حسب تقارير الـ Daily Mirror: "يعتقد العلماء أنَّ بإمكانهم اكتشاف علاج للقلب المُحَطَّم ". فما هو القلب المحطم؟ وما العلاج له؟
تحدث النوبات القَلبِيّة عندما تصبح عضلة القلب متعطشة للأوكسجين نتيجة ضَرَر حاصلٍ فيها. وفي حال إصابة القلب بضَرَر جوهريٍ فإنَّ ذلك يضعفه ويجعله غيرَ قادرٍ على ضخ الدّم لأنحاء الجسم. ويعرف ذلك بالفشل القَلبِيّ ويُمكِن أن يسَبَب أعراضاً مثل قصر التنفس والإعياء.
يحتوي القلب على خَلايَا جَذعِيّةٍ "هاجعة"، ويسعى البَاحِثون لتعلم الأكثر عنها لإيجاد طرقٍ للحصول عليها والمساعدة في إصلاح النسيج القلبي المتضرِّر.
حدد البَاحِثون في هّذِه الدِرَاسَة الجديدة المنفّذة في المخبر وعلى الحيوانات السمات الجينية "البصمة" للخَلايَا الجَذعِيّة لقلب الفِئرَان البالغة. مما يجعلهم يحدِّدونها بسهولةٍ أكبر عمّا كَانوا يفعلونه سابقاً، وبالتالي يجعل "قطفها" أسهلَ للدِرَاسَة.
أظهر حقن هّذِه الخَلايَا في القلب المتأذ للفِئرَان تحسناً بعمل القلب، وبالرغم من ذلك بقي القليل جداً من هّذِه الخَلايَا المحقونة في القلب.
تساعد هّذِه الموجودات البَاحِثين على دِرَاسَة هّذِه الخَلايَا بشكل أفضل، مثل التحقُّق من إمكَانيّة تحريضها كيميائياً لإصلاح الضَرَر في القلب، دون إزالتها أولاً. مع أنَّ الأمل معقود في هذا البَحث لإيجاد علاجات للقلب البَشَريّ المتضَرَر، إلا أنَّ النَتَائِج الحالية مازالت محصورةٌ في الفِئرَان فقط.
وسجّل البَاحِثون أيضاً حاجتهم لمعرفة فيما إذا كَانت القلوب البَشَريّة مكافئة لقلوب الفِئرَان.
كيف تمَّ البَحث؟
أجريت الدِرَاسَة من قبل بَاحِثين من جامعة لندن الملكيّة وجامعات أخرى في المملكة المتحدة والولايات المتحدة. ومُوّلت من قبل المؤسسة البريطانية للقلب والمفوضية الأوروبية ومجلس البَحث الأوروبي ومجلس البحث الطبي، مع دعمٍ إضافي لبعض البَاحِثين من قبل مؤسسة المعهد الوطني للقلب والرئة في المملكة المتحدة ومؤسسة بانيو الدوليّة لعلوم الحياة.
نُشرت هّذِه الدِرَاسَة في مجلة اتصالات الطبيعة المحكمة علميّاً. وهي مجلة مفتوحة، مما يعني إمكَانية تصفح مقالاتها مجاناً عبر الإنترنت.
يغطي التقرير الرئيسي لموقع Mirror القصّة بشكلٍ مقبولٍ، لكن أحدَ العناوين الفرعية –الذي يقول بأنَّ العلماء حددوا بروتِيناً يُمكِن أن يحفز تجدد خَلايَا القلب عبر حقنه فيه- لم يكن صحيحاً تماماً. فالباحثون غير قادرين بعد على استخدام بروتِين لتحفيز تجدد خَلايَا القلب. فهم استخدموا بروتِيناً محدداً على سطح الخَلايَا الجَذعِيّة لكشف تلك الخَلايَا فقط. لذلك كَانت تلك الخَلايَا–وليس البروتِين-هي المستخدمة في التَجدِيد.
في حين كَانت تغطية الـ Daily Telegraph للدِرَاسَة جيدةً وتضمنت بعض الاقتباسات من البروفسور ميشيل شنيدر قائد البَاحِثين في هّذِه الدِرَاسَة. كما يوضح المقال أنَّ هّذِه الدِرَاسَة أجريت على الفِئرَان فقط.
ما نوع هذا البَحث؟
كَان هذا بَحثاً مخبرياً وعلى الحيوانات يدرس الخَلايَا الجَذعِيّة في الفِئرَان البالغة التي يُمكِن أن تتحول لخَلايَا قَلبِيّة.
يسَبَب عددٌ من الأمراض (أو تتسَبَب بـ) ضَرَراً على القلب. فعلى سبيل المثال، تحدث النوبات القَلبِيّة عندما لا تحصل بعض خَلايَا العضلة القَلبِيّة على أوكسجينٍ كافٍ ثم تموت بالنهاية –يحدث ذلك عادةً نتيجةً لانسدادٍ في الشرايين الإكليليّة المغذية للعضلة القَلبِيّة بالدم المشبع بالأوكسجين. يوجد في القلب البالغ خَلايَا جَذعِيّة "هاجعة" يُمكِن أن تجدد خَلايَا العضلة القَلبِيّة، لكنَّها ليست منشَطَةً كفايةً لتصلح الضَرَر الحاصل كاملاً.
