الحياة الدينية عند العرب قبل الإسلام

كتابة:
الحياة الدينية عند العرب قبل الإسلام


الحياة الدينية عند العرب قبل الإسلام

كان معظم العرب قبل مجيء الإسلام يتبعون الوثنية، وقد ورد في القرآن الكريم أنهم كانوا يشركون بالله، فكانوا يعبدون الأصنام والأوثان ويعدونها رمزًا لآلهتهم، ومن الجدير بالذكر أن بعضًا منهم كان يؤمن بوجود قوىً خفية سواء في الحيوانات والطيور أم في الجمادات، كما عُرف بعضهم بعبادة النجوم والكواكب، وأخذوا هذه الظاهرة من الصابئة وممن بقي من الكلدانيين، أو من عرب الجنوب.[١]


إضافةً إلى ذلك فقد كان العرب في الجاهلية يُقدّسون النار، ويتبيّن ذلك من خلال إشعال النار عند أحلافهم، وكانوا إذا تأخر المطر يستمطرون السماء ويُقدّمون القرابين إليها، ويُروى أنّ بعض القبائل مثل تميم كانت الديانة المجوسية هي السائدة فيها، إذ كانوا مؤمنين بوجود إلهين عظيمين يحكمان العالم، وهما النور والظلمة أو الخير والشر.[١]


أما معظم القبائل الأخرى فكانت تعبد الأصنام، وتنحت الصخور رمزًا لها، فكان إله قبيلة غطفان هو العزى، والعزى هي شجرة في وادي نخلة شرق مكة، وعند مجيء الإسلام قطعها خالد بن الوليد وهو يردد: يا عز كفرانك لا سبحانك إني رأيت الله قد أهانك،[١] وقد أشار الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم إلى بعض الأصنام التي كانوا يعبدونها والأوثان، فيقول تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى*وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى}.[٢]


فالعرب في الجنوب والحجاز كانوا يعبدون اللات، وكانوا يسمون أبناءهم عبد اللات وعبد العزى، أما مناة فهي صخرة موجودة بين مكة المكرمة والمدينة المنورة، وكانت هذه الآلهة عظيمة عند عدد كبير من القبائل مثل الأوس والخزرج وهذيل، إذ كانت هذه القبائل تحج مع الناس في موسم الحج، ولا يحلقون رؤوسهم إلا عند مناة، ويرون أنّ حجتهم لا تكون صحيحةً إلا بذلك.[١]


آلهات أخرى

توجد العديد من القبائل الأخرى التي كان لها آلهة مختلفة عما سبق، وقد ورد ذكرها في القرن الكريم أيضًا، إذ يقول تعالى: {وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا}،[٣] فالآلهة ودّ كانت معروفة عند عرب الجنوب، وتقع في دومة الجندل، وتُشكّل مع اللات والعزى ما يُعرف بالثالوث، وهو الأب والأم والابن، وظل صنم ودّ منصوبًا في مكانه إلى أن جاء الإسلام.[١]


وسواع هو الصنم الذي كانت تعبده قبيلة هذيل وكنانة وبعض عشائر مضر، ويرمز إلى إله الشر والهلاك، أما يغوث فكان معروفًا عند هوازن ومذحج ومعناه المُعين، ويعوق هو الصنم الذي كانت تعبده كل من همدان وخولان والقبائل التي كانت موالية لهم، ويعوق هو الإله الذي يحفظ ويمنع.[١]


أما نسر فهو الصنم المعبود عند قبيلة حمير، وقد شاعت عبادته في الشمال، ويشير اسمه إلى طائر النسر، وهذه الأصنام ما هي إلا جزء بسيط من الأصنام التي كان يعبدها العرب في الجاهلية قبل مجيء الإسلام، فيقال أنه عندما تم فتح مكة كان هناك حوالي ثلاثمئة وستون صنمًا عند الكعبة، وكان هبل أعظم هذه الأصنام عند قبيلة قريش، وكان على هيئة إنسان مكسورة يده اليمنى.[١]


وكان العرب يُقيمون أنصابًا من الحجارة عند هذه الأصنام، ويُقدمون القرابين لآلهتهم عندها، وكانوا يُقدسونها ويظنون أنّها مقرٌّ للأرواح، وجاء في القرآن الكريم قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.[٤][١]


الحجّ

كانت الكعبة بيتًا مقدّسًا عند العرب يأتون إليها من كلّ حدْبٍ وصوْبٍ، وذكر العديد من الشعراء الجاهليين موسم الحج في أشعارهم، كما خصّص العرب ثلاثةً من الأشهر الحرم للحج وهي:ذو القعدة، وذو الحجة، ومحرّم، ويُحرّم في هذه الأشهر سفك الدماء وقطع الطريق، وكانوا ينظمون موسم الحج على شكل مؤسسات، كل قبيلة تستلم شأنًا من شؤون الحج، فهناك مؤسسة الرفادة، ومؤسسة السقاية، ومؤسسة الإجازة.[٥]


المسيحية

تمكن النصارى من إدخال المسيحية إلى شبه الجزيرة العربية، واعتنقتها بعض القبائل كالغساسنة والمناذرة، ومن شرق الجزيرة هناك من يدين بها كالبحرين وعمان وعدن، فكانت المسيحية في صدارة الديانات الموجودة في شبه الجزيرة العربية إضافةً إلى الوثنية واليهودية وعبادة الكواكب وبعض الظواهر الطبيعية، حتى جاء الإسلام فألغى كل ضروب العبادة وجعل العبادة لله وحده لا شريك له.[٦]

المراجع

  1. ^ أ ب ت ث ج ح خ د شوقي ضيف، تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي، صفحة 89-92. بتصرّف.
  2. سورة النجم، آية:19-20
  3. سورة نوح، آية:23
  4. سورة المائدة، آية:90
  5. محمد النوي (9/6/2015)، "الحياة الدينيّة في شبه الجزيرة العربيّة قبل الإسلام"، مؤمنون بلا حدود ، العدد 1، المجلد 1، صفحة 19-20. بتصرّف.
  6. بكر ذكي عوض، الصراع الديني على شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام، صفحة 230. بتصرّف.
2936 مشاهدة
للأعلى للسفل
×