الذئبة الحمراء الجلدية

كتابة:
الذئبة الحمراء الجلدية

الذّئبة الحمراء

تعدّ الذّئبة (Lupus) من الأمراض المناعية الذّاتية، تحدث بعد مهاجمة الجهاز المناعي لأنسجة الجسم أو أعضائه، ممّا يؤدّي إلى حدوث التهاب، قد تشمل تأثيراته عدّة أعضاء في الجسم، بما فيها المفاصل، والكليتان، وخلايا الدّم، والدّماغ، والجلد، وقد تحدث الذّئبة الحمراء الجلدية بالتزامن مع الذّئبة الحمامية الجهازية الكاملة أو دونها، وفي الحقيقة تعد الذئبة الحمامية الجهازية (SLE) النّوع الأكثر شيوعًا.

لا توجد حالتان متشابهتان من مرض الذّئبة، ويمكن للأعراض أن تظهر فجأةً أو تتطوّر ببطء، وبالإضافة إلى الأعراض الجلدية التي تعد من العلامات المميزة للإصابة بالذئبة يسبّب هذا المرض الألم في المفاصل وتورّمها، وارتفاع درجة حرارة الجسم، وضيق التّنفس، والألم في الصّدر، والصداع الحادّ، والارتباك، ويعتقد أنّ الأشخاص الذين لديهم استعداد وراثي جيني للإصابة بمرض الذّئبة يصابون به عند تعرضهم لبعض العوامل البيئية الخارجية، وعلى الرّغم من أنّ السبب في أغلب الأحيان غير معروف إلّا أنّه قد تُحفّز بعض العوامل الإصابة بالمرض، تتضمّن الإصابة بالعدوى، أو التّعرض لأشعة الشّمس، أو استخدام بعض أنواع الأدوية، كأدوية ارتفاع ضغط الدّم، والأدوية المضادّة للصّرع.[١][٢] وفي الحقيقة تنتشر الذئبة الحمراء عند الأشخاص ممّن تتراوح أعمارهم بين 20-50 عامًا، وتظهر بنسبة أكبر لدى النساء.[٣]


الذئبة الحمراء الجلدية

تسبّب الذئبة الجلدية ظهور طفح جلدي يسمّى مالار (Malar rash)، ويكون على شكل فراشة، وينتشر على الأنف والخدّين، ومّما يفاقم هذا الطّفح الجلدي تعرّض المصاب للشّمس، كما قد تؤدي الذّئبة الحمراء إلى ظهور تقرّحات جلدية قد يكون شكلها كالعملة المعدنية، ويدعى هذا النّوع الذّئبة القرصية (Discoid lupus)، وعادةً ما تزداد هذه التّقرحات سوءًا عند تركها دون علاج، وكالنوع السابق تزداد سوءًا عند التعرُّض لأشعة الشمس.

قد يسبّب مرض الذّئبة الحمراء الجلدية مشكلات أخرى للجلد، منها آفات الأغشية المخاطية، وهي القروح التي تصيب الفم أو الأنف، بالإضافة إلى أنَّها قد تُسبِّب تساقط الشّعر، ففي بعض الحالات قد يُدمّر جهاز المناعة بصيلات الشّعر، ممّا يجعله يتساقط، كما قد يؤدي إلى ظهور بقع أرجوانية اللون على الساقين، تحدث عندما تصبح الأوعية الدّموية في البشرة ملتهبةً ومتضررةً، وقد تكون هذه البقع صغيرةً أو كبيرةً، وقد تظهر كخطوط.

أخيرًا قد تؤدي الإصابة بالذئبة الحمراء تغيّر لون أصابع القدم؛ وذلك لأنّ الأوعية الدّموية في أصابع اليد والقدم تنقبض، ممّا يؤدّي إلى إبطاء تدفّق الدّم إليها، وتحوّل لونها إلى اللون الأبيض أو الأزرق، خاصّةً في الطّقس البارد، وتعرف هذه الظّاهرة بظاهرة رينود.[٢]


أنواع الذئبة الحمراء الجلدية

يُعرَف مرض الذئبة الحمراء بأنّه ناتج عن خلل مناعي ذاتي، وفيه يُهاجم الجهاز المناعي الجلد، ورغم أنّه يُصيب الجِلد بصورة خاصّة، إلا أنّه يجب أن يبقى المصابون بالذئبة الحمراء الجلديّة تحت المُراقبة؛ وذلك لاحتماليّة انتشاره وإصابة عضو من الأعضاء الأُخرى، مثل: المفاصل، أو الكلى، أو الرئتين، وينطوي مرض الذئبة الحمراء الجلدي على ثلاثة أنواع رئيسة، هي:[٣][٤]

