محتويات
الذّئبة الحمراء
تعدّ الذّئبة الحمراء واحدةً من اضطرابات الجهاز المناعي التي تسمّى أمراض المناعة الذاتية، وفي أمراض المناعة الذّاتية يتحوّل الجهاز المناعي إلىمحاربة خلايا الجسم وأعضائه المختلفة، ممّا يؤدّي إلى التهاب هذه الأعضاء والأنسجة.
يمكن أن يؤثّر مرض الذّئبة على أجزاء كثيرة من الجسم، كالمفاصل، والجلد، والكلى، بالإضافة إلى القلب، والرئتين، والأوعية الدموية، والدّماغ، وعلى الرغم من أنّ العديد من المرضى المصابين بمرض الذّئبة الحمراء تظهر عليهم أعراض مختلفة، إلا أنّه توجد العديد من الأعراض الشّائعة والمشتركة التي يمكن أن تظهر على مرضى الذّئبة الحمراء، ومنها: ألم المفاصل وتورّمها، والحمّى غير المبرّرة، والطّفح الجلدي، ومشكلات الكلى.
لا يوجد علاج لمرض الذّئبة في الوقت الحاضر، ومع ذلك يمكن السيطرة على أعراض الذّئبة ومنع تطوّر المضاعفات عن طريق الأدوية، ويمكن لمعظم المصابين بهذا المرض أن يعيشوا حياةً نشطةً وصحيةً، ويتميّز مرض الذّئبة بوجود فترات للمرض، وهي فترات نشاط المرض، أو فترات اشتعال المرض، وفترات الهدوء، ويعدّ فهم المرضى لطرق الوقاية من فترات نشاط المرض وكيفيّة معالجة الأعراض عند حدوثها أول خطوة لكي يتمكّن مرضى الذّئبة الحمراء من الحفاظ على صحّة أفضل.
يوجد اثنان من الأسئلة الرّئيسة التي يدرسها الباحثون حول مرض الذّئبة الحمراء، وهي من هي الفئة الأكثر عُرضةً للإصابة بمرض الذّئبة الحمراء، ولماذا، وبات من المعروف أنّ النّساء أكثر عرضةً للإصابة بمرض الذّئبة من الرّجال، وأنّ العرق يلعب دورًا كبيرًا في الإصابة بمرض الذّئبة، مثل: الأصول الأفريقية، والآسيوية، واللاتينية، ومن العوامل التي تساهم في ظهور مرض الذّئبة الحمراء أيضًا الوراثة العائليّة لمرض الذّئبة.[١]
الذّئبة الحمراء والدّماغ
قد تؤثر الذّئبة الحمراء في أي عضو من أعضاء الجسم، وعندما تصيب الذّئبة الحمراء الدّماغ، أو النّخاع الشّوكي، أو الأعصاب يصبح اسمها الذّئبة العصبية النّفسية، وتعد الذّئبة العصبية النّفسية واحدةً من أصعب المشكلات التي قد تواجه المرضى المصابين بمرض الذّئبة الحمراء؛ لأنّها غالبًا ما تكون خطيرةً وغير مفهومة.
