر، فمع تلاقي الشعراء بأفنية الملوك وفي الأسواق والمجالس الأدبية، صار الشعراء ينقد بعضهم بعضاً، فالنابغة الذبياني كان يأتيه الشعراء في عكاظ وينشدونه أشعارهم فيحكم بينهم، ومن بين قصص النقد المشهورة أيضا قصة أم جندب زوج امرئ القيس، حين احتكم إليها زوجها وعلقمة بن عبدة، ففضلت الأخير على امرئ القيس.[٤]
  • الغناء: كان الغناء أساس تعلم الشعر عند العرب، ويقترن هذا الغناء عندهم بذكر أدوات موسيقية مختلفة كالمِزهر والدفّ والصَّنج والبَرْبط، وكانوا يستمعون إلى القيان وهنّ يغنين ويضربن على الآلات الموسيقية، وكان نساؤهم يؤلفن ما يشبه الجوقات ويتغنين في حفلاتهم لاعبات على المزاهر.[٥]


فنون النثر في العصر الجاهلي

وجدت عند العرب ألوان مختلفة من النثر الأدبي رفدت الحياة الثقافية منها ما يأتي:[٦][٧]

  • القصص: كان العرب يشغفون بالقصص شغفاً شديداً، فحين يرخي الليل سدوله يجتمعون للسمر، وما إن يبدأ القصّاص حكايته حتى يرهف الجميع أسماعهم إليه، شباباً وشيوخاً ونساء من وراء الأخبية، فيفيض على قصصه من خياله وفنّه حتى يبهر سامعيه.
  • الخطابة: ازدهرت الخطابة في الجاهلية، وتناولت أغراضاً مختلفة، فقد استخدموها في منافراتهم ومفاخراتهم بالأحساب والأنساب والمآثر، وكان الخطباء يدعون إلى الحرب وسفك الدماء، أو الصلح والسلم، كما كانوا يخطبون في وفادتهم على الأمراء، إذ كان يتحدث الخطيب بلسان قومه، وقد يقوم الخطباء في الأسواق العظام ينصحون قومهم ويرشدونهم، كما في خطبة قس بن ساعدة في سوق عكاظ.
  • الكتابة: عرف العرب الكتابة على امتداد ثلاثة قرون من جاهليتهم، وكان عندهم معلمون يعلمون القراءة والكتابة وضروباً من العلم، ومن أشهر هؤلاء المعلمين عمرو بن زُرارة، وغيلان بن سلمة وقامت، في البيئات الجاهلية المتحضرة مدارس يتعلم فيها الصبيان الكتابة العربية.


المعارف المتنوعة في العصر الجاهلي

كان للعرب معارف وصناعات مختلفة ومتنوعة، أفادوها بتجاربهم أو باتصالهم بالأمم الأخرى، ومن أشهر معارفهم ما يأتي:[٨]

  • العلم بالأنساب والأخبار: كان العرب على جانب كبير من النبوغ في علم الأنساب؛ لاعتزازهم بعنصرهم ودمهم، وكان في كلّ قبيلة نسّابون يعرفون الكثير من أنساب العرب وبطونهم ومفاخرهم وتاريخهم ووقائعهم، أما الأخبار فمصدرها عندهم قصص التوراة والإنجيل، وأساطير الفرس والروم، والأخبار المتوارثة عن آبائهم وأجدادهم، وعن الأمم الأخرى المجاورة لهم.
  • علم الفلك: عرف العرب أسماء متعددة للنجوم، والرياح، والمطر، والكواكب؛ فقد كانوا بحاجة لمعرفة الوقت، وزمان الخصب والجدب، وأوقات الرياح والمطر.
  • التداوي والطب: وصلت العرب بعض المعلومات عن الطب والتداوي من الفرس والروم واليونان، واستمدوا بعضه الآخر من تجاربهم العامة، وفي اللغة أسماء لكثير من الأمراض، والكثير من الأدوية، ويضرب بطب الحارث بن كلدة المثل.
  • الفراسة والقيافة: اشتهرت بعض القبائل العربية بما عرف بالقيافة، وتعني اقتفاء الآثار، أو القدرة على الاستدلال بهيئة الرجل على نسبه، أما الفراسة فهي القدرة على الاستدلال بالأمور الظاهرة على الأمور الخفية، كالاستدلال بشكل المرء ولونه على خلقه، وللعقل فيها نصيب كبير، وقد اشتهر بنو لهب وبنو مدلج بالقيافة، وبالزجر، وهو الاستدلال بصوت الحيوان وحركته على الحوادث.
  • الكهانة والعرافة: كان في العرب كهان، يفزع إليهم الناس كلما طرأ عليهم أمر، أو مشكلات يستعصي حلها، وكان هؤلاء الكهان يدّعون معرفتهم بالأمور الغيبية ماضية كانت أو مستقبلة، ومن أشهر كهانهم: سطيح الذئبي وطريفة الخير


المراجع

  1. محمد عبد المنعم خفاجي، الحياة الأدبية في العصر الجاهلي، صفحة 216. بتصرّف.
  2. شوقي ضيف ، العصر الجاهلي، صفحة 142. بتصرّف.
  3. سعيد الأفغاني، أسواق العرب في الجاهلية والإسلام، صفحة 90. بتصرّف.
  4. محمد عبد المنعم خفاجي، الحياة الأدبية في العصر الجاهلي، صفحة 343. بتصرّف.
  5. شوقي ضيف ، العصر الجاهلي، صفحة 191. بتصرّف.
  6. شوقي ضيف ، العصر الجاهلي، صفحة 399. بتصرّف.
  7. ناصر الدين الأسد، مصادر الشعر الجاهلي وقيمتها التاريخية، صفحة 52. بتصرّف.
  8. محمد عبد المنعم خفاجي، الحياة الأدبية في العصر الجاهلي، صفحة 60. بتصرّف.
4716 مشاهدة
للأعلى للسفل
×