  • الذئبة الحمراء الجلدية الحادة: تتضمّن في الغالب الجلد وبعض الأعضاء الأُخرى، ومن أعراضها ما يأتي:
    • ظهور طَفَح جلدي يُشبه شكل الفراشة على الوَجنتَين والأنف، وهو الذي أشير إليه سابقًا باسم مالار.
    • ظهور طفح حطاطي حُمامي (Erythematous papular rash) على الذراعين، قد يمتد على شكل لويحات كبيرة.
    • الحساسيّة الشديدة تجاه أشعّة الشمس.
    • التهاب الشّفاه، وتقرُّحات في الفم.
    • ظهور بثور على الجلد.
  • الذئبة الحمراء الجلديي شبه الحادّة: تقتتصر على الجلد غالبًا، وتتضمن أعراضها ما يأتي:
    • زيادة الأعراض سوءًا عند التعرُّض للشمس.
    • الإصابة بالصدفيّة غير المُثيرة للحكّة.
    • ظهور الُّلويحات الحَلَقيّة أو مُتعدّدة الحلقات الفارغة من المُنتصف على الجلد.
    • عدم وجود التندُّبات عند التخلُّص من الطفح الجلدي.
  • الذئبة الحمراء الجلدية المُزمنة: هي التي تُعرَف أيضًا باسم الذئبة الحماميّة القرصيّة، ويقتصر هذا النوع على الجلد غالبًا، وتتضمّن الأعراض اما يأتي:
    • فَرط التصبُّغ، خصوصًا لذوي البشرة المُلوّنة.
    • ظهور الطَفح على فروة الرأس، والأُذُنين، والوَجنتَين، والأنف، فغالبًا ما تظهر على المناطق أعلى الرقبة.
    • ظهور بقع صلعاء في حال تأثر فروة الرأس، وعادةً ما يعود الشعر للنمو بعد العلاج.
    • فرط الحساسيّة تجاه الضوء وأشعّة الشمس.


أسباب الذئبة الحمامية الجلدية

رغم أنّ تفسير تطوُّر إصابة الجلد بالذئبة الحماميّة الحمراء ما يزال قيد التوضيح، إلّا أنّه يُعتقَد أنّ مجموعةً من العوامل المُعقّدة تقف وراء انتشارها، وقد تشتمل هذه العوامل على الآتي:[٥]

  • التركيب الجيني للشخص، ممّا يجعل البعض أكثر عُرضةً من غيرهم للإصابة بالذئبة الحماميّة الجلديّة؛ فقد وُجدَت العديد من الجينات المطلوبة في التعرُّف على الأجسام الغريبة في الجسم (جينات مُعقّد التوافق النسيجي الكبير) بدرجة كبيرة عند الأشخاص المُصابين بالذئبة الحماميّة الجلديّة، إلّا أنّ طريقة التسبّب بالمرض ما تزال غير معروفة تمامًا.
  • عوامل بيئيّة قد تُحفّز الإصابة الجلديّة، مثل: الأدوية، والفيروسات، وأشعّة الشمس؛ فالتعرُّض لأشعّة الشمس المُباشرة أحَد العوامل المهمّة في تحفيز ظهور الأعراض على الجلد، كما أن التعرُّض للأشعة فوق البنفسجيّة قد يحفّز موت الخلايا التي تُصبح في ما بعد هدفًا للأجسام المُضادّة الذاتيّة.

تتلخّص مهمّة الأجسام المُضادّة الطبيعية في محاربة أيّ أجسام غريبة قد تغزو الجسم وتُسبّب له الأمراض المختلفة، وفي المقابل فإنّ الأجسام المُضادّة الذاتيّة الموجودة في حال الإصابة بالأمراض المناعية الذاتية هي أجسام مُضادّة غير طبيعيّة؛ لأنّها تتفاعل مع بروتينات الجسم نفسه وتُسبّب الالتهابات فيه وتلفه كُله، إضافةً إلى أنّ الأشعة فوق البنفسجيّة قد تُحفّز إنتاج الوُسطاء في الخلايا المعروفة باسم السيتوكينات (Cytokines)، التي تستطيع إعادة العملية الالتهابية.


