الخصوصية بين الزوجين في الإسلام

كتابة:
الخصوصية بين الزوجين في الإسلام

الخصوصية بين الزوجين في الإسلام

الأصل في الحياة الزوجية أنها حياة لها استقلاليتها وخصوصيتها، فلا يتدخل أحد في حياة الزوجين حتى عند حدوث خلافات طبيعية بينهما، فإن الحل يكون دون تدخل أطراف خارجية؛ لأنّ الزوجين هما الأدرى بأمور حياتهما، وبينهما علاقة خاصة وأمور مشتركة لا يعلمها أحد غيرهما، وهما الأكثر معرفة بتفاصيلها.[١]

والتدخل في شؤون الزوجين إنما يكون عند الحاجة وبإرادتهما، أما إذا تدخل طرفٌ آخر دون رضاهما أو علمهما؛ فإن ذلك قد يؤدي لمشاكل ومفاسد تؤثر سلباً على العلاقة الأسرية، وقد يؤدي إلى حصول نزاعات أو فرقة بين الزوجين،[١] ومن الخصوصية بين الزوجين كذلك المحافظة على أسرار البيت وعدم إطلاع أحد عليها، وبذلك يحفظ كل من الزوجين خصوصية الآخر.

مساحة الخصوصية بين الزوجين

إن تقرّب الزوجين من بعضهما أمر فطري، فالعلاقة بينهما قائمة على المودة والرحمة والحب والسكينة، فالزوج يرجع دائما إلى زوجته ليجد الراحة والاستقرار، وهي كذلك تبادله الحب وتشاركه همومه، وتجد معه الراحة والأمان، قال-تعالى-: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).[٢][٣]

والحياة بين الزوجين ليست علاقة قصيرة أو لمنفعة أو مصلحة معينة، فهي علاقة طويلة الأمد يتواجد فيها الزوجان بشكل مستمر في نفس المكان، ويتشاركا أموراً كثيرة في حياتهما؛ كالأكل والشرب والمنام والجلوس وغيرها، وهناك بطبيعة الحال لكل شخص منهم تصرفات وأمور خاصة قد يشارك كل منهما الآخر قدراً كبيراً منها.

ولأن العلاقة الزوجية علاقة مختلفة عن باقي العلاقات فتكون مساحة الأمور الخاصة بأحدهما دون الآخر أقل من غيرها، ولكنّها موجودة وإن كانت قليلة، إلا أن هذه المساحة من الخصوصية تمنح علاقتهما استمرارية وهدوءً، وهي تساعد على استمرار الود والمحبة بينهما.

وحينما يشعر كل منهما أن له مساحة أو استقلالية في أمور معينة؛ فهذا يجعله مرتاحاً للطرف الآخر أكثر، فلا يشعر بالضغط أو الإجبار أو المراقبة المستمرة، وهذا حق لكلا الطرفين.

أهمية الوضوح بين الزوجين فيما يخصّهما

ليست الخصوصية بالطبع هو أن يفعل أحدهما أمراً محرماً أو مرفوضاً، أو يسيء للطرف الآخر، أو يفعل أمراً له تأثير مباشر أو مضرّ بأحدهما، فهذا أمر مرفوض يسبب خلافات ونزاعات بين الزوجين، ويؤثر على استمرارية الحياة الزوجية بينهما.

وبما أن العلاقة بين الزوجين علاقة مودة ورحمة، فإن ذلك يتطلب اهتمام كل منهما بالآخر بالسؤال عن أحواله ومشاكله، خصوصاً عندما يحدث له أمر مستجد، أو عندما يراه سعيداً أو حزيناً، فيسأله عما به ويشاركه حزنه أو فرحه، وهذا يزيد من الحب والسعادة بين الزوجين، إذ إن كلاً منهما يشعر أن هناك من يعيش معه في كل لحظاته ويشاركه حياته.[٤]

وهكذا كلما اقترب الزوجان من بعضها أكثر فإن ذلك يؤدي لزوال الحواجز بينهما، فيتقرّب كل واحد منهما للآخر ويكون واضحاً وصريحاً أكثر معه، ويخبره بحاجاته ورغباته وما يفعله أو يفكر به، لأنه يثق به ويطمئن له، وهو ما يؤدي في النهاية لتقليل مساحة الخصوصية بين الزوجين.

المراجع

  1. ^ أ ب مأمون مبيض، التفاهم في الحياة الزوجية، صفحة 26-29. بتصرّف.
  2. سورة الروم، آية:21
  3. زيد بن محمد الرماني (2002)، ثلاثية الحياة الزوجية (الطبعة 1)، الرياض:دار الوطن للنشر، صفحة 7، جزء 1. بتصرّف.
  4. محمد عوض الخباص (2008)، الهدي النبوي في بناء العلاقات الزوجية (الطبعة 1)، عمان/الاردن:كنوز المعرفة، صفحة 193-195، جزء 1. بتصرّف.
4842 مشاهدة
للأعلى للسفل
×