من الصّعب معرفة إذا ما كانت الأعراض التي تظهر على المريض ناتجةً بالفعل عن مرض الذّئبة الحمراء، أو أنّها أعراض لأمراض أخرى شائعة، فعلى سبيل المثال يمكن أن يكون الصّداع الذي يشعر به المريض ناجمًا عن الإصابة بمرض الذّئبة العصبيّة النّفسّة، ويمكن أن يكون أيضًا بسبب الصّداع النصفي، أو صداع التوتر، أو بسبب مشكلات الجيوب الأنفية، وبالمثل فإنّ الاكتئاب الخفيف، ومشكلات الذّاكرة الخفيفة، قد تكون من أعراض الإصابة بالذّئبة العصبية النّفسّة، ويمكن أن تحدث بسبب العديد من الأمراض والاضطرابات الأخرى، ومن الأعراض المميّزة للذّئبة العصبية النّفسّة التي تصيب الدّماغ ما يأتي:[٢][٣]
- الصّداع: الصّداع يعدّ من الأعراض الشّائعة جدًا للإصابة بمرض الذّئبة، وتسبق الإصابة بالصّداع تشخيص المرض بسنوات عديدة، وقد يكون الصّداع عاديًا، ويمكن أن يصحب الصّداع التأثّر بالضّوء، والتقيّؤ، وعادةُ ما يتحسّن الصّداع النّاتج عن الإصابة بمرض الذّئبة العصبي النّفسي بعد العلاج، لكن لدى بعض المرضى يمكن أن يمثّل الصّداع مشكلةً بسبب مقاومته للعلاج التّقليدي لمرض الذّئبة.
- النّوبات: من الممكن أن يبدأ مرض الذّئبة من حين إلى آخر بصورة مقلقة للغاية، إذ تبدأ الأعراض بالإصابة بنوبات الصّرع، خاصّةً في سنّ المراهقة، وعند الإصابة بالحمّى الشديدة، ولدى بعض المرضى تكون النّوبات طويلةً، وفي حالات أخرى تكون النّوبات أقصر وأكثر تكرارًا، وفي الغالبية العظمى من مرضى الذّئبة العصبية النّفسية مجرّد السّيطرة على المرض يتلاشى خطر الإصابة بالنّوبات أو ينعدم.
- اضطرابات الحركة: في بعض الأحيان يعاني المرضى المصابون بالذّئبة العصبية النّفسية من اضطرابات الحركة والرّعاش، ومن أشهر هذه الاضطرابات رقاص سيدنهام، أو رقاص القديس فيتوس، وهو اضطراب يتميّز بحركات فجائيّة سريعة لا إرادية وغير متناسقة، تؤثّر على الوجه واليدين والقدمين بصورة أساسيّة، وغالبًا ما يُشخّص المرض لدى هؤلاء المرضى بصورة خاطئة أنّه حمّى روماتيزميّة.
- مرض الحبل الشّوكي: هو مرض نادر من الأمراض والأعراض المرتبطة بمرض الذّئبة، ويرتبط ظهوره بصورة أكبر بمتلازمة تسمّى متلازمة أضداد الشّحوم الفسفوريّة.
- فقدان الذاكرة: فقدان الذاكرة من أهم سمات مرض الذّئبة العصبي النّفسي وأعراضه، وغالبًا لا يحدث مبكرًا لدى المرضى، ولا ينتبه إليه الطّبيب مبكرًا، ومن الصّعب معرفة إذا كان فقدان الذاكرة طبيعيًّا بسبب التقدّم بالعمر أو غير طبيعي، ومن المهم لمرضى الذّئبة إجراء التّحاليل المبكّرة لرصد التّغيرات في الذّاكرة، ويمكن أن يصاب مرضى الذّئبة العصبيّة النّفسية بالذّهان أيضًا.
- الاختلال المعرفي: من الممكن أن يظهر على مرضى الذّئبة العصبيّة النفسيّة انخفاض في مهارات التفكير، مثل: انخفاض الذّاكرة، والتركيز، واللغة، والمهارات الإدراكية؛ بسبب التّأثير المباشر وغير المباشر لمرض الذّئبة العصبية النّفسية على هياكل الدّماغ وأنظمته.
أعراض الذّئبة الحمراء والدّماغ
كلّ شخص مصاب بمرض الذّئبة الحمراء لديه أعراض مختلفة قليلًا عن باقي المرضى، ويمكن أن تتراوح شدّة الأعراض من خفيفة إلى حادّة، ويمكن أن تظهر الأعراض وتختفي بمرور الوقت، وتشمل الأعراض الأكثر شيوعًا لمرض الذّئبة الحمراء ما يأتي:[١]
- الطّفح الجلدي الأحمر المميّز الذي يظهر على الأنف والخدّين، ويسمّى أحيانًا بطفح الفراشة؛ لشكله المشابه للفراشة على الأنف والخدّين.