مضاعفات الذئبة الحمراء

لأنّ مرض الذّئبة قد يهاجم عدّة أعضاء في الجسم فإنّ المضاعفات لا تقتصر على الجلد فحسب، بل تشمل العضو المصاب، وفي ما يأتي أبرزها:[٦]

  • الجلد: يعاني ما يقارب ثلثي الأشخاص المصابين بمرض الذّئبة من إصابتهم بإحدى مشكلات الجلد.
  • الجهاز العصبي المركزي: تؤثّر الذّئبة في بعض الحالات على المخ والأعصاب مسبّبةً صداعًا حادًا، والدّوخة، والارتباك، وتغيّر المزاج، وعدم وضوح الرّؤية، وقد يؤدّي ذلك إلى مضاعفات أخطر، كالسّكتة الدّماغية.
  • الدّم: إذ يقلّ عدد خلايا الدّم الحمراء والبيضاء والصّفائح الدّمويّة عند الإصابة بمرض الذّئبة، لذا يعدّ المصابون به أكثر عرضةً للإصابة بفقر الدّم، أو زيادة النّزيف الدّموي والتّخثر عندما تحدث الجلطات الدّموية.
  • الكلى: يصاب 40% من المصابين بمرض الذّئبة بمضاعفات في الكلى تتطلّب العلاج؛ وذلك لأنّ حدوث التهاب في الكليتين يؤدّي إلى عدم ترشيح الفضلات والسّموم من الجسم بطريقة جيّدة.
  • العظام: تُشير التّقديرات إلى أنّ 25% من النّساء المصابات بمرض الذّئبة تصيبُهنّ هشاشة العظام قبل الدّخول في مرحلة انقطاع الطمث.
  • القلب: يمكن لمرض الذّئبة أن يسبب التهابًا في الغشاء المحيط بالقلب، ومع مرور الوقت قد يؤثّر الالتهاب على قدرته في ضخ الدّم.


علاج الذّئبة الحمراء الجلدية

يهدِف العلاج في حالات الذئبة الحماميّة الجلديّة إلى تحسين مظهر الجلد، وتخليصه من الندوب، ومنع ظهور الآفات على سطحه، ويبدأ العلاج بالحد من التعرُّض لأشعة الشمس، ويُنصَح المريض غالبًا بتغطية جسمه وحمايته من وصولها إليه، لذا يُنصَح باستخدام واقِ من الشمس بدرجة حماية تُعادل 50 كأدنى حد، ويجب التحقُّق من أنّ نوع الواقي المُستخدَم يستطيع أن يقي من أشعة الشمس والأشعّة فوق البنفسجيّة من النوعين A وB. وفي الحالات التي قد يضطّر الشخص فيها إلى التعرُّض للشمس يُنصَح بارتداء قُبّعة كبيرة تحجب الأشعّة عن الوجه، ويُنصَح أيضًا بالتوقُّف عن التدخين؛ لأنّه قد يزيد الحالة سُوءًا.

أمّا أنواع العلاج الأُخرى فقد تشتمل على بعض الكريمات والمراهم الموضعيّة، إضافةً إلى بعض الأدوية الفمويّة المُسمّاة هيدروكسي كلوروكوين (Hydroxychloroquine). وفي حال استمرار نشاط الذئبة الحماميّة على الجلد وعدم استجابتها جيّدًا للدواء فإنّ الطبيب قد يُغيّر نوعيته لتحسين الاستجابة. وتجدُر الإشارة إلى أنّ كُل طُرق العلاج والوقاية السابقة هي لتخفيف الأعراض وتفاقمها فقط، فلسوء الحظ لا يوجد حتى الآن علاج تامّ ونهائي لمرض الذئبة الحماميّة الجلديّة.[٣] ومن الأدوية الأخرى المُستخدَمة في علاج هذه الحالة ما يأتي:[٧]

  • الأدوية المضادة للالتهاب؛ للحدّ من التّورّم وتخفيف الألم.
  • مضادات الملاريا؛ للمساعدة على تخفيف الأعراض على المدى الطّويل.
  • السّتيرويدات القشرية المعروفة باسم الكورتيكوستيرويد.
  • مثبّطات المناعة.


المراجع

  1. Mayoclinic staff (2017-10-25), "Lupus"، mayoclinic, Retrieved 2019-3-17. Edited.
  2. ^ أ ب Stephanie S. Gardner, MD (2018-6-1), "How Lupus Affects Your Skin"، webmd, Retrieved 2019-3-18. Edited.
  3. ^ أ ب ت A. Brooke Eastham, MD and Ruth Ann Vleugels, MD, MPH (2014-3), "Cutaneous Lupus Erythematosus"، jamanetwork, Retrieved 2019-3-11. Edited.
  4. Amanda Oakley (2016-1), "Cutaneous lupus erythematosus"، dermnetnz, Retrieved 2019-3-11.
  5. "Frequently Asked Questions about Cutaneous Lupus", utsouthwestern, Retrieved 2019-3-11. Edited.
  6. William C. Lloyd III (2017-12-20), "8 Complications of Lupus"، healthguides, Retrieved 2019-3-17. Edited.
  7. Yvette Brazier (2018-11-12), "Treating and managing lupus and preventing flares"، medicalnewstoday, Retrieved 2019-3-18. Edited.
4064 مشاهدة
للأعلى للسفل
×