بدء البَاحِثون باختبار طرقٍ لتشجيع الخَلايَا الجَذعِيّة على إصلاح الضَرَر القَلبِيّ بشكلٍ كاملٍ. فدرس البَاحِثون في هّذِه الدِرَاسَة هّذِه الخَلايَا بقربٍ شديدٍ، لفهم فيما إذا كَانت الخَلايَا الجَذعِيّة القَلبِيّة هي نفسها الخَلايَا القَلبِيّة، أو فيما إذا وجدت أنواعٌ مختلفةٌ لمعرفة وظيفتها عند ذلك. قد تفيد هّذِه المَعلُومَات في تحديد النوع الصحيح من الخَلايَا والحالات التي تحتاج لإصلاح الضَرَر القَلبِيّ.
عادةً ما يكون هذا النوع من البحوث الخطوة الأولى في فهم بيولوجيا عمل عديدٍ من الأعضاء المختلفة، مع الحفاظ على الهدف النهائي وهو القدرة على إيجاد علاجٍ جديدٍ للأمراض البَشَريّة. تتشابه بيولوجيا البشرمع بيولوجيا الحيوانات جداً، لكن مع ذلك قد توجد اختلافاتٌ. وحالما يطوّر البَاحِثون فكرةً جيدةً لكيفيّة عمل جسم الحيوانات، يستطيعون إجراء التجارب للتأكد من مدى إمكَانية تطبيق ذلك على البشر.
ماذا تضمن البَحث؟
حصل البَاحِثون على الخَلايَا الجَذعِيّة من قلوب الفِئرَان البالغة ودرسوا نماذج جيناتها الفَعَّالة. ثم قاموا بدِرَاسَة أيٍّ من هّذِه الخَلايَا يُمكِن أن يتحول لخَلايَا عضلية قَلبِيّة في المختبر، وأيٍّ منها يُمكِن أن يشكل خَلايَا عضليّة قَلبِيّة يمكنها الدخول في نسيج العضلة القَلبِيّة في الفِئرَان الحيَّة.
بدأ هؤلاء البَاحِثون بتحديد انتشار خَلايَا العضلة القَلبِيّة عند الفِئرَان البالغة والتي تعرف باحتوائها على خَلايَاجَذعِيّة. ثم فصلوها لمجموعاتٍ مختلفةٍ، بعضها معروف باحتوائه على خَلايَاجَذعِيّة، ثم فصلوا كل مجموعةٍ لخَلايَامنفردةٍ، ودرسوا أيّاً من الجينات كَانت فَعَّالة في كل خليّة بالضبط. كما بحثوا فيما إذا كَانت الخَلايَا المعروضة متشابهة في نموذجها الجيني الفعّال جداً (اعتماداً على اقتراح أنَّها من نفس النمط، وتقوم بنفس الوظيفة)، أو فيما إذا وجدت مجموعاتٌ من الخَلايَا ذات نماذج جينيةٍ مختلفةٍ فَعَّالة. وقارنوا هّذِه النماذج الفَعَّالة مع خَلايَا العضلة القَلبِيّة اليافعة عند الفِئرَان حديثيّ الولادة.
وحالما حددوا مجموعة الخَلايَا التي يبدو أنها ستتحول لخَلايَا عضلية قَلبِيّة، فحصوها لمعرفة إمكانيّة إنمائها والمحافظة عليها في المختبر. وحقنوها أيضاً في قلوبٍ متضَرَرةٍ في الفِئرَان لمعرفة فيما إذا كَانت ستشكل خَلايَا عضلية قَلبِيّة جديدة. كما أجروا عديداً من التجارب المختلفة لتحديد سمات الخَلايَا التي تشكل خَلايَا العضلة القَلبِيّة الجديدة.
ما هي النَتَائِج الأساسية؟
وجد البَاحِثون مجموعاتٍ متميزةٍ من الخَلايَا ذات أنماطٍ مختلفةٍ من النشاط الجيني. وحُدِدَت إحدى المجموعات المتميزة في هّذِه الخَلايَا بأنَّها الخَلايَا التي تبدأ بالتحوّل لخَلايَا العضلة القَلبِيّة. تمت الإشارة لتلك الخَلايَا بخَلايَاSca1+ SP، كما أنتجت إحدى هذِه الجينات التي عبروا عنها بروتِيناً يدعى PDGFR؟، والموجود على سطح هّذِه الخَلايَا. نمت هّذِه الخَلايَا وانقسمت بشكلٍ جيدٍ في المختبر، كما حافظت الخَلايَا النَسِيلة على خصائص الخَلايَا الأصلية ca1+ SP.