- الحساسية للضّوء، إذ يتفاقم الطّفح الجلدي بعد تعرّض مريض الذّئبة الحمراء للضّوء.
- ألم المفاصل وتورّمها.
- ألم العضلات.
- الحمّى غير المبرّرة.
- ألم الصّدر عند التّنفس العميق.
- تساقط الشّعر.
- الوذمات في السّاقين، أو حول العينين.
- قرحة الفم.
- تورّم الغدد.
- التّعب الشديد.
أسباب الإصابة بالذّئبة العصبية النّفسّة
يحاول الأطباء عند تشخيص مرض الذّئبة علاج الالتهابات أولًا قبل تشخيص إصابة المريض بالذّئبة العصبية النّفسّة، بسبب ضعف الجهاز المناعي النّاتج عن الإصابة بمرض الذّئبة الحمراء والأدوية المستخدمة لعلاجه، ومن المشكلات والصّعوبات التشخيصية التي تواجه الطبيب أيضًا تقلّب المزاج، إذ قد يرتبط تقلّب المزاج بالذّئبة العصبية النّفسية، أو قد يحدث بسبب الجرعات العالية من الستيرويدات، مثل بريندزون.
قد تشمل الاختبارات التي يلجأ إليها الأطباء لتشخيص الذّئبة ومعرفة أسباب الإصابة بها فحص البزل القطني، وهو فحص للسّوائل المحيطة بالنّخاع الشّوكي والدّماغ، ومخطط كهرباء الدّماغ لتشخيص النوبات، ودراسة اعتلال الأعصاب، والرّنين المغناطيسي لتصوير الحبل الشّوكي والدّماغ.
تبقى كيفية تسبّب مرض الذّئبة بالمشكلات العصبيّة غير معروفة وغير واضحة بصورة كبيرة، ومن المعتقد أنّه في الكثير من الحالات قد يعود السّبب إلى محاربة الأجسام المضادة الذّاتية للخلايا العصبية وخلايا الدّماغ، إذ إنّه في ظلّ ظروف معينة قد تكون هذه الأجسام المضادة قادرةً على الوصول إلى الدّماغ والتّسبّب بالالتهابات، وفي حالات أخرى قد تعود الإصابة بالذّئبة العصبية النّفسّة إلى إطلاق البروتينات التي تسبّب الالتهاب داخل الدّماغ، وبصورة عامّة تحدث هذه المشكلات عندما تكون الذّئبة الحمراء نشطةً.[٢]
علاج الذّئبة العصبية النّفسية
يعتمد علاج الذّئبة العصبية النّفسّة على علاج سبب المشكلة، وشدّة الأعراض، فعندما تكون الذّئبة شديدة النّشاط يمكن علاج المرضى باستخدام الستيرويدات والأدوية المثبطة للمناعة، مثل: السيكلوفوسفاميد، أوالميكوفينولات موفيتيل، أو الأزويثوبرين.
تُعالج النوبات الناجمة عن مرض الذّئبة العصبية النّفسّة بالأدوية الخاصّة لعلاج النوبات، وفي حالة السكتات الدّماغية النّاجمة عن جلطات الدّم تستخدم أدوية مضادّات التخثر، وفي الختام يعدّ مرض الذّئبة العصبي النفسي من المضاعفات الخطيرة لمرض الذّئبة الحمراء، ويتطلّب اهتمامًا وعلاجًا سريعًا.[٣]
المراجع
- ^ أ ب "Systemic Lupus Erythematosus", webmd, Retrieved 12-3-2019.
- ^ أ ب "Neuropsychiatric SLE: Lupus and the Brain", hss, Retrieved 12-3-2019.
- ^ أ ب "Lupus and the Brain", lupusuk, Retrieved 12-3-2019.