محتويات
الدروس المستفادة من الحديث (ألا أنبئكم بأكبر الكبائر)
من الدروس المستفادة من هذا الحديث ما يأتي:
- التَّحذير من الإشراك بالله
وأنَّه من أكبر الكبائر، لذلك جاء في مقدمتها.
- التَّحذير من عقوق الوالدين
وأنه سببٌ من أسباب الخسارة في الدُّنيا والآخرة.
- التَّحذير من شهادة الزُّور
في الأقوال، والأفعال، والشَّهادات، وعدم التَّساهل به.
نص حديث (ألا أنبئكم بأكبر الكبائر)
هذا الحديث رواه البخاري في صحيحه؛ من حديث أبي بكرة نُفَيْع بن الحَّارث -رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: (أَلا أُخْبِرُكُمْ بأَكْبَرِ الكَبائِرِ؟ قالوا: بَلَى يا رَسولَ اللَّهِ، قالَ: الإشْراكُ باللَّهِ، وعُقُوقُ الوالِدَيْنِ. وفي رواية: وكانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ، فقالَ: ألَا وقَوْلُ الزُّورِ، فَما زالَ يُكَرِّرُها حتَّى قُلْنا: لَيْتَهُ سَكَتَ).[١]
شرح حديث (ألا أنبئكم بأكبر الكبائر)
يحذِّر النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث من مجموعة من الذُّنوب العظيمة؛ والتي توجب لصاحبها الخسارة في الدنيا، والعذاب في الآخرة، ووصفها النبي -صلى الله عليه وسلم- بأكبر الكبائر للدَّلالة على خطرها، ولأنَّها سببٌ من أسباب هلاك فاعلها.[٢]
واستفتح النبي -صلى الله عليه وسلم- كلامه بسؤاله أصحابه: (أَلا أُنَبِّئُكُمْ بأَكْبَرِ الكَبائِرِ؟)، وهذا الاستفتاح فيه تنبيه للمخاطب ليقبل على الانتباه والسَّماع،[٢] وقد اشتمل الحديث على ثلاثٍ من الكبائر، وهي:
الإشراك بالله
كان في مقدمة هذه الكبائر الإشراك بالله -تعالى-، كيف لا؟ وهو أعظم الظلم، وأكبر الجرم، وكان التحذير منه من أولى وصايا لقمان لابنه، قال -تعالى-: (وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ).[٣][٤]
وهو الذَّنب الَّذي لا يُغفر إن بقي العبد، قال -تعالى-: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ)،[٥] وقد توعد الله -تعالى- مَنْ يُشرك به بالحرمان من الجنَّة، ودخول النَّار، قال -تعالى-: (إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ).[٦][٤]
عقوق الوالدين
ثاني هذه الكبائر عقوق الوالدين، وقد وصَّى الله -تعالى- في كتابه ببر الوالدين، وقرن الإحسان إليها بعبادته، قال -تعالى-: (وَقَضى رَبُّكَ أَلّا تَعبُدوا إِلّا إِيّاهُ وَبِالوالِدَينِ إِحسانًا إِمّا يَبلُغَنَّ عِندَكَ الكِبَرَ أَحَدُهُما أَو كِلاهُما فَلا تَقُل لَهُما أُفٍّ وَلا تَنهَرهُما وَقُل لَهُما قَولًا كَريمًا).[٧]
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (رَغِمَ أنْفُ، ثُمَّ رَغِمَ أنْفُ، ثُمَّ رَغِمَ أنْفُ، قيلَ: مَنْ؟ يا رَسولَ اللهِ، قالَ: مَن أدْرَكَ أبَوَيْهِ عِنْدَ الكِبَرِ، أحَدَهُما، أوْ كِلَيْهِما فَلَمْ يَدْخُلِ الجَنَّةَ)،[٨]لذلك كان العقوق من أكبر الكبائر.[٩]
شهادة الزور
قرن الله -تعالى- قول الزُّور بالإشراك به، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (عدلَت شَهادةُ الزُّورِ بالإشراكِ باللَّهِ) قالَها مرَّتين أو ثلاثًا، وقرأ قوله -تعالى- (وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ* حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ)،[١٠][١١]وقد امتدح الله عباده الصادقين؛ فقال عن صفات عباد الرحمن أنَّهم: (لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا)،[١٢] والزُّور: هو البَّاطل، ويشمل الكذب في الأقوال، والأفعال، والشَّهادات، وغيرها.[١٣]
وحذَّر النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث السَّابق من شهادة الزُّور، وكان متكئًا فاعتدل في جلسته؛ لأهمية ما سيحذِّر منه، فقال: (ألَا وقَوْلُ الزُّورِ)، وظلَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- يكررها حتى قال الصَّحابة في أنفسهم: ليْتَهُ سَكَتَ، لِما حصل في أنفسهم من الخوف، وكرَّر النبي -صلى الله عليه وسلم- التَّحذير من شهادة الزُّور للدَّلالة على قبحها، وعظيم خطرها، وأنَّ بعض النَّاس قد يتساهل بها.[١٣]
المراجع
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي بكرة نفيع بن الحارث، الصفحة أو الرقم:6273، صحيح.
- ^ أ ب موسى شاهين لاشين، كتاب المنهل الحديث في شرح الحديث، صفحة 43-45. بتصرّف.
- ↑ سورة لقمان، آية:13
- ^ أ ب حسن أبو الأشبال الزهيري، كتاب شرح صحيح مسلم، صفحة 18. بتصرّف.
- ↑ سورة النساء، آية:48
- ↑ سورة المائدة، آية:72
- ↑ سورة الإسراء، آية:23
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2551، صحيح.
- ↑ أحمد حطيبة، كتاب شرح رياض الصالحين، صفحة 8. بتصرّف.
- ↑ سورة الحج، آية:30-31
- ↑ رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن خريم بن فاتك، الصفحة أو الرقم:3599، سكت عنه فهو صالح.
- ↑ سورة الفرقان، آية:72
- ^ أ ب عبد المحسن العباد، كتاب شرح سنن أبي داود للعباد، صفحة 11. بتصرّف.