وعندما حقن البَاحِثون عينات الخَلايَا النَسِيلة في قلوب الفِئرَان المتضَرَرة، وجدوا أنه بين 1% لـ 8% من الخَلايَا بقيت في نسيج العضلة القَلبِيّة في اليوم التالي للحقن. ثم اختفت معظم هّذِه الخَلايَا من العضلة القَلبِيّة بمرور الوقت، لكن بقي بعضها (تقريباً 0.1 إلى 0.5%) بعد مرور أسبوعين على الحقن.
وبعد مضي أسبوعين، أظهرت بعض الخَلايَا المتبقية(10%) علاماتٍ للتحول لخَلايَا عضلية غير ناضجة. وخلال 12 أسبوعاً، أظهرت نسبةٌ أعلى من الخَلايَا المتبقية (50%)علاماتٍ أنَّها ستتحول لخَلايَا عضلية. كما أظهرت هّذِه الخَلايَا أيضاً علاماتٍ أنَّها ستكون أكثر تطوراً وتشكل نسج عضلية. وعلى أيّ حال، وجدت عددٌ محدودٌ فقط من هّذِه الخَلايَاالمحقونة في كل قلب (5 إلى 10 خَلايَا). وأظهرت بعض الخَلايَا المتبرع بها أيضاً تطوراً لنوعين من الخَلايَا الموجودة في الأوعية الدموية.
وبالنتيجة أظهرت الفِئرَان المحقون قلبها بالخَلايَا المتبرع بها تحسناً في وظيفة عمل القلب في الأسبوع 12 مقارنةً مع تلك المحقونة بحقنة "وهمية" غير حاويةٍ على خَلايَا. وكَان حجم المنطقة المتضَرَرة أصغر في تلك المحقونة بالخَلايَا الممنوحة، وأصبح القلب قادراً على ضخ الدم بشكلٍ أكبر.
وأظهرت تجاربٌ أخرى للبَاحِثين أنَّه يُمكِنهم تحديد وفصل الخَلايَا التي تتطور لخَلايَا العضلة القَلبِيّة خصوصاً من خلال البَحث عن PDGFR؟ وهو بروتِين يوجد على سطح تلك الخَلايَا. تم تحديد تلك الخَلايَا بهّذِه الطريقة في المختبر، وعند حقنها في القلب تندمج في العضلة القَلبِيّة وتظهر علاماتٍ للتحول لخَلايَا عضلية خلال أسبوعين.
كيف فسر البَاحِثون النَتَائِج؟
خلص البَاحِثون إلى نتيجةٍ أنَّهم طوروا طريقةً لتحديد وفصل مجموعةٍ ثانويةٍ محددةٍ من الخَلايَا الجَذعِيّة في عضلة القلب عند الفِئرَان ويُمكِن أن تُنتِجَ خَلايَا عضلية قَلبِيّة جديدة. وقال البَاحِثون بأنَّ ذلك سيساعدهم وعلى أقلِ تقديرٍ بدِرَاسَة هذِه الخَلايَا عند الفِئرَان بسهولةٍ أكبر. وفي حال وجد تكافئ بين هّذِه الخَلايَا مع الخَلايَا البَشَريّة، يُمكِنهم أيضاً استخدام هّذِه المعرفة للحصول على خَلايَاجَذعِيّة من النسج القَلبِيّة البالغة.
اقرأ المزيد حول: أمراض القلب
الخلاصة
حددت هّذِه الدِرَاسَة المخبرية وعلى الحيوانات الصفات الجينية "التوقيع" للخَلايَا الجَذعِيّة القَلبِيّة في الفِئرَان البالغة. مما سمح لهم بتحديدها بسهولةٍ أكبر مما كَانوا يفعلون سابقاً. وأظهر حقن هّذِه الخَلايَا أنَّها قادرةٌ على تحسين الوظيفة القَلبِيّة بعد حصول ضَرَر في العضلة القَلبِيّة عند الفِئرَان.
كما ستساعدهّذِه الموجودات البَاحِثين على دِرَاسَة هذِه الخَلايَا بقربٍ أكثر في المختبر وتحري إمكَانية مساعدتها بإصلاح الضَرَر في العضلة القَلبِيّة، بدون إزالتها من القلب أولاً. مع أنَّ الأمل معقود في هذا البَحث لإيجاد علاجاتٍ للقلب البَشَريّ المتضَرَر -على سبيل المثال بعد إصابته بنوبةٍقَلبِيّةٍ-إلّا أنَّ النَتَائِج حالياً مازالت محصورةٌ بالفِئرَان فقط. وذكر البَاحِثون بنفسهم أنَّهم يحتاجون لمعرفة فيما إذا كَانت القلوب البَشَريّة لديها خَلايَا مكافئة لهّذِه الخَلايَا.
ويعمل عديدٌ من البَاحِثين على إيجاد استخداماتٍ محتملةٍ للخَلايَا الجَذعِيّة لإصلاح الضَرَر في النسيج البَشَريّ، وتعد دراساتٌ مثل هّذِه جزءاً مهماً في هّذِه